بيانات وتقارير

بيان فاتح ماي 2016: من أجل بناء جبهة جماهيرية واسعة لصد الهجوم الليبرالي

اطاك المغرب

عضو الشبكة الدولية للجنة

من أجل إلغاء ديون العالم الثالث

فاتح ماي 2016: من أجل بناء جبهة جماهيرية واسعة لصد الهجوم الليبرالي

مثل فاتح ماي لأكثر من قرن ونصف يوما للنضال العمالي الأممي، احتجاجا على  الأوضاع الناتجة عن استمرار نظام الاستغلال الرأسمالي، وإظهارا للقوة العمالية الجبارة، ووفاء لإرث كفاحي خطه الأجراء والأجيرات عبر العالم بدمائهم دفاعا عن حقهم في الثروة التي ينتجونها والحرية التي ينشدونها والمساواة التي هم نبراسها والعدالة الاجتماعية التي يحيون لها وذودا عن السيادة الشعبية التي هم وقودها المتجدد.

يأتي فاتح ماي 2016، وقد تحولت الأزمة المنظومية للنظام الرأسمالي ، المركبة والمتعددة الأبعاد، إلى أزمة اجتماعية ذات مدى كوني، وتأخذ ابعادا بالغة الخطورة في عدد من مناطق العالم، مع تصاعد حمى الصراع بين القوى الامبريالية التقليدية والجديدة ، التي تسعى الى ايجاد مخارج لأزماتها والحفاظ على مناطق نفوذها التاريخية  أو الراهنة.

و تستمر الأزمة الاجتماعية الخانقة في المنطقة المغاربية والعربية، طارحة على قوى النضال عددا من التحديات والمهام، بعضها بنيوي مرتبط بطبيعة الرأسمالية التابعة والريعية تحت هيمنة فئات عسكرية وأمنية وبورجوازية وكيلة، وبعضها قديم اتخذ أشكالا جديدة كأزمة المهاجرين واللاجئين، وبعضها جديد كل الجدة كالأزمة البيئية والكارثة المناخية….إن أزمة منطقتنا تظهر بشكل جلي في كونها تسجل أضعف نسبة نمو عبر كل العالم الثالث، وينعكس ذلك في أرقام قياسية للفقر والهشاشة والبطالة واللامساواة…مع استئثار فئة صغيرة بالثروة عبر إواليات افتراس اقتصادي لا يرحم، وأساليب مافياوية، تفضح الصحافة الدولية جزءا صغيرا منها بين الفينة والأخرى. كل ذلك معزز باستبداد سياسي يتخذ أشكالا متعددة، لكن قاسمه المشترك هو الخضوع للهيمنة الامبريالية وأدواتها العسكرية والسياسية والمالية، والتي تتعزز بآليتي الديون والتبادل اللامتكافئ.

عمقت السياسات المتبعة بالمغرب من ارتهان البلد على كل الأصعدة : المالية والصناعية والتجارية والتكنولوجية والغذائية، وسط فشل معمم لكل الخيارات النيوليبرالية المفروضة من قبل المؤسسات المالية العالمية. جاء ذلك مترافقا مع تناقص كل مصادر السيولة المالية بفعل الازمة الأوروبية ( تحويلات المهاجرين والسياحة والاستثمارات المباشرة) وانهيار حاد في نسبة النمو : التي انتقلت من 4.1%  سنة 2015 إلى 1.3% المرتقبة لسنة 2016، وارتفاع حاد في المديونية التي وصلت مستويات قياسية من الناتج الداخلي الخام: حيث انتقلت من78,2 % سنة 2014 إلى 80,4 % سنة2015 وصولا إلى 82,5 % سنة 2016، ينضاف كل ذلك الى ما يتم من تدمير للقطاع الفلاحي المعاشي وتعويضه بفلاحة تصديرية تستنزف الفرشة المائية وتسمم التربة وتسهم في فقداننا التام للسيادة الغذائية.

تعمل الطبقات السائدة بالمغرب على تحميل العمال والكادحين كلفة أزمة نظامها الاقتصادي، وتحاول الإفادة من الإجماع الليبرالي السائد، لأجل قضم مكاسب تاريخية للعمال ، أهمها ما تعلق بالخدمات الاجتماعية العمومية عبر تسييد المنطق الليبرالي فيها: تعليم وصحة وماء وكهرباء ودعم سلع، وأنظمة الحماية الاجتماعية وعلى رأسها التقاعد الذي يسعون إلى تفكيكه عبر ما يسمى بالإصلاح في أفق فتحه امام رأس المال للاستثمار فيه وجني الأرباح، وإثقال الأجراء بالضرائب المباشرة والغير المباشرة، بينما تغدق على أرباب العمل بامتيازات كبيرة قانونية ومالية وهدايا ضريبية (بلغت هذه السنة اكثر من 32 مليار درهم، بينما ترفض تلبية مطالب النقابات التي لا تتعدى كلفتها 28 مليار درهم).

تمكنت انتفاضة الشعب المغربي سنة 2011 من وقف تقدم عدد من المشاريع التي كانت سائرة: تم تأجيل مشاريع تخريب صندوق المقاصة وأنظمة التقاعد (الجاهزة آنئذ)، وتوقف الحديث عن قانون الإضراب، واستجابت الدولة لمطلب الزيادة المعممة في الأجور، كما تم توظيف عدد مهم من حاملي الشهادات. لكن سرعان ما عاد الحاكمون الى أخذ ما قدموه في سياق سعيهم للالتفاف على مطالب حركة 20 فبراير المجيدة، وعادوا بشكل أكثر تصميما على تفكيك ما تبقى : هكذا تم ضرب صندوق المقاصة، ومروا إلى السرعة النهائية في ملف تخريب تقاعد الموظفين، فضلا عن إمعانهم في مشاريع إخضاع التعليم والصحة لمنطق السوق….وسط مقاومة شرسة وبطولية مثلها، هذه السنة،  كفاح الطلبة الاطباء ضد مشروع الخدمة الاجبارية والأساتذة المتدربون ضد مرسوم فصل التكوين عن التوظيف وكادحو طنجة ضد التدبير المفوض، وعدد كبير من الكفاحات العمالية المشتتة ضد الطرد والتشريد ومن أجل احترام تشريعات الشغل. فضلا عن ما تدعو اليه المنظمات النقابية من مسيرات وإضرابات. كل هاته  النضالات لم تفض الى وقف الهجوم الشرس على أقوات العمال وشروط بيعهم لقوة عملهم، وأكثرها كفاحية تمكنت من حصد بعض التنازلات، لكن دون تمكن من صد كامل للهجوم….ذلك الصد الذي يستدعي انتصاب قوة عمالية وشعبية جبارة واعية لعمق أزمة الخيارات السائدة وطارحة لبدائل شاملة معادية للنظام الرأسمالي القائم على أولوية الربح، وعلى استرخاص دماء وعرق العمال والكادحين. وتمثل الحيلولة دون انتصاب تلك القوة الشغل الشاغل للحاكمين ومن يدور في فلكهم، وما عودة القمع السافر وتصاعده إلا أحد الوسائل التي يتبعها الحاكمون.

اننا في اطاك المغرب ندعو الى تجميع المقاومات ضد الهجوم الليبرالي الشامل، وإلى النضال من أجل سيادة وطنية وشعبية حقيقية، تلك السيادتان اللتان تتعارضان مع ما يتم اتباعه الآن : المزيد من رهن البلد للمديونية، وفتحها على مصاريعها عبر اتفاقات استعمارية تسمى تبادلا حرا. اننا نعتبر ان النضال لأجل التدقيق في المديونية العمومية  سبيلا لأجل معرفة حقيقة من نهب البلد  ومن يستمر في نهبه، وآلية للنضال لأجل إلغائها وتوجيه خدمتها ( حوالي 160 مليار درهم سنويا) نحو تنمية حقيقية لمصلحة العمال والعاملات وكل الكادحين.

إن أطاك المغرب تحيي كل عمال  وعاملات المغرب وعبر العالم في عيدهم الاممي وتعاهدهم على المضي في مساعيها الرامية لبناء حركة تثقيف شعبي وعمالي، والتضامن مع كل نضالات الطبقة العاملة .

 السكرتارية الوطنية

زر الذهاب إلى الأعلى