الديونملفات دراسية

رئيسة البرلمان اليوناني أنقذت شرف سيريزا

 

رئيسة البرلمان اليوناني أنقذت شرف سيريزا

إريك توسان في حوار مع الجريدة الاسبانية دياكونال Diagonal

 

إريك توسان ناطق باسم شبكة اللجنة من أجل إلغاء ديون العالم الثالث وعضو المجلس العلمي لأطاك فرنسا. كان عضوا في لجنة تدقيق الديون في الإكوادور. يعد حاليا المنسق العلمي للجنة من أجل تقصي الحقيقة حول الدين العمومي اليوناني.

 

كيف تقيم الاستسلام الذي وقع عليه أليكسي تسيبراس؟

إنه استسلام حقيقي ذو نتائج كارثية، لأن حكومة تسيبراس أصبحت اليوم متواطئة مع الدائنين في خرق حقوق الإنسان. فمنذ فبراير 2015 وحتى مصادقة الحكومة اليونانية على اتفاق 13 يوليوز، كان لا يمكننا الحديث عن ذلك. وذلك لأن القوانين التي اعتمدتها الحكومة اليونانية آنذاك كانت قوانين تسعى لاحترام حقوق الإنسان وإن بشكل جزئي وغير مكتمل، ولكنها مع ذلك كانت قوانين تسعى لاستعادة حقوق الإنسان التي تعرضت لتعديات كبيرة خلال خمس سنوات من السياسات التي فرضتها الترويكا.

وبكل تأكيد، ستنكشف نتائج هذا الاستسلام للشعب اليوناني ابتداء من الخريف المقبل. ويمكن أن نرى ذلك بكل وضوح ابتداء من الآن من خلال مصادقة البرلمان اليوناني ليلتي 15 إلى 16 يوليوز ثم 22 إلى 23 يوليوز على قوانين اقترحتها الحكومة، وهي في الحقيقة قوانين أملاها الدائنون وستؤثر بشكل خطير على الشعب اليوناني. إنها قوانين تخرق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمدنية والسياسية. ومن بينها يمكن سرد قانون صودق عليه ليلة 22 إلى 23 يوليوز، يسمح للبنوك بطرد الأسر التي لها قرض عقاري من منازلها إذا لم تستطع تسديد دينها. وتجب الإشارة أيضا إلى رفع الضريبة على القيمة المضافة إلى 23% على جزء كبير من المواد، وخفض معاشات التقاعد حتى تلك التي توجد تحت عتبة الفقر المطلق، هذا في الوقت الذي سبق أن تقلصت فيه بنسبة 40% بين 2010 و2014.

يتعلق الأمر أيضا بخرق الحقوق المدنية والسياسية. فعدم احترام التصويت الشعبي لاستفتاء يوم 5 يوليوز يعد خرقا للحقوق المدنية والسياسية للشعب اليوناني. كما أن إرغام البرلمان على التصويت دون أي إمكانية للتعديلات، وتقديم مشروع القانون للبرلمانيين 24 ساعة قبل التصويت عليه، يعد خرقا للسلطة التشريعية، أي لحقوق الشعب.

 

لماذا تعتبر أن حكومة أليكسي تسيبراس استسلمت؟

استسلمت لأنها لم تكن مستعدة لمخالفة الدائنين، في حين أن الطريقة الوحيدة لإقامة ترابط بين القوى المؤيدة للشعب وللحكومة اليونانية كانت ستكمن في وقف تسديد الديون وفرض رقابة على البنوك ضد مالكي الأسهم الخواص والذين، رغم أنهم أقلية، يواصلون إملاء سياستهم. تملك الدولة اليونانية أسهما “تفضيلية” في البنوك لكنها لا تمنحها حق التصويت. وكان حريا بحكومة تسيبراس أن تغير قوانين هذه الأسهم، لكنها لم تقم بذلك لكي تتفادى المواجهة ليس فقط مع الدائنين والاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، ولكن أيضا مع أصحاب البنوك اليونانيين مع أنهم مسؤولون عن الأزمة المالية ودخول الترويكا منذ 2010. كان حريا بها أيضا أن تطلق عملة إلكترونية تكميلية، لكنها لم تقم بذلك كي لا تدخل في مواجهة مع البنك المركزي الأوروبي.

 

ماذا ستكون نتائج هذا الاستسلام؟

بلا شك، سيؤدي هذا الاستسلام إلى خيبة أمل كبيرة، وستؤدي إلى إحباط وإن لم يكن قد دب بعد في أوساط السكان اليونانيين الذين مازالوا، حسب استطلاعات الرأي، يؤيدون تدبير حكومة تسيبراس. ومن المحتمل أن تبدو نتائج هذا الاستسلام للمواطنين ابتداء من الخريف المقبل وسيتبدل الرأي العام بسرعة. هذا ما سنراه.  لكن من المؤكد أن يحصل إحباط كبير جدا قد يؤدي أيضا، بعد مرور سنة أو أكثر، إلى توسيع التصويت الشعبي على النازيين الجدد في حزب “الفجر الذهبي” (Aube dorée).

 

وماذا ستكون نتائج ذلك على لجنة تقصي الحقيقة حول الدين اليوناني؟

أريد أن أؤكد على دور زوي كوستانتوبولو (Zoé Konstantopoulou)، رئيسة البرلمان اليوناني التي أنشأت لجنة تقصي الحقيقة، في إنقاذ شرف سيريزا، هي بمعية 31 نائبا صوتوا ضد اتفاق 15 يوليوز (أنظر خطاب زوي على موقع أطاك المغرب: https://attacmaroc.org/?p=3412 ).

قررت هذه الرئيسة عدم الاستقالة من منصبها. طالما أنها لا تزال في منصبها، ستواصل لجنة تقصي الحقيقة بوضعها القانوني الحالي. وإذا ما تمت إقالتها قسرا، بتصويت من اليمين وجزء من سيريزا، أو إذا ما قررت تغيير موقفها وترك رئاسة البرلمان، سوف تستدعي اللجنة أعضاءها لمواصلة عملها بشكل مستقل. وكيفما كان الحال، ستواصل زوي كوستانتوبولو الاشتغال مع اللجنة. وباختصار، طالما هي في منصبها، ستواصل لجنة تقصي الحقيقة العمل مع البرلمان، وإلا ستواصل عملها بشكل مستقل دون دعم مؤسساتي.

 

من جميع ما اكتشفته لجنة تقصي الحقيقة حول الدين اليوناني، ما هي الأمور التي تبدو لك خطيرة جدا؟

إن أخطر ما اكتشفته لجنة تقصي الحقيقة كان واضحا، وهو كون جميع الديون التي يطالب بها الدائنون في الترويكا هي ديون غير مشروعة، وكريهة، وغير قانونية، أو غير محتملة (لا تطاق). لا يتعلق الأمر بجزء من الديون فقط، بل بمجموعها.

 

ما هي السيناريوهات المحتملة اليوم في اليونان؟

أصبحت حكومة تسيبراس رهينة اليمين، حيث أنها لا تضمن الأغلبية إلا بتصويت أحزاب اليمين (تو بوتامي، والحزب الاشتراكي، والديمقراطية الجديدة، والمستقلين المتحالفين مع الحكومة). لقد عدنا إلى وضعية حيث تقوم فيها الأحزاب الثلاثة اليمينية التي خسرت استفتاء يوم 5 يوليوز 2015 بمعية الدائنين بإملاء القوانين التي على البرلمان المصادقة عليها. فبهذه الأغلبية، صادق البرلمان ليلة 22 إلى 23 يوليوز على إصلاح قانون الأحوال المدنية الذي تمت صياغته خلال فترة حكومة ساماراس. إن الوضع السياسي الحالي يتناقض بشكل كلي مع توجه الأغلبية الذي عبر عنه استفتاء يوم 5 يوليوز.

 

وهذا ما يجعله لا يطاق. متى ستتم الدعوة إلى انتخابات جديدة؟

ليس من السهل إطلاق تكهنات. من المؤكد أن الاتفاق الحالي لن يعطي النتائج التي ينتظرها الدائنون ويطالبون بها. سيواصلون مطالبتهم بمزيد من الإصلاحات المضادة وقوانين التقشف. إلى متى سيطالب أليكسي تسيبراس بتنفيذ سياسة تتناقض مع برنامج سيريزا؟ لا أحد منا يعرف. لا نعرف أيضا إذا كان العمال والمواطنون اليونانيون سيخوضون أشكالا احتجاجية مكثفة خلال هذا الصيف لكونهم مستنزَفون. ومازال جزء منهم يأملون بأن يتمكن تسيبراس من إنعاش النشاط الاقتصادي. ومن شأن نجاحه في ذلك أن يكبح التعبئة. علينا استحضار استنزاف القوى كعامل أساسي. فالناس شاركوا في إضرابات جماهيرية وفي احتجاجات الشوارع من 2010 إلى 2013، وليسوا مستعدين لخوض احتجاجات جديدة كما أنهم ليسوا مقتنعين بأنها ستوصلهم إلى تغيير سياسي.

 

كتبت مؤخرا بأن هناك “بدائل ممكنة لاستسلام تسيبراس”. هل هناك حزب أو تيار أو شخصية سياسية يونانية قادرة على تنفيذ هذه البدائل؟

لا نعرف متى سينعقد المؤتمر الوطني لحزب سيريزا (تبين فيما بعد هذا الاستجواب أنه سينعقد في شتنبر). لكن حتى الآن، مازالت أغلبية اللجنة المركزية لحزب سيريزا ضد الاتفاق ولصالح إجراءات راديكالية. لكن مادام لم ينعقد اجتماع اللجنة المركزية أو مؤتمر استثنائي، لا يمكن التكهن بما سيقع. سيكون هناك ضغط كبير لأنصار تسيبراس.

 

في بدائلك لاستسلام تسيبراس (أنظر “مقترحات بديلة لاستسلام السلطات اليونانية ليلة 15 إلى 16 يوليوز 2015” على موقع أطاك المغرب: https://attacmaroc.org/?p=3378) طرحت إمكانية خروج اليونان من منطقة اليورو. هل تغير موقف السكان اليونانيين من البقاء في منطقة اليورو؟

مازال غالبية اليونانيين يريدون البقاء في منطقة اليورو، لكني لا أعرف إلى أي مدى يمكن أن نصدق هذه الاستطلاعات، لأنها كانت تتوقع نفس نسبة التصويت بــ نعم وبــ لا. وأظن شخصيا أن أغلبية صغيرة مازالت تريد البقاء في منطقة اليورو.

كنت قد تحدثت عن إجراءات قوية للقطع مع الإذعان للدائنين، ومنها وقف تسديد الديون، وتأميم البنوك، وفرض رقابة على حركة الرساميل، وسن عملة تكميلية. كل هذا ممكن دون الخروج من اليورو، ولكنه قد يؤدي إلى الخروج من منطقة اليورو. أعتقد شخصيا أن الخيار بين الخضوع لشروط الدائنين أو الخروج من اليورو هو مأزق مزيف نظرا للوضعية التي أصبحت توجد فيها اليونان بين يناير ويونيو. لكن الوضع تغير مع استسلام يوليوز. وأصبح الخروج من منطقة اليورو خيارا مطروحا. وعلينا تعميق هذا الخيار بالنسبة لحالة اليونان. وأظن أن الخروج من منطقة اليورو أصبح أفقا ضروريا.

 

ما هو رأيك بصدد موقف بوديموس من اليونان ومن الديون؟

أتمنى أن ينأى حزب بوديموس عن استسلام سيريزا ويستخلص منه الدروس الناجعة. يجب التشبث ببرنامج بديل جذري إذا أردنا أن نجسد حكومة تغير الوضع لصالح المواطنين الاسبان والشعوب الأوروبية. أما الخطر، فهو أن يصبح بوديموس منظمة ترفض النظام وهي تندمج فيه. أتمنى أن يكون الأمر عكس ذلك.

4 غشت 2015

ترجمه عن الإسبانية شارلوت جيهين.

تعريب جمعية أطاك المغرب

المصدر:  http://cadtm.org/La-presidente-du-parlement-grec-a

 

 

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى