المخططات الليبراليةملفات دراسية

أوقفوا كل شي…البنك الدولي يخاطبكم

أوقفوا كل شي…البنك الدولي يخاطبكم

تعيش النخبة الاقتصادية المغربية حالة ذهنية هذه الأيام. السبب: المذكرة التي طرحها البنك الدولي للحكومة الجديدة: “المغرب في أفق 2040: الرأسمال الغير مادي ومسارات الاقلاع الاقتصادي “. هؤلاء الممثلون للطبقات الحاكمة من رأسماليين، سياسيين، وزراء وخبرائهم من اقتصاديين واعلاميين لا ينطقوا بجملة الا وتتضمن “مذكرة البنك الدولي”. من خلال منابرهم الاعلامية وندواتهم، يريدون  ايهامنا أننا هذا التقرير القديم-الجديد “تاريخي”، “صادم” و”خطير”. وبالأحرى فمضمونه يجتر –عموما- التشخيص الخاص للبنك منذ 20 سنة والحلول التي يقترحها على الاقل منذ ثلاث عقود. هذا التقرير والتغطية الاعلامية والردود السياسية التي اعقبته، تدفعنا كمناهضين للعولمة بالمغرب، لتقديم  ثلاث ملاحظات الأولية.

عملية تواصلية لا أقل ولا أكثر:

اصدرت يومية ليكونمست في عددها ليوم21 أبريل تلخيص لمذكرة البنك الدولي. ما سمته هذه اليومية الاقتصادية بانفراد صحفي، لا يعدو أن يكون بداية حملة تواصلية للبنك الدولي حول وثيقة لعبت فيه هذه الجريدة الناطقة بالباطرونا دور مكلفة بالعلاقات العامة من أجل توهيم الرأي العام وخاصة قراءها من النخبة الاقتصادية البيضاوية-الرباطية وهو مما أكده دور الشريك الاعلامي  لمجموعة “ايكو ميديا” التي تنمي له ليكنومست خلال الندوة الرسمية لتقديم التقرير ل15 ماي الأخير. قد يرد القائل، كل هذه تفاصيل لا تهم. لكن لفهم حقيقة هذا التقرير ودوره في خلق رأي عام موافق على “حلول-مشاكل” البنك الدولي، يجب فهم قليلا هذه العملية التواصلية.

فتاوى البنك الجديدة-القديمة

أحد أكبر أمراض الدول المستدبة هو “داء فقدان الذاكرة”

L’amnésie

البنك ومعه النخبة الليبرالية الحاكمة في المغرب يريدون أن يعيدوا التاريخ بنفس الطريقة. أمام الفشل الاقتصادي  والاجتماعي الذريع للحلول والسياسيات العمومية المطبقة من طرف الحاكمين منذ الاستقلال، البنك يريد تقديم نفسه – مرة أخرى – على المستشار المنتقد “للأمير” من أجل “الاصلاح”. في 1964، قدم البنك الدولي أنداك أولى مذاكرته المشؤومة موصيا المغرب بالتوجه للفلاحة التصديرية من خلال نموذج اقتصادي ليبرالي. ثلاث عقود بعد ذلك مر المغرب من أزمات اقتصادية وتقويم هيكلي لا يطاق اجتماعيا من أجل تسديد ديون أغلبها كريه[1]. في 1995، وجه الحسن الثاني خطاب للبرلمان محذرا أن “المغرب يوجد على حافة “السكتة القلبية” اقتصاديا. تشخيص بني أساسا على تقرير للبنك الدولي. ومنذ ذلك الحين والمغرب والمغاربة يرزحون تحت وطئ وصفة “الخوصصة-اللبرلة-التقشف”. النقابات أقبرت أي نضال ومواجهة مع الرأسمال واكتفت بحوار اجتماعي دفاعي. وبعد كل هذه التضحيات من الشعب المغربي يأتي البنك الدولي والحاكمون يلقنون الدروس للمغاربة حول التعليم، الخدمات العمومية، النموذج الاقتصادي، التصدير، الخ…

 انه لقمة احتقار هذا الشعب وذكائنا الجماعي، ما يقال ويروج له اليوم من أكاذيب. من أفتى الحكومات السابقة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي؟ من مول مشاريع لا توفر منفعة اجتماعية للمواطنين؟ من كان مستشار الحاكم في العديد من المواضيع حتى أن أحد المفاهيم أصبح حلا سحريا: الرأسمال الغير المادي؟ احتراما لأنفسكم، غيروا فقط اسم المستشار-المؤسسة، غيروا فقط الاخراج، غيروا التسويق…

 صمت غريب “المجتمع المدني” و “النقابات”

بينما الحاكمون يتحدثون عن التقرير، نلاحظ صمتا مريبا عند “المجتمع المدني” والنقابات”. لا بيان ولا تقرير ولا تحليل. سكوت يحيل أولا على الفراغ الفكري الذي تعيشه الجمعيات والمجتمع ولكن أيضا  صمت يؤكد على أن العديد من هؤلاء الجمعيات و النقابات تتماهى مع حلول البنك الدولي.  في انتظار قراءات نقدية لتقرير يريد الحاكمون أن يرسموا به صورة السياسات ل30 سنة المقبلة. وهي مهمة عاجلة.

صلاح الدين المعيزي، كاتب عام جمعية أطاك 

[1]حسب احصائيات الشبكة من أجل الغاء الديون الغير الشرعية، يبلغ الدين العمومي الخارجي الكريه لنظام الحسن الثاني (61-99) 19 مليار دولار من أصل 25 مليار هي مجموع المديونية الخارجية لفترة حكم الحسن الثاني (ص.41 من أرقام الديون).

http://www.cadtm.org/IMG/pdf/version01-FR.pdf

زر الذهاب إلى الأعلى