البيئةملفات دراسية

الأزمة البيئية: لنخرج من الحلول “الزائفة”

الأزمة البيئية:  لنخرج من الحلول “الزائفة”

نص مداخلة في ندوة الشبكة الديمقراطية من أجل متابعة “الكوب 22” التي نظمت بالرباط يوم 11 يونيو 2015.

تستمر الرأسمالية  والطبقات السائدة في انتاج  حلول زائفة  لأزماتها. فنفس القصة تتكرر الآن مع الأزمة البيئية. في هذه المداخلة سنتطرق لثلاثة من هاته الحلول.

الحل الزائف الأول: الاقتصاد الأخضر

 أطلق بروتوكول كيوتو في 1997، سوقا للمناخ. الفكرة المهيمنة منذ ذلك الوقت تعتبر بأن السوق قادر على انقاذ الكوكب من خلال سوق الكاربون وآليات التنمية النظيفة، كآلية حماية الغابات.

النتيجة أن عددا من الشركات المتعددة الجنسيات قامت بالاستحواذ على آلاف الهكتارات من الغابات من أجل المضاربة بها في السوق الجديدة دون الاكتراث بمصير السكان الأصليين الذين يقطنون هذه الغابات.

عرف سوق المناخ انتعاشة جديدة مع الأزمة الاقتصادية في 2008. الرأسمال كان محتاج لبنزين ليحرك عجلته الاقتصادية واعتمد على “سوق حماية البيئة”. سوق كبير جدا يهدف الى تسليع كل ما يتعلق بالبيئة والمناخ. هذا الاقتصاد الجديد الهدف منه هو البحث عن فرص جديدة للاغتناء و مراكمة أرباح، هذه المرة بدعوى حماية البيئة و تحقيق تنمية مستدامة. الطبيعة ينظر إليها فقط من باب أي خدمة ستقدم للاقتصاد والرأسمال بالتحديد. بعض التقنيات المعتمدة هي: Greenwatching

أو “تخضير الملوثين” أو”تبييض الأنشطة الملوثة”. السياحية الايكولوجية، السيارة الايكولوجية، السكن الايكولوجي كلها تسميات لأسواق جديدة هدفها ليس التقليل من الاستهلاك بل فقط تعويض الأرباح التي قد تقلصت بسبب القوانين الجديدة بالدول الغربية حاليا.

اليوم كبريات الشركات العالمية تتوفر على فروع تشتغل في قطاع الرأسمال الأخضر. ومنها الشركات المغربية. الشركة الوطنية للاستثمار، وهي الشركة القابضة للعائلة الملكية،  قامت أيضا بهذا التحول في 2005 ، حيث تم إنشاء “ناريفا” الفاعل في خوصصة إنتاج الطاقة الريحية ومستقبلا الشمسية. لهذه الأسباب نقول في أطاك أن مشاريع الطاقة المتجددة هي ليست بالضرورة حلا في حد ذاته. فرغم كوننا معارضين للاستمرار في استعمال الطاقة الأحفورية، فإننا جد حذرين من الخطاب حول الطاقة المتجددة خاصة بالمغرب لكونه فقط تحول لأصحاب الرأسمال من نوع من إنتاج الطاقة إلى آخر مع الحرص الدائم على مراكمة الأرباح. الطاقة المتجددة يمكن أن تكون حلا، إن تم اختيارها بشكل ديمقراطي وحسب حاجيات البلد وإنتاجه بشكل يفيد الاقتصاد الموجه لتلبية حاجات المواطنين. لا  أن يتم خوصصة الإنتاج للرأسمال الأجنبي.

الحل الزائف الثاني: الحل “التقني” La prédominance d’une techno-science

خيال الواحد في المائة ممن يحكمون العالم والمغرب لا حدود له. عندما تلتقي رغبة هؤلاء مع بضع علماء فانتظر الكارثة. هؤلاء يدفعون من أجل اعتماد تقنيات علمية جد متقدمة من أجل مجابهة التغيرات المناخية عن طريق “الهندسية الجيولوجية”  La géo-ingénieurie ، مجموعة هاته التقنيات تهدف للتلاعب بالطبيعة وتحويل المناخ والبيئة على مستوى واسع. مثال على ذلك تقنية أبار الكاربون من أجل تخزينها عوض أن يتم تسريبها في المناخ أو تحويل اتجاه السحاب L’encensement des nuages   . انتقادات عديدة  توجه لهاته التقنيات لكونها بدلا من محاولة تصحيح أخطاء المنظومة الاقتصادية عن طريق الحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، تفضل الهرب إلى أمام تجاه الهندسة الجيولوجية. تكنولوجيا الغد تقدم نفسها كحل للاضطرابات الناجمة عن التكنولوجيا أمس.

مثال: المغرب الآن بصدد انجاز محطة تحلية لماء البحر بالداخلة. لكن هذا الحل التقني والمكلف يبقى غير كاف لكون نفس المدينة تعرف استنزافا للفرشة المائية بسبب الفلاحة التصديرية المتواجدة بالمنطقة.

الحل الزائف الثالث: الحل الفردي:

المبادرات الفردية التي قد تكون في ظاهرها محمودة ولكن في العمق لا تغير منحى الوضع البيئي ومجرى التغيرات المناخية. الخطاب السائد يهدف أن يحس كل واحد منا بالذنب حول ممارساته اليومية والتي تكون مضرة بالبيئة، وهذا الخطاب يدعو وبطريقة “دينية” إلى أن نقوم كأفراد بتغيير في طريقة استهلاكنا. في نظري هذه الطريقة ليست بإمكانها أن تغير من شيء في الوضع البيئي. بل فقط تكرس المنظومة الحالية. خاصة أن تطبيق هاته الحلول على المستوى الفردي يكلف استثمارا ماليا لايستطيع تحمله إلا الطبقات الميسورة، ولأن تكلفة التحول يدفع ثمنه المواطنون من جيوبهم عوض يدفع ثمنه الملوثون الحقيقيون، الشركات.

هذا لا يعني على مستوى الأفراد والجماعات أن لا نطرح ونناقش هاته الحلول. مثلا داخل جمعياتنا يمكن أن نصبح جمعيات بلا ورق والعمل على استعمال ورق مدور في جميع اصداراتنا، عدم استهلاك خلال أنشطتنا الماء المعدني المعبأ في قنينات. في أنشطتنا استهلاك منتوجات فلاحية بيولوجية من عند منتجين محليين. وبطبيعة الحال هاته الحلول ستكون لها كلفة مالية وتنظيمية.

من بين بدائلنا:

– تغيير نمط الإنتاج والاستهلاك

– تحويلات مالية من الشمال إلى الجنوب تعويضا للمسؤولية التاريخية والديون الإيكولوجية من أجل تغطية تكاليف التكيف والتخفيف. هذه الموارد يمكن توفيرها من خلال إعادة توجيه الميزانيات العسكرية والضرائب المبتكرة وإلغاء الديون.

– ترك الوقود الأحفوري في الأرض والاستثمار في النجاعة الطاقية والطاقات المتجددة الآمنة والنظيفة والتي تخضع لسيادة السكان المحليين.

– الحفاظ على الحقوق القائمة على الموارد التي تقوي حقوق السكان الأصلين على أراضيهم وتعزز سيادة الشعوب على الطاقة والغابات والأراضي والمياه.

– الزراعة العائلية المستدامة والسيادة الغذائية للشعوب.

– التزامات ملزمة و فعلية للحكومات بتخفيض الغازات المسببة للاحتباس الحراري وأيضا وضع آليات للمراقبة و العقوبات.

– نموذج اقتصادي واجتماعي جديد، يضمن احترام الإنسان والطبيعة وقادرعلى ضمان الحاجيات الأساسية للساكنة.

– ضريبة خاصة على الصناعات الملوثة.

– تطوير نقل عمومي، لائق و متوفر.

– المرور من نموذج  فلاحي كثيف متجه نحو التصدير إلى نموذج فلاحي ايكولوجي متجه نحو الاستهلاك المحلي والعودة إلى البذور الأصيلة.

صلاح الدين المعيزي، عضو جمعية أطاك المغرب.

[1]

زر الذهاب إلى الأعلى