النساء

من المسؤول عن سوء النمو بأفريقيا؟ النساء الافريقيات أو مجموعة العشرين.

من المسؤول عن سوء النمو بأفريقيا؟ النساء الافريقيات أو مجموعة العشرين.

أثناء انعقاد قمة العشرين يومي 7و 8 يوليوز 2017 بهمبورغ، صرح مانويل ماكرون بأن مصدر جزء من مشاكل افريقيا يرجع إلى نسبة خصوبة بعض الدول. إنه يقلب ترتيب الأسباب كما يشرح نيكولا سيرسيرون وأنوك رونو.

خلال هذه القمة، أعرب مانويل ماكرون عن تحليله اللامع (و هو تحليل آخر…) حول سوء نمو افريقيا، حيث اعتبر أن أحد أسبابه الرئيسية  هو ” ولادة  النساء الافريقيات ل 7 إلى8 أطفال “:

يبدو أن أسباب سوء النمو الافريقي لا يتم تدريسها بالمدرسة الوطنية للإدارة، و الامر نفسه بالنسبة لأسباب “الفقر” لسلفه فرانسوا اولاند. لقد أصبح من مميزات هؤلاء الحكام النيوليبراليين  خلط أعراض مرض، أو مشكل حاد كارتفاع عدد السكان، بأسبابه. إنهم يفضلون تحميل الضحايا مسؤولية الظلم و اللامساواة بدلا من تحميلها للمسؤولين. لكن من أجل هذا يجب ترتيب التاريخ بخلية محفوظة بذاكرته.

تجاهل ماكرون نهب الثروات الطبيعية لهذه القارة من طرف أوروبا منذ منتصف القرن التاسع عشر عن طريق الاستعمار العنيف للامس والاستعمار المأساوي الجديد عبر الاغتيالات السياسية، الرشوة، الاستخراج المفرط للثروات، التدخل السياسي الفرنسي بأفريقيا والدين غير المشروع. كما تجاهل أيضا المأساة البعيدة والمتمثلة في استخراج قوة العمل خلال القرون الثلاثة الماضية عن طريق تصدير ملايين الشباب الأفارقة كعبيد في ظروف أسوأ من ظروف الحيوانات. هذه الرؤية البدائية جدا لماكرون عن النساء الافريقيات، تكشف عن احتقار عنصري وذكوري صادر عن رئيس فرنسي علما انه رجل، أبيض ورئيس دولة.

يبدو أن ماكرون تجاهل هذه الحقيقة التجريبية: يتم الانتقال الديمغرافي بشكل طبيعي بمجرد تمكن النساء والرجال من ولوج التعليم والصحة وبمجرد تمكنهم من الحصول على التغذية دون قلق من المستقبل وباختصار عندما يتمكنون من ولوج حياة كريمة. لكن كيف يمكن الوصول إلى هذه الحالة إذا كانت السياسات المفروضة على هذه البلدان من قبل صندوق النقد الدولي، البنك العالمي والبلدان الصناعية المجتمعة في نادي باريس، منذ سنوات 1980 والأزمة الكبرى للمديونية بعد عشرون سنة على الاستقلال، هي سياسات برامج التقشف والتي يتم تكرارها مقرونة بتبادل حر مجحف كليا وخوصصة لمواردها الطبيعية. تتضمن برامج التقويم الهيكلي المفروضة على دول الجنوب- وهي نفسها المطبقة اليوم على اليونان-، إجراء لامعا و هو القضاء على مجانية التعليم والصحة.

النساء الافريقيات، أولى ضحايا الاستعمار الجديد والاستخراج المفرط للثروات

في الواقع، وبعيدا عن كونهن مسؤولات، تعتبر النساء الأفريقيات أولى ضحايا هذا النظام باعتبارهن فقيرات، افريقيات ولكن أيضا نساء. لقد فجرت سياسات التقويم الهيكلي المفروضة باسم تسديد الديون غير المشروعة، اللامساواة بين النساء والرجال و تفاقم عمل النساء الضخم أصلا و غير المؤدى عنه، مادامت النساء تعوضن تفكيك الخدمات الاجتماعية برعايتهن للأطفال والمسنين أو المرضى. وسبب تقليص ميزانيات الصحة في تقويض حقوقهن الجنسية والإنجابية. تموت، حاليا، 830 امرأة كل يوم بسبب المضاعفات المرتبطة بالحمل أو الولادة والتي يمكن تجنبها ، و تعيش 99 %، من هؤلاء النساء، بالبلدان السائرة في طريق النمو.

تأخذ السياسات الاستخراجية والإمبريالية لونا فريدا ومرا فيما يخص هؤلاء النساء، حيث يعتبر الاغتصاب الواسع سلاحا سياسيا متجها نحو النساء، سواء أثناء نهب القطن و الكستريت ( أوكسيد القصدير الطبيعي) بجمهورية الكونغو الديمقراطية مثلا أو أيضا أثناء حرب الإبادة برواندا التي كان فيها تواطؤ السلطات والبنوك الفرنسية واضحا. وخلال هذه الحرب قدرت الأمم المتحدة عدد النساء المغتصبات ب 250000.

تغذي الخطابات على طريقة ماكرون، الفكرة القائلة بأن أطفال الفقراء هم عبء على المجتمع. انها الخطابات نفسها التي أدت إلى إجهاض و تعقير النساء بالقوة، الممارس بشكل واسع على النساء المهمشات  خصوصا بالمستعمرات الفرنسية كما تبين المختصة في العلوم السياسية، فرانسواز فيرجس في كتابها ” بطن النساء” (ألبن ميشل، 2017)،  نقلا عن ليبراسيون

مجموعة العشرين، تصنع سوء النمو.

تعتبر القرارات التي يتخذها زعماء الدول العشرون المصنعة- ومن بينها القوى الاستعمارية القديمة، وهي من الآن فصاعدا الدول الأكثر تلويثا ونهبا للكوكب-، بقاعات اجتماعاتهم المعقمة والتي يحميها 20 ألف شرطي و ترسانة قمعية ضخمة  من غضب الشارع ، مصدر البؤس الافريقي. لا تشكل مجموعة العشرين بهمبورغ استثناء عن القاعدة على الرغم من أنها تنعقد تحت شعار دعم افريقيا. للإجابة على مشاكل تضخم مديونية الدول. تسعى مجموعة العشرين إلى تقوية دور المؤسسات المالية الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك العالمي أو أيضا نادي باريس والتي نعرف ليس فقط عدم جدواها ولكن أيضا طابعها المضر.

تتضمن المبادرة الألمانية، “التعاقد مع افريقيا” والتي تم تقديمها كممارسة جيدة وجب اتباعها، تقوية القروض والاستثمارات الخاصة بإفريقيا وبعبارة أخرى انها تفتح أكثر الباب لتضخيم مديونية الدول ونهب اقتصادها لصالح الأبناك والشركات متعددة الجنسيات الغربية. و فوق تأكيداتهم، يقدم زعماء الدول هذه ” المساعدة” لافريقيا كوسيلة لإيقاف الهجرة. ألا تتضمن، بالفعل،  هذه الجملة لماكرون الخوف من رؤية جحافل الفقيرات والفقراء الأفارقة يجتازون البحر الأبيض المتوسط بأجسامهم الداكنة؟

كما العادة في مثل هذا النوع من لقاءات القمة، تعول مجموعة العشرين على إطفاء نار برميها بالنار. لأن المسؤولين الحقيقيين عما يسمى ” بضعف النمو” بإفريقيا هم ماكرون وأمثاله بالسلطة وأيضا عالمهم المتمثل في صندوق النقد الدولي والبنك العالمي ورؤساء الدول الغربية والأنظمة الافريقية المتواطئة ومجموعة العشرين ونادي باريس والحكومات الفرنسية المتعاقبة….

الرابط الأصلي للمقال

ترجمة : العربي الحفيضي

أطاك المغرب

زر الذهاب إلى الأعلى