Site icon أطاك المغرب

تونس: اتفاقيات التبادل الحر الشامل والمعمق وتدمير البيئة

تونس: تدمير ممنج للبيئة

الفوسفوجيبس المنتج بالبحر

وقعت تونس سنة 1995 اتفاقا للتبادل الحر مع الاتحاد الأوربي. لقد بدأت المفاوضات الأولى بخصوص اتفاقيات التبادل الحر الشامل والمعمق بين الاتحاد الأوربي وتونس سنة 2016. أحيطت هذه المفاوضات بسرية كبيرة وتتميز باللاتكافؤ في العلاقات بين الطرفين (لا تمثل تونس سوى 1% من العلاقات التجارية للاتحاد الأوربي). نقدم في هذه الورقة مختلف المشاكل البيئية التي تعيشها تونس والتي تتعاظم مع مرور الوقت. وتعمق الاتفاقيات مع الاتحاد الأوربي وكذلك النموذج الليبرالي الذي تبنته سلطات البلاد هذه المشاكل. وبعيدا من تخفيفها فإنها تزيد في تعقيدها.

دون ادعاء الإحاطة الشاملة بالموضوع، نستطيع تلخيص المشاكل البيئية الأكثر حدة بتونس في العناصر التالية:

نكتفي بهذه النقط فقط، ونلاحظ ان الفاعلين الاقتصاديين الخواص والعموميين لا يبحثون عن إيجاد حلول للمشاكل التي تمت اثارتها.

 كما تمت الإشارة أعلاه، فالاتفاقيات مع الاتحاد الأوربي بعيدة عن البحث على حلول للمشاكل البيئية التي تعرفها تونس. و بالفعل فقد تم تخصيص مادة واحدة للبيئة ( المادة 48) في اتفاق 1995 و التي تعلن بمفردات عامة :” ايقاف تدهور البيئة و تحسين نوعيتها ، حماية صحة الاشخاص و الاستعمال العقلاني للموارد الطبيعية من اجل ضمان نمو مستدام”. لم يتم انجاز حصيلة هذا الاتفاق لكن من الواضح انه لم يساهم في تحسين الوضع البيئي بالبلاد بل بالعكس قد زاد من تدهوره في عدة حالات.

فيما يخص المفاوضات حول اتفاقيات التبادل الحر الشامل والمعمق، ترتبط التباينات الأساسية بين الاتحاد الأوربي وتونس بالفلاحة التي لا تستطيع السلطات التونسية تحريرها ولكن ترتبط أيضا برفض الاتحاد الأوربي تخفيض القيود بخصوص التنقل الحر للتونسيين.

حديثا، صنف الاتحاد الأوربي تونس كجنة ضريبية لإجبارها على توقيع هذه الاتفاقيات ! الآن، يعتبر الاتحاد الأوربي تونس جنة ضريبية بينما كان يعتبرها جنة للحريات في عهد الديكتاتورية… من الواضح ان سياسة الاتحاد الأوربي تسعى الى فتح المزيد من الأسواق للأوربيين دون الاهتمام، تماما، بمصالح شركائهم وتقليص دور الدول الى دركي لحماية حدودهم. وبما ان تونس الحالية لا تستطيع لعب هذا الدور كما فعلت في عهد نظام بن على، فقد أصبحت جنة ضريبية يجب معاقبتها.

لقد اثارت الاستشارات القليلة مع المجتمع المدني الخطر الحقيقي على الاقتصاد التونسي: الصحة، الصفقات العمومية والفلاحة. وبالفعل، فاتفاقيات التباد الحر المعمق والشامل تطيل من براءة اختراع الادوية الجنيسة بالنسبة لفيروس ضعف المناعة البشرية(VIH)، التهاب الكبد او السرطان مثلا و التي قد لا تعد متوفرة بالبلد كما هو الحال بالنسبة للمغرب.

فيما يتعلق بالفلاحة، يسهل التحرير في دخول مواد فلاحية اوربية الى السوق التونسية دون مقابل، وهذا ما يؤدي الى تدمير الفلاحة التونسية.

بخصوص الصفقات العمومية، تسمح اتفاقيات التبادل الحر الشامل والمعمق بالدخول الحر للشركات الأجنبية وينتج عن ذلك إيقاف أنشطة الشركات المحلية بسبب ضعف منافستها للشركات الاوربية.

خلاصة

ان اتفاقيات التبادل الحر (وضمنها اتفاقيات التبادل الحر الشامل والمعمق) بدلا من تقليص المشاكل المرتبطة بالبيئة، فإنها لم تعمل سوى على تعميقها. على العكس من ادعاءات الاتحاد الأوربي، لم يعمل سوى على خلق متاعب جديدة للاقتصاد التونسي وأجبر الحكومة على اتباع نموذج تنموي كان مصدرا للإخفاقات الماضية ولانتفاضة التونسيين سنة 2011.

على الرغم من معارضة المجتمع المدني، تواصل اوربا تجاهل حاجيات ومطالب التونسيين.

بقلم:محسن كلبوسي

مناضل تونسي

ترجمة: العربي حفيظي

الرابط الاصلي للمقال

 

 

 

 

Exit mobile version