النساءملفات دراسية

قروض صغيرة.. خدعة كبيرة : المطلوب عمل و تشغيل للنساء، لا القروض

قروض صغيرة.. خدعة كبيرة

المطلوب عمل و تشغيل للنساء، لا القروض

 

لوسيل دوما

 الرباط 6 سبتمبر 2013

منذ مطلع العام 2011، تخوض نساء بالخصوص، منظمات في جمعية الرعاية الشعبية للتنمية الاجتماعية ، و اللائي بلغ عددهن اليوم زهاء 4500،  نضالا في ورزازات وكل وادي دادس، جنوب المغرب، ضد مؤسسات القروض الصغرى حول خيانة الأمانة و شروط قروض لا تطاق.

قامت هيئات القروض الصغيرة ، مستغلة الأزمة التي ضربت بوجه خاص القطاع السياحي بتلك المنطقة، بالانغراس  فيها، ووزعت  قروضا على نطاق واسع مستهدفة بوجه خاص النساء. كانت مرتقبا في  الأصل تخصيص تلك القروض لتمويل مشاريع صغيرة و مقاولات صغرى، لكن غالبا ما جرى منحها دون عمليات تحقيق، لأن السماسرة يُدفع لهم حسب عدد الزبائن، و أيضا لأن مؤسسات التمويل الصغير وجمعيات القروض الصغرى تحصل على هبات و أموال دعم (من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ، من الاتحاد الأوربي، ومن مؤسسات، ومن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الخ) حسب عدد زبائنها، في سياق تنافس حاد بين الهيئات.  وعمليا جرى استعمال تلك القروض كقروض استهلاك، (لشراء دراجة نارية، او ضمان الدخول المدرسي للأطفال، شراء ثلاجة …) أو لتعويض خدمات عمومية أصبح مؤدى عنها في زمن النيوليبرالية هذا، وأصبحت خارج متناول أفقر شرائح السكان (لاسيما العلاجات الصحية). وعلاوة على ذلك، ثمة قروض عديدة مخصصة لسداد قروض سابقة.

 والحال أنه إذا كان مصدر المال المقترض هبات و دعما او قروضا بنسب فائدة ضئيلة، فإن نسب الفائدة  الواجبة على “المستفيدين” من تلك القروض نسب باهضة. تتراوح نسب الفائدة تلك بين 14 و 18 % ( بزعم تمويل تكاليف التدبير الكبيرة بسبب صغر مبالغ القروض)، لكن على الصعيد العملي تدفع نساء ورزازات نسبا  قد تصل الى 40%.

فضلا على ذلك لا مجال لإعادة جدولة الديون. ولا يؤخذ بالحسبان أي حدث قد يطرأ في حياة الأشخاص المستدينين. و أسوا من ذلك، جرى إحداث نظام  اقتراض بالتضامن، حيث تكون مجموعة نساء ضامنا لكل من أعضائها، وقد يكون استرداد الدين عنيفا حيث الضغوط والابتزازت والتعديات عملة رائجة.

خلف خطاب الإحسان المتباكي حول محاربة الفقر والهشاشة لدى النساء ، يختفي اذن عنف حاد إزاء الفقراء. تجرى الاستفادة من أميتهم لجعلهم يوقعون عقودا لا يستطيعون قراءتها، وفيما بعد لا رحمة.

 

أي مصلحة للمؤسسات المالية في عمليات القروض الصغيرة؟

 تشتغل مؤسسات التمويل الصغير برأسمال رخيص ُيعاد بيعه بأسعار باهضة لأشد الشرائح فقرا: إنها تجارة كبيرة! تجارة مربحة لدرجة تحول جمعيات القروض الصغيرة إلى مؤسسات تمويل صغير، فيما  تبدى كبريات البنوك اهتماما متزايدا بالقطاع. ليس لدى الفقراء مال كثيرون لكنهم عديدون…

  مؤشرات النشاط 2011

مؤشرات النشاط 2012

عدد الزبائن النشيطين 793 ,633 793,245
مبلغ إجمالي للقروض الجارية بالدرهم 4,552,866,542 4,715,893,022
معدل القرض بالدرهم 5737 5945

 

المصدر: الفيدرالية الوطنية لجمعيات القروض الصغيرة

وتترقب نفس الفيدرالية بلوغ عدد الزبائن 3 مليون في العام 2020، وتعلن نسب فائدة من 15%  الى 24%  حول مبالغ معفية من الضريبة ومصدرها أموال دعم و هبات  وأموال تعاون أجنبي، ويلاحظ أن القروض تسدد إجمالا على نحو جيد. هكذا تبلغ نسبة الاسترداد، بالنسبة لمؤسسة الأمانة، نسبة 99 بالمائة [1].

إنها إذن عملية ممتازة.

تأطير بنكي لقطاعات جديدة

فضلا على هذا، يتيح الأمر تأطيرا بنكيا لقطاعات جديدة من السكان.

” تمثل هذه السوق مخزون نمو بالغ الأهمية  بالنسبة للبنوك وباقي الوسطاء الماليين الذي يتمنون تنويع و تطوير حصصهم من السوق”.

” هذا القسم  من زبائن القطاع الخاص لا يزال منفلتا إلى حد بعيد  من الدورات المالية التقليدية”.

“غالبا ما تكون هذه المقاولات مرغمة على التوجه نحو مصادر  تمويل  لاشكلية (أصدقاء، أسر، تونتيات…)، وحتى نحو التمويل الذاتي غير الملائم.” حسب الوكالة الفرنسية للتنمية [2].

كما تمثل هذه القروض الصغيرة شكلا من “الشبكات الاجتماعية” المنوه بها في اتفاقات الشراكة الأوربية المتوسطية، بوجه التخوف من أن يؤدي إقصاء و إفقار قطاعات عريضة من السكان، نتيجة التبادل الحر، إلى تفاقم ضغط  الهجرة على أبواب  أوربا.

” وقد تكون أيضا، بفعل بنيتها و مرونتها، عنصرا محددا لامتصاص الأزمات الاقتصادية والمالية” (المصدر ذاته)

 

لماذا تمثل النساء هدفا أولا ؟

 

” لقد مضى زمن حيث كان الأب يأتي إلى البيت بالأجرة و يسلمها للأم كي تربي أبناءها. كانت نتيجة التقويم الهيكلي هي البطالة الكثيفة، و إضفاء المرونة على الشغل والتشغيل. بوجه هذه السياسات، وقع الأب في أزمة وخرجت الأم إلى الشارع بحثا من وسيلة عيش، مضفية بذلك وجها آخر على الاقتصاد وعلى المدينة و حتى على بنية الأسرة و دلالتها… إن كامل هذه الطاقة الاجتماعية التي تطورها النساء في نضالهن من أجل البقاء هو الذي يستعمله البنك و نظام التمويل الصغير بواسطة القروض الصغرى.” [3]

 هذا الكلام، لماريا غالاندو، منشطة الجمعية البوليفية Mujeres creando ، يدل على سبل تفكير  مهمة للمغرب. فالنيوليبرالية قد دفعت النساء  بكثافة إلى  الاندماج في سوق العمل، بخاصة في القطاعات الموجة للتصدير (مناطق حرة، نسيج، زراعة مغطاة) باستغلال نقص تقاليدهن في سوق العمل، ونقص المكاسب الخاصة بالحقوق، وأميتهن. إن أزمة الأسرة الموسعة، والأسرة حصرا، المفاقمة ببطالة هيكلية كثيفة، قد حول النساء إلى رئيسات أسر وفاعلات من الدرجة الأولى في النضال من أجل البقاء.

إنها إذن نفس الخصائص التي تستغلها  اليوم  مؤسسات التمويل الصغير، مقترحة في أفضل حال أنشطة مدرة للدخل، هذه الدرجة الصفر في التشغيل، لا عمل و لا تشغيل و لا أجرة باسم تنمية زائفة (ليس على هذا النحو يمكن لبلد أن ينمو)، ومسببة معاناة للنساء. تتحدث نساء ورزازات عما يعانين من ضغط نفسي وقلق ومصادرات و محاكمات.  وتضاف إلى مشاكل الفقر السابقة، التي لم تحلها القروض الصغيرة، الاستدانة و الضغوط من أجل السداد التي تدمر الأسر و تجر النساء إلى الدعارة و الانتحار.

لقد أدركت نساء ورزازات أن القروض الصغيرة ليست أداة محاربة الفقر بل نهبا إضافيا لمداخيل الأسر الفقيرة.  كما فهمن أن الاستدانة ليست مشكلا فرديا، بل مشكلا اجتماعيا وجماعيا يجب أن يجد حلولا اجتماعية و جماعية، بالولوج إلى خدمات عمومية مجانية وجيدة و خلق فرص عمل والحق في العمل و الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية.

لقد أدركن فائدة تنظيم أنفسهن، والنضال سويا  ضد مصاصي الدماء الجدد هؤلاء الذين يتقدمون  مقنعين بخطاب عن الإيثار  و النسوانية . ويطالبن بإلغاء الديون، تلك التي سددنها . لقد مـُثل كل من أمينة مراد و بناصر اسماعيني، الناشطين ضد القروض الصغرى، أمام المحكمة بورزازات، بعد شكاية من خمس مؤسسات قروض صغرى. وقد سحبت أربعة منها شكايتها. لكن المحاكمة الحقيقية هي التي تقيمها النساء الضحايا  لشراهة هيئات القروض الصغرى التي جعلت من الفقر تجارة كبرى.

 الرباط 6 سبتمبر 2013

 إحالات

  1. رغم ضآلة مخاطرة مؤسسات التمويل الصغير، فإنها تحتمي من عدم السداد  بمختلف الطرق، مثل التأمين الصغير الذي يضمن السداد في حالة زمانة أو وفاة، وقروض تضامنية عبر مجموعات، وبنك معطيات مشتركة لتفادي تعدد الاقتراض، واسترداد القروض عبر القضاء .
  2. Cf http://www.entreprendre-mediterrane…
  3. La pobreza, un gran negocio. Análisis crítico sobre oenegés, microfinancieras y banca, La paz, Mujeres creando, 201 ?

زر الذهاب إلى الأعلى