أنشطة الجمعية

اللقاء التكويني حول السيادة الغذائية

اللقاء التكويني حول السيادة الغذائية
المنعقد بأكادير يوم 27 ماي 2018

 

يندرج هذا اليوم التكويني حول مفهوم السيادة الغذائية في إطار الجهود التي تبدلها كل من النقابة الوطنية للصيد الساحلي و جمعية أطاك المغرب و الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي إ م ش و فلاحي و شباب منطقة التامري لشرح و تعميم هذا المفهوم الذي يشكل بديلا عن الفلاحة و الصيد البحري الصناعيان و التجاريان، و اللذان يوجهان المنتجات الفلاحية و البحرية نحو التصدير، و يضربان حق الشعوب في إعطاء الأولية لإشباع الحاجيات الغذائية الأساسية، و يجهزان على حق الفلاحين و الصيادين والصيادات و البحارة في الولوج إلى حقهم في الأرض و الماء و الصيد. كما ينجم عن النموذج الإنتاجي التصديري الذي يخدم مصالح كبار المستثمرين تدمير للبيئة باستنزاف الموارد المائية ومصايد الأسماك وتلويت الطبيعة بالمبيدات السامة، مما يساهم في تغير المناخ.
و بما أن إحدى أوليات شبكة شمال إفريقيا للسيادة الغذائية التي تأسست بتونس في 5 يونيو 2017 هي خوض حملة واسعة النطاق لشرح و توضيح مفهوم السيادة الغذائية للمزارعين و للعاملات و العمال الزراعيين و الصيادين و البحارة و المستهلكين، فقد أقيمت بعض الندوات كالندوة المغاربية حول “اتفاقيات التبادل الحر و الحق في السيادة الغذائية” و التي نظمت بأكادير أيام 15، 16 و 17 دجنبر 2017 تحث شعار ” لنوقف الاتفاقيات الاستعمارية، دفاعا عن الحق السيادي للشعوب على نظامها الزراعي والغذائي والبيئي”، بمشاركة مناضلات و مناضلين من مصر و تونس و الجزائر و المغرب.
و لمواصلة جهد التعبئة و التعريف الواسع بمفهوم السيادة الغذائية و طرح القضايا المرتبطة بالإنتاج الفلاحي المعاشي و تلك المتعلقة بالصيد البحري للصيادين و البحارة، نظمت الهيئات المنتمية لشبكة شمال إفريقيا للسيادة الغذائية على الصعيد المحلي (الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي والنقابة الوطنية للعمال الزراعيين والنقابة الوطنية للصيد الساحلي والصيد بأعالي البحار وجمعية أطاك المغرب) يوما تكوينيا حول مفهوم السيادة الغذائية بأكادير يوم الأحد 27 ماي 2018، و ذلك بمقر مجموعة إنزكان لأطاك المغرب.
و قد أقيمت ورشتان، تناولت الأولى النشاط الزراعي للفلاحين الصغار و نظام السلسلة الغذائية الصناعية من تأطير عمر أزيكي، عضو جمعية أطاك المغرب والجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي، و تطرقت الورشة الثانية للقضايا المرتبطة للصيد الصناعي و سياسة تنمية و تثمين المنتوجات البحرية المعروفة بمخطط أليوتيس و عواقبها على البحارة و مخزونات الثروة السمكية من تأطير ابراهيم موناصير عضو النقابة الوطنية للصيد الساحلي والصيد بأعالي البحار. وفيما يلي العناصر الأساسية لهذين العرضين:

الورشة الأولى: أنشطة المزارعين الصغار ونظام السلسلة الغذائية الصناعية

استهل العرض الأول النقاش بطرح التساؤل حول من يوفر الغذاء لسكان العالم اليوم؟ هل الفلاحة الصناعية والغذائية لكبار الفلاحين والشركات متعددة الجنسية؟ أم المزارعين الصغار ذوي القطع الأرضية الصغيرة والإنتاج الموجه لتلبية الحاجات الغذائية الأساسية؟
و كان الجواب، عكس ما هو معتقد، أن الفلاحة المعاشية هي التي تغذي سكان العالم.
فما هي مميزات هذين النظامين؟
فنظام أو شبكة المزارعين الغذائية (الذي نعني به المنتجون الصغار الذين ينتجون أساسا مواد غذائية لأنفسهم وقبائلهم سواء مزارعين قرويين أو حضريين أو شبه حضريين، أو بحارة صيادين في الماء الحلو أو المالح، أو رعاة أو صيادين في الغابة، أو يجنون ثمار الغابة) يوفر 70 ٪ من جميع المواد الغذائية المنتجة والمستهلكة (ذات جودة ومحترمة للطبيعة) باستخدام 30 ٪ فقط من الموارد الزراعية العالمية. كما أنه لا يستهلك سوى 30 في المائة من الماء و 20 في المائة من المحروقات الأحفورية. فهو يضمن التنوع البيئي، وينتج مواد غذائية غير معدة للتصدير والتي تشكل 85 في المائة من المواد المنتجة والمستهلكة. إنه النظام الذي يوفر الغذاء فعلا لحوالي 2 مليار يعانون من الجوع أو سوء تغذية. أما النظام أو السلسلة الغذائية الصناعية (الذي يتشكل من الشركات متعددة الجنسيات الغذائية الصناعية والضيعات الحديثة الكبرى والمعامل الصناعية وتربية الماشية الصناعية، وهو في الغالب صناعيون لا علاقة لهم بالأرض) فهو يستخدم 70٪ من الموارد الزراعية العالمية (الأراضي الصالحة للزارعة) لإنتاج فقط 30 ٪ من جميع المواد الغذائية المستهلكة على الأرض والتي نحتاجها فعلا من زراعات وسمك، إلخ. ويستهلك 70 في المائة من الماء و80 في المائة من المحروقات الأحفورية، ويسبب في اتلاف ملايين الهكتارات من الغابات. كما أنه يستحوذ على المبادلات الغذائية الدولية وسوق الغذاء على حساب 3,4 مليار يعانون من الجوع أو سوء تغذية.
إن ضمان مستقبلنا الغذائي كما ونوعا يستدعي القطيعة مع النظام الغذائي الصناعي، الذي لا يهمه سوى الربح من خلال الاستحواذ على الأراضي ، وإنتاج زراعات الوقود الحيوي، وضمان احتكار براءات الاختراع للمقاولات الكبرى حيث أن 3 مقاولات تتحكم في 50 في المائة من البذور التجارية، و10 مقاولات تتحكم في 95 في المائة من سوق المبيدات. ويرتبط بسن سياسات فلاحية عمومية ترتكز على السيادة الغذائية من خلال تمكين شبكة المزارعين والمزارعات الغذائية من الحق في الأرض، والوصول الى الماء، وتشجيع الأسواق المحلية، وضمان حقوق انتاج البذور والأصناف الحيوانية وتبادلها وتخزينها، وتوجيه التعليم والبحث الفلاحي نحو الزراعة الايكولوجية لصالح المزارعين والمزراعات الصغار.

الورشة الثانية: عرض مضمون و عواقب سياسة تنمية و تثمين المنتوجات البحرية المعروفة بأليوتيس

هناك أوجه تشابه كبيرة بين مخططات الدولة في القطاع الفلاحي (مخطط المغرب الأخضر) وفي قطاع الصيد البحري (مخطط أليوتس)، حيث أن ما يجمع بينهما هو التوجه نحو احتكار كبار المستثمرين لملكية الأراضي الصالحة للزراعة و حقوق الصيد من أجل توجيه المنتجات الغذائية نحو التصدير، مما يضر بحقوق المزارعين-ات و الصيادين الصغار و يستنزف مصادر غذاء الشعب. و هذا بالضبط ما وقع للبحارة و الصيادين بكل من البحر الأبيض المتوسط و المحيط الأطلسي.
فقد أدت عقود من الصيد الصناعي بأعالي البحار و سياسة توجيه الكميات السمكية المفرغة نحو التصدير و نحو المعالجة بمعامل تحويل السمك إلى إنهاك أغلبية المصايد، حيث أن ثلاثة مصايد من أصل أربعة تشهد إفراطا في الصيد يهدد تجدد المخزونات السمكية. وقد أدى هذا الوضع إلى تراجع الصيد ودخل الصيادين والبحارة بالأبيض المتوسط وانهيار صيد وصناعة السردين بأسفي وتراجع نشاط الصيد بالعديد من الموانئ كميناء أكادير وطانطان على الساحل الأطلسي. أما منطقة الصيد الجنوبية (تسمى بمنطقة ج) التي لازالت تشكل المنطقة الوحيدة ذات مخزونات كبيرة، لاسيما من الأسماك السطحية الصغيرة (السردين، لانشوبا، الشينشار…)، فتعاني حاليا من الصيد الصناعي المفرط الذي سيؤدي، كما جرى بمناطق الصيد الثلاثة الأخرى، إلى استنزاف سريع للمصايد. فقد سبق أن أدى الصيد الصناعي لبواخر أعالي البحار العائدة لشركات صيد كبيرة مغربية و أوربية إلى انهيار تام لمصايد الرخويات، لاسيما مصيد الأخطبوط، حيث اضطرت هذه البواخر إلى التوقف الاضطراري عن الصيد و تغيير نشاطها نحو مصايد أخرى.
وقد أتى برنامج أليوتيس لتدعيم هذه السياسات التي تخدم كبار المستثمرين بقطاعي الصيد وصناعة المنتجات البحرية، وهو يعمل على رفع وثيرة الصيد بشكل أسرع وتركيزا لحقوق الصيد وللثروات البحرية بين يدي كبار المستثمرين (على منوال المخطط الأخضر بالقطاع الفلاحي). وسيتم ذلك من خلال أحد محاور هذا البرنامج “سياسة تدبير مصايد السماك” التي سينجم عنها تغييرا في توزيع حصص الصيد بين الصيادين المهنيين للصيد الساحلي (البواخر الصغيرة والقوارب) والمستثمرين ذوي الرساميل الكبيرة، حيث سيشكل هذا البرنامج فرصة لاستحواذ هؤلاء على الحصص الأكبر للصيد البحري.
من جهة أخرى لن تفضي هذه السياسة إلى رفع الاستهلاك الداخلي من الثروات السمكية، فرغم أن المغرب يعد في مقدمة البلدان المصدرة للسمك، إلا أن متوسط الاستهلاك الفردي السنوي لا يتجاوز 12 كلغ، وهو بعيد عن بلوغ متوسط الاستهلاك العالمي البالغ حاليا أكثر من 20 كلغ.
إن سياسة أليوتيس مضرة إذن بمصالح الصيادين و البحارة و مستنزفة للثروات البحرية و موجهة لها نحو التصنيع و التصدير عوض أن تكون موجهة لتلبية الحاجات الغذائية للسكان.
خلاصات اليوم التكويني

و قد أفضى النقاش المفتوح خلال الورشتان إلى الخلاصات التالية:

  • لازالت هناك حاجة لتعميق فهمنا الجماعي لمفهوم السادة الغذائية بمزيد من التكوين حتى نستوعب جيدا مهامنا اتجاه القضايا التي يطرحها.
  • ينبغي علينا كهيئات أن نعمل على التعريف بهذا المفهوم في أوساط الفلاحين والبحارة والعاملات والعمال الزراعيين.
  • يستعدي نشر هذا المفهوم والدفاع عنه التواصل مع كل المتضررين والمتضررات من هجوم برامج السياسات الفلاحية والبحرية.
  • هناك قضايا مرتبطة بمفهوم السيادة الغذائية مطروحة حاليا على الصعيد المحلي ينبغي إيلائها الأولوية، وهي مخطط الدولة لما سمته مشروع الأركان الفلاحي، أي تصنيع سلسلة الأركان انتاجا وتسويقا لصالح كبار الرأسماليين والمضاربين، مما سيحرم المزارعين-المزارعات الصغار والسكان في أكثر من 8 أقاليم (من الصويرة حتى افني) من منتوج الأركان الذي ورثوه منذ قرون عن أجدادهم الذي وفق نفس سيرورة الاستحواذ التي شهدتها منتجات فلاحية أخرى بالمنطقة (الخضروات وأشجار الفاكهة، إلخ). ويستدعي هذا الأمر الانخراط في معارضة هذا المسار من خلال توسيع عملية التوقيع على العرائض والاتصال بالجمعيات بالمنطقة وتنظيم اللقاءات معها، والتفكير في أشكال احتجاجية جهوية.
  • بدل مجهود لتبسيط وإنتاج الأدب المرتبط بالسيادة الغذائية وبالقضايا المحلية في كراسات ومناشير وتقارير وندوات، وغيرها.
  • منح أولوية قصوى للنساء التي تعدن الضحايا الرئيسية لهذه السياسات التي تدمر مصدر عيش أسرهن، والتي تعشن أوضاع الفقر وغياب الخدمات الضرورية في مناطق سكنهن.
    – إيلاء أهمية لمسألة التوثيق والبحث في القضايا المرتبطة بالسيادة الغذائية.
    وفي الختام أجمع المشاركون والمشاركات على مواصلة هذه اللقاءات المشتركة في إطار الدفاع عن مفهوم السيادة الغذائية، وذلك من أجل ترجمة هذه الخلاصات إلى عمل مشترك وتدخل جماعي.

الرابط الأصلي للمقال

 

زر الذهاب إلى الأعلى