يوم 26 مارس 2020 (الخميس) جرى توزيع الدقيق المدعم على مواطني ومواطنات منطقة تكانت بإقليم كلميم، وصدر بكل من الموقعين الالكترونيين؛ “لكم ” بتاريخ 27 مارس و “هسبريس ” بتاريخ 28 مارس منشور في شكل مقال/عريضة، حول ظروف اجراء العملية، يناقش القشور؛ ولم تكن له الجرأة للنفاذ الى جوهر الأمور، فكان لزاما ابداء الملاحظات التالية:
- كيف يستقيم توجيه طلب لجهة تهين المواطن يوميا و تتفنن في ذلك عبر كل تاريخها، كي تسهر على احترام كرامته؛ نقصد السلطة ورجالاتها؛ في حين؛ لم تمر الا ساعات قلائل على انتشار فيديو يُظهِر رجل سلطة يضرب مواطنا وآخر يلتقط صورة طالبا السماح من آخر.
- “الميسور”، مصطلح غرف من طنجرة اعلام الدولة أيام جاهدت حكومة الواجهة للإجهاز على صندوق المقاصة الذي أنشىء سنة 1941 لدعم القدرة الشرائية للمغاربة، و الممول من ضرائب تقتطع من جيوبهم، فانتقلت الأموال المرصودة للصندوق من 53.4 مليار درهم سنة 2012 الى 6.7 مليار سنة 2019. الفارق وُجِّه بلغة خادعة لتسديد الديون التي وظفت لدعم مشاريع الأغنياء، أما الفتات فلصناديق سميت “اجتماعية”. رفضت الدولة وأغنياؤها و حكومتها المحكومة الضريبة التصاعدية على الثروة.
- لا أغنياء ب “تكانت”، ما يقصده المنشور بالأغنياء، عمال متقاعدون عملوا بأفران صهر الصلب بفرنسا وبالمناجم، خلال سنوات الازدهار الرأسمالي بأوروبا، “الثلاثين المجيدة”؛ من منتصف الأربعينيات الى منتصف السبعينيات من القرن العشرين؛ وما تلاها. تحصلوا على ما لديهم اليوم على حساب حقهم بالعيش الكريم، كالسكن في العشوائيات، التناوب على أماكن النوم ومشاركة أمتار مربعة، و على حساب عيش ذويهم. اليوم كلهم يعيلون اسرا بأبنائها المعطلين أو العاملين بالقطاع غير المهيكل، وحتى بمن تعيلهم من أحفاد..
- القرويون متحضرون وليسوا همجا كما صورهم المنشور. فالكلمات المستعملة تنم عن عمى الكاتب و سطحية “فهمه” وتعاليه البرجوازي المنبوذ اجتماعيا.
- هؤلاء السكان؛ هم من نظم توزيع مياه سقي الزراعة المعيشية لقرنين من الزمن دون أن يطلبوا من أي سلطة التدخل. هم من ظلوا ينظمون مواسم الحصاد و الحرث متعاونين فيما بينهم قبل توالي سنوات الجفاف و حلول التقنية. هم من نظم الرعي قبل الزحف الاسمنتي.. هم من ينظم المواسم و الولائم ومختلف الاحتفالات الشعبية. فعلوا الأمر عينه ابان كل الفيضانات التي عرفتها المنطقة. راكم هؤلاء الفقراء تجارب ثمينة في التنظيم الذاتي لتسيير المعيش اليومي ولا حاجة لهم بنظرة الاحتقار البورجوازية تلك؛ لتقييم سلوكهم. لقد أصيب السكان بهلع تزامنا مع النقص الحاصل في المواد الغذائية في زمن الكورونا هذا، فهب الجميع لتأمين سد الرمق. والهلع من طبيعة الانسان.
- فجأة صحا “ضمير” المجتمع “المديني” نسبة الى المدينة، و ربما يعدم ذلك “الضمير” في مناسبات مشابهة و أصبح يعطي الدروس للفقراء في الاخلاق…
- عند الاطلاع، سيتبين جليا القيمة الغذائية الضعيفة لمحتوى الأكياس. و ذلك ناتج بالأساس عن تدمير الرأسمال لمختلف الموارد الطبيعية وللزراعات المعيشية، وجعلها في خدمة الربح كأولوية بدل صحة الانسان. 60% من زراعة الحبوب وتجارتها تتحكم بها أسرة أمريكية. مثلما تتحكم بالأسعار و الفوائض التي يمكن التخلص منها برميها في البحر حفاظا على الأسعار من الانخفاض، وَقْتَ أنَّ الملايين من الناس تموت إما جوعا أو نتيجة سوء التغذية. بالمقابل تفرض اتفاقيات التبادل الحر التخلص من زراعات بعينها(الحبوب) و توجيه السياسات الفلاحية نحو مغروسات بعينها(تلك الموجهة للتصدير و تستهلك ما يقارب 95% من المياه المعبأة المتأتية من الأمطار)، فانتقل المغرب من منتج لحاجياته من الحبوب الى مستورد، في تبعية غذائية قاتلة ونحن “بلد فلاحي” كما نسمع منذ الصغر. و يختفي وراء هذا الإجراء لوبي من مصلحته هذا التحول، كونه يستفيد من الاعفاء من حقوق الجمارك و من الدعم المخصص لاستيراد الحبوب.
- لا أحد يسأل عن القيمة الغذائية لمحتوى الأكياس في بلد يصنف ضمن بلدان العالم الثالث. ولا عن شروط السلامة الصحية التي تتم فيها المعالجة. في شريط ل envoyé spécial : qu’ est’ ce qu’on mange ? بتاريخ 27 يونيو 2019، نعرف كيف تصنع الشركات الغذاء (اللحوم مثلا) من انتزاع المواد المغذية من الحبوب. هذا في أوروبا.
- لقد دمرت الرأسمالية الحبوب المحلية والأراضي الخصبة بالاستعمال المكثف للمبيدات والمغروسات الهجينة، مثلما دمرت التقاليد الزراعية المعيشية للسكان المحليين و حكمت على صغار الفلاحين بالبؤس و هجر الأراضي وبيعها تحت ضغوط ارتفاع تكاليف الفلاحة لكبار برجوازيي الزراعة التجارية والصناعية الكبيرة.
- تقع “تكانت” ضمن المجال الترابي لإقليم كلميم المستفيد من الدعم، بناء على معايير الفقر(البطالة 17%)، القدرة الشرائية، الخ. كان الاقليم يتوفر على بناية للمطاحن الكبرى أغلقت أبوابها منذ 2006. حكم مستغلها بالموت على عمالها وأسرهم و على سكان الجهة بدفعهم للسقوط بيد المضاربين.
- حان الوقت لإعادة تشغيل المطاحن الكبرى بكلميم وتأميمها، و انصاف عمالها بأثر رجعي منذ توقيفهم عن العمل ودون تكرار للمأساة، و توفير دقيق صحي ومغذ، في احترام تام للشروط الصحية خلال الإنتاج و ضمان الحقوق الاجتماعية والنقابية للعمال، وتوفير الدقيق لكل سكان الجهة؛ دون تمييز؛ وللمناطق الأخرى من البلد المحتمل أن تعاني من الخصاص في الدقيق.
بقلم/يوسف
أطاك المغرب