CADTMبيانات وتقاريرشبكات أطاك

بيان للشبكة الدولية للجنة من أجل إلغاء ديون العالم الثالث حول قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن إعادة هيكلة ديون الدول

الشبكة الدولية للجنة من أجل إلغاء ديون العالم الثالث                    

 

بيان حول قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن إعادة هيكلة ديون الدول

الشبكة الدولية للجنة من أجل إلغاء ديون العالم الثالث تضع تدقيق الديون في في قلب خططها المركزية والاحتياطية

 

اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم 10 شتنبر 2015، بأغلبية ساحقة (136 صوتا مؤيدا، و6 أصوات ضد، وامتناع 41) قرارا يحدد تسعة مبادئ وجب اتباعها عند إعادة هيكلة ديون الدول. وتتجسد إعادة هيكلة الديون عموما من خلال إعادة جدولة الديون أو تخفيضها.

يكمن غرض الأمم المتحدة في خلق إطار قانوني دولي لإعادة هيكلة هذه الديون، وذلك على المدى المتوسط. كما يكمن في مواجهة استراتيجية الصناديق الجشعة. هذه الأخيرة هي صناديق استثمارات خاصة تستفيد من هذه الثغرة القانونية لتطالب الدول أمام المحاكم الوطنية بتسديد مجمل الديون التي تشتريها بأسعار بخسة، كما تطالبها بتسديد الفوائد.

إلا أن الصناديق الجشعة ليست هي الوحيدة التي تعارض إرساء هذا الإطار متعدد الأطراف. فقد صوتت ضد القرار ستة من بين أقوى دول العالم (الولايات المتحدة، وكندا، وألمانيا، واليابان، وإسرائيل، وبريطانيا)، كما امتنعت عن التصويت مجمل بلدان الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك اليونان.

ولتبرير موقفها، قدمت حكومات هذه البلدان حجتين: الحجة الأولى هي أن المبادئ التي تضمنها هذا القرار (النزاهة، والشفافية، وحسن النية، ومعاملة منصفة، والحصانة السيادية، والشرعية، والاستدامة، وتطبيق حكم الأغلبية، والسيادة) لا تعكس القانون الدولي. وعكس ذلك، أكد خبير الأمم المتحدة بشأن الديون خوان بابلو بوهوسلافسكي Juan Pablo Bohoslavsky بأن هذه المبادئ لا تخلق أي التزام جديد للدول، وبأنها مجرد تقنين لقواعد القانون الدولي القائمة. أما حجتهم الثانية فهي أن الأمم المتحدة ليست المكان المناسب لتبني هذا القرار، وأن إدارة القضايا المتصلة بالديون السيادية يجب أن تعود إلى صندوق النقد الدولي ونادي باريس.

وعلينا أن نذكر بأن نادي باريس هو مجموعة غير رسمية تجمع الدول العشرين الغنية الدائنة، وبأن أي واحدة منها لم تصوت لصالح القرار، وبأن الولايات المتحدة لا يزال لديها حق النقض (الفيتو) في صندوق النقد الدولي، وبأن هذه المؤسسة كان دائما على رأسها مديرا عاما أو مديرة عامة من أوروبا، وهي اليوم كريستين لاجارد Christine Lagarde من فرنسا. وبالتالي، فهاتين المنظمتين تمثلان حصرا مصالح الدائنين الغربيين في خدمة مصالح القطاع المالي. وهذا ما يفسر معاداتها لتقنين إعادة هيكلة الديون في إطار ديمقراطي مثل الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث تتساوى جميع الدول بامتلاكها لصوت واحد.

ويظهر التاريخ أن إعادة هيكلة الديون أجريت دائما وفق مصلحة الدائن[1]. هذا الأخير، مقابل إعادة جدولة الديون أو تخفيضها، يفرض شروطا تتعارض مع مصلحة شعب البلد المدين. هذا هو حال مئات عمليات إعادة هيكلة الديون في بلدان الجنوب التي أجراها صندوق النقد الدولي ونادي باريس. وهذا هو الحال أيضا بالنسبة لإعادة هيكلة الديون اليونانية التي قامت بها الترويكا (البنك المركزي الأوروبي، والمفوضية الأوروبية، وصندوق النقد الدولي) سنة 2012، والتي كانت مشروطة بتعميق سياسات التقشف التي انتهكت بشكل مباشر ومتعمد أيضا الحقوق الأساسية للشعب وأدت إلى انفجار الديون اليونانية. وهذا ما بينه بشكل خاص التقرير التمهيدي للجنة تقصي الحقيقة حول الديون[2] التي أرستها رئيسة البرلمان اليوناني زوي كوستانتوبولو  Zoé Konstantopoulou ، والتي تضم عددا من أعضاء شبكة اللجنة من أجل إلغاء ديون العالم الثالث. وقد حصلت هذه اللجنة على وثيقة داخلية لصندوق النقد الدولي، مؤرخة في شهر مارس 2010، تبين أن الدائنين كانوا يعرفون مسبقا بأن فرض تدابير التقشف من شأنه أن يخلق كارثة اقتصادية واجتماعية، وسيؤدي حتما إلى زيادة كبيرة في الديون اليونانية.

ويشير التقرير أيضا إلى أن الصناديق الجشعة والبنوك اليونانية والأجنبية العشرين (وخاصة الفرنسية، والألمانية، والهولندية) التي كانت تضارب في الديون اليونانية قبل عام 2010، تم تعويضها بالكامل عن طريق قروض من الترويكا. ولم تجر إعادة هيكلة الديون إلا عامين بعد ذلك، لما تم إنقاذ هؤلاء الدائنين الخواص. أما أولئك الذين تحملوا في الأخير تكلفة إعادة هيكلة الديون في 2012 فهم صناديق التقاعد اليونانية والمواطنين الذين يملكون سندات الدين اليوناني.

تسمح مقاربة تدقيق الدين بتحديد دقيق للديون غير القانونية، وغير المشروعة، والكريهة وغير المحتملة. وبالتالي فهو سلاح سياسي حقيقي في أيدي حكومة بلد يفاوض على خفض ديونه. كما أنه يسمح في حال فشل المفاوضات – وهو أمر مرجح للغاية نظرا لمعارضة الدول الدائنة الرئيسية لقرار الامم المتحدة -بتبني قرار أحادي الجانب بالتشطيب على الديون غير القانونية، وغير المشروعة، والكريهة، وغير المحتملة.

يجد مثل هذا القرار، والذي تبرره اعتبارات ضرورات العدالة والإنصاف، أيضا جذوره متأصلة في مفاهيم السيادة وتقرير المصير والدفاع عن النفس. ففي الواقع، عندما يكون بلد هدفا لإجراءات الدائنين التي تضر بشروط عيش شعبه، يجوز للدولة أن تلجأ قانونا لإجراءات مضادة على أساس القانون الدولي العرفي. ويمكن أن تتمثل هذه الإجراءات المضادة في إلغاء الديون. كما يجب أيضا أن تكون مصحوبة بسلسلة من التدابير الأخرى من أجل السيطرة على البنوك لوضعها في خدمة المصلحة العامة والعدالة الضريبية، الخ.

ونذكر هنا بحالة الإكوادور الذي قام بتدقيق شامل لدينه العمومي في الفترة 2007-2008، وعلى أساس نتائجه، اتخذ قرارا سياديا بأن لا يسدد الجزء غير المشروع من ديونه التجارية الخارجية. ولم يكن أمام دائنيه أي خيار سوى قبول هذا القرار، ومكن هذا التوفير الحكومة الأكوادورية من زيادة الاستثمار في القطاع الاجتماعي.

لإنهاء قبضة الدائنين على مصير شعوب الدول المثقلة بالديون، والذين يستخدمون الدين كأداة ابتزاز لإملاء سياسات معادية للمكاسب الاجتماعية وإضعاف الديمقراطية، فإن الشبكة الدولية للجنة من أجل إلغاء ديون العالم الثالث:

  1. تدعم أي مبادرة دولية بشأن الديون شريطة أن تجرى في إطار ديمقراطي مثل الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأن تجعل حقوق الإنسان تعلو على مصالح الدائنين.
  2. توصي بأن يضاف إلى المبادئ التسعة الحق الثابت للدول لإجراء تدقيق شامل لديونها وتعليق سداد الديون خلال فترة المفاوضات بشأن إعادة الهيكلة. ومن المسلم أن الحق في إجراء عمليات تدقيق الديون معترف به بالفعل في العديد من الوثائق الدولية، مثل المبادئ التوجيهية بشأن الديون الخارجية وحقوق الإنسان، الذي اعتمده مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة يوم 18 يوليوز 2012. ويستند تعليق سداد الديون على أولوية حقوق الإنسان، وفقا للمادة 103 من ميثاق الأمم المتحدة ولحجة حالة الضرورة التي يعترف بها القانون الدولي العرفي وعلم الفقه القانوني.

21 شتنبر 2015

 

 

[1] – إعادة هيكلة الديون، وتدقيقها، وتعليق سدادها، وإلغاؤها. https://attacmaroc.org/?p=3406

[2] – عرض مختصر لعناصر تقرير لجنة تقصي الحقيقة في الدين العمومي اليوناني. https://attacmaroc.org/?p=3274

زر الذهاب إلى الأعلى