بيانات وتقارير

تقرير إعلامي حول أشغال جامعة التثقيف الشعبي بتونس

الدورة الثالثة: “من أجل تعليم تحرري ضد القهر ومن أجل الحريةمن 20 الى 27 غشت 2022

على مدى أسبوع حضر ما يزيد عن 32 مشارك ومشاركة قادمين/ات من الجزائر والمغرب وموريتانيا والسودان وفلسطين وبمشاركة وازنة من تونس. وتعذر حضور مشاركين/ات من مصر ولبنان في آخر لحظة بسبب صعوبات التأشيرة. بعد دورة حضورية أولى في غشت 2019 بتونس، ودورة ثانية عبر الانترنيت في سنة 2021، نظمت هذه الدورة الثالثة لجامعة التثقيف الشعبي من 20 الى 27 غشت 2022 حضوريا بولاية المهدية بتونس.

 خلال حصص هذه الجامعة الشعبية تبادل الحاضرون تجاربهم النضالية، وفتحوا نقاشات في كيفية تعزيز العلاقات الدائمة بين الشباب والحركات، والمنظمات الاجتماعية المختلفة في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط/المنطقة العربية. كما عرفت هذه الدورة تقدما ملموسا في تطبيق منهجيات “باولو فريري” في تعلم المقهورين باستعمال تقنيات الورشات التفاعلية واستعمال المرئيات، وتنظيم فقرات فنية وثقافية منها عرض أفلام بيداغوجية حول آلية الديون، وحول التطبيع مع الكيان الصهيوني  وأيضا حول التعليم التحرري.

في موضوع المديونية، تم التعرف على أهم المفاهيم والمصطلحات المرتبطة به كالسياسات النقدية وادوار البنوك المركزية التي لها صلاحية خلق الأموال والاتحكم في ترويجها على مختلف المستويات. كما تم التعرف على أشكال الديون الخارجية، كالديون ثنائية الأطراف أو المتعددة الأطراف، أو الديون الخاصة التي تأخذ من الأسواق المالية.

وتم التعرف أيضا على دور المديونية في إخضاع بلدان المنطقة لاستعمار مباشر، وعلى إدامة التبعية في الفترة ما بعد الاستعمار المباشر. وجرى عرض حجم المديونية خلال جائحة كورنا والسياق الحالي للحرب على اكرانيا.

 وانتهت الورشة بأهمية تدقيق الديون والمطالبة بإلغائها، لأنها ديون كريهة وغير شرعية اخدت تحت شروط مجحفة، أفقدت الشعوب سيادتها الغذائية والمائية والبيئية.

            خلال اليوم الثاني تم نقاش موضوع النسوية وتم الوقوف عند المفهوم وتعريفه وسياق ظهور الفكر النسوي بالمنطقة، وكيف تبلورت إسهامات فكرية وبحوث أكاديمية نسوية تعنى بقضايا اضطهاد النساء في مجتمعاتنا.

كما  تم نقاش آليات بروز النضال النسوي في سياق نضالات التحرر الوطني، ونشأت حركة النسوية أكثر تنظيما في بداية السبعينات تطالب بتغير قوانين الأحوال الشخصية، وبالمساواة القانونية بين النساء والرجال.

قبل ان يتم تقسيم الحضور الى مجموعتين حسب الجنس، خلال ورشة النساء، تم الحديث عن أشكال مشاركة النساء في الحراكات الأخيرة الذي عرفتها بلداننا، وهل تم فيها رفع مطالب نسائية؟ وما هي هذه المطالب؟ كما تم جرد مجموعة من العوائق التي تواجهها النساء خلال تواجدهن في الحركات الاحتجاجية. فيما خصصت ورشة الرجال لنقاش موضوع كيف نكون حلفاء للحراك النسوي، بعدها قامت المؤطرتين بتقديم مداخل من أجل تطوير عمل نسوي بالمنطقة من خلال إيجاد فضاءات التلاقي للتفكير الجماعي، والتواصل بين نساء منخرطات في النضالات الجارية، ومتابعة أوضاع النساء في المنطقة والتعريف بمقاوماتهن ومطالبهن.

خلال اليوم الثالث تم نقاش موضوع السيادة الغذائية بعرض ثلاث فيديوهات قصيرة حول الفلاحة من مصر وتونس والمغرب، تعرض المشاكل التي يعاني منها القطاع الفلاحي. وقام المشاركين والمشاركات بتقديم ملاحظاتهم عليها والمتمثلة في ارتفاع تكلفة الإنتاج، وغلاء الأعلاف، واستنزاف الأرض، وغياب دعم الدولة، واستيراد المواد الغذائية المدعمة، واستنزاف التربة، وقوانين تهجر الفلاحين من أراضيهم، واستعمال البذور المعدلة جينيا، واللجوء الى فلاحات تصديرية مدمرة للأرض والتربة ومستنزفة للماء، تدمير الإرث الثقافي للفلاحين والمزارعين.

بعدها تم عرض المراحل الرئيسية للسياسات الفلاحية في البلدان التابعة: ففي بداية القرن 19 حتى بداية الستينات، كانت لدى الشعوب فلاحة استعمارية تلبي حاجيات أسواق الدول الأوروبية، ومن بداية الستينات الى الثمانينات تم بناء رأسمالية زراعية محلية تابعة، من خلال ترك الأسعار لمنطق السوق وخصخصة الأراضي، ومن الثمانينات الى أواسط التسعينات تم فرض سياسات التقويم الزراعي وبداية تدخل منظمة التجارة العالمية واتفاقيات التبادل الحر، ومن 2007 الى سنة 2008 ظهور أزمة الرأسمالية العالمية ومن ضمنها الأزمة الغذائية. هذه الأخيرة تسببت فيها احتدد المضاربة على المنتجات الزراعية من أجل الربح السريع، ناهيك عن ارتفاع أسعار البترول، مما تسبب في ارتفاع تكاليف الأسمدة والنقل. ومن الأكيد أنها عوامل سياسية هدفها تحويل الغذاء الى سلاح في يد الإمبريالية.

ليتم الرجوع الى أهمية الحق في الغذاء، والذي يقصد به الحق في الحصول على غذاء صحي بشكل منتظم ودائم وحر، ويتوافق مع التقاليد الثقافية للشعب الذي ينتمي إليه المستهلك. وتم توضيح مفهوم الأمن الغذائي الذي لا يستحضر العناصر الأساسية المرتبطة بالحق في الغذاء، وبالتالي لابد من التفكير في المسألة الغذائية بشمولية أو ما يسمى “بالنظم الغذائية” من الأرض الى الماء الى البذور تم الوساطة الى التاجر وصولا الى المستهلك.

وقبل نهاية الورشة تطرق مسيروها الى الأسس الاجتماعية لبديل السيادة الغذائية، على أنها ضمن الأسس الرئيسية لمشروع مجتمعي بديل تحرري وديمقراطي، تستدعي الإصلاح الزراعي الشامل يأخذ بالحسبان الولوج الى جميع عناصر التي ترتبط بالمجالات الفلاحية ويرتكز على توحيد صغار الفلاحين وصغار البحارة والعمال الزراعيين، وتدعيم جميع أشكال تنظيمهم الذاتي.

خلال اليوم الرابع تم الوقوف على مفهوم العدالة البيئية والتحول الطاقي العادل من خلال مساءلة النماذج الحالية، وتحليل الخطاب السائد حول الانتقال الطاقي التابع كليا للاقتصاديات القوية والشركات متعددة الجنسياتـ. وقبل أن يفتح المجال للمشاركين/ات للتفكير الجماعي في البدائل الممكنة، طرحت أسئلة من قبيل: لماذا نحتاج إلى انتقال طاقي؟ وكيف يبدو انتقال طاقي لصالح الشعوب؟

وتم التأكيد على ان التغير المناخي ذو المنشأ البشري أصبح واقعاً بالفعل في المغرب الكبير، وبشكل يزعزع الأساس الاجتماعي، الاقتصادي والإيكولوجي للحياة في المنطقة. فتونس والجزائر والمغرب شهدت موجات شديدة من الحرارة خلال الصيف وجفافاً مستمراً منذ عام 2016 مخلفا أثار كارثية على الزراعة (خصوصاً لصغار المزارعين) مع اندلاع حرائق ضخمة منذ 2021 و2022، خاصة في تونس والجزائر، واتساع الصحراء، مما يشكل ضغطا كبيرا على الموارد المائية الشحيحة أصلاً. هذا علاوة على تسرب مياه البحر إلى احتياطات المياه الجوفية، إلى جانب الاستخدام المفرط للمياه الجوفية.

وللإجابة عن سؤال لماذا نحتاج إلى انتقال طاقي، تمت الإشارة الى تفاقم تداعيات التغير المناخي وظهور الأزمة المناخية والتدهور البيئي واستنزاف الموارد الطبيعية الناتجين عن نموذج الإنتاجية في التنمية القائم على الصناعات الاستخراجية: النفط والغاز في الجزائر (وإلى حد أقل في تونس)، بالإضافة الى تعدين الفوسفاط (في تونس والمغرب)، وأنماط أخرى من التعدين (الفضة والذهب والمنغنيزيوم في المغرب)، ناهيك عن الأعمال الزراعية الكثيفة الاستخدام المياه المترافقة مع السياحة (في المغرب وتونس)

وتمت الإجابة على الانتقال الطاقي لصالح الشعوب؟على أنه هو الذي يكون منصفا للفئات الشعبية. ويتطلب التحول الطاقي ثلاثة عناصر: تقليل الطلب الصافي على الطاقة، ونشر الطاقات المتجددة اللامركزية، وتحسين الحفاظ على النظام البيئي جنبًا إلى جنب مع إدارة الأراضي الزراعية البيئية. ويجب أن تتم هذه العملية في سياق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والبيئية.

خلال اليوم الخامس تم نقاش إستراتيجية التنظيم والبدائل والتي افتتحت بعرض فيلم وثائقي حول تجربة الفلاحين بدون ارض في البرازيل وكيف ينظمون أنفسهم من اجل الدفاع عن أراضيهم ضد الدولة وضد المستثمرين بشكل خاص، قانونيا ونضاليا. وتطرق الفيلم الى أساليب التنظيم ضد أجهزة الشرطة وضد مؤسسات الفلاحة الكبرى التي تسيطر على غالبية الأراضي الصالحة للزراعة، حيت صاغت الحركة أهدافها من خلال: ضمان العمل لجميع العمّال الريفيين «بدون أرض» على قاعدة التوزيع العادل للأراضي والرأس المال الاجتماعي، وإنتاج محاصيل جيدة النوعية، ومنخفضة الكلفة، وتأمين الغذاء السليم لجميع أفراد الشعب، بالإضافة الى ضمان الرعاية الاجتماعية، وتأمين ظروف حياة أفضل، في إطار من العدالة لجميع أفراد المجتمع البرازيلي تكون فيه الأولوية للعمال والأشدّ فقرا، ونشر الممارسات الإنسانية والقيم الاشتراكية في العلاقات بين المواطنين، من خلال رفع الظلم الاجتماعي والديني والجندري.

وفي الأخير اجمع المتدخلين على أهمية النضال جنبا الى جنب مع  صغار منتجي الغذاء ضد الهجمة الرأسمالية التي يتعرض لها صغار الفلاحين والبحارة والرعاة والغابويين وعمال/ات الزراعة، سواء في المغرب أو تونس وموريتانيا والجزائر، والسودان وفلسطين.

خلال اليوم الأخير تم تقييم أشغال الجامعة من طرف المشاركين الذين عبروا بكل حماسة على أهمية استمرر هذه التجربة، لكونها فضاء واسع من الاختلاف والتنوع يسمح بتبادل التجارب واختبار آليات جديدة في بيداغوجية تعلم المقهورين، بدورهم المشاركين والمشاركات  ساهموا بكل حرية ومسؤولية في إنجاح هذه التجربة بفضل التزامهم وانخراطهم النشيط والحماسي في النقاشات والورشات، وساهموا في خلق جو من الانسجام والتواصل الفعال ولايجابي مع مختلف الحاضرين والمؤطرين والمشرفين.

جمعية أطاك المغرب – المرصد التونسي للاقتصاد – جمعية الورشة الإعلامية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بتونس

زر الذهاب إلى الأعلى