بيانات وتقارير

بيــــــــــــان: لننخرط في جميع أشكال النضال والتعبئة ضد الغلاء ومن أجل رفع الأجور ودعم الاستهلاك

أطاك المغرب
عضو الشبكة الدولية للجنة من أجل إلغاء الديون غير الشرعية


بيــــــــــــان
لننخرط في جميع أشكال النضال والتعبئة ضد الغلاء ومن أجل رفع الأجور ودعم الاستهلاك


يشهد المغرب ارتفاعا غير مسبوق لأسعار المواد الغذائية والطاقية والخدمات. تعبر الجماهير الشعبية عن غضبها إزاء هذا الغلاء بأشكال عديدة، سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو الخروج في وقفات ومسيرات احتجاجية. توجه الجماهير لومها بشكل رئيسي للحكومة. هذه الأخيرة تنفذ السياسات الليبرالية وتحاول حجبها بإجراءات الترقيع أو تحميل المسؤولية للمضاربين.
تعود أسباب الغلاء الحقيقية الى التبعية الاقتصادية والغذائية والطاقية المرتبطة بالسياسات النيوليبرالية التي يؤطرها كل من البنك العالمي وصندوق النقدي الدولي ويطبقها الحاكمون ببلدنا. منذ التقويم الهيكلي في بداية الثمانينات، ارتكز جوهر هذه السياسات على تركيز القطاعات الإنتاجية وضمنها الفلاحة على التصدير وفق متطلبات السوق العالمية على حساب حاجيات العيش الأساسية. من جهة أخرى، ارتكزت على الاعتماد على الاستيراد فيما يخص الصناعة والمواد الغذائية الأساسية ومواد الطاقة.
توسعت هذه السياسات بانخراط الدولة في مسلسل اتفاقيات التبادل الحر منذ أواسط التسعينات بإشراف منظمة التجارة العالمية لتفتح الحدود أمام غزو السلع والرساميل الأجنبية التي أثرت سلبا على النسيج الاقتصادي ودمرت صغار المنتجين. شملت الخصخصة التي توصي بها هذه المنظمة الخدمات العمومية كتوزيع الماء والكهرباء والنقل الحضري والخدمات الصحية والتعليم، إلخ. حرصت الدولة على تدعيم الرأسمال الكبير الأجنبي والمحلي الذي استحوذ على الأراضي الزراعية والموارد المائية والغابات والثروات البحرية والمنجمية، وسهلت له مجال الاستثمار في الخدمات العمومية. منذ 2015 بإيعاز من البنك العالمي وصندوق النقد الدولي حررت الدولة أثمان المحروقات وخضعتها لتقلبات السوق العالمية ونرى كيف تضاعف ثمنها. استتبع هذا الاستحواذ الرأسمالي تطور احتكارات كبرى على مستوى الإنتاج والتصدير وعلى مستوى الاستيراد. أصبحت الحاجيات الأساسية لعيش غالبية الفئات الشعبية مرتبطة بهذه الاحتكارات المضارباتية على الصعيد المحلي وعلى الصعيد الدولي.
راكمت هذه الاحتكارات أرباحا خاصة هائلة من خلال هيمنتها على السوق وتحكمها في الأسعار والمضاربة فيها. يتجلى ذلك في تزايد كبار الأغنياء بالمغرب (مليارديرات) في قطاع الفلاحة والمحروقات والمدارس والمستشفيات الخاصة والبحر والنقل والعقار، إلخ. هذه الأرباح تأتي من جيوب الطبقات الشعبية التي تدهورت شروط حياتها بشكل خطير جدا: الطبقة العاملة وصغار المنتجين والفئات الكادحة في القطاع المسمى غير مهيكل وجميع فئات العاطلين والعاطلات الشباب والنساء. تكتوي هذه الطبقات بنار الغلاء في وقت حددت فيه الدولة حدا أدنى من الأجر هزيل مع نظام حماية اجتماعية ضعيف جدا. قامت الدولة بتقليص ميزانية صندوق دعم مواد الاستهلاك الأساسية (صندوق المقاصة)، وتستعد الآن لحذف دعم غاز البوتان والسكر. مما يعني أن الطبق الغذائي الرئيسي للشعب المغربي من حبوب وزيت وسكر وغاز البوتان، وكذا اللحوم الحمراء والبيضاء، زاد ارتباطا بالبورصات العالمية التي يتحكم فيها كبار المضاربين، ويتأثر بشكل مباشر بأي أزمة عالمية غذائية أو طاقية أو مالية. اتخذ هذا الأمر طابعا بنيويا بالنظر الى مقتضيات اتفاقية التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية التي لم تعد فيها أي تقييدات كبيرة تخص المواد الفلاحية والغذائية. كما أن صغار المزارعين ببلدنا يعيشون سيرورة افقار حادة نتيجة تهميش الدولة وغلاء المدخلات الفلاحية وتراكم القروض وهجوم كبار الرأسماليين الكاسح على الزراعة. وتراهن الدولة في نموذجها التنموي على توسيع القطاع الخاص في الخدمات العمومية، خصوصا في الصحة والتعليم، مما سيزيد من حدة غلاء أسعارها.
يتعمق الغلاء الذي يعيشه المغرب حاليا في ظل الأزمة العالمية متعددة الأوجه التي استفحلت مع جائحة كوفيد والعدوان الروسي على أوكرانيا، واتسمت بتضخم ارتفاع أسعار النفط والغاز وغيرها من المواد. لا تعود الأزمة الغذائية التي بدأت قبل فترة طويلة من غزو أوكرانيا الى نقص في الحبوب، حيث أن محصول الحبوب العالمي بلغ أعلى مستوياته في سنة 2021. إنها مرتبطة بهيمنة المقاولات الرأسمالية الكبيرة على تجارة وتوزيع المنتجات الغذائية والزراعية وتحويلها إلى سوق المضاربات، وبالتالي بتحقيق الأرباح من انفجار الأسعار. تسيطر أربع شركات عابرة القارات من البلدان الصناعية على 70% من سوق الحبوب على المستوى العالمي وتحقق أرباح هائلة.
تدعم الحروب التجارية سطوة الشركات العابرة للقارات التي تفرض إزالة جميع الحواجز أمام تداول السلع وبالتالي تعميم أسعار مرتفعة على بلدان الجنوب العالمي وضمنهم المغرب.
في سياق الأزمة العالمية الحالية، تتجسد من جديد نتائج تبعية الاقتصادي المغربي المرتبطة بالسياسات الليبرالية. ما فتأ عجز الميزان التجاري الإجمالي مع ارتفاع فاتورة الطاقة والمواد الغذائية والفلاحية والصناعية وغيرها يتفاقم في سياق تباطؤ الاقتصاد وتقلص مداخيل الدولة. كما أن جميع أنواع الدعم وتقليص الضرائب لكبار الرأسمالين تتحملها الميزانية العمومية. من هنا اللجوء المتزايد الى الديون التي بلغ حجمها مستويات هائلة، وزادت شروطها اجحافا في فرض اجراءات التقشف والهجوم على مكاسب الشغيلة ومجمل كادحي وكادحات هذا البلد الذين يرزح قسم كبير منهم تحت نير الديون الخاصة أساسا القروض الصغرى.
إننا في جمعية أطاك المغرب، عضو الشبكة الدولية للجنة من أجل إلغاء الديون غير الشرعية، إذ نستحضر هول الأزمة الاقتصادية والمالية الحالية التي تريد الدولة تحميل أعباءها للأجراء وصغار المنتجين وعموم الفئات الشعبية من خلال غلاء الأسعار وخفض الأجور الفعلية وتوسع البطالة والفقر، نعيد التأكيد على ما يلي:
• رفضنا للسياسات الليبرالية والمديونية التي يؤطرها صندوق النقد الدولي والبنك العالمي بتعاون مع الدولة خدمة لمصلحة كبار الرأسماليين محليا وعلى المستوى العالمي. ستكون لنا فرصة عقد الاجتماعات السنوية لهاتين المؤسستين بمراكش في أكتوبر المقبل للمساهمة في تنظيم قمة مضادة من قبل الحركات الاجتماعية دوليا وإقليميا ووطنيا ضد سياساتهما الاجرامية في حق الشعوب.
• رفضنا لاتفاقيات التبادل الحر التجارية مع أقطاب الامبريالية الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية والتي تفاقم التبعية وغزو السلع الأجنبية وتسليع الخدمات العمومية.
• مناهضتنا للنموذج الفلاحي الصناعي التصديري المدمر للأرض والماء والطبيعة والبشر، ودفاعنا عن بديل السيادة الغذائية، أي ضمان سيادة السكان على مواردهم وغذائهم.
• مطالبتنا برفع الأجور وربطها بارتفاع تكاليف العيش (السلم المتحرك للأجور)، وبزيادة دعم الدولة لأسعار المواد الغذائية والطاقية والتخلي عن تحرير المحروقات وعن تفويت لاسامير ووقف خصخصة الخدمات العمومية.
إننا في جمعية أطاك المغرب:
– نحيي عاليا جميع تعبئات المواطنات والمواطنين ضد الغلاء واللواتي والذين خرجوا للتظاهر والتعبير في الشوارع.
– نعلن انخرطنا النشيط في جميع أشكال النضال والتعبئة من وقفات ومسيرات وغيرها التي ستخاض ضد الغلاء ومن أجل رفع الأجور.
– نعتبر ان خيار المقاومة هو السبيل الوحيد لفرض تراجع الاسعار وعن طريقه ايضا سيتم تحقيق مطالب الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية.


السكرتارية الوطنية
18 فبراير 2023

زر الذهاب إلى الأعلى