كارثة مدينة آسفي: موتٌ آخر لكادحي ومُفقَري “مغرب المونديال”

بيان

تتقدّم جمعية أطاك المغرب بأحرّ التعازي والمواساة إلى أهالي مدينة آسفي، وإلى عائلات الضحايا الذين لقوا حتفهم في الفاجعة الأليمة التي شهدتها المدينة مساء يوم الأحد 14 دجنبر 2025.

إن غرق أزيد من 21 مواطنة ومواطنًا نتيجة فيضانات تسبّبت فيها ساعات قليلة من الأمطار الغزيرة، يُعدّ دليلًا دامغًا ومؤلمًا على حجم الإهمال والتهميش البنيوي الذي تعانيه هذه المدينة العريقة منذ عقود.

إن هذا البيان الاستنكاري يعبّر عن غضبنا وسخطنا العارم إزاء الوضع الكارثي للبنية التحتية بمدينة آسفي. فبدل الاستثمار في مشاريع حيوية تضمن سلامة السكان وكرامتهم، تواصل الدولة توجيه الموارد العمومية نحو استثمارات استعراضية وبلا جدوى اجتماعية، من قبيل الملاعب العملاقة والقطار فائق السرعة، في حين تُهمل الخدمات الأساسية، وتُفوَّت قطاعات حيوية للخواص، بما يفتح الباب واسعًا أمام الفساد والنهب المنظّم.

والطامة الكبرى أن هذه المشاريع غير المنتِجة تُموَّل بالكامل عبر ديون عمومية ترهن مستقبل البلاد ومصير الأجيال القادمة، وتُعيد إنتاج التبعية والاستعمار بأدوات جديدة، عبر شركات وبنوك عالمية، وبمباركة مباشرة من الطبقات الحاكمة، ورثة الاستعمار، التي تشارك بدورها في عمليات النهب هذه.

إن تجاهل المسؤولين المتعاقبين لنداءات الساكنة المتكرّرة بخصوص تدهور شبكات الصرف الصحي والمرافق العمومية، واتباع سياسة الانتظار إلى أن “تسقط المنازل فوق رؤوس ساكنيها” تمهيدًا لتهجير السكان الأصليين، ليس صدفة ولا عجزًا تقنيًا، بل خيار سياسي متعمَّد قاد اليوم إلى هذه الكارثة الإنسانية.

مدينة آسفي، التي تحتضن صناعات كبرى وحيوية، من قبيل المركّب الكيميائي لتحويل الفوسفاط، ومحطة إنتاج الكهرباء الحرارية، ومصانع الإسمنت والجبس، يدفع سكانها اليوم ثمنًا باهظًا لإهمال مزمن، رغم الثروات الهائلة التي تُنتَج على أرضهم ولا يجنون منها سوى التلوّث والموت.

إننا في جمعية أطاك المغرب نطالب بـ:

  •  فتح تحقيق فوري، جدي وشفاف في أسباب هذه الفاجعة ومحاسبة كل المسؤولين عن الإهمال والفساد والحيلولة  دون إفلاتهم من العقاب.
  • القطع مع التوجه العام المدان للدولة الذي يُقدّم المشاريع الضخمة وغير ذات الأولوية على حساب البنية التحتية الأساسية، وسلامة المواطنين، وحقهم في الحياة.
  •  ونؤكد على وجوب الانخراط في النضال إلى جانب الكادحات والكادحين، وكل المقهورات والمقهورين، من أجل استرجاع حقوق المدينة وثرواتها، وفرض استثمارات عمومية تخدم الصالح العام، وتضمن بيئة آمنة وكريمة لسكان أسفي.

وإذ نُجدّد تضامننا الكامل مع عائلات الضحايا ومع ساكنة آسفي قاطبة، فإننا نؤكّد أن ما وقع ليس قضاءً وقدرًا، بل نتيجة مباشرة لسياسات التهميش والنهب، وأن العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية لن تتحققا دون محاسبة ومقاومة جماعية.

السكرتارية الوطنية 

 الأحد 14 دجنبر 2025

شارك الموضوع
Facebook
WhatsApp
X
LinkedIn
منشورات ذات صلة