أنشطة الجمعية

انعكاسات جائحة كوفيد-19 على حقوق الإنسان بالمغرب(الحقوق الشغلية أساسا)و بدائل مقترحة

مداخلة عضو أطاك المغرب : محمد العثماني  في ندوة من تنظيم فرع الجمعية المغربية لحقوق الانسان بإقليم زاكورة .

عنوان المداخلة:

“انعكاسات جائحة كوفيد-19 على حقوق الإنسان بالمغرب(الحقوق الشغلية أساسا)و بدائل مقترحة.”

المحور الأول : انعكاسات جائحة (كوفيد 19) على حقوق الإنسان بالمغرب

  (الحقوق الشغلية أساسا).

   *  تقديم:

       انتشار جائحة( كوفيد 19)- كورونا –عالميا وما ترتب عنها من أزمة صحية واجتماعية واقتصادية. هي كارثة من كوارث النظام الرأسمالي، تعمقت بفعل الوباء. إنها نتاج نظام اقتصادي واجتماعي.

 نظام يقدس الربح، ولو على حساب صحة وحياة البشر، وتسبب بحربين عالميتين وحروب معممة بكل أرجاء الكوكب باستعمال أسلحة محرمة دوليا، ويحكم على ملايير البشر بالعيش في البؤس والفقر والحرمان. إنه نظام حيث السلطة والثروة بيد أقلية.

كنا فيما مضى نقول إن هذا النظام يهدد البشرية بالهمجية والفوضى، وبتنا اليوم نقول إنه يهدد البشرية بالفناء، ولا بديل غير التخلص من النظام الرأسمالي. إنه أصل كل الشرور. يجب إلغاء المنطق الذي يجعل أقلية مالكة تتحكم في الاقتصاد. يجب بناء مجتمع تخصص موارد البلد فيه لتلبية حاجات البشر من تعليم وصحة وتغذية وشغل وحماية اجتماعيه…

 النظام الرأسمالي لا يعرف الرحمة. يسبب الكوارث والأوبئة من جهة، ويستعملها للمزيد من الهجوم ومراكمة الربح، من جهة اخرى. هكذا يجري تدبير الأزمة الجارية على حساب من هم أسفل الهرم الاجتماعي، العمال والفئات الفقيرة، عبر العديد من التعديات، نذكر منها:

1-   فبدل أن يعمل أرباب العمل على دفع أجور العمال كتعويض عن الارباح الطائلة التي راكموها خلال عقود من الاستغلال المفرط، لجأت دولة الرأسمال الى استنزاف صندوق الضمان الاجتماعي وفرض الاقتطاعات الإجبارية مما سيعمق أزمة صندوق الحماية الاجتماعية ليجري التمهيد مباشرة لإصلاحات مدمرة لذاك الصندوق، واعادة نفس سيناريو الصندوق المغربي للتقاعد. ناهيك عن أن العمال المصرح بهم لدى الصندوق سيتقاضون أجور البؤس، السؤال الملح ،ماذا عن العمال غير المصرح بهم؟

بناء على التقرير السنوي للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لسنة 2018، تملصت البورجوازية من التصريح المنتظم بما يناهز ثلاث أرباع المسجلين بالضمان الاجتماعي، ولم تتجاوز نسبة المصرح بهم بانتظام طيلة السنة سوى 25 % . ما يعني أن 75 % من العمال غير المصرح بهم [ والذين يلاقون في نفس الوقت تعقيدات تخص الراميد] سيتضورون جوعا.

2-  عرت الجائحة واقع الشغل بالمغرب وجعلت من  طبقة الأجراء، من رسميين ومتعاقد معهم ومؤقتين ومياومين أكبر ضحية بسبب الهشاشة وانعدام شروط الصحة والسلامة بأماكن العمل. إن شروط الصحة والسلامة شبه منعدمة سلفا بأماكن العمل. فحسب تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، تقدر نسبة حوادث الشغل سنويا ب42 ألف حادثة 3000 منها مهنية، سنويا.

3- الدولة المغربية كدولة بورجوازية لا جواب لها ازاء المسألة الاجتماعية، في ظل كورونا المستجد أو قبلها أو ما يخطط له لما بعد، سوى المزيد من الاستغلال والقمع. هكذا يجري إعداد مشاريع قوانين لتكريس واقع الاستغلال وقمع الحريات. بالإضافة إلى مخططات التعاقد ومشاريع المخططات المكبلة لحق الاضراب والحق النقابي، يجري اعداد مشروع قانون 20/22 لقمع حرية التعبير واطلاق العنان لحرية الرأسمال.

4-  نسبة كبيرة من شغيلة المغرب يكسبون قوتهم بعمل اليوم الذي يشتغلون فيه، انهم المياومون والباعة المتجولون، عمال مسرحون من العمل، عمال وعاملات المقاهي والفنادق، أصحاب الحرف، عمال وعاملات النظافة…فئات تشتغل بالأسواق الأسبوعية. أصبحت هذه الشغيلة محرومة من مصادر أرزاقها، وفتات الدعم المالي الذي لم يحصل عليه الكثير من المقهورين والمقهورات  لحد الساعة، ذلك الفتات الذي لن يمكنهم حتى من أداء سومة الكراء…اليكم أن تتصوروا المأساة.

5-  شغيلة الوظيفة العمومية والمفروض عليهم التعاقد لم يسلموا من سياسة أداء فاتورة الجائحة.

   الدولة الرأسمالية لا ترحم. إنها تواصل نفس السياسات. لم تتراجع عن مخطط التعاقد ومصرة على تعميمه بالقطاعات الحيوية من صحة وجماعات محلية.. رغم أن أهم خلاصة تفرض إجماعا وطنيا هي ملحاحية إلغاء الخصخصة والتعاقد بالتعليم والصحة. لكن الدولة استمرت في الاقتطاعات، سواء تعلق الأمر بالإضراب أو بالاقتطاع الإجباري، وأجلت الترقيات والتوظيفات. هكذا كادت الدولة البرجوازية أن تقتطع من أجور أطر الصحة، أبطال وبطلات الواجهة لحماية أرواح الجميع، لو لم تجبرها احتجاجات الشغيلة الصحية على التراجع في آخر لحظة. لكن الاقتطاعات من أجور أطر التعليم [من ينفق من جيبه ليمول التعليم عن بعد…] طبقت اسوة بباقي القطاعات..

    هذه التعديات هي جزء فقط من ركام هائل من الدمار الذي ينبئ ببركان اجتماعي ،خصوصا بالنظر لمواصلة اعتماد نفس السياسات الاقتصادية والاجتماعية الليبرالية.

المحور الثاني : بدائل مقترحة:

   يجب أن تصطف قوى النضال بالبلد إلى جانب ضحايا النظام الرأسمالي المسبب للجائحة والكارثة الاجتماعية برمتها. لن ننتظر الحل أو الانقاذ ممن دمروا البيئة والإنسان. لن ننتظر الخلاص ممن باع التعليم والصحة لسماسرة القطاع الخاص. لن يكون الحل على أيدي من يرهن اقتصاد البلد للمؤسسات المالية الإمبريالية.

   لا بديل عن النضال من أجل ،مغرب ديمقراطي يقطع مع المديونية المكرسة لهيمنة الرأسمال على مناحي الحياة، مغرب تخضع فيه الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والمالية لمراقبة المنتجين، وتتحمل فيه الشغيلة وفئات الشعب مسؤولية تدبير شؤون المجتمع في إطار تشاركي وديمقراطي..

لا بديل عن النضال من أجل :

  • سياسة اجتماعيه يتحمل كلفتها أرباب العمل من خلال ضرائب تصاعدية على الثروة والأرباح، واسترجاع أموال التهرب الضريبي التي وصلت إلى 2.45 مليار دولار سنويا. هذا من جهة. ومن جهة ثانية يجب أن يتحمل الرأسمال العالمي الكلفة من خلال توقيف سداد الدين العمومي واسترجاع الدين غير الشرعي. لقد أصبحت الثروة واصحابها ضد حياة الشعوب. فبناء على تقرير اوكسفام لسنة 2019 يملك 2153مليارديرا مقدار ما يملكه 5ملايير فرد. و ثروة أغنى 3مليارديرات سنة  2018 هي نحو 4 ملايير من الدولارات…في حين وصل معدل البطالة بالمغرب 42 بالمئة، ونسبة الفقر أكثر من 24 بالمئة.
  • فرض إنشاء صندوق للتعويض عن البطالة و التوقف المؤقت للعمل بتمويل من الضريبة على الارباح.
  • إجبار الدولة على خدمة عمومية مجانية خاصة بقطاعي الصحة والتعليم واعطاء الأولوية للتشغيل بتخفيض ساعات العمل وخلق استثمارات منتجة وإلغاء كل أشكال التشغيل بالتعاقد والمناولة.
  • رفض منطق الإعانات، لأنه تحصيل حاصل لسياسة الخصخصة وتفكيك الخدمات الاجتماعية من تعليم وصحة وحماية اجتماعية …إنها الأسباب التي حولت ملايين البشر إلى معوزين.
  • وقف سداد مختلف قروض المنتجين الصغار من مقاولات ذاتية صغيرة وحرفيين وفلاحين كادحين. وعوض قروض بفوائد تنمي أرباح الرأسمال المالي، وجب إرساء اقتراض عمومي بدون فائدة.
  • إجبار الوحدات الانتاجية غير الضرورية لاستمرار الحياة على الاغلاق مع ضمان الحقوق الشغلية وعدم توقيف الأجور، و فرض شروط الصحة والسلامة بالوحدات الانتاجية الحيوية والضرورية.
  • الالتزام بضرورة اجراء فحوصات طبية مكثفة بأماكن العمل وتوفير وسائل تضمن مسافة الامان.

     إن الحديث اليوم عن رفع الحجر، رغم انتشار بؤر وبائية عمالية ومنزلية، ورغم تحذيرات الأطباء، يعني السعي إلى الكارثة  التي ستصيب من هم في الواجهة؛ الأجراء والكادحون أساسا. أما الحريصون على الأرباح فهم لا يختلطون أصلا بأماكن العمل، وشروط سكناهم وتنقلهم تضمن لهم عدم الاختلاط مع أحد. كما أن مستشفياتهم الخاصة مقفلة بوجه من لا دخل مالي لهم. ما وقع بالشركة الصناعية بعين السبع، ومصنع النسيج وشركة الخياطة بطنجة وكارفور بفاس ومعمل التصبير بأسفي ومناطق وقطاعات صناعية وتجارية متعددة، سيجري تعميمه في حالة رفع الحجر في ظل ظروف العمل الحالية.

 المحور الثالث: بعض مطالب ساكنة زاكورة في سياق الجائحة:

يتسم الاقليم بالطابع الهش للأوضاع الاجتماعية، رغم توفره وَالجهةَ على ثروة منجمية وفلاحية وسياحية هائلة ،لكن غياب سياسة مستقلة عن وزارة الداخلية  وعن توجهات الدولة، يدفع جل المجالس المحلية والإقليمية  والجهوية لتجعل من الدعم المالي المشروط بالتصريح ب 780 يوما لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي،  موازاة مع التعقيدات الإدارية المتعلقة براميد، أي من ذلك الفتات، درا للرماد في العيون، وأعداد المحرومين منه هائلة لحد الساعة. لذا يلزم قوى النضال بالإقليم المطالبة والضغط من أجل:

  • صندوق التعويض عن البطالة والوقف المؤقت للعمل وتعويض الوحدات الانتاجية الصغرى والحرفيين والفلاحين الصغار، المتضررين جراء تدمير الفلاحة المعيشية وتوقف الأسواق الأسبوعية واستنزاف المياه الجوفية من قبل أصحاب الضيعات الكبرى لإنتاج البطيخ الأحمر والأصفر، وتلويث المياه من قبل الشركات المنجمية وتوجيه مياه السد باتجاه مشروع “نور” الرأسمالي الكبير للطاقة الشمسية.
  • السكان الذين يعيشون حالة رعب وهلع في غياب نظام صحي يزرع الطمأنينة في أجواء انتشار الوباء وازاء الاستشفاء من الأمراض المزمنة والمؤقتة وحالات الولادة. ولذلك يرفع السكان ومعهم الاطارات المناضلة مطالبها في المجال الصحي باستمرار و منذ عقود من أجل:

–        إقامة مستشفى جامعي دائم ومجهز وبأطر طبية كافية.

–        احداث قسم الإنعاش بالمستشفى اليتيم بالإقليم.

    – احداث مستشفيات القرب مجهزة بقسم المستعجلات والتخصصات بكافة المراكز الصحية بمناطق الإقليم.

* وبقطاع التعليم، يطالب السكان بإحداث مركز جامعي يستوفي كافة التخصصات التعليمية، ويكون في مستوى تطلعات أبناء الاقليم. و بخصوص التعليم عن بعد، و بناء على تجربة تطوعية واستثناء تمت استجابة لنداءات التلاميذ وأسرهم، أخلص القول بأنه إذا كان التعليم بالمغرب تعليما طبقيا، فإن التعليم عن بعد تعليم طبقي وإقصائي بامتياز. والوزارة التي تسعى إلى مأسسة “التعليم عن بعد” فإنها تسعى بذلك إلى دفن المدرسة العمومية، وسوف يجري تطوير هذا النموذج من التعليم لاستعماله كأداة خطيرة لقمع نضالات شغيلة التعليم، وتحويل ما تبقى من المدارس العمومية إلى سوق مربحة للخواص يمولها أبناء الشعب المغربي، التلاميذ والأساتذة.

خاتمة:

    إن وباء كورونا المستجد اليوم، يفرض على حركات النضال إعادة الاعتبار لضرورة التضامن وتنسيق الجهود النضالية بين القوى المكافحة، وبين عمال وفقراء الشعوب لمواجهة الوباء الرأسمالي أصل كل الحروب و الأوبئة والفقر و البطالة والدمار البيئي والصحي الذي يهدد الحياة و الكوكب كليهما بالفناء.

 

زر الذهاب إلى الأعلى