الخوصصةملفات دراسية

إغلاق مؤسسة عمومية بنيابة انزكان أيت ملول، استمرار لتدمير المدرسة العمومية

إغلاق مؤسسة عمومية بنيابة انزكان أيت ملول، استمرار لتدمير المدرسة العمومية

افتتح الموسم الدراسي الجديد بنيابة انزكان أيت ملول بغلق مؤسسة ابتدائية عمومية و يتعلق الأمر بمدرسة ابن حزم الموجودة بمدينة الدشيرة الجهادية. يأتي غلق المؤسسة بعد قرار النيابة التي اتخذته دون إبلاغ أباء وأولياء التلاميذ الذين فوجؤا يوم 3 شتنبر بأبواب المدرسة مغلقة وبإعلان يأمرهم بنقل أبنائهم إلى مدرسة 20 غشت، مما أثار غضب أسر التلاميذ و التلميذات الذين قاموا بتنظيم وقفات احتجاجية ومسيرة صوب عمالة انزكان أيت ملول ضد نقل أبنائهم قسرا إلى مدرسة أخرى، خاصة وأن المدرسة المعنية تعاني بدورها اكتظاظا في عدد التلاميذ.

تقلص عدد التلاميذ بالتعليم الابتدائي العمومي نتيجة مباشرة لتفكيك المدرسة العمومية

بررت النيابة قرارها  بتضاؤل عدد التلاميذ، الذي انتقل من 327 تلميذ وتلميذة موسم 2007-2008 إلى 125 تلميذ وتلميذة موسم 2014-2015، و”لترشيد وعقلنة الطاقات”. و في الواقع، ليس قرار النيابة إلا ذليلا آخر على الحلول الترقيعية التي تلجأ لها النيابات لتدبير قلة طاقم التدريس الذي تشكوا منه جل المؤسسات التعليمية العمومية. فعوض توفير الأطر و المعدات الكافية تلجأ الدولة اليوم إلى غلق المدارس وتحويل التلاميذ و الأطر إلى مؤسسات أخرى دون اكتراث بمستويات الاكتظاظ  المرتفعة التي تؤثر سلبا على المستوى التعليمي للتلاميذ.

إن استمرار تراجع عدد التلاميذ يرجع بالأحرى إلى تدهور شروط التحصيل العلمي في المدرسة العمومية التي تركتها الدولة تتخبط في مشاكل الاكتظاظ و عملت على تقليص عدد المدرسين و الطاقم الإداري، فضلا عن رداءة مناهج الدراسة، وبالمقابل تعمل الدولة على تشجيع القطاع الخاص، عبر مساعدات متنوعة و  حوافز ضريبية مقدمة للرساميل الخاصة المستثمرة في التعليم ، عكس المدارس العمومية الذي يتكدس بها أبناء الفقراء دون تحقيق حتى المستوى الأدنى من المهارات الأساسية. إن تزايد الإقبال على التعليم الخاص من طرف الأسر رغم ارتفاع تكاليفه المالية ليس اختيارا، بل نتيجة مباشرة لحجم الهجوم الذي لحق التعليم العمومي لصالح التعليم الخاص.

و يعد تشجيع القطاع الخاص من بين أولويات “إصلاح” التعليم بالمغرب، بدء بالميثاق الوطني للتربية و التكوين سنة 2000 ثم المخطط الاستعجالي الذي تبنته الدولة سنة 2009 بعد إقرارها بفشل الميثاق في بلوغ الأهداف المسطرة. ويعد هادان المخططان خطوتان كبيرتان نحو خوصصة التعليم،إذ أعلنت الدولة عن هدف بلوغ نسبة مساهمة القطاع الخاص % 20 في سلكي التعليم الابتدائي و الثانوي في سنة 2010.

رغم تبني الدولة لشعارات من قبيل تعميم التعليم العمومي و تحسين أداء المدرسة العمومية، يبقى ذلك مجرد كلام لا يخفي عزمها التخلي عن التعليم كخدمة عمومية وفسح المجال أمام الخواص. و قد أتبت “التقرير الذي أنجزته مجموعة من المنظمات بالمغرب(1) حول خوصصة التعليم المقدم إلى لجنة الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية لمنظمة الأمم المتحدة في دورتها 55 حول المغرب”، تزايد عدد المدارس العمومية المغلقة، بحيث بلغ عددها191 مدرسة خلال فترة قصيرة جدا لا تتجاوز خمس سنوات، أي ما بين مواسم 2008 و2013. و مقابل ذلك أتبت التقرير المشار إليه تضاعف عدد المسجلين بالقطاع الخاص بعد مرور ثلاثة عشر سنة على تطبيق الميثاق. و أشار نفس التقرير إلى تراجع عدد تلاميذ التعليم العمومي خلال نفس الفترة.

 

إغلاق مؤسسة ابن حزم الابتدائية حلقة أخرى في مسلسل الهجوم على المدرسة العمومية

 

يعد التزام المغرب ببرامج التقويم الهيكلي المفروضة من طرف البنك العالمي وصندوق النقد الدولي في بداية الثمانينات سببا رئيسيا في تدمير التعليم العمومي، إذ تشترط هذه السياسات تحرير الخدمات الاجتماعية و تقليص حصة النفقات الموجهة لها من أجل توجيهها لأداء الديون. و تعتبر هاتان المؤسستان الماليتان العالميتان الموارد المالية الموجهة للقطاعات الاجتماعية، رغم ضآلتها، هدرا لميزانية الدولة. وللتذكير، فإن نفقات التعليم لم تتجاوز 6,4%(2) من الناتج الداخلي الإجمالي، في حين يعادل حجم المديونية العمومية 78%  من الناتج الداخلي الخام، و بلغت خدمة الدين لوحدها 163 مليار درهم، وهو ما يعادل بأكثر من ثلاثة أضعاف ميزانية التعليم لسنة  2013(3).

إن قرار إغلاق مؤسسة “ابن حزم” وما سيليه من قرارات شبيهة ليس مجرد إجراء بسيط تقوم به هذه النيابة أو تلك، بل يأتي في سياق مواصلة الدولة الإجهاز على المدرسة العمومية وحرمان أبناء الأسر الفقيرة من تعليم مجاني جيد.

نضال أسر تلاميذ وتلميذات مدرسة ابن حزم نضال من أجل تعليم عمومي مجاني وجيد

خاضت الأسر بمعية أبنائها نضالات ضد قرار إغلاق المدرسة منذ 7 شتنبر، توجت بمسيرة صوب عمالة انزكان أيت ملول من أجل إعادة فتح المدرسة في وجه التلاميذ و التلميذات. إن نضال أباء وأولياء تلاميذ  مدرسة ابن حزم هو نضال كل أبناء الأسر الفقيرة من أجل الحق في تعليم عمومي مجاني وجيد.

إننا في جمعية أطاك المغرب عضو الشبكة الدولية للجنة من أجل إلغاء ديون العالم الثالث- مجموعة انزكان نعلن تضامنا مع نضالات أسر التلاميذ والتلميذات بمدرسة ابن حزم المغلقة بمدينة الدشيرة الجهادية التابعة لنيابة انزكان أيت ملول و نطالب بما يلي:

  • إعادة فتح مدرسة ابن حزم في وجه كل التلاميذ و التلميذات.
  • وقف إغلاق المؤسسات التعليمية العمومية وتفويتها للخواص ولشركات العقار
  • التراجع عن برامج الخوصصة المسؤولة عن الإجهاز على التعليم كخدمة عمومية.
  • وقف توجيه موارد ميزانية الدولة لتسديد خدمة الدين والقيام بافتحاص للمديونية العمومية وتخصيص الجزء المخصص لتلبية خدمات الدين للاستثمار في التعليم العمومي بما يتيح الرفع من جودة التعليم كخدمة عمومية.

مجموعة أطاك انزكان

——————————————

 

  • Rapport alternatif soumis par la Coalition Marocaine pour l’Education Pour Tous, la Fédération Nationale des Associations de Parents d’Elèves au Maroc, la Global Initiative for Economic Social and Cultural Rights, le Mouvement Anfass Démocratiques, Bayti, l’Union des Etudiants pour le Changement du Système Educatif, ainsi qu’ATTAC/CADTM Maroc.
  • قانون المالية لسنة 2015.
  • نداء جمعية أطاك  المغرب من أجل تدقيق الديون العمومية المغربية: لا تنمية دون إلغاء المديونية:  https://attacmaroc.org/

 

زر الذهاب إلى الأعلى