النضالات في المغرب

امي نتانوت : نضال اجتماعي متجدر صاعد ضد الاقصاء والتهميش

الموقع الجغرافي وأصل التسمية

تقع بلدة إمي نتانوت في الجنوب الغربي لمدينة مراكش على بعد 45 كيلومتر جنوب مدينة  شيشاوة على الطريق الوطنية رقم 8   الرابطة بين مراكش و أكادير،و تمتد  على الدير الشمالي لجبال الأطلس الكبير على مساحة تقدر ب 15 كلم2 وتتميز  بتضاريس وعرة ،حيث تتكون من هضاب في الشمال والجبال في الجنوب ويبلغ ارتفاعها  ما بين 800 إلى 1700 م.

يرجع أصل تسمية” امي نتانوت” حسب المختصين في الطوبونيميا الى أصل أمازيغي حيث يتكون من شطرين وهما :”امي” الذي يعني    “الفم “، و “تانوت”: وهو تصغير للبئر وهو بالأمازيغية “أنو”.  كما ترجح غالبية الروايات الشفوية أن هدا البئر يقع على الساقية المارة من سافلة حي أدار بالقرب من الجهة الجنوبية لسوق الخضر الحالي.

وتشير بعض المصادر التاريخية الى ان المنطقة يقطنها الامازيغ منذ عصور ، الا انها غير معروفة بتلك التسمية، وهذا ما توصل اليه الباحث السوسيولوجي الفرنسي جاك بيرك  (Jacques Berque)[1] ، على اعتبار أن امي نتانوت عبارة عن محطة للقوافل التجارية خلال العصر الوسيط ،  وسوقا للتبادل التجاري بين  القبائل المجاورة: دمسيرة – سكساوة – متوكة – ادويران –مزوضة –شيشاوة.

وقبل العصر المريني كانت المنطقة معروفة في المصادر التاريخية باسم القبيلة التي تقطن بها وهي قبيلة انفيفة (أفيفن).[2]

دور ساكنة البلدة في مقاومة الاستعمار

لعبت قبائل امي نتانوت أدوار مختلفة في مقاومة الاستعمار الفرنسي بالأطلس الكبير ،حيث ساندت حركة احمد الهيبة القادمة من سوس نحو مراكش ، وتشير المصادر التاريخية الحديثة الى أن شيوخ ونساء قبائل سكساوة وامي نتانوت نزلت من الجبال للالتحاق بجيوش الهيبة وشاركت معه في موقعة سيدي بوعثمان سنة 1912  بنواحي مراكش التي انتهت بهزيمة جيوش الهيبة بعدما الحقت خسائر بالجيوش الفرنسية ، وحسب جاك بيرك فان قبائل سكساوة  وامي نتانوت واجهتا القوات الاستعمارية في الجبال ،كما انها حصنت أراضيها واملاكها من طموحات القياد الكبار خدام الاستعمار ) كالكلاوي، المتوكي، الكندافي( . [3]

وشهدت امي نتانوت منذ الاستقلال المزعوم عدة انتفاضات اجتماعية ضد استمرار سياسة استبداد القياد والولاة المعروفون ببطشهم للسكان خاصة في فترة الستينات والسبعينات، كما عرفت كذلك عدة نضالات ضد غلاء الأسعار في أواسط الثمانينات والتسعينات قادها المعطلون والحركة التلاميذية الناشئة.[4]

الخصائص الاقتصادية والاجتماعية للمنطقة

أحدثت جماعة امي نتانوت سنة 1959 وخضعت لعدة تقسيمات إدارية لأسباب انتخابية محضة، الا انها ظلت على حالها دون تنمية حقيقة ، وحسب إحصاء سنة 2014 يبلغ عدد سكان المنطقة 20837 الف نسمة ،ما يعادل 4710 اسرة .[5] غير أن امي نتانوت تفتقر الى البنيات التحتية ضرورية من) طرقات معبدة ،  مراكز استشفائية ، نقص مهول  في المؤسسات الاجتماعية التعليمية والثقافية الخ( ، وهذا ما جعلها سكانها يعيشون  في عزلة تامة في جبال واعرة ،وتسجل نسبة كبيرة من الفقر المدقع في المنطقة ،خاصة في صفوف النساء والشباب المعطل ،فرغم غنائها بالمؤهلات الطبيعية والمعدنية ) أراضي فلاحية، مناجم النحاس بايت حدو يوسف بسكساوة(. الا انها لا تستفيد من خيراتها التي يهيمن عليها حفنة من الرأسماليين الكبار، أكثر من ذلك يستغلون أبناء المنطقة من عمال المناجم في ظروف قاسية تعرض حياتهم للخطر وتدمر بيئتهم.

كل هذا دافع بشباب ونساء امي نتانوت الى تشكيل أدوات النضال المختلفة من جمعيات حقوقية ومدنية وتنسيقيات من اجل الدفاع عن حقوقهم وكرامتهم ورفع الحيف والاقصاء الممنهج على المنطقة.

كرونولوجية الاحتجاج الاجتماعي بامي نتانوت

الاحتجاج على تردء الوضع الصحي بالبلدة:

عرف الخدمات الصحية تدهورا مهول نظرا لغياب ابسط شروط الخدمات الصحية بحيث لا تتوفر المدينة على مستشفى يليق بحجم الساكنة، بحيث أن المركز الصحي الموجود وسط المدينة لا يرقي إلى تطلعات المواطنين، ولما يعرفه القطاع من مجموعة من الاختلالات خاصة على مستوى الخدمات الصحية من حيث:

  • غياب المداومة من داخل المركز الصحي.
  • ارتفاع في حجم الحالات المستعجلة خاصة النساء الحوامل
  • تسجيل وفيات الأطفال خاصة الرضع
  • التباين والنقص المهول في مستوى البنايات، الموارد البشرية، التجهيزات والخدمات

منذ شتنبر 2015انتظمت الساكنة في اطار تنسيقيات وجبهات للدفاع عن الحق في الصحة والحق في ضمان العلاج وتمت التعبئات في الاحياء والدواوير والجبال بمشاركة الهيئات الديموقراطية والتقدمية بالمنطقة وتم تسطير برنامج نضالي منتوع) وقفات احتجاجية، مسيرات ، اعتصامات ،ندوات تعبؤية( واستجبت الجماهير الشعبية بامي نتانوت  لنداءات الفاعلين ونزل ازيد من 1000 مشارك/ة الى ساحة المسيرة يوم 31 يناير 2016 في مسيرة شعبية من اجل مطالب اجتماعية وعلى راسها الحق في الصحة .[6]

الاحتجاج على انعدام البنيات التحتية

خلفت الأمطار الرعدية التي شهدتها امي نتانوت يوم 30شتنبر2008 خسائر مادية وبشرية، نتيجة انعدام البنيات التحتية اللازمة من قناطر وطرق معبدة، وكشفت تلك الامطار عيوب وهشاشتها المغشوشة أصلا، التي يتغنى بها المسؤولين طيلة 10 سنوات، وهذا ما دفع بالسكان بتنظيم مسيرات شعبية عفوية في بداية اكتوبر 2008 نحو مركز الجماعة، وقد شارك فيها مئات من المحتجين[7]

نضالات عمال مناجم سكساوة ضد الاستغلال

بدأ استغلال منجم” ايت حدو يوسف ” الغني بمعدن النحاس سنة 1974، وتأسست أول نقابة للعمال سنة 1992، نجحت إدارة المنجم في نسفها. مباشرة بعد تأسيس النقابة وتشكيل مكتبها، أقدم العمال على الانخراط، قبل أن تتمكن إدارة الشركة من شراء ذمة أغلبهم، لقد دفعت مقابل بطائق انخراطهم 1500 إلى 2000 درهم، ووعدت آخرين بالترقية، ونقلهم لمناصب إدارية أو ليصبحوا مسؤولين عن العمال وبهذا السلوك تم ابعادهم بطرق مخزية عن العمل النقابي [8]

اليوم، كما في السابق، يطالب العمال بتحسين ظروف عملهم وحياتهم. فرغم أن كل العمال مرسمون، إلا أنهم محرومون من التأمين عن حوادث الشغل، وأجورهم تتراوح بين 2500 للعمال و8000 للعمال المتخصصين، لا يستفيد العمال من التعويضات العائلية، ولا من الأدوية ومن سيارة الإسعاف رغم وجودها لدى الشركة، ولا يقوم الطبيب الخاص بالشركة بالفحوصات الدقيقة الضرورية بشكل دوري. ولا يستفيدون أيضا من عطلة الولادة، وتعويضات الأعياد.[9]

كل هذه الأسباب دفعت بعمال الشركة المستغلة لمناجم أيت حدو يوسف بجماعة سكساوة وعددهم 314، بدائرة امنتانوت يوم الخميس 15يونيو 2017 إضرابا مرفوقا بوقفة احتجاجية أمام مقر إدارة الشركة، احتجاجا على تماطل الإدارة في تطبيق محضر الاتفاق الذي جرى توقيعه على إثر إضراب سابق، حيث خاض العمال معركة(إضراب ووقفات احتجاجية بالمنجم وأمام مقر الشركة). ، توج بحوار مع المسؤولين، لكن لم يسفر عن شيء حيث اقترحت إدارة الشركة أداء أجور العمال المتراكمة لثلاثة أشهر بالتقسيط على دفعات لن تنتهي حتى شهر غشت 2010، ووعدت بالاستجابة لمطالب أخرى دون تدقيق، مثل توفير النقل للعمال [10]

رفض العمال عرض الشركة، وقرروا التوجه في مسيرة على الأقدام لمدينة شيشاوة للاعتصام أمام العمالة، ما فرض على عامل شيشاوة الإسراع بعقد لقاء بين الأطراف المعنية. خلص إلى توقيع محضر من طرف ممثلي العمال وممثل الشركة ورئيس الجماعة وقيادة سكساوة، حيث تمت الاستجابة لمطالب العمال والالتزام بجدول زمني محدد لتلبية أغلب نقاط الملف المطلبي للعمال: “صرف الأجور المتأخرة، والتعويض عن النقل والكراء، ونقل الحماية الاجتماعية للعمال والتعويضات العائلية إلى صندوق الضمان الاجتماعي، والالتزام بأداء الأجور شهريا في وقتها، الاستفادة من التأمين ضد الأخطار، وحوادث الشغل والمرض، الاستفادة من النقل، حيث أن عددا كبيرا من العمال يتنقلون على الأرجل لساعات وسط الجبال والطرق الوعرة للوصول للمنجم، التعويض عن الاشتغال بباطن الأرض.[11]

لم تنطفئ نضالات منجم ايت حدو يوسف بجبال سكساوة طيلة السنوات الأخيرة، فبتاريخ 8 غشت 2018 انطلقت  مسيرة احتجاجية  من منجم ايت حدوا يوسف نحو شيشاوة مشيا على الاقدام وبعدها نظموا اعتصام  استمر لمدة 72 ساعة أمام عمالة شيشاوة، من أجل المطالبة بالاستجابة لمطالبهم وعلى رأسها تسريح أجورهم العالقة لمدة أربعة أشهر والتأكيد على ملفهم المطلبي المسطر منذ سنتين.

نضالات المعطلين والتلاميذ بالبلدة

لعب فرع الجمعية الوطنية للمعطلين وحاملي الشواهد بامي نتانوت أدوار مهمة في تحفيز نضالات الجماهير الشعبية ونضالات الحركة التلاميذية ، فقد نضم الفرع أشكال احتجاجية متنوعة من وقفات ومسيرات واعتصامات أمام المؤسسات العمومية مطالبين بالشغل للشباب ضحايا سياسة التشغيل ،كما لعبت هذه الفئة أدوار في تجدير نضالات حركات 20 فبراير منذ ظهورها 2011 ،حيث تم تأسيس تنسيقيات الاحياء الشعبية وسطروا ملف مطلبي محلي متكامل ،ونظرا لتركيز الاعلام على تجارب المراكز الكبرى )الرباط، البيضاء ،مراكش(، لم تنال تجارب كفاح شباب 20 فبراير امي نتانوت نصيبها من التعريف بمشاكل المنطقة ،كما أن التجربة تعرضت لقمع شرس  من طرف أجهزة الدولة في صمت .

الاحتجاجات بسبب غلاء أسعار

منذ تشكيل التنسيقيات المحلية لمناهضة غلاء الأسعار سنة 2005 وطنيا، انخرطت الفعاليات السياسة والحقوقية التقدمية بامي نتانوت في هذه المبادرة ،ونظمت عدة أشكال احتجاجية  طيلة سنوات 2006 الى غاية بروز حركة 20 فبراير ،وفي اطار سياق الحراك الشعبي الذي عرفته منطقة الريف وباقي الهوامش  ،ظهرت من جديد موجة من الاحتجاجات على غلاء الأسعار في مجموعة من المدن والقرى ، وكانت امي نتانوت في مقدمة هده الاحتجاجات ت ،فقد تأجج السخط الشعبي سنة 2017 بامي نتانوت بسبب غلاء فواتير الماء الصالح للشرب بعد إضافة قيمة استغلال التطهير السائل، اثارت هذه الزيادة سخط السكان، وتم تأسيس “لجنة متابعة الشأن المحلي بامنتانوت” التي نظمت احتجاجات عارمة أمام مقرات الباشوية وإدارة المكتب الوطني للماء الصالح للشرب والمجلس الجماعي للتنديد بغلاء فواتير الماء الصالح للشرب والمطالبة بإلغاء هذا القرار.[12]

بعد موجة الاحتجاجات الشعبية المستمرة لسكان امنتانوت، وكان اقواها تنفيذ اضراب عام مرفوق بمسيرة احتجاجية حاشدة يوم الجمعة 9 يونيو 2017 بتأطير من طرف ” لجنة متابعة الشأن المحلي بامنتانوت” ضد غلاء فواتير الماء الصالح للشرب ومطالب اخرى، سارعت السلطات المحلية بالمدينة إلى محاولة احتواء الوضع بإعلان الاستجابة للمطلب، عن طريق حلول ترقيعيه التفافية. ورغم تم تنفيذ إضراب عام ثان يوم 16 يونيو 2017 مع مسيرة احتجاجية حاشدة تحت شعار “جميعا من أجل رفع الاقصاء والتهميش عن امنتانوت”، للتنديد بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المزرية، والمطالبة بتنمية حقيقية للمنطقة: رفع التهميش والاقصاء الذي يعاني منه السكان، توفير الماء الصالح للشرب، إسقاط تسعيرة التطهير السائل، البنية التحتية، فرص الشغل للشباب العاطل عن العمل، بناء مستشفى متعدد التخصصات.

سلوك السلطة: القمع والتسويف والمماطلة

منذ سنة 2008 لم تنج السلطات في وقف الحراك الاحتجاجي المنفجر ببلدة امي نتانوت لعدة أسباب يمكن اجمالها في كالاتي:

  • نهج المقاربة القمعية بحصار الاشكال الاحتجاجية وشن الاعتقالات في صفوف المحتجين
  • عدم تنفيذ الوعود المقدمة للساكنة
  • استمرار التهميش والاقصاء والتفقير في صفوف كادحي البلدة
  • تجدر الوعي النضالي لدى الشباب الذي فطن لأساليب التسويف والمماطلة التي تنهجها السلطات في حق مطالبهم العادلة والمشروعة
  • قوة التنظيمات الذاتية للشباب من تنسيقيا ولجن الاحياء الشعبية التي لم تستطيع السلطات تفكيكها
  • وجود اشكال تضامنية محلية خاصة من طرف الهيئات الديموقراطية والتقدمية الداعمة المنخرطة في الحراك الاحتجاجي.

ان الحركة الاجتماعية المناضلة بامي نتانوت تعرف تطور نوعي وكمي منذ بروز حركة 20 فبراير ، وتجدرت خلال السنوات الأخيرة بفعل استمرار سياسيات الدولة اللاشعبية في تفقير الغالبية العظمى من كادحي المغرب وبالأخص امي نتانوت كمنطقة معزولة بشكل مطلق ، وبالتالي فنضالات هذه البلدة في وثيرة تصاعد تستلزم من القوى المناضلة المكافحة امدادها بجسور التضامن وطنيا والتعريف بنضالاتها إعلاميا واشعاعيا من اجل تقويتها اكثر لتحقيق انتصارات وتحقيق مطالبها المشروعة .

 

بقلم لبنى أرخاوي :عضو اطاك المغرب


[1]   Jacques Berque: عالم اجتماع فرنسي من مواليد 1910،اشتغل ما بين 1934-1935 بالمغرب في اطار البعثة العلمية الاستعمارية التي وظفتها فرنسا في استكشاف خبايا المغرب التقليدي، الا ان جاك بيرك انتقد السياسة الاستعمارية التي تسعى الى تدمير البنى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمغرب فنقلته الادارة الاستعمارية الى ناحية امي تنانوت بالأطلس الكبير وتعلم الامازيغية واهتم بدراسة البنى الاجتماعية لسكان المنطقة وتحديدا قبيلة سكساوة والف  دراسة  مهمة تحت عنوان:” Structures sociales du haut atlas”

[2]  – انظر كذلك البكري أبو عبيد – المغرب في ذكر افريقية والمغرب وهو جزء من كتاب المسالك والممالك – دار الكتاب الإسلامي القاهرة

[3] – :Jacques Berque: ” Structures sociales du haut atlas : Retour aux Seksawa. presse Universitaires  de France .paris.1955

[4] – خمليش عزيز، الانتفاضات الحضرية بالمغرب، دراسة ميدانية لحركتي مارس 1965 و يونيو 1981.إفريقيا الشرق. الطبعة الأولى 2005 البيضاء.

[5] – موقع المندوبية السامية للتخطيط www.hcp.ma

[6] -انظر تفاصيل البيان الصادر عن الهيئات الديموقراطية والتقديمة المحلية بامي نتانوت

[7] – حسب تقرير فرع الجمعية المغربية للحقوق بامي نتانوت تم تسجيل الأضرار والخسائر البشرية: وفاة شخصين -، إصابة عدد من الأشخاص برضوض وجروح، انجراف الطرقات، فقدان الماشية، خسائر فلاحية أخرى، اضرار في المؤسسات التعليمية

[8] – للمزيد الاطلاع على مقال” إضراب عمال منجم سكساوة في امنتانوت ضد فرط الاستغلال “بموقع www.almounadila.info

[9] – راجع نفس المقال المذكور اعلاه

[10] –  انظر مقال اخر تحت عنوان : عودة عمال مناجم سكساوة بامنتانوت للاحتجاجhttp://www.almounadila.info/archives/4981

[11] – راجع المرجع المقال اعلاه

[12] – انظر البيان الصادر من الهيئات الديموقراطية والتقديمة بامي نتانوت

زر الذهاب إلى الأعلى