متابعة النضالات

ساكنة آيت جرار تنتفض ضد كارثة بيئية- انسانية

شكل الخطاب الليبرالي خلال العقود الأخيرة، احدى أهم الأدوات التي يجري الترويج لها، لخداع المقهورين بالسياسات النيوليبرالية التي تم تطبيقها منذ  1983 مثل:  التنمية و التنمية المستدامة، و الحكامة الجيدة، والمقاربة التشاركية وخطابات برامج دعم الساكنة القروية و غيرها من مفاهيم البنك و صندوق النقد الدوليين، مفاهيم ذر الرماد في العيون.

مجالس الجماعات القروية بدورها تُكمل ما بدأته الدولة منذ عقود، بإملاء من تلك المؤسسات المانحة، من تهميش و افقار و نزع الاراضي و سرقة الخيرات المشتركة للسكان الاصليين، بحيل شتى.

ارتبط سكان دوار آيت جرار بجماعة تيمولاي إقليم كلميم، بالأرض باعتبارهم فلاحين فقراء، رغم قساوة الظروف الطبيعية ( الجفاف…الخ )، و شظف العيش. مؤخرا أبدى المجلس الجماعي رغبة في تهجيرهم من أرضيهم بغية إقامة مشروع لمعالجة المياه العادمة عليها. لم يجد السكان للدفاع عن أرضهم غير سبيل النضال من أجل تحقيق مطلبهم، وهو السبيل  لتخليص كل المقهورين من التهجير و الإفقار والتشرد.

وفيما يلي ما رواه سكان ايت جرار لأطاك المغرب.

دراسات، و دراسات في مصلحة من؟  

منذ 2013، شرع المجلس الجماعي السابق لجماعة تيمولاي، التابعة اداريا لدائرة بويزكارن اقليم كلميم، في دراسة لمشروع معالجة المياه العادمة، حيث كان من الممكن أن تستفيد أغلب دواوير الجماعة من الربط بقنوات مياه الصرف الصحي. كان للمجلس الاختيار بين ثلاث نقاط مواقع من أجل اقامة الاحواض، نقطة تجميع المياه. أحدها لا يبعد الا بأمتار قليلة عن دوار آيت جرار. توقفت الدراسة لأسباب لا يعلمها لا السكان و لا ممثلوهم من داخل المجلس. بعد انتخابات2015،  تم استئناف دراسة أخرى. أرسى المجلس الجماعي الحالي اقامة المشروع  في الموقع القريب من الدوار منذ سنة 2019، الشيء الذي ترفضه الساكنة.

سلطة جبانة تعمل في الظلام

بتاريخ 13 نونبر 2019، عزم ممثل السلطة على مستوى جهة كلميم واد نون على القدوم الى الجماعة القروية لتيمولاي من أجل تدشين بعض المشاريع. عندما شك آيت جرار بأن التدشين يتضمن كذلك مشروعا لمعالجة المياه العادمة و اقامته بموقع قريب، حيث يقع ابعد منزل على بعد  500 متر فقط، في الدوار، قررت الساكنة الخروج و الاحتجاج يوم قدوم الوالي.

بعد علم السلطة المحلية بموقف الساكنة، استخدمت شتى أنواع المكر المعهودة من تلك الاجهزة. قدم القائد الى السكان منتصف ليلة التدشين ليطمئنهم، مؤكدا أن الامر يتعلق بتدشين دار للقراءة و غيرها. أما مشروع المعالجة فليس الا في اطار التقديم و ليس التدشين و حاجج بأن المجلس و أعضاءه لم يتخذوا أي قرار بخصوص نزع الارض موقع المشروع قيد التقديم. جرى اخفاء اللوحة المفسرة لتفاصيل المشروع عن أنظار العموم و السكان. و لم يتم ابرازها و اشهارها الا بعد حلول الوالي. حينها أحس السكان المعنيون المتضررون بالغبن. فقرروا تنظيم أول احتجاج لهم يوم 29 دجنبر 2019.

        الصورة من صفحة أحد المستشارين الجماعيين

اغتناء مستشارين جماعيين مقابل قتل الساكنة و الارض

بالنسبة للموقع الذي يعزم المجلس الجماعي اقامة المشروع عليه، فهو مساحة اقتناها النائب الثاني لرئيس المجلس الجماعي. عندما باشر اجراءات التحفيظ و في عز هذه الازمة، تعرض له أزيد من 20 شخصا.

 الموقع كما سبق ذكره لا يبعد الا بأمتار قليلة عن الدوار شرقا، ما ينذر بكارثة بيئية-انسانية. فالفرشة المائية ستتعرض للتلوث، و الروائح الكريهة و الحشرات (البعوض)،ستعم أجواء الدوار و الدواوير المجاورة، ما سيسبب امراضا مزمنة لدى الصغار و الكبار، علاوة على المواشي، خصوصا و أن المنطقة ككل تتعرض للرياح الشرقية على طول فصول السنة. و الفائض من المياه في حالة ملأ الاحواض، ستصرف الى وسط الدوار ملحقة ضررا على حقول و بساتين الساكنة… كل هذه الاضرار جعلت صغار الفلاحين، ترفض اقامة المشروع في ذلك المكان. و تمسك المجلس الجماعي بنفس الموقع و دعم السلطة له في الظلام لا يعني في المحصلة الا تهجير السكان أو الحكم بالموت على الساكنة الفقيرة و ما تبقى من البيئة في تلك المنطقة. لاتقف الساكنة ضد المشروع كمشروع، بل تطالب بإنشائه بعيدا في مواقع بديلة سواء استفادت من خدماته أم لا.

مواجهة المطالب المشروعة بالاعتقالات

ظلت عين الساكنة مفتوحة على الكارثة. عندما علمت بتمرير المشروع و حضور المقاول الذي سينجزه، استأنفت الاحتجاجات بشكل مستمر منذ 8 ماي 2020، منظمة مسيرات الى الموقع الذي سيحتضن المشروع، و وقفات تخللتها شعارات ترفض اقامة المشروع على عتبات دورها. و بتاريخ 11 ماي 2020، وبعدما كانت الساكنة في موعدها، قطعت السلطة الطريق الى الموقع عن المحتجين باستعمال القوات المساعدة و بعض عناصر الدرك، و تم اعتقال 6 شبان من داخل المسيرة تحت اشراف رئيس دائرة بويزكارن، و تم اقتيادهم الى مركز الدرك بإفران الاطلس الصغير. حررت لهم محاضر و اطلق سراحهم بعد نصف يوم من الاعتقال.

ضعف التضامن مع الساكنة

بعد اعتقال الشبان الستة، اصدر مكتب الجمعية المغربية لحقوق الانسان فرع بويزكارن بيانا اعلن فيه تضامنه مع آيت جرار. بقيت السلطة بأجهزتها، منذ ذلك الحين، تتجنب الاحتكاك بالسكان مكتفية بالمراقبة من بعيد. القليل من الجرائد الالكترونية تناول احتجاجات السكان.

هل نثق في سلطة معدومة الثقة؟

فقد السكان الثقة في السلطة، ما جعلها ترفض اي حوار معها خصوصا بعد التعامل المخادع ليلة قدوم الوالي من أجل التدشين و اخفاء اشهار المشروع. كما أن السكان يشتكون من اخفاء المعطيات و المعلومة، و يقابلون بالتعتيم من طرف المسؤولين و القطاعات المتدخلة في الإنجاز.

معركة من أجل البيئة وحياة السكان

المطلوب حاليا، هو نصرة هذه المعركة الجارية في احدى المناطق الفلاحية ( أولاد جرار)،المعرضة لخطر تلوث بيئي، قد يدفع بالسكان إلى التشرد و التهجير هربا من العواقب الصحية والبيئية لتصريف المياه العادمة ومعالجتها بالقرب من قريتهم التي عمروها لعقود.

على منظمات النضال فك الحصار الاعلامي المضروب على هذه المعركة بالتشهير بخطورة المشروع و السبل التي تم التحايل بها على السكان لتمريره.

كذلك من الواجب التضامن مع نضالات السكان، والتنديد بالقمع التي يطالهم دفاعا عن  البيئة و الحياة.

لجنة الاعلام الوطنية

أطاك المغرب

زر الذهاب إلى الأعلى