النضالات في المغربمتابعة النضالات

الحسيمة مظاهرات الغاضبين ومحاولات النيل من حظوة الأحرار

الحسيمة مظاهرات الغاضبين ومحاولات النيل من حظوة الأحرار

لا تزال جمرة الغضب متقدة في الريف، ويظل المحتجون حتى الآن صامدين ومتمسكين بمطلب محاكمة الجلادين الجناة. لقد بلغ الغضب الشعبي أوجه في مظاهرات يوم الأحد 30 أكتوبر حين عمت المسيرات والوقفات طول البلد وعرضه جراء سحق الشهيد محسن فكري في ناقلة للنفايات. لقد صار الشهيد بطلا ورمزا للنضال والكفاح ضد تسلط أجهزة الدولة وخدامها.

مسيرات تضامنية حاشدة

خرجت ساكنة مدينة الحسيمة وعدد من البلدات المجاورة تلبية لنداء التظاهر عشية يوم الجمعة 4 نونبر،بلغ عدد المشاركين حسب تقديرات المنظمين والمواقع الصحفية حوالي 70 ألف مشارك. انه رقم يعكس بجلاء مدى السخط الشعبي الكامن، الذي تفجر هذه المرة عقب طحن محسن فكري المأساوي. لم تسجل أي حالة تخريب ولا شغب ولا مواجهات دموية مع أجهزة القمع المتواجدة في الشوارع. لقد شكلت جماهير المحتجين سلاسل بشرية لتنظيم المسيرة من الشباب الذي سهر على إنجاح احتجاج الكادحين.

فشل تدخل النظام لامتصاص الغضب

تنقل وزير الداخلية، مبعوثا من الملك،على وجه السرعة إلى مدينة الحسيمة وإلى بيت عائلة الشهيد دون أن يتمكن من امتصاص الغضب الشعبي. بقيت إلى حدود الساعة،الجماهير المنتفضة تطالب بالقصاص ومعاقبة المجرمين على مقتل محسن. لم يظهر حتى الآن المجرمون الفعليون، ومن يتم التحقيق معهم ربما أغلبهم مجرد أكباش فداء، وفي كل الأحوال منفذون صغار لأوامر كبار تجري الأمور حاليا بشكل لا يجعلهم خاضعين للمساءلة، ومفلتين من العقاب كما سابقيهم الذين برأتهم ما سمي أنصافا ومصالحة.

وضعت الجماهير المحتجة تحقيق وعدالة الأغنياء موضع تساؤل، وهم يظهرون بمواصلة الاحتجاج عدم ثقتهم في عدالة الحكام المستبدين بعد أن مر أزيد من أسبوع دون أن تحمل الدولة المسؤولية لأي من خدامها.

تأتي هذه الاحتجاجات،المعبرة عن سخط دفين شكل موت محسن شرارة تفجره، في سياق استقبال المغرب لقمة المناخ “كوب 22” في مدينة مراكش، وتتزامن قمة كبار الملوثين هذه مع احتجاجات طويلة المدة لسكان منطقة اميضر المنكوبة بيئيا… ونضالات الأطر التربوية المطالبة بالإدماج في الوظيفة العمومية…

احتجاجات مدن وبلدات أخرى

يومي السبت والأحد، تجمع المئات في مدن عدة للتعبير عن غضبهم وتنديدهم بالحكرة وامتهان كرامة الإنسان من طرف زبانية نظام مستبد. في مدينة انزكان نظمت مسيرة جابت الشوارع ورددت خلالها شعارات رافضة لتعامل الدولة مع قضية محسن ومعلنة التضامن مع سكان الريف وباقي مناطق الشمال الذين ذاقوا الويلات على يد النظام المغربي الذي يسحق تحركاتهم النضالية عند كل احتجاج منذ عقود.

وشهدت أزيد من اربعين مدينة (الرباط والبيضاء ومراكش وطنجة ووجدة واكادير وتزنيت والناظور وتطوان  …) حراكا شبابيا مماثلا استنكر أيضا كيل التهم والشتائم لأهالي الريف، بعد نعتهم “بالأوباش” ومثيري الفتنة. لقد جرت العادة أن تهاجم الحركات المناضلة في أي من بلدان الرأسمالية وتقصف بأحـط النعوت والأوصاف حتى يتم تجريدها من أي صدقية وتعاطف شعبي. لكن ما جرى في قضية محسن فكري هو أن دائرة التضامن مع سكان الريف تتسع وتشمل مناطق عدة.

نعت الكادحين بالأوباش علامات خوف من استيقاظ الغضب الشعبي

هناك أمثلة لا حصر لها نعت فيها نضال الكادحين بأحط الأوصاف، إليكم منها مثالين لازالا ماثلين في الأذهان:

ــ في سنة 2010 هاجمت الأبواق الإعلامية المنحازة للدولة، وعددها كثير للأسف، نضال مضطهدي مدينة العيون حين اعتصموا في مخيم أكديم إزيك، مطالبين بالشغل…ومهدت الرأي العام لتقبل سحق حركة اجتماعية قاعدتها فقراء وكادحون. ألبسهم الإعلام البرجوازي رداء “الانفصال” المدعوم من الجزائر. طبعا انطلت الحيلة على باقي كادحي المغرب وسحقت الحركة واعتقل من اعتقل وانتهت تجربة نضالية غنية دون نصر أو حتى تقييم نضالي لها.

ــ منذ أن هبت نسائم الانتفاضة الإقليمية والإعلام المغربي يحاول تبخيس قدرة الشعوب على التغيير خارج “المؤسسات التمثيلية” بترويجه للديمقراطية الحسنية الفريدة ومزاياها، لكن كل هذه الدعاية لم تحل دون بلوغ رياح التغير إلى المغرب، ففي 20 فبراير سنة 2011 كان البلد يهتز على وقع مظاهرات جماهيرية لم يشهد المغرب مثيلا لها… هاجم الإعلام شباب الحركة بنعتهم “بالشواذ” و”أنصار البوليزاريو” و”دعاة الفتنة”… قاموس الابواق لا ينضب من مثل هذه التهم والأوصاف.

“الأوباش” هكذا جرت العادة في المغرب على تسمية مناضلي الريف وأحراره من طرف أبواق الدولة وخدامها الانتهازيين والساعين وراء الفتات. تقليد تشبعت به زمرة عبيد الدولة بعد أن جاء في خطاب الحسن الثاني سنة 1984.

إن كل من يناضل من أجل مغرب الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، ويواجه سياسة الدولة التخريبية لمكتسبات الشعب المغربي ومن ورائها الامبريالية الفرنسية والأمريكية إن لم يكن من طينة “الأوباش” حسب التصنيف المغربي، فهو “إرهابي” حسب تصنيف الامبريالية.

الخوف يسود الطبقات الحاكمة في المغرب بعد أن استطاعت ترويج خطاب الاستقرار في ظل الاستثناء المغربي، إن هاجس الحفاظ على شروط الاستغلال دفع الحاكمين إلى شن حرب إعلامية ضروس على كادحي الحسيمة والبلدات المجاورة لها، سعيا وراء كبح الاحتجاجات وتجفيف منابع الغضب.

معركة تنظيم و وعي وطول نفس

لازالت الدعوة إلى المظاهرات قائمة ولازال الشباب يقتحم الميادين والشوارع لإعلاء صوته الرافض لأن يعامل الشعب المغربي معاملة همجية كالتي أودت بحياة محسن بائع السمك.

استمرار المظاهرات والاحتجاجات الشعبية، يجب أن ترافقه إضرابات عامة، محلية وجهوية ووطنية، يقودها المناضلون النقابيون الديمقراطيون من خلال التعبئة في صفوف الأجراء لحفزهم إلى النضال الجماعي مع باقي الكادحين والمطحونين.

بالرغم من قوة الاحتجاجات وامتدادها فهي محرومة من تنظيمات سياسية ونقابية وجمعوية تقدمية تعبر عن طموحات الجماهير الشعبية الكادحة، محاولات تمزيق وحدة الكادحين بنشر الادعاءات المغرضة وتسليط عصا القمع على المناضلين في الريف وغيره من أشكال الاستبداد لن يمنعه غير تنظيم نضال الكادحين و الرقي بوعيهم.

هذا ما نصبو إليه في جمعية أطاك المغرب ونعمل بجهد على تحقيقه، ونحن على يقين تام أن معركتنا كذلك هي معركة صعود المنحدر ومعركة النفس الطويل.

علي عضو جمعية أطاك المغرب

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى