كتب وكراريس

قراءة ل”الكتاب الأسود للرأسمالية”

في اطار برنامج المكتب المحلي  لمجموعة أطاك بن جرير، نظمت دورتين تكوينيتين ، تهدف الى رفع الوعي بأرضية النضال في اطاك كحركة ظهرت في بداية العقد الماضي ، ضمن البحث عن البدائل المناهضة للعولمة الرأسمالية. في هذا السياق تم مناقشة كتاب “الكتاب الأسود للرأسمالية” من تأطير احمد ركني، عضو المجموعة المحلية.  

يعرض الكتاب تاريخ فظائع الرأسمالية على مدى القرون الخمسة الماضية، من جرائم الرق، وإبادة الشعوب، واستنزاف الثروات والموارد حول العالم وحرمان أصحابها منها.

سلسلة من الانتهاكات والجرائم الكبرى

أو كما يصفه موريس كوري فقد غدا هذا النموذج هو النشيد الشامل الذي لا يرتله المسؤولون الاقتصاديون ومعظم المسؤولين السياسيين فحسب، بل ويرتله أيضا المثقفون والصحفيون الذين يستطيعون الوصول إلى وسائل الإعلام الرئيسية المرئي منها والمسموع، والصحافة ودور النشر الكبرى.

الفكر الآخر ليس ممنوعا، ولكنه يجول في أقنية شبه سرية، تلك هي حرية التعبير التي يتشدق به أنصار نظامنا الليبرالي.

من خلال تعميق التفاوتات الاجتماعية بين مواطني المجتمعات وبين دول شعوب الشمال و الجنوب ، عبر اليات نمو الصناعة والتجارة المتحكم فيها من قبل خدام الرأسمالية ومؤسساتها: البنك الدولي، صندوق النقد الدولي، منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، المنظمة العالمية للتجارة.

وتزداد اشكال التحم في اقتصاديات الشعب عبر الية الدين : مديونية العالم الثالث بعد ان نهبت ثرواتها في عقود الاستعمار الاسود ، والاستعمار الحديث بفرض سياسات تقشف صارمة من اجل تسديد قيمة الدين وفوائده ، وفرض املاءات لمتابعة التسديد ، تقضي بتراجع الدولة عن تغطية النفقات العمومية للتعليم والصحة والبيئة والثقافة مقابل تشجيع الاستثمار في  القطاع الخاص خاصة فتح الابواب لنهم الشركات المتعددة الجنسية وتسليع كل القيم الانسانية.

في حين رغم رفعها راية الديمقراطية وحقوق الانسان ، فانها لاتتوانى في تعبيد الطريق امام البحث عن الثروات ، واستعمال الية  الحروب لاثراء شركات انتاج الاسلحة . وكانت معاهدة شمال الأطلسي التي عقدت في أبريل/ نيسان 1949 والمنظمة التي انبثقت عنها (الناتو) بداية لحرب طويلة أرهقت العالم، وفتحت المجال لسباق التسلح.

ويتتبع جان سورية التدكير بالتاريخ الاسود للراسمالية قائلا :

“ثروة أوروبا الغازية، مهد الرأسمالية، بنيت على استغلال وإبادة الهنود الأميركيين الذين هبط عددهم في ثلاثة قرون من 40 مليونا إلى 20 مليونا، وعلى إبادة الشعوب الساحلية لأفريقيا الغربية التي خسرت 20 مليون شخص في ثلاثة قرون”

وقد خصص المستوطنون الجدد في مرسوم صدر عام 1703 مكافأة مقدارها 40 جنيها إسترلينيا مقابل فروة رأس هندي، أو مقابل كل هندي أحمر يتم أسره، وفي العام 1720 رفعت المكافأة إلى 100 جنيه.

يقول فيليب باربر، مؤلف كتاب “سود أميركا، تاريخ نبذ” لقد بنيت ثروة أوروبا الغازية، مهد الرأسمالية، على استغلال وإبادة الهنود الأميركيين الذين هبط عددهم في ثلاثة قرون من 40 مليونا إلى 20 مليونا، وعلى إبادة الشعوب الساحلية لأفريقيا الغربية التي خسرت 20 مليون شخص في ثلاثة قرون بسبب تجارة الرق.

ولم يخطئ الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور عندما تحدث عام 1954 عن مجمع عسكري-صناعي، فالتشابك الوثيق بين رأس المال والبنى العسكرية الكبيرة هو ما يميز إمبريالية النصف الثاني من القرن العشرين.

يعرض عالم الاقتصاد فرانسوا شيزنيه شواهد وحالات :”النظام الرأسمالي مستمر في صنع عذاب مليارات البشر وفي نهبهم بإبقائه ثلث البشرية في مستوى حياة القرون الوسطى الأوروبية، ذلك أن قانون الربح يبقى مليارين من الرجال والأطفال في مستوى العام 1000 ونصفهم لا يعلمون حتى ما إذا كانوا سيأكلون غدا”.

-الكتاب: الكتاب الأسود للرأسمالية

-المؤلف: عدد من الباحثين،(30 دراسة) لمفكرين وفلاسفة من شتى أنحاء العالم، مثل موريس كوري، وجان سوريه، وفيليب باربر، وروجيه بوردييه.

-ترجمة: أنطون حمصي

-عدد الصفحات: 440

-الناشر: دار الطليعة الجديدة, دمشق

-الطبعة: الأولى/2006

زر الذهاب إلى الأعلى