في سياق الاعداد لقمة الحركات الاجتماعية المضادة للاجتماعات السنوية للبنك العالمي وصندوق النقد الدولي
جمعية أطاك المغرب تكسب رهان تنظيم جامعتها الربيعية في مدينة مراكش رغم المضايقات
كسبت جمعية أطاك المغرب، عضو الشبكة الدولية للجنة من أجل إلغاء الديون الغير الشرعية، رهان تنظيم جامعتها الربيعية في دورتها السادسة عشرة في مدينة مراكش أيام 5، 6 و7 مايو تحت شعار:” من أجل السيادة الشعبية، لنناضل ضد المؤسسات المالية العالمية، مضطهدة الشعوب“، رغم الحصار الذي تعيشه ومنعها المتواصل من استعمال القاعات العمومية والفضاءات الخاصة على حد سواء.
تشكل الجامعة الربيعية محطة سنوية للتكوين حول السياسات النيوليبرالية التي تؤطرها المؤسسات المالية الدولية وتطبقها الدولة المغربية، وحول البدائل الشعبية التي تقترحها جمعية أطاك المغرب. تكتسي دورة هذه السنة الأهمية استثنائية لكونها تندرج في دينامية تنظيم قمة للحركات الاجتماعية العالمية مضادة للاجتماعات السنوية للبنك العالمي وصندوق النقد الدولي التي ستحضنها مدينة مراكش في شهر أكتوبر المقبل.
- الندوة الافتتاحية: تنظيم قمة الحركات الاجتماعية المضادة للبنك العالمي وصندوق النقد الدولي: الأهداف والرهانات
افتتحت أشغال الجامعة الربيعية مساء يوم الجمعة 5 ماي بندوة عمومية تحت عنوان: “من أجل قمة مضادة للاجتماعات السنوية للمؤسسات المالية الدولية“، حضرها أزيد من 60 مشارك-ة يمثلون منظمات نقابية وحزبية وجمعوية وتنسيقيات، علاوة على أعضاء وعضوات جمعية أطاك المغرب.
قدم العربي الحافظي، عضو السكرتارية الوطنية لأطاك المغرب، أهداف تنظيم قمة الحركات الاجتماعية المضادة للبنك العالمي وصندوق النقد الدولي والمتمثلة في إبراز:
- مخاطر الديون على الشعوب (ليست مجرد ارقام بل آلية لإخضاع الشعوب)
- دور صندوق النقد الدولي والبنك العالمي في اغراق البلدان بالديون
- ضرورة وحدة القاعدة العريضة للفئات الشعبية التي تعارض سياسات هاتين المؤسستين.
بينت المداخلة مواصلة البنك العالمي وصندوق النقد الدولي القيام بنفس الدور الذي نهجته القوى الاستعمارية عبر آلية الديون لاستنزاف البلد وترسيخ آليات الاستعمار الجديد. لم تستطع أي من البلدان التي طبقت سياسات المؤسستين بدءا من برامج التقويم الهيكلي من تحقيق نسبة نمو مرتفعة بشكل دائم، والحد من التفاوتات الاجتماعية.
وفي الأخير تطرق الى مجريات التعبئة لتنظيم قمة الحركات الاجتماعية المضادة للمؤسسات المالية الدولية بمراكش، ورهانات توسيع المبادرة لتشمل أوسع الفئات الشعبية المتضررة من السياسات النيوليبرالية.
- الورشات
كان برنامج الجامعة طيلة يوم السبت 6 ماي غنيا ومتنوعا وذو صلة مباشرة بالإعداد الجاري لتنظيم قمة مضادة للاجتماعات السنوية للمؤسسات المالية الدولية. تنوعت أشكال تقديم الورشات بين الحضوري وعن بعد واعتمدت كلها منهجية ورشات تشاركية مبنية على تجارب المشاركات والمشاركين.
الورشة الأولى: التثقيف الشعبي في خدمة التعبئة للقمة المضادة
بمنهجية تشاركية، استخرجت الورشة سبل تطوير شعار جمعية أطاك المغرب المتمثل في “التثقيف الشعبي المتجه نحو الفعل” واعطائه بعدا ملموسا في سياق التحضير لقمة الحركات الاجتماعية المضادة للبنك العالمي وصندوق النقد الدولي المزمع تنظيمها بمراكش في أكتوبر المقبل.
جرى التأكيد على مفهوم التثقيف الشعبي انطلاقا من كتاب “تعليم المقهورين” لباولو فرايري. الإدراك في عملية التعليم والتعلم هو المحور الحقيقي، وليست عملية النقل الميكانيكي للمعارف والمعلومات، وهو ما يسميه فرايري بالتعليم البنكي. هذا الأخير هو عملية أحادية يكون فيها المعلم هو صاحب المعلومة الوحيد، فيودع عقل تلاميذه المعلومات بشكل تلقيني كما يودع الناس حساباتهم في البنوك حتى أجل مسمى، وهو أجل الامتحانات التي يتبخر بعدها كل شيء تقريبا من ذهن الطالب، فهو لم يتعلم وإنما تلقّى المعلومة كالوعاء، مما يقلص مهارته في الفهم والتحليل والنقد، ومن ثم قدرته على أي إبداع. هذا التعليم يضع الإنسان تحت القهر ويعطل الوعي ويربي ثقافة الخنوع والطاعة.
التثقيف الذي نسعى لنشره في جمعية أطاك المغرب هو تثقيف منحاز صراحة للمقهورين والمقهورات. نعمل بإمكانياتنا البسيطة للانغراس مباشرة في صفوفهم-ن وتبسيط تحاليلنا وخطابنا ليستوعبوه ويستوعبنه.
تم الوقوف على إنجازات أطاك التثقيفية على مدى 20 سنة من تواجدها، وتقييمها وقياس مدى نجاحها في تبسيط خطابها وإيصاله إلى المعنيين/ات ضحايا السياسات النيوليبرالية.
أكد المشاركون والمشاركات في الورشة على أن أسوأ ما يمكن أن تفعله جمعية مناضلة هو الابتعاد عن لغة الشعب، أن تسأل وتجيب في حوار فردي مع نفسها. هكذا تكرس فكرة ان السياسة من تخصص الخبراء، وليس في وسع الشعوب أن تفهمها. لذلك، تحتاج هذه الأخيرة دائما الى قائد خبير يفكر نيابة عنها.
نجاح جمعية أطاك في نشر ثقافة مناهضة للنيوليبرالية مقرون بالقدرة على فهم مشاكل الناس ومطالبهم. يستدعي هذا انغراسا في حياتهم اليومية. إنها مهمة صعبة، لكن وجب علينا الاشتغال عليها بدون كلل.
في سياق التحضيرات لتنظيم القمة المضادة للاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك العالمي، وجب العمل على تطوير آليات التواصل مع ضحايا هاتين المؤسستين لحشد قاعدة واسعة وتعبئتها. لتحقيق هذا الهدف اقترح المشاركون والمشاركات في الورشة على ضرورة:
- تكييف لغة التواصل مع استخدام لهجات ولغات مختلفة لتوسيع التفاعل.
- التواصل الاعلامي يعتمد على فيديوهات قصيرة وكبسولات تعبوية من طرف المنظمات المعنية.
- التواصل المباشر ميدانيا مع الناس من خلال منشورات تعبوية وبيانات مخصصة لكل قطاع توزع على هامش الندوات والأشكال الاحتجاجية.
الورشة الثانية: استهداف الخدمات الاجتماعية من لدن المؤسسات المالية الدولية
بدأت الورشة بطرح سؤال حول مفهوم الخدمات العمومية والاجتماعية. جرى نقاش جماعي والتوصل إلى تعريف أولي: كل الخدمات العمومية (صحة وتعليم) والاجتماعية (بنية تحتية من ماء وكهرباء وطرق) التي تُقدَّم من طرف الدولة عبر مجانية كاملة أو نسبية، وتُموَّل عبر آلية الضرائب.
جرى تقسيم الورشة إلى ثلاث محاور:
المحور الأول: تناول الاشتغال على مقتطفين من كتاب “البنك العالمي، تاريخ نقدي” لإريك توسان حول أصول مؤسسات بريتون وودز (البنك العالمي وصندوق النقد الدولي) ومهامها ودورها فيما يسمى بالعالم النامي. وكانت الخلاصة أن هذه المؤسسات أحدثت بعد الحرب العالمية الثانية لتفادي أزمات مثل التي وقعت فيها الرأسمالية أثناء الكساد الكبير في نهاية العشرينيات وبداية ثلاثينيات القرن العشرين، وفي نفس الوقت لضمان هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية. لم تكن هذه المؤسسات آنذاك تهتم ببعدي “التنمية” والتخلف”. ما أجبرها على ذلك هو انتصار الثورة الصينية سنة 1949. سعيا منها لمنع انتشار “عدوى” الشيوعية أدمجت هذه المؤسسات- تحت إشراف الولايات المتحدة- هذين البعدين. حتى في هذه الحالة فإن منظورها للتنمية لا يخرج عن إطار نموذج التراكم الرأسمالي (الأعمال التجارية والقطاع الخاص). هكذا فرضت على البلدان حديثة العهد بالاستقلال تمويل التنمية عبر آلية الديون. حتى في تلك الفترة كانت الاستثمارات الممولة عبر الديون والموجهة للخدمات العمومية قليلة مقارنة مع تلك الموجهة لتجهيز بنية تحتية لتنمية الاستثمار الخاص. انتهت هذه المرحلة بتفجر أزمة بداية الثمانينيات.
المحور الثاني: تناول الاشتغال حول مؤسسات بريتون وودز في الثمانينيات من خلال برنامج التقويم الهيكلي. وانطلق النقاش من مقتطف يلخص إجراءات برنامج التقويم الهيكلي مقتبس من كتاب جمعية أطاك المغرب حول ” سيرورة إرساء وتطور السياسات التعليمية بالمغرب: منظورات من أجل تعليم شعبي وديمقراطي ” (منشور على حلقات في موقع أطاك). كان هذا البرنامج بمثابة رد من قبل المؤسسات المالية الدولية على أزمة الديون التي تسببت فيها. تضمن إجراءات التقشف في النفقات العمومية وخصخصة المقاولات والمؤسسات العمومية وفتح الخدمات العمومية والاجتماعية للقطاع الخاص.
المحور الثالث: تناول أمثلة ملموسة من تقرير البنك العالمي حول “المغرب في أفق 2040، الاستثمار في الرأسمال اللامادي” أصدره سنة 2017. اشتغلت الورشة على مقتطفات من التقرير تهم قطاعات الصحة والتعليم والتوظيف العمومي. يحافظ التقرير على نفس المنظور الليبرالي: السوق هو الوحيد القادر على تقديم هذه الخدمات، وعلى الدولة أن تكتفي بدور التخطيط الاستراتيجي (التنظيم وإصدار القوانين وتحسين مناخ الأعمال) والتدخل في لحظات الأزمات لاستعمال جزء ضئيل من المالية العمومية وتوجيهها إلى الأقسام الأكثر بؤسا والأشد تضررا من سياسات المؤسسات المالية الدولية حفاظا على الاستقرار السياسي والاجتماعي.
الخلاصة: جرى إعادة بناء مفهوم الخدمة العمومية لتتوافق مع نمط تقديمها الجديد. أصبح المفهوم يعني تلك الخدمة التي تقدَّم للعموم سواء قدمتها الدولة أو القطاع الخاص، مع تقليص هامش الأولى وتوسيع مساحة الثاني. كل الخدمات يجري تقديمها حاليا عبر آلية السوق والقدرة على الأداء. وحتى الأقسام الأشد فقرا المفتقدة لقدرة شرائية فردية يجري تجميعها على شكل قدرة شرائية جماعية (الحماية الاجتماعية المعممة) لتملك قدرة “الولوج” إلى خدمات صحية مُسعَّرة (التسعيرة الصحية) في المستشفيات العمومية، وفي القطاع الخاص.
الورشة الثالثة: استئثار المؤسسات المالية الدولية بمفاهيم وقضايا النضال النسوي
برزت النساء في خطاب البنك العالمي وصندوق النقد الدولي وفي برامج الأمم المتحدة حول التنمية ابتداء من سنوات 1990. يفسر ذلك بأن نتائج برامج التقويم الهيكلي التي طبقت في بداية الثمانيات حتى منتصف التسعينات، كانت كارثية على حياة النساء بشكل أشد. اُجبرت المؤسسات المالية الدولية على نسونة خطابها لتلميع صورتها وتجديد آليات تحكمها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.
استغلال مفهوم النوع الاجتماعي في خطابات البنك العالمي
أحد المفاهيم الذي تستعمل بشكل أدواتي وبشكل جزئي من طرف المؤسسات المالية الدولية والحكومات وأنصار التنمية الليبرالية هو مفهوم النوع الذي يشير إلى التمايزات التي يقيمها المجتمع بين الجنسين.
خصص البنك العالمي حيزا كبيرا في خطاباته «للمساواة بين الجنسين» من خلال إلزام الحكومات والدول بما يطلق عليه “ببرامج تمكين النساء”. لكن عند تطبيق تلك البرامج تنكشف الفجوة الهائلة بين خطابات البنك العالمي وأوضاع النساء التي تزداد سوءا خاصة في بلدان الجنوب العالمي. يفاقم تدمير السياسات النيوليبرالية للاستثمارات الموجهة للبنيات التحتية والصحة والتعليم والحماية الاجتماعية، أنشطة اعادة الانتاج الاجتماعية التي تثقل كاهل النساء.
فاقم الاستحواذ على مفهوم النوع تدخل البنك العالمي وصندوق النقد الدولي في صياغة الخطط وبرامج الحكومات والدول المٌدينة من خلال الزامها بوضع استراتيجيات وآليات تتبع وقياس مدى التقدم في تحقيق “المساواة بين الجنسين”. أفضل وسيلة للتدخل دائما هي منح القروض لتنفيذ تلك الاستراتيجيات.
تمثل برامج الدول تجاه النساء جزء فقط من حزمة البرامج النيوليبرالية يفرضها البنك العالمي وصندوق النقد الدولي على البلدان المُدينة بواسطة آلية الديون.
تقوم الحكومات والدول على المستوى الوطني بتطبيق منظور البنك العالمي تجاه النساء: مثال إدماج مسألة النوع في ميزانيات الدولة. تظهر الأقلية الحاكمة الحريصة على تطبيق الوصفات الماكرو اقتصادية التي تفرضها المؤسسات المالية بمظهر المناصر لحقوق النساء.
تحييد المؤسسات المالية الدولية لحركة النضال النسوي عن النضال الاجتماعي والسياسي
من خلال السطو على مفاهيم نسوية استطاعت مؤسسات بريتن وودز فرض أجندتها على قسم كبير من الحركة النسوية على مستوى العالم، وأدى ذلك إلى تقسيم صفوفها. يكمن الهدف من تدخل المؤسسات المالية والحكومات التابعة لها عبر خطط وبرامج مجزأة تجاه النساء في تطويع فقرهن ومعاناتهن، كيلا يتحول إلى غضب اجتماعي موجه إلى أسس اضطهاد واستغلال النساء.
إن استعمال منظور البنك العالمي لمفاهيم مثل: المساواة بين الجنسين/ سد فجوة الأجور بين الجنسين/ تمكين النساء الاقتصادي، يخدم فصل نظام اضطهاد النساء عن أنظمة الاضطهاد الأخرى التي تمد جدورها في نظام اقتصادي اجتماعي يستغل الفروقات المرتبطة بالنوع والعرق والطبقة لتنمية الأرباح. يتم استغلال النساء لكونهن في وضع دوني في مجتمع ذكوري. يعد استغلالهن موردا سهلا ومنخفض التكلفة في تنمية الأرباح، حيث أن جميع القطاعات الانتاجية الاكثر هشاشة واستغلالا والأقل حماية تشغل النساء.
فصل تحرر النساء عن النضال ضد أنظمة الاستبداد السياسي
يتم ذلك على مستوى الخطاب وبالتالي على مستوى النضالات اليومية لهذه الحركة. مثال المغرب: استنكفت مكونات الحركة النسائية عن الانخراط في نضالات حركات 20 فبراير (2011) لاندماجها في مؤسسات الدولة وتأييدها للنظام السياسي في تدبيره للمسألة النساء.
ماذا يعني تمكين النساء لدى المؤسسات المالية؟
سياسا: زيادة أعداد النساء في المؤسسات التمثيلية. طبعا لا يستتبع ذلك مساءلة جوهر الدولة الاستبدادي والقمعي. مثال: الكوطا النسائية في المغرب: دسترة دستور 2011 للمناصفة في التمثيل السياسي بين الجنسين.
اقتصاديا: دمج النساء في سوق الشغل. يعني ذلك استغلال النساء كيد عاملة رخيصة في استخلاص فائض القيمة، دون المساس بجوهر العائلة البطريركي والمجتمع الرأسمالي: تحمل النساء لجميع أنشطة إعادة الانتاج الاجتماعية بدون مقابل. المستفيد الفعلي من التمكين الاقتصادي هو المقاولات المحلية ومتعددة الجنسيات التي تتمكن من استغلال قدرات النساء الانتاجية.
نظام التمويلات الصغيرة (القروض الصغرى) الذي يتوجه للنساء أساسا بإقراضهن مبالغ مالية بفوائد عالية. بذلك تتحول ممتلكات نساء فقيرات إلى جيوب المتدخلين الماليين في هذا القطاع. يدعم البنك العالمي وصندوق النقد الدولي هذه السياسات ويسعى إلى توسيع نطاقها.
الاجتماعات السنوية للمؤسسات المالية العالمية التي ستعقد أكتوبر المقبل في مراكش، فرصة مهمة لمساءلة ادعاءات هذه المؤسسات في مجال قضايا تحرر النساء.

الورشة الرابعة: تجارب النضال ضد السياسات النيوليبرالية بالمغرب
يدعي الحاكمون بأن المغرب حقق تنمية. لماذا لا تنعكس هذه التنمية على شرائح المجتمع الكادحة التي تقوم باحتجاجات؟ ما هي المطالب الذي رفعتها الحركات الاحتجاجية؟ ما الذي منع ولايزال يمنع توحيد هذه الاحتجاجات؟ ما هي مآلات هذه الحركات الاحتجاجية؟ هل حققت مطالبها جزئيا أو كليا؟
طرحت هذه الأسئلة على مشاركين ومشاركات في الورشة لهم تجارب نضالية في الحراكات الاجتماعية التالية:
- حراك جرادة
- حراك الريف
- عاملات وعمال زراعيون بمنطقة سوس
- الأساتذة/ات الذين/اللواتي فرض عليهم-ن التعاقد
- المعطلين/ات حاملي/ات الشهادات.
حراك جرادة
كانت مطالب الساكنة بمنطقة جرادة في الحراك مؤطرة بشعار “جميعا من أجل بديل اقتصادي”. جاء هذا الشعار كتعبير من الساكنة على واقع التهميش الاجتماعي والاقتصادي الذي تعيشه، حيث تم اغلاق المناجم التي كان يشتغل فيها قرابة 7000 عامل تقريبا، مما خلق وضعا أكثر تأزما بالمنطقة، بالإضافة الى تراجع الدولة عن الاتفاق الاجتماعي بعد اغلاق المناجم. في هذا السياق تفجر حراك جرادة إثر استشهاد 3 عمال في المناجم (تسمى “السندريات” التي يشتغل فيها العمال في شروط جد خطيرة تحت الانقاض). تمحور الملف المطلبي الذي رفعته الساكنة حول القضايا الاجتماعية والاقتصادية للمنطقة.
حراك الريف
أبان حراك الريف كون التنمية المزعومة لم تنعكس على شرائح الشعب. إنها موجهة اساسا للقطاع الخاص. بالإضافة الى ذلك لا توجد مساواة مجالية وكل الأنشطة الاقتصادية موجهة نحو المركز بينما تعاني الهوامش دائما من الفقر والهشاشة وانعدام فرص الشغل.
العاملات والعمال الزراعيون
جرى الاستحواذ على أراضينا كفلاحين-ات صغار، وأصبحنا اليوم عاملات وعمال لدى أصحاب الشركات الفلاحية الكبرى. منح دعم هائل للفلاحين الكبار من طرف الدولة التي كانت تنهج سياسة الكل نحو التصدير مما سيوفر فرص شغل وسيجعل المغرب بلدا فلاحيا كبيرا. تمويل المشاريع الرأسمالية الكبرى في القطاع الفلاحي كان عن طريق آلية الديون والذي يدفع ثمنها العاملات والعمال الزراعيين.
دمرت السياسات المتبعة في القطاع الزراعي الفلاحين الصغار وأفقدتهم السيادة على مواردهم.
في تحركاتنا الاحتجاجية نحن نطالب أساسا بتوحيد الحد الادنى للأجور بين القطاعين الفلاحي والزراعي ورفعها وفق سلم متحرك للأجور. كما نرفع مطالب خاصة بالنساء (توفير الحضانة داخل الضيعات، اعتبار8 من مارس عطلة مدفوعة الاجر، رخصة الدورة الشهرية، خفض ساعات العمل).
الأساتذة/ات الذين/اللواتي فرض عليهم-ن التعاقد
تأطرت الاحتجاجات من طرف الأساتذة/ات الذين/اللواتي فرض عليهم-ن التعاقد بشعار ‘اسقاط التعاقد” و “الادماج في اسلاك الوظيفة العمومية” حيث يعتبر التشغيل بالعقدة بمثابة تطبيق لإملاءات المؤسسات المالية الدولية.
المعطلين/ات حاملي/ات الشهادات
خرج الشباب المعطل للاحتجاج في الأونة الاخيرة ابان الاعلان عن مجموعة من الشروط تحرم آلاف الشباب والشابات حاملي/ات الشهادات من حقهم-ن في اجتياز مباراة التعليم.
في اكادير تأسست تنسيقية المعطلين وسطرت مطلبين اساسين وهما الحق في شغل قار والتعويض عن البطالة. في مراكش كان مطلب تنسيقية المعطلين هو الغاء شرط السن لاجتياز مباراة التعليم. في طنجة لم تكن حركة الشباب المعطل منظمة بشكل الكافي بل كانت عفوية وسريعة ولم يتسن لها الوقت الكافي لبلورة ملف مطلبي مدقق. كان هجوم الدولة الاستباقي لإطفاء حراك التنسيقية المحلية بطنجة عن طريق استعمال آلية القمع (اعتقال مناضلة في صفوف التنسيقية).
بعض سمات الحركات الاحتجاجية
- قيادة الحركات الاحتجاجية تعاني من ضعف التجربة بالإضافة الى غياب تراكم نضالي يتيح التطور لهذه الحركات.
- غياب الإطار الطليعي أحد الاسباب الجوهرية لهزيمة الحركات الاحتجاجية.
- هناك عامل موضوعي أدى بالحركات الاحتجاجية الى الفشل والمتمثل في القمع المسلط عليها من طرف الدولة.
- حاول نشطاء الحراك في جرادة توحيد النضالات مع مناطق اخرى لكن هذه المحاولات كانت فردية وليست تنظيمية.
- أغلب الحركات الشعبية تكون عبارة عن ردة فعل.
- المقاومة مفككة فئويا وعلى صعيد المناطق.
- غياب منظور سليم للنضال، وسيادة الاعتقاد بقدرة كل حركة على تحقيق مطالبها لوحدها.
يستدعي تجاوز هذه التحديات جهدا كبيرا يبدأ بالعمل على توحيد جميع النضالات باختلاف قطاعاتها، والدفاع عن التنظيم الذاتي للمعنيين والمعنيات من أجل بناء مقاومات قوية، منظمة وموحدة. كما وجب إيجاد سبل توحيدها في سياق التعبئة للقمة المضادة للاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك العالمي بمراكش.
- توصيات
نظمت جلسة عامة يوم الأحد 7 مايو قدمت فيها خلاصات الورشات الأربعة وتوصيات المشاركات والمشاركين في هذه الدورة السادسة عشرة من الجامعة الربيعية، كان أهمها:
- الاجماع على أهمية موعد الاجتماعات السنوية للمؤسسات المالية الدولية التي ستعقد أكتوبر المقبل بمراكش، واعتباره فرصة تاريخية للتشهير بهاتين المؤسستين والتعريف بالجرائم الاجتماعية والاقتصادية التي ترتكبانها في حق الشعوب.
- التأكيد على ضرورة التنظيم والتنسيق مع كل ضحايا سياسات المؤسسات المالية الدولية.
- وضع خطة لتوسيع مبادرة القمة المضادة ضمنها تنظيم لقاءات محلية في مناطق المغرب، وعلى المجموعات المحلية لاطاك المغرب أن تسهر على إنجاح ذلك في المدن التي توجد فيها.
- تبسيط الخطاب وتطوير آليات التواصل مع المقهورات والمقهورين.
- تطوير وتشجيع الجانب الفني والابداعي لاستعماله في التعبئة للقمة المضادة.
- تطوير واستعمال المجال الرقمي بشكل ناجع للوصول وتعبئة جمهور واسع من مستعملي وسائل التواصل الاجتماعي (كبسولات، ملصقات، رسومات،)
- إعداد عريضة للتوقيع، يعلن فيها رفض تنظيم الاجتماعات السنوية للمؤسسات المالية الدولية بالمغرب.
- برمجة تكوينات لاستيعاب تأثير سياسات المؤسسات المالية العالمية في جميع القطاعات.
- نجاح الجامعة الربيعية مضايقات الدولة
جاءت الجامعة الربيعية في سياق التحضيرات للقمة المضادة لاجتماعات البنك العالمي وصندوق النقد الدولي. كانت هناك صعوبات كبيرة في إيجاد المقر. تبدو تدخلات السلطات من خلال تراجعات عن منحنا قاعة سواء في فضاء خاص أو في فندق. إنه مسلسل المضايقات الذي تواصله الدولة المغربية ضد جمعية أطاك المغرب، عبر حرمانها من تجديد وصل إيداعها القانوني، وحرمانها من الاستفادة من القاعات العمومية. نحيي عاليا الحزب الاشتراكي الموحد بمراكش الذي منحنا المقر ليحتضن أشغال الجامعة على مدى ثلاثة أيام، وحضر بعض أعضائه الجلسة الافتتاحية.
كانت الجامعة الربيعية لجمعية أطاك المغرب ناجحة في هدفها ومضمونها وفي طبيعة المشاركين والمشاركات. تحقق ذلك بفعل تظافر جهود لجنة الجامعة الربيعية التي أفرزها المجلس الوطني للجمعية ومجموعة أطاك مراكش. شكلت هذه المحطة فرصة لتجديد الوصل المباشر بالناشطين والناشطات في الحركات الاحتجاجية الميدانية التي سردناها أعلاه، والتي تشكل جزء رئيسيا من الحركات الاجتماعية المناهضة للسياسات النيوليبرالية وللمؤسسات المالية الدولية، وبالتالي سيكون لها دور كبير في التعبئة من أجل قمة مضادة لصندوق النقد الدولي والبنك العالمي بمراكش في أكتوبر القادم.
نظمت الجامعة على مدى ثلاثة أيام. كانت فترة قصيرة لكنها مليئة بالأجواء النضالية والحماسة العالية والرغبة المتواصلة في العمل بنفس يملأه الأمل بمغرب آخر ممكن وضروري، مغرب متحرر من إملاءات البنك العالمي وصندوق النقد الدولي، مغرب السيادة الشعبية والعدالة الاجتماعية.
أسماء المنضور وفاطمة الزهراء سيمان