Site icon أطاك المغرب

هيمنة الرأسمال على الصحافة وتكريس القمع السياسي من خلال فضيحة “مجلس أخلاقيات الصحافة”

بيان

يشهد المغرب خلال السنوات الأخيرة تصاعدا في القمع السياسي انعكس في تراجع خطير لحرية التعبير والتنظيم واتساع دائرة الاستهداف لتشمل الصحافيين والفنانين وآلافاً من شباب “جيل زد”. في هذا السياق، تكشف فضيحة “مجلس أخلاقيات مهنة الصحافة” زاوية من الاختلالات العميقة لمنظومة متكاملة من التضييق تخدم الاستبداد ورأسمالية آخذة في التوحش.

يعرف قطاع الإعلام تغوّلاً متزايداً للرأسمال عبر التحكم غير المباشر في الخطوط التحريرية والمضامين، ووضع لآليات للاستحواذ على الدعم العمومي الذي يخصص لهذا القطاع. أضحت دوائر مالية نافذة تهيمن على المؤسسات الإعلامية، وتوجّه محتواها بما ينسجم مع مصالحها ومع خدمة الاستبداد. يجعل هذا المنطق أي مؤسسة تنظيمية، ومن ضمنها مجلس الصحافة، عاجزة عن القيام بدورها في حماية المهنة وضمان استقلالية الصحافيين/ات. بل وقد تتحول هي ذاتها إلى جزء من البنية الضاغطة كما تجلى ذلك في “مجلس أخلاقيات مهنة الصحافة” الذي يستعمل آليات التأديب لإسكات الصحافيين/ات والتنكيل بهم. كل هذا في سياق توسُّع القمع ليشمل مختلف أشكال التعبير من محاكمات الصحافيين، وملاحقة فنانين، ومنهم المبدعين في موسيقى الراب، وكذا أشكال الاحتجاج في الشارع كما جرى لشباب “جيل زيد” الذين جُوبه حراكهم السلمي بالقوة والاعتقالات والمتابعات الثقيلة.

وفي السياق نفسه، تتكشّف حملة الاعتقالات العشوائية التي تستهدف صُنّاع المحتوى تحت ذريعة “التطهير الأخلاقي” كامتداد آخر لآليات التحكم، إذ تُستعمل هذه الذريعة الهشّة لإضفاء شرعية زائفة على القمع، وتحويل النقاش العمومي من مساءلة الممارسات غير القانونية لمؤسسات الدولة نحو التركيز على “انحطاط” بعض السلوكيات الفردية. ولا تكمن الخطورة في ملاحقة أفعال تُصنَّف قانونياً، بل في توظيف خطاب أخلاقي لإعادة تشكيل المجال العمومي تحت وصاية لمؤسسات لا تمتلك أصلاً ما يؤهلها لإصدار أحكام أخلاقية. وقد استُخدم المنطق نفسه بصيَغ أخرى في مواجهة شباب “جيل زد”، بما يهيّئ المجال لتوسّع أكبر لرقعة الاعتقالات في سياق تتراجع فيه ضمانات القانون ويُدفع فيه المجتمع إلى قبول تدخل الدولة في تحديد ما يجوز التعبير عنه وما يُعدّ تهديداً لـ”النظام الأخلاقي”.

يتضافر تحكم أصحاب الرساميل في قطاع الاعلام وغياب استقلالية مؤسساته مع القمع الأمني ليهددا بشكل جدّي فضاءات التعبير الرقمي والثقافي للشباب والصحافيين/ات والمدونين/ات.

وبناء على ذلك، فإننا في أطاك المغرب نضم صوتنا الى جميع الصحفيين والصحفيات وأنصار حرية التعبير من أجل:

إن حماية حرية التعبير، بكل تجلياتها، هي شرط لبناء فضاء عمومي حر ولبناء مغرب يتسع لصوت الصحافي-ة والفنان-ة والشاب-ة، ويضمن حقهم-ن في النقد والمساءلة والمشاركة في الشأن العام.

لا ديمقراطية بدون حرية.

السكرتارية الوطنية

الرباط في 28 نونبر 2025

Exit mobile version