Site icon أطاك المغرب

بشاعة أوضاع العاملات والعمال الزراعيين في النموذج الزراعي بشتوكة أيت باها

اندلعت احتجاجات للعاملات والعمال الزراعيين- ات بإقليم شتوكة أيت باها (بيوكرى، خميس أيت عميرة، سيدي بيبي) يوم الاثنين 25 نونبر 2024 ضد المعاناة متعددة الأوجه التي يعيشونها. المبادرين/ات الرئيسيين/ات هم من “الموقف” الذي يعد نقطة تجمع يومي للعاملات والعمال الزراعيين يعرضون فيها قوة عملهم لسماسرة يختارونهم وفق معايير محددة لإرضاء باطرونا زراعيين. إذا كانت النساء مطلوبات أكثر نظرا لفعاليتهن في عديد من العمليات في دورة الإنتاج، يجري انتقاءهن بناء على معايير السن والجمال بشكل يستثني المُتقدمين/ات في العمر وضعيفي/ات البنية. يتعرض عاملات وعمال الموقف لمختلف أنواع الابتزاز من قبل السماسرة بما في ذلك الاقتطاع من أجورهم أو التحرش بالنساء.

تمثل المطلب الرئيسي للاحتجاج في رفع الأجور الى 150 درهم في اليوم في سياق الغلاء الفاحش لأسعار المواد والخدمات الضرورية. لا يتجاوز الحد الأدنى القانوني الحالي للأجر في القطاع الفلاحي 2200 درهم في الشهر (84,37 درهما في اليوم). لا يمكن لهذا الأجر المباشر الهزيل تأمين متطلبات العيش الضرورية للأسرة العمالية من سكن وتغذية وتربية الأبناء وتعليمهم وأدوية وعلاجات، الخ.

لا يمنح غالبية أرباب العمل في الضيعات الفلاحية ومحطات التلفيف مكملات أجرة من منح المردودية أو المعالجة بالأدوية الكيماوية أو الأعياد أو غيرها، بل يحرمون العاملات من حقوق أخرى كمنحة الأقدمية، ومن حقهم في الأجرة غير المباشرة كالتغطية الصحية والتقاعد بالتحايل على التصريحات في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. كما أنهم لا يساهمون في برامج اجتماعية (سكن ومخيمات ومحو الأمية، الخ)، وفي تطوير البنيات التحتية للمنطقة من طرقات ومدارس ومستشفيات. ساهم توسع العمل النقابي بالمنطقة منذ أوائل الألفية في نزع بعض المكاسب في المجموعات الفلاحية التصديرية الكبرى، لكن غالبية اليد العاملة تمر عبر “الموقف” التي يعيث فيها السماسرة فسادا متاجرين بالبشر خصوصا النساء التي يعشن أوضاع قريبة من العبودية.

قامت جمعية أطاك المغرب ببحث ميداني لامست فيه أوضاع العاملات والعمال الزراعيين بمنطقة شتوكة أيت باها، شكل مضمون الفصل الثالث من كتابها “دفاعا عن السيادة الغذائية بالمغرب، دراسة ميدانية حول السياسة الفلاحية ونهب الموارد” نشرته سنة 2019 (تجدون الكتاب كاملا للتحميل على الرابط).

تعميما للفائدة نعرض قسما من هذا الفصل.

———————-

تحرص الدولة المغربية على توفير شروط الاستثمار للرأسمال الزراعي الكبير الأجنبي والمحلي عبر الإعفاءات الضريبية، الإعانات، توفير الأراضي واليد العاملة الرخيصة. فمدونة الشغل التي دخلت حيز التنفيذ منذ يونيو 2004 يحكمها مبدأ المرونة، والتمييز في الحد الأدنى للأجور بين عمال وعاملات القطاعين الفلاحي والصناعي.

شروط استغلال العاملات والعمال

اضطهاد العاملات الزراعيات

تشكل النساء أغلبية اليد العاملة بالقطاع الفلاحي خصوصا في قطاع الخضروات.

التحرش الجنسي ظاهرة متفشية وشائعة. تتعرض النساء لهذه التحرشات بأماكن العمل، خصوصا من قبل المسؤولين بالضيعات ومحطات التلفيف، الذين يبتزون العاملات ويهددوهن بالحرمان من العمل في حال الرفض، ولكن أيضا من قبل العمال أنفسهم بوسائل النقل التي تفتقد شروطَ السلامة (الجرارات، الشاحنات الصغيرة المهترئة وعربات النقل السري). 

أغلب الشركات الفلاحية الكبرى لا تتوفر على حضانات، ولا تستفيد النساء من الوقت القانوني لإرضاع أطفالهن. ولا يأخذ المسؤولون عن الضيعات بعين الاعتبار وضعية العاملات الحوامل في الأعمال الشاقة التي وجب تجنبها، والحذر من خطر المبيدات السامة خوفا من الإجهاض. وفي الحالات النادرة التي تتم فيها المراعاة، فذلك يعود الى وزن النقابة. أما عاملات “الموقف” المياومات المتزوجات، فيلجأن لإخفاء الحمل لأن أرباب العمل يرفضون تشغيلهن في حالة حملهن.

بالنسبة لتشغيل القاصرات والقاصرين، فقد توقف في السنين الأخيرة بشكل تام بالشركات التصديرية. ويعود ذلك الى معايير التصدير الدولية، ولكن خصوصا الى مكاسب العمل النقابي.

مازالت المنظمات النقابية التي تنشط بالمنطقة بعيدة عن تبنى مطالب خاصة بالنساء، والوعي بقضايا النساء ضعيف جدا إن لم يكن منعدما، وتنتشر الثقافة الذكورية في صفوف منظماتهم النقابية نفسها.

محاربة العمل النقابي

تحارب الشركات الفلاحية التصديرية، المملوكة للأجانب أو المغاربة على السواء، العمل النقابي كلما كان مصمما على التصدي لخروقاتها، ويجرى باستمرار طرد نقابيين ونقابيات من العمل.

تحاول الشركات تنظيم عمليات انتخاب مناديب العمال لتنصيب ممثلين موالين لها. لكن الأمر يصعب بِحالِ وجود النقابة بالشركة.

عاملات وعمال “الموقف”: بشاعة استغلال

حوادث السير المرتبطة بالشغل

توفر بعض الشركات الفلاحية وسائل نقل نتيجة ضغط العمل النقابي أساسا. لكن غالبية العاملات والعمال مازالوا يتنقلون عبر وسائل وعربات مهترئة تنعدم بها معايير السلامة كالجرارات وسيارات “البيكوب” وشاحنات نقل البضائع. يتكدسون بها بأعداد تفوق طاقتها الاستيعابية، ما يؤدي بالسائقين إلى عدم التحكم بسياقتها، خصوصا بالنظر للسرعة التي يستجوبها الحضور في وقت العمل المحدد. هذا علاوة على تردي حالتها الميكانيكية وتردي حالة الطرق بالمناطق القروية. تزايدت بصورة مهولة في السنوات الأخيرة حوادث الشغل التي تذهب ضحيتها عاملات (وعمال زراعيون) وهن في طريقهن لكسب لقمة عيشهن بجميع المناطق الزراعية التي تتركز بها الضيعات ومحطات التلفيف الكبرى، وتخلف عديدا من الموتى والمعطوبين وذوي العاهات. أما التعويضات فهزيلة جدا -هذا إن وجدت أصلا- بصفوف عاملات وعمال غالبا ما يكونون معيلي أسرهم. وجب تضافر الجهود بين مختلف منظمات النضال، وعلى رأسها النقابات، لتوسيع التعبئة لوقف هذا النزيف، والتشهير بالرأسماليين الزراعيين المصدرين الذين يحصدون الأرباح على حساب الأرواح، وفرض توفير وسائل نقل بالمعايير الدولية.

 تنتشر الأمية بصفوف العمال الزراعيين وبالخصوص وسط النساء. فإلى جانب الضيعات المتخصصة بالتصدير وفي اعتماد تقنيات الرأسمالية الحديثة، تنتشر أحياء الفقر، حيث الغياب المهول لمشاريع البنية التحتية من سكن لائق، مدارس، حضانة، مستوصفات، دور للثقافة والترفيه. هذا فيما الدولة تغدق على الرأسماليين الزراعيين الإعانات وتعفيهم من الضرائب.

Exit mobile version