أنشطة الجمعيةبيانات وتقارير

الجامعة الربيعية 19: محطة أخرى في مسار التثقيف الشعبي

تقرير أيام الأبواب المفتوحة والجامعة الربيعية التاسعة عشر لجمعية أطاك المغرب

الرباط،21-27 أبريل 2025

تخليدًا للذكرى الخامسة والعشرين لتأسيسها، نظمت جمعية أطاك المغرب أيام الأبواب المفتوحة والجامعة الربيعية التاسعة عشر أيام 21، 22، 23، 24، 25، 26 و27 أبريل 2025 الرباط، تحت شعار: “25 سنة من التثقيف الشعبي ودعم المقاومات: لنواصل مسيرة النضال من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية”.

أيام الأبواب المفتوحة

في إطار سعيها الدائم للانفتاح على الشباب، نظمت جمعية أطاك المغرب أيام الأبواب المفتوحة في مقرها الوطني بمدينة الرباط، وذلك خلال الفترة الممتدة من 21 إلى 24 أبريل 2025.

هدفت هذه المحطة إلى تقديم الجمعية، التعريف بملفات اشتغالها، اهتماماتها النضالية، وكذا إصداراتها التحليلية والنقدية حول القضايا الاقتصادية والاجتماعية والبيئية الراهنة.

صباحيات في الكليات والمعاهد

خصصت الفترات الصباحية لزيارات ميدانية إلى عدد من المؤسسات الجامعية والمعاهد العليا بالرباط. خلالها، تم توزيع مناشير تعريفية بالجوانب الأساسية لعمل الجمعية، وخلق نقاشات مباشرة مع الطلبة حول مختلف المواضيع التي تشتغل عليها أطاك، من بينها: الخوصصة، المديونية، السيادة الغذائية، والأزمة البيئية.
هذه اللقاءات شكلت لحظات غنية للتفاعل والتساؤل، وأسهمت في تقريب أطاك من اهتمامات الشباب.

أمسيات حوار وتفاعل

أما في الفترات المسائية، فقد احتضن مقر الجمعية فقرات متنوعة جمعت بين الجانب التكويني والترفيهي. حيث نُظّمت نقاشات مفتوحة حول مواضيع متفرقة من مجالات اشتغال أطاك، إلى جانب فقرات ألعاب تفاعلية جماعية، وفقرات غنائية أضفت بعداً ثقافياً وفنياً وترفيهيا متميزاً على الأمسيات.

نحو تفاعل أعمق مع أسئلة الشباب

شكلت أيام الأبواب المفتوحة لحظة قوية من التلاقي والتواصل المباشر مع فئات شبابية متنوعة، مكّنت من تعريفهم بجمعية أطاك المغرب، بأسئلتها الكبرى ورهاناتها النضالية، كما أتاحت للجمعية بدورها اكتشاف اهتمامات جيل جديد من الشباب، الحامل لأسئلة جوهرية، والمتعطش للنقاش الجماعي الجاد.
وقد أكدت هذه اللقاءات زيف الصورة النمطية التي تختزل الشباب في اللامبالاة وعدم الاهتمام، وأبرزت أن الشباب مهتم، متابع، ويمتلك رأيًا واضحًا في قضايا متعددة: قضايا العدالة الاجتماعية والبيئية والسياسية.

تؤكد جمعية أطاك المغرب أن هذه الأيام ليست سوى خطوة أولى في مسار تواصلي وتكويني مستمر، وتجدد دعوتها إلى عموم الشباب، والطلبة، وكل المهتمين، لمواصلة التفاعل مع دينامياتها ومتابعة أنشطتها المقبلة.

الجامعة الربيعية – النسخة 19

انعقدت هذه الدورة في سياق وطني ودولي خاص، يتمثل من جهة في استمرار حرب الابادة الصهيونية على الشعب الفلسطيني، خصوصًا في قطاع غزة، وسط تواطؤ إمبريالي رسمي ودعم مخزي للأنظمة الرجعية، ومن جهة أخرى في سياق تسريع النظام المغربي لسيرورة التطبيع مع الكيان الصهيوني سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا وثقافيا، وهو ما يجعل مهمة فضح هذه السياسات ومواجهتها من المهام المستعجلة لحركة النضال الشعبي بالمغرب. كما تأتي هذه الجامعة في خضم تنامي المقاومات الاجتماعية بالمغرب، من احتجاجات سكان فجيج ضد خوصصة الماء، إلى النضالات العمالية المستمرة في عدد من القطاعات، وصولا إلى النضالات ضد التطبيع مع الكيان الصهيوني، وهو ما جعل الجامعة الربيعية منصة لتقاطع هذه التجارب والنقاش حول سبل توحيدها وتعزيز قوتها.

ندوة افتتاحية: “مزيدًا من التضامن مع الشعب الفلسطيني ضد الصهيونية: لنكثف النضال ضد التطبيع

الجمعة 25 أبريل 2025 – الرباط

افتُتحت أشغال الجامعة الربيعية بندوة سياسية عبرت من خلالها جمعية أطاك المغرب عن موقفها المبدئي الداعم لنضال الشعب الفلسطيني، والمناهض للصهيونية وكل أشكال التطبيع. وقد شارك في الندوة كل من:

  • محمد علوش: السكرتير العام لاتحاد نضال العمال الفلسطيني، عضو الشبكة العالمية من أجل القضية الفلسطينية، الذي أكد في مداخلته أن الحرب الجارية على غزة ليست فقط مواجهة محلية، بل تعبير عن اختلال موازين القوى عالميًا، وتواطؤ الغرب الإمبريالي مع المشروع الصهيوني. وركّز على الطبيعة الاستعمارية العنصرية للكيان الصهيوني، مؤكّدًا أن ما يجري هو إبادة ممنهجة لشعب بأكمله. ودعا محمد علوش إلى تكثيف أشكال التضامن الأممي، وخصوصًا من الحركات العمالية والتقدمية في الجنوب العالمي. واعتبر أن المعركة ضد التطبيع هي امتداد للمعركة ضد الإمبريالية، وأن إسقاطه واجب نضالي في كل بلدان منطقتنا.
  • سمية بو عبد الله: عن حركة BDS المغرب، التي كشفت عن الحضور القوي للقضية الفلسطينية في وجدان الشباب المغربي رغم كل محاولات غسل الدماغ الرسمي، وعرضت أمثلة على أشكال مقاومة التطبيع من طرف الشباب: حملات المقاطعة، الوقفات، الكتابة، الفن، والفضاء الرقمي. وأبرزت دور حركة BDS كمجال لتفعيل المقاومة المدنية والشعبية ضد الصهيونية. ودعت إلى دعم المبادرات الشبابية، وتوفير أدوات التكوين من أجل مقاومة واعية ومنظمة.
  • يونس الحبوسي: مناضل جمعية أطاك المغرب الذي أكد أن التطبيع المغربي مع الكيان الصهيوني لا يمكن فصله عن الخيار النيوليبرالي التبعي الذي يتبناه النظام المغربي. وأوضح كيف يتم توظيف التطبيع لتعزيز العلاقات العسكرية والتكنولوجية مع الاحتلال، تحت غطاء “الحداثة” و”التنمية”. كما أبرز أن التطبيع ليس خيارًا شعبيا، بل مفروض من فوق، ويُخدم مصالح الطبقة الحاكمة ورجال الأعمال المرتبطين بالسوق العالمية. وأكد في الأخير على ضرورة ربط النضال من أجل فلسطين بالنضال ضد الاستبداد والتبعية الاقتصادية في الداخل.

تفاعلات الحضور: نحو تضامن شعبي واعٍ ومتجذر

أثارت المداخلات الثلاث في الندوة الافتتاحية نقاشًا غنيًا، عبّر من خلاله عدد من الحاضرين والحاضرات عن وعي متقد بحجم التحديات التي تفرضها موجة التطبيع المتسارعة في المغرب، وعمق الترابط بين النضال من أجل القضية الفلسطينية ومجمل المعارك الاجتماعية محليًا. ركزت بعض التدخلات على ضرورة تجاوز البعد العاطفي في التضامن، كما نُبّه إلى خطورة المقاربة الرسمية التي تشرعن التطبيع تحت يافطة “المصالح الوطنية”، داعين إلى فضح هذا الزيف عبر حملات تثقيف شعبية وتوثيق مستمر لجرائم الصهيونية. واعتبر بعض المتدخلون/ات أن دعم فلسطين ليس قضية تضامن خارجي، بل ركن من أركان مقاومة الاستبداد المحلي، ما يستدعي الربط العضوي بين النضال من أجل التحرر الوطني الفلسطيني والنضال ضد الاستغلال والتهميش في المغرب.

الندوة الثانية: “نساء المغرب في مواجهة السياسات النيوليبرالية “– السبت 26 أبريل 2025

افتتحت أشغال اليوم الثاني بجلسة خصصت للوقوف على النضالات النسائية في مواجهة السياسات النيوليبرالية التي تعمق التهميش والاستغلال. قدمت الجلسة نماذج من المقاومة اليومية التي تخوضها النساء في قطاعات متنوعة: القطاع الزراعي، والقطاع الصناعي، وفي الدفاع عن الحقوق الأساسية كالماء.

تحدثت مونية، عن عاملات سيكوميك، عن معاناة العاملات في قطاع النسيج، وسردت مسار معركة العاملات، والمعاناة التي واجهنها منذ طردهن وتوقيف أجورهن. استعرضت الكارثة الاجتماعية والأسرية التي تسبب فيها هذا الطرد، مبرزةً أن النساء كنّ المعيلات الرئيسيات لأسرهن، ووجدن أنفسهن في أزمة اقتصادية خانقة. شددت مونية على أن صمود العاملات طيلة هذه المدة له ضريبة نفسية وعائلية ومادية ثقيلة، وأشادت بجميع المتضامنين معهن، مؤكدة أن المعركة بحاجة ماسة إلى كل أشكال الدعم لتستمر.

أما نورا، العاملة الزراعية، فقد تحدثت عن أوضاع الاستغلال والقهر التي تعيشها العاملات الزراعيات في منطقة اشتوكة، حيث يتعرضن لمختلف أنواع الضغط دون أبسط الحقوق، حتى الأساسية منها. تقاسمت تجربتها كعاملة طُردت تعسفيًا من شركتها بعد سنوات من العمل، وخاضت اعتصامًا بطوليًا رغم أنها كانت في مراحل الحمل الأخيرة. تحدثت عن العنف الرمزي والجسدي الذي تعرضت له خلال الاعتصام، كما روت معاناتها الصحية جراء التعرض للمبيدات السامة دون وسائل وقاية، ما تسبب لها في أمراض بالجهاز التنفسي. شاركت أيضًا تجربتها كنقابية وعضوة في لجنة العاملات الزراعيات، التي تسعى إلى تنظيمهن وفتح فضاءات للتكوين والنقاش من أجل بلورة مطالبهن كنساء عاملات.

من جهتها، سلطت الأستاذة فتيحة من فجيج الضوء على معركة السكان ضد خوصصة الماء، وأبرزت الدور القيادي الذي تلعبه النساء في هذا الحراك. أكدت كيف ساهمت هذه المعركة في رفع وعي النساء بأهمية الدفاع الجماعي عن الأرض والماء، وشرحت كيف أن النقاشات المنتظمة والاحتكاك الميداني ساهما في بناء ثقة النساء بأنفسهن وقدرتهن على النضال في الصفوف الأمامية.

أما إناس عن جمعية أطاك المغرب فقد ركزت على ضرورة بناء حركة نسوية شعبية منغرسة في النضالات الميدانية، ترتكز على التضامن الطبقي والجماهيري، وتقطع مع النخب المعزولة عن الواقع.

اختتمت الجلسة بنقاش جماعي حيّ أكد على ضرورة الربط بين النضال النسوي والنضال ضد السياسات النيوليبرالية، ودعم التنظيم الذاتي للنساء في مواقع الاستغلال وتوحيد المقاومات النسوية.

الورشة: الحركات الاحتجاجية، أشكال التنظيم واستراتيجيات التحالفات: نموذج الدفاع عن الخدمات العمومية – السبت 26 أبريل 2025

تواصل النقاش مساء يوم السبت في ورشة خصصت للحركات الاجتماعية والدفاع عن الخدمات العمومية، بمشاركة كل من:

  • إيمان آيت بن عمرو، رئيسة مجلس طلبة الصيدلة بالرباط وعضوة اللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة، التي عرضت تجربة نضال طلبة كليات الطب والصيدلة ومسار معركة المقاطعة، سلطت الضوء على التنظيم القاعدي الذي عزز الديمقراطية وكيف أن المشاركة الديمقراطية الواسعة للطلبة في المعارك هي التي تجعلهم ينضبطون ويشاركون في تنفيذ كل الخطوات النضالية لأنهم هم من قرروها. كما أن رقابة القاعدة على الأجهزة لم تسمح بأي خرق تنظيمي. كما شاركت إيمان الأشكال التي واجهوا/هن بها هجوم الدولة الإعلامي. وأكدت على ضرورة توحيد النضالات الطلابية ضد تخريب الجامعات المغربية.
  • جلال أحلاس، أستاذ مفروض عليه التعاقد، الذي تقاسم مع الحضور التجربة النضالية للتنسيقية الوطنية للأساتذة المفروض عليهم التعاقد، مبرزًا نقاط القوة التي سمحت للتنسيقية بالصمود، وتحديات التنظيم الذاتي في مواجهة هجوم الدولة على المدرسة العمومية.
  • محمد جبهة، مناضل جمعية أطاك المغرب، قدّم مداخلة تحليلية حول السياسات النيوليبرالية التي تُدمر الجامعة العمومية، وربط بين تدهور الخدمات الاجتماعية وبين إملاءات المؤسسات المالية الدولية وتفكيك مكتسبات الحركة الطلابية والتربوية.

أغنت المداخلات النقاش الجماعي الذي دار حول شروط توسيع التحالفات بين مختلف الحركات، وسبل توحيدها وتقويتها للدفاع عن الخدمات العمومية في وجه زحف السياسات النيوليبرالية.

 الجلسة الختامية: خلاصات وتوصيات الجامعة الربيعية

اختُتمت أشغال الجامعة الربيعية لجمعية أطاك المغرب بجلسة ختامية جرى فيها تقديم ملخصات أشغال الورشات والجلسات، وتبادل عام للتقييمات والاقتراحات. عبّر الحاضرون والحاضرات عن تثمينهم لمستوى النقاشات وعمق المداخلات، وكذا أهمية اللقاء كفضاء للتكوين وتبادل التجارب والتفكير الجماعي في مهام النضال الراهن وجرى الاتفاق على صياغة بيان ختامي يتضمن كل التوصيات التي جرى تقديمها.

رواق أطاك المغرب: نافذة على النضال والتثقيف الشعبي

خلال أيام الجامعة، أقامت جمعية أطاك المغرب رواقًا مميزًا شكّل فضاءً للتواصل والتفاعل، عرضت فيه باقة من أبرز إصداراتها ومنشوراتها التثقيفية. هذه المواد تعكس المسار الغني للجمعية في مجال التثقيف الشعبي، كأداة لبناء الوعي النقدي الجماعي ومواجهة السياسات النيوليبرالية. وتندرج هذه المجهودات التثقيفية في صميم التزام أطاك بدعم النضالات الشعبية ببلادنا، من خلال توفير أدوات الفهم والتحليل التي تمكّن الفئات المتضررة من تنظيم مقاوماتها والدفاع عن حقوقها.

نجاح الجامعة الربيعية: تنوع في المشاركة وحيوية في النقاش

جاء نجاح هذه الدورة التاسعة عشر من الجامعة الربيعية انعكاسًا للتنوع الغني في المشاركات، حيث انخرطت فيها مناضلات ومناضلو الحركات الاجتماعية، إلى جانب شباب وطلبة ونقابيين من مختلف المناطق. شكّل هذا التنوع مصدر غنى للنقاشات التي اتسمت بالحيوية والعمق، وفتح المجال لتبادل التجارب والرؤى حول مختلف قضايا النضال. كما كان الحضور النسوي البارز من أبرز ملامح هذه الدورة، سواء من حيث عدد المشارِكات أو من حيث المساهمة الفعّالة في النقاش والتأطير، ما يعكس دينامية النضال النسائي وراهنيته. وأكدت الجامعة مرة أخرى أهمية الفضاءات التي تخلقها أطاك المغرب، كمنصات ضرورية للتلاقي، والتفكير الجماعي، وبناء وعي نضالي مشترك.

تحية نضالية للجامعة الوطنية للتعليم: تضامن يعكس وحدة الصف

تُعبّر جمعية أطاك المغرب عن شكرها العميق للجامعة الوطنية للتعليم FNE على احتضانها أشغال الجامعة الربيعية، عبر فتح مقرها ووضعه رهن إشارة الجمعية طيلة أيام النشاط، وتوفير الشروط المثالية لتمر هذه المحطة في أحسن الظروف.

يأتي هذا الدعم في سياق تتعرض فيه أطاك المغرب لحصار ممنهج من قبل الدولة، تُرجم في حرمانها من وصل الإيداع القانوني ومنعها من استعمال الفضاءات العمومية. هذا التضامن العملي ليس فقط دعمًا لحق أطاك في التنظيم، بل هو تجسيد حي لوحدة الصف النضالي بين مكوّنات الحركة المناضلة في المغرب.

بقلم: أسماء المنضور عضوة جمعية أطاك المغرب

زر الذهاب إلى الأعلى