العولمة الرأسمالية

رأسمالية العنف والهيمنة

بينت عدة دراسات انتروبولوجية حديثة أن إلى حدود القرن 19 عشر هناك مجتمعات تعيش على في ظل أنظمة جماعية  ” les commines ” وتسير نفسها بنفسها بعيدا أنانية الأفراد ،وقد سمها  الانتروبولوجي الأمريكي “لويس مورغان”” مجتمعات اللاعنف”، ،إلا أن الرأسمالية الناشئة  قطعت البحار والمحيطات باسم “الاكتشاف العلمي والجغرافي  “والاستعمار الديني التبشيري ”  من اجل السيطرة على خيرات الشعوب ما قبل الرأسمالية بواسطة العنف والحروب المدمرة للحضارات والثقافات الإنسانية . (1)

شكل بروز النظام الرأسمالي انعطافة تاريخية  في العلاقات الإنسانية وفي الإنتاج والقيم  منذ القرن 18 ،لم تراهن الرأسمالية  على المسار الحتمي التطوري بل قوضته وساندته بأساليب عنيفة ،وانتهجت الحروب الاستعمارية الاستنزافية طيلة القرنين الماضيين بل وصلت إلى مستويات من البربرية ،فأسلوب العنف والقوة سيمتان ملازمتان لرأسمالية العالمية،فبالعنف والقوة تم إخضاع الشعوب للهيمنة الامبريالية وتم تفكيك المجتمعات ما قبل الرأسمالية ،وباسم القيم الرأسمالية قتل الأطفال والنساء ودمرت الثقافات الشعوب الأصلية وتم إحلال محلها ثقافة معولمة مهيمنة وانتشرت الحروب من طرف العصابات الصوصية  (2) 

على مدى أزيد من ربع قرن لازال منظرو العولمة الرأسمالية يواصلون حملاتهم التبشيرية بالأساليب النيوليبرالية في عدة محافل دولية بل تشكلت قوى كبرى تتزعمها أقطاب اقتصادية وسياسية عظمى تغزو أدمغة البشر وتقصفها بأفكار تذميرية تنتج العنف والحروب  الاستنزافية ودلك بنهج خيار” قوة الملكية هي قوة السيطرة”.

فابسم حرية الأسواق ،وحرية السلع ورؤوس الأموال والمزاحمة الحادة في الأسواق والمستعمرات، وإطلاق العنان للشركات الاستيطانية ودعم الصناعة التدميرية لكوكبنا،ونشر الرعب باسم الإرهاب الدولي،وإشعال الحروب الأهلية،يتم تم تدمير الإنسان في جوهره كانسان بزراعة الحقد والعنف والإرهاب.

يقولون لنا في مقرراتهم الدراسية إن الرأسمالية لها الفضل الكبير في تحول العالم إلى قرية صغيرة لتسهيل التعامل مع البشر،لكن في الحقيقة الرأسمالية حولت العالم إلى قرية للبضائع يسيطر عليها حفنة من العصابات الوصوصية  التي تسعى إلى الربح السريع وتسويق  أسلحتها المدمرة من اجل السيطرة على موارد كوكبنا.

إن ما يشهده العالم من توسيع رقعة الحروب وإشعال الفتن الطائفية والتدخل في النزاعات الإقليمية والدولية هو آلية من آليات الرأسمالية البربرية  التي بدأت مند القرن 19 في غزو الشعوب ،وقد عبر اليساري الفرنسي ليون ميو léon Milot سنة 1903 عن النزعة الحربية المغلفة بغطاء الرسالة الحضارية للامبريالية بقوله” انه لم يكن ضروريا حقا القيام بثورة 1792 وما بعدها،وتحرير الاقنان ثم إعلان المساواة بين الناس ..للذهاب إلى إرجاء الأرض من اجل تقتيل شعوب سوداء أو صفراء لم تجني في حقنا أي شيء،وتشجيع العبودية بنوع من النفاق..”(3

 

 

—————————

(1) لويس هنري مورغان (1818-1881) :انتروبولوجي أمريكي درس ثقافات المجتمعات ما قبل الرأسمالية

(2) العصابات اللوصوصية  يطلقها الاشتراكي الفرنسي جان جوريس جان جوريس (Jean Jaurès) على الامبريالية الاستعمارية(  ولد سنة 1859 واغتيل سنة 1914 لأنه من اشد المعارضين لكل أشكال الحرب في بداية القرن 20.)

(3) كان ليون ميلو léon Milot(1881-960) من اشد المعارضين للحرب الاستعمارية الفرنسية على دول شمال إفريقيا وغرب إفريقيا وبسبب مواقفه المعارضة للحرب تم اعتقاله عدة مرات في فرنسا

 

  بقلم: حسن اكرويض( اطاك المغرب)

زر الذهاب إلى الأعلى