بيانات وتقارير

فم الحصن: اغتصاب الاطفال جريمة مدانة و التضامن سبيلنا لانتزاع حق إكرام

في سياق ارتفاع عدد ضحايا  الاغتصاب و الاعتداءات الجنسية  للأطفال، و أمام غياب قانون  صريح للردع و الزجر، و آليات قانونية و إدارية و أمنية للحماية من الوحوش البشرية المريضة  المرتكبة لهذه الجرائم و وضع حد للإفلات من العقاب لهم.  .يتجدد هذا الجرم الشنيع، وتسقط كل يوم ضحية أخرى.

تتحمل الدولة المسؤولية في التواطؤ الضمني والتطبيع مع هذه الجرائم، وذلك لضعف الإجراءات المتخذة منها تمتيع المجرمين بالسراح المؤقت، وكثرة الثغرات القانونية، علاوة على دور الثقافة الذكورية المترسخة، كآلية للحكرة والاضطهاد، حيث تفرض التزام الصمت المدثر بتبريرات حماية الضحية والخضوع لمنطق الابتعاد عن “الشوهة”.

إكرام : الطفولة المغتصبة

تطل علينا قضية أخرى من قضايا الاغتصاب، ضحيتها طفلة لم ينصفها القانون ولا محيطها الاجتماعي، حيث تعرضت الطفلة إكرام ذات ست سنوات للاغتصاب من طرف مجرم أربعيني،  بمنطقة فم الحصن بإقليم طاطا، استغل المعتدي قربه من الضحية بحكم الجوار ليرتكب فعلته المشينة.

 اكتشفت أم الطفلة، أن هذه الأخيرة تعاني من آلام حادة، لينقلها والدها إلى مستوصف المنطقة، ليتفاجأ الأب بتعرض ابنته للاغتصاب، وبعد ضغط من والديها حكت الطفلة تفاصيل الحادثة، حيث ادخلها المتهم للحمام وقام باغتصابها على قول لسانها “عمي فلان من فعل ما فعل”.

 وقد تمت مواجهة المتهم بالأفعال المنسوبة إليه من طرف والدي الضحية إلا انه أنكر جريمته البشعة جملة وتفصيلا وجابه الوالدين بالنفي.

دفعت قوة التقاليد والثقافة الذكورية الأب سلوك الطريق السهل وطي صفحات القضية ونسيانها لتجنب ألسنة الناس ، غير أنه وبعد مرور عشرة أيام على الحادثة حاول الممرض وبإصرار منه إقناع أب الضحية و ثنيه عن نسيان الحادثة وبأنه سيتكلف برفع القضية إلى الجهات المختصة.

 تم نقل الطفلة ووالدها إلى المستشفى الإقليمي لطاطا وإجراء خبرة طبية سلمت على إثرها شهادة طبية بخصوص الواقعة من طرف طبيب بالمستشفى المذكور والذي أكد على ضرورة إبلاغ وكيل الملك بشأن تعرض الطفلة للاغتصاب.

 اطلاق سراح المجرم جريمة

على اثر ذلك حضرت الشرطة وتم اعتقال المتهم بمنطقة فم الحصن ونقله إلى طاطا للتحقيق معه في ظروف وملابسات القضية المنسوبة إليه، على أمل السير قدما في المتابعة وتحقيق العدالة للطفلة إكرام، لنتفاجأ بعد يومين من اعتقال المتهم بقرار إطلاق سراحه يوم السبت 07 يونيو 2020 بعد تأديته كفالة مالية وتنازل كتابي من أب الطفلة.

 قرار يجعلنا نطرح تساؤلات عديدة حول الأسباب والضمانات التي دفعت النيابة العامة إلى تمتيع المتهم بالسراح المؤقت، وهل الفعل المنسوب للمتهم ورغم بشاعته والمعاقب عليه طبقا لمقتضيات القانون الجنائي وكون ضحيته ممن متعهم القانون بأولوية وصرامة في كل ما يمس سلامتهم، يخول لها -النيابة العامة- حق الإفراج عنه ومتابعته في حالة سراح ضاربة عرض الحائط كل ما بسط أمامها من أحداث؟ تنازل الأب ما هو إلا نتاج  لضغوطات وتدخلات استغلت فقر عائلة الطفلة لثنيها عن متابعة المجرم وإفلاته من العقاب.

 كذلك بذريعة ضمان السترة وحمايتهم من الشوهة والفضيحة، متغافلين بذلك أن المتهم جار عائلة الضحية، و سيكون أمام أنظارها على مدار الساعة وهو حر طليق، يعذبها نفسيا  كل ما صادفته  ويصبح أيضا الاغتصاب عذاب نفسي وجسدي أليم.

وقد تقرر تحديد تاريخ أول جلسة محاكمة في 1 شتنبر 2020. وأمام ضغط واستنكار السكان للفعل المشين ورفضهم المنحى الذي سارت فيه القضية وما اتخذ فيها من إجراءات غير منصفة، فقد قررت الخروج في مسيرات احتجاجية ابتداء من يوم الثلاثاء 9 يونيو 2020، وهو ما دفع الأب كذلك لإعادة التفكير فيما اقترف هو أيضا في حق طفلته والتراجع عن التنازل.

 الطفلة إكرام، ما هي إلا حالة من الحالات العديدة من الأطفال الذين يتعرضون يوميا للاغتصاب في المغرب، مقابل إفلات أغلب الجناة من العقاب في ظل منظومة قانونية هزيلة ، وغياب الصرامة وترك الهفوات لاستغلالها من طرف كل من سولت له نفسه التعدي على البراءة في مفهومها المتجسد في الطفولة.

مسيرة احتجاجية لسكان فم الحصن ضد اغتصاب اكرام وضد من أطلقوا سراح المجرم

يوم الثلاثاء 9 يونيو 2020، خرج سكان  فم الحصن  متضامنين مع الطفلة إكرام ضحية الاغتصاب رافعين شعار:  “هي كلمة وحدة الطفولة فعينينا”، رددتها ساكنة فم الحصن لإنصاف الطفولة والتعبير عن غضبها واستنكار الفعل الشنيع.

 في مسيرة شعبية خرج فيها احرار فم الحصن للتنديد والوقوف وقفة واحدة، كان للنساء فيها حضور قوي، النساء اللواتي خرجن بالمئات لاستنكار ما وقع بفم الحصن يصدحن بالصوت الجهور: “مادام الفاعل طليقا فأبنائنا في خطر” ، نضال  معهود في نساء المنطقة اللواتي طالما ناضلن كتف بكتف إلى جانب الرجل الحصني في كل ما يتعلق بالشأن المحلي.

 جابت المسيرة شوارع البلدة ،ابتداء من ساحة الثلاثاء وصولا إلى مركز المدينة و أمام مقر الباشوية، رفعت من خلالها شعارات مناهضة للعنف و الاغتصاب، منددين بالجرم المشين وغير الأخلاقي الذي مس كرامة و براءة الطفولة الحصنية.

 شعارات ، تؤكد بأننا نحن كادحو فم الحصن يد واحد وأن، النزاعات السياسية الانتهازية وغطاء القبلية،  لن تثنينا عن النضال وانتزاع الحق وانصاف طفلتنا اكرام والطفولة الحصنية جميعا.

 خلال المسيرة الاحتجاجية استنكرت الساكنة للكيفية التي عولج بها ملف الطفلة إكرام ذات الست سنوات، وذلك بعد تمتيع المتهم بالسراح المؤقت علاوة على تدخل بعض الأطراف لطمس القضية في الخفاء بين عائلة الطفلة و المتهم. لقد أضحت القضية تهم الرأي العام  المحلي و الوطني ولن نتنازل عن حق الطفلة وحقنا.

 أمينة. أ

عضوة أطاك المغرب

زر الذهاب إلى الأعلى