بيانات وتقارير

لنضع حدا للأزمة الغذائية

شبكة اللجنة من أجل إلغاء الديون غير الشرعية

05 شتنبر 2022

بيان

لنضع حدا للأزمة الغذائية

تواجه سلسلة من الشعوب والبلدان حالياً أوضاعا حرجة أمام ارتفاع أسعار المواد الغذائية واستحالة الحصول على بعض منها بكميات كافية. وعكس ما تنقله عديد من وسائل الإعلام بكونها مرتبطة بالحرب على أوكرانيا، فإن الأزمة الغذائية العالمية التي نواجهها هي قبل كل شيء أزمة عميقة وهيكلية لنمط الإنتاج الرأسمالي في مرحلته النيوليبرالية.

وتبين بعض المعطيات خطورة الوضع: بين عامي 2014 و2021، زاد عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد في جميع أنحاء العالم بشكل كبير، منتقلا من 565 مليونًا إلى 924 مليونًا. في مايو 2022، دق مجلس الأمم المتحدة ناقوس الخطر: نحن أمام بروز أزمات غذائية جديدة.

بدأت الأزمة الغذائية قبل فترة طويلة من غزو أوكرانيا الذي أدى إلى إضعاف عديد من البلدان. ومن المفارقات أن الإنتاج الغذائي العالمي كان ينمو بوتيرة أسرع من النمو السكاني لأكثر من نصف قرن، وبلغ محصول الحبوب العالمي أعلى مستوياته في سنة 2021. هكذا، وبينما تنتج مجتمعاتنا موارد غذائية وفيرة، يعاني من الجوع شخص واحد من كل عشرة أشخاص على المستوى العالمي

كيف وصلنا إلى هذا الوضع؟

إن الأزمة الغذائية الحالية التي تعاني منها بشكل حاد بلدان الجنوب العالمي ليست إذن نتيجة نقص الحبوب، بل هي بالأحرى مشكلة توزيع. لابد من التذكير أن عددا كبير من هذه البلدان أصبحت طيلة عقود مجبرة على الارتباط بالأسواق الدولية بضغط من مؤسسات مثل البنك العالمي وصندوق النقد الدولي، وتابعة إلى حد كبير فيما يخص وارداتها من الحبوب والمواد الغذائية الأخرى. وعندما تندلع الأزمات التي تؤدي الى ارتفاع الأسعار، تتأثر بشكل بالغ هذه البلدان التي قلصت أنشطتها الزراعية المحلية، ويكبر عجزها على الحصول على ما يكفي من الحبوب. وتجدر الإشارة أيضًا إلى أنه بينما يكدح غالبية سكانها للحصول على الحبوب لغذائهم، فإن 10٪ من الحبوب المنتجة في العالم تستخدم اليوم لإنتاج الوقود، و35٪ تخصص لتغذية الماشية.

وجب وضع حد للمضاربة على الجوع

يقود النموذج النيوليبرالي البلدان إلى التأثر العنيف بانعدام الأمن الغذائي. فهو يسمح للمقاولات الرأسمالية الكبيرة بالسيطرة على السوق المالية عن طريق تحويل تجارة وتوزيع المنتجات الغذائية والزراعية إلى سوق المضاربات، وبالتالي بتحقيق الأرباح من انفجار الأسعار والجوع. وتعد المضاربة الهائلة في أسواق الحبوب إحدى العوامل التي أدت حديثا إلى تفاقم الأزمة الغذائية غداة اندلاع الغزو الروسي لأوكرانيا. فأسعار القمح والذرة ارتفعت بشكل مقصود بنحو 50٪ في أسبوعين.

كما يوضح النص حول الأزمة الغذائية، يعيش اليوم سكان القرى في بلدان الجنوب العالمي المحرومين من قيمة إنتاجهم الزراعي أوضاع فقر مدقع، بينما تسيطر أربع شركات عابرة القارات من الشمال على 70% من سوق الحبوب على المستوى العالمي وتحقق أرباح هائلة.

على مدى عقود، أدت المضاربة على الجوع ومنطق تراكم رأس المال لصالح أقلية إلى حدوث أزمات غذائية كارثية. ترفض المؤسسات المالية الدولية والدول التي تتحمل مسؤولية الأزمة الغذائية معالجة أسبابها الجذرية، وتواصل تطبيق السياسات التي تشجع الزراعة التجارية والصناعية في تحد لحق الشعوب في تقرير سيادتها الغذائية.

القضاء على الجوع ممكن من خلال القضاء على الأسباب البنيوية

لا يمكننا أن ندعي بجدية أننا نحارب الجوع دون تحديد الفاعلين الذين يستفيدون من الوضع الحالي ودون القضاء على الأسباب الأساسية. يعتمد النموذج الزراعي الرأسمالي على الإنتاج الكثيف الموجه للتصدير وتطوير النموذج الصناعي والتجاري. فالاستحواذ على الأراضي والموارد المائية يتسارع في جميع أنحاء العالم. ويساهم استخدام الوقود الأحفوري والمبيدات والأسمدة الكيماوية في تغير المناخ وبالتالي في تواتر مواسم الجفاف. وتسمح خصخصة إنتاج وتسويق البذور باحتكارها من قبل عدد قليل من الشركات متعددة الجنسيات وبتدمير أنظمة بذور المزارعين. كما يحتد تهميش صغار المزارعين الذين يوفرون 70٪ من إنتاج الغذاء في جميع أنحاء العالم.

تسمح الديون وما يسمى باتفاقيات التبادل الحر كآليتين للهيمنة بتعميم هذا النموذج النيوليبرالي في الزراعة، ولا سيما في بلدان الجنوب.

إن تعزيز السيادة الغذائية العالمية ينطوي على محاربة آليات النظام الإنتاجوي والرأسمالي. تطالب شبكة اللجنة من أجل إلغاء الديون غير الشرعية CADTM بإلغاء الديون غير الشرعية لتلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية، وعلى رأسها الحصول على الغذاء اللائق.

تدعم شبكة اللجنة من أجل إلغاء الديون غير الشرعية CADTM المقترحات والمطالب التي قدمتها حركة المزارعين الدولية لافيا كامبسينا La Via Campesina لمواجهة الأزمة الغذائية الحالية، وتؤمن بأن الحل يكمن في إرساء عاجل لأسس مشروع السيادة الغذائية كبديل لهيمنة النموذج الزراعي التجاري والتصديري. فالقضاء على الجوع يمر بالضرورة عبر الاعتماد على نموذج للعدالة الاقتصادية، نموذج يقطع جذريًا مع السياسات النيوليبرالية التي تدمر صغار المزارعين في الجنوب والنظم البيئية بينما تضحي بالأمن الغذائي لملايين الأشخاص من خلال البورصات العالمية.

جرى تقديم مفصل لمقترحات حركة المزارعين الدولية لافيا كامبسينا في مقال الأزمة الغذائية،  ونسرد منها ما يلي:

إنهاء المضاربة في المواد الغذائية، وتعليق إدراجها وتحديد أسعارها في البورصة.

إلغاء سلسلة الإجراءات التي تضمنها برامج التقويم الهيكلي المفروضة من قبل المؤسسات المالية الكبرى المسؤولة عن التبعية الغذائية لبلدان الجنوب والتي تعوق تحقيق السيادة الغذائية للجميع.

تطوير الإيكولوجيا الزراعية كنموذج بديل للنموذج الليبرالي الإنتاجوي من خلال وضع المزارعين/ات المنتجين/ات للأغذية والموزعين/ات والمستهلكين/ات في قلب السياسات الغذائية وليس ضمن منطق الأسواق.

دعم الزراعة الموجه للإنتاج المحلي وتطوريها على المستوى الوطني من خلال الحد من الواردات والصادرات.

تكريس مزيد من المالية العمومية لصغار المزارعين في البلدان النامية وللزراعة المعاشية التي تلبي الاحتياجات الغذائية للسكان، والتوقف عن تمويل نموذج الفلاحة بدون مزارعين.

وضع حد لنهب الموارد الطبيعية والسياسات الاستخراجية من خلال إجراء إصلاح زراعي شعبي وشامل. يجب أن يضع هذا الإصلاح حداً لاستيلاء الشركات عابرة القارات على المياه والبذور والأراضي، ويضمن حقوق صغار المنتجين العادلة في الموارد الإنتاجية.

التخلي عن إنتاج الوقود الزراعي الصناعي وحظر الإعانات العمومية لمن ينتجها.

إعادة إنشاء المخزونات العمومية من الاحتياطيات الغذائية في بلدان الجنوب (خاصة الحبوب كالأرز والقمح والذرة وما إلى ذلك)، و(إعادة) إنشاء مؤسسات قروض عمومية لصغار المزارعين، واستعادة نظام تحديد أسعار الغذاء.

ضمان غذاء جيد وبأسعار منخفضة للأسر ذوي الدخل المنخفض. يجب إزالة ضريبة القيمة المضافة على المواد الغذائية الأساسية. يجب على الدولة أن تضمن لصغار المنتجين الزراعيين أسعار بيع عالية بما يكفي للسماح لهم بتحسين ظروفهم المعيشية بشكل كبير.

———

لمعرفة المزيد، انظر هنا مقال الأزمة الغذائية العالمية ومقترحات الخروج منها بقلم إيريك توسان وعمر أزيكي.

روابط البيان بــ:

الفرنسية:

http://cadtm.org/2022-Mettons-fin-a-la-crise-alimentaire

الإسبانية:

http://cadtm.org/2022-Acabemos-con-la-crisis-alimentaria

الإنجليزية:

http://cadtm.org/2022-Let-us-end-the-food-crisis

البرتغالية:

http://cadtm.org/2022-Para-acabar-com-a-crise-alimentar

زر الذهاب إلى الأعلى