أنشطة الجمعيةالاتفاقات الاستعماريةالديونبيانات وتقارير

كلمة اطاك : الحكومة تواصل رهن المغاربة لصندوق النقد الدولي

“صندوق النقد الدولي يقرضك، وحتى يطمئن على ماله، يأتي ليفتحص حساباتك….عند التوقيع على خط الائتمان والسيولة، بدأ الصندوق يأتي عندنا كل ست أشهرمن أجل تتبع الوضع الاقتصادي للبلد: المؤشرات المتعلقة بعجز الميزانية، التوازنات الكبرى، ميزان الأداءات”.  الكلام لرئيس الحكومة، عبد الاه بن كيران. تصريح واضح و قد يغنينا عن تعريف ما نسميه في العديد من إصداراتنا في أطاك المغرب ب “املاءات المؤسسات المالية الدولية” و” فقدان السيادة الوطنية “، وهو أمر ليس جديدا فصندوق النقد الدولي كان يفعل ذلك منذ وقوع بلدنا في فخ المديونية الجهنمي بداية ثمانينات القرن الماضي،  لكن لا بأس أن نذكر كيف يتجلى ذلك وما هو أثر “تتبع الوضع الاقتصادي من طرف” صندوق النقد  الدولي ” على حياة المواطنين.

في فبراير الأخير قدم صندوق النقد الدولي خلاصات لزيارته النصف سنوية للمغرب. لم يخف مجلس إدارة الصندوق “ارتياحه” لوضع الاقتصاد المغربي وذلك “بعد إجراءات حازمة من جانب السلطات لإعادة التوازن إلى الاقتصاد المغربي والحد من الضعف المالي “- من بين هاته الإجراءات: تقليص ميزانية الاستثمار، الحد من التوظيف في القطاع العام، الرفع من الضربية على القيمة المضافة على مواد اجتماعية، عدم تعويض الموظفين المتقاعدين وأخيرا الكف عن دعم المواد النفطية في إطار تفكيك صندوق المقاصة. إجراءات كانت و مازالت لها تكلفة اجتماعية ترجمت بزيادة في الأسعار و ارتفاع في فواتير الماء والكهرباء. رغم التقشف المطبق مازال صندوق النقد الدولي يطالب بالمزيد.

“من الضروري تنفيذ الإصلاحات بشكل متواصل حتى تعزيز استقرار المؤشرات الماكرو اقتصادية وتسريع وتيرة النمو و تحقيق أفضل تقاسم المنافع”. بكل وضوح يدعو الصندوق للمزيد من الإجراءات الاجتماعية الصعبة على الفئات الشعبية والمتوسطة من خلال الرفع من الدعم على ما تبقى من المواد خاصة الغاز المنزلي والسكر. ما لا يقوله الصندوق أن الإجراءات المتبعة  لم تعد تهدف لأي نمو اقتصادي وتقبر أي مشروع لسياسة اجتماعية متكاملة. عن أي مؤشرات ايجابية يتحدث صندوق النقد؟ الاقتصاد المغربي حقق نموا  ب 2 في المائة في2014 أي أقل من نصف نسبة النمو المتوقعة من طرف الحكومة. وسيحقق حسب التوقعات 5 في المائة في أحسن الأحوال في 2015 وذلك رغم سنة فلاحية “جيدة “. الحكومة الحالية رهنت مستقبل المغاربة في يد صندوق النقد الدولي والدائنين. الهاجس الأول لهاته الحكومة كما باقي الحكومات المغربية التي سبقت هو تسديد الديون و حماية مصالح أقلية حاكمة.

في 2015، سطر صندوق النقد  الأوليات على الشكل التالي:

 1. تسديد الديون.

2. تمرير الإصلاح الرجعي لصناديق التقاعد المدنية

 3.الإصلاحات الهيكلية لتحسين التنافسية من خلال السماح بحركية أكبر لخروج رؤوس الأموال من المغرب

4. تحسين “الشفافية والحكامة”

5. قانون شغل أكثر مرونة يسهل تسريح العمال.

أولويات صندوق النقد الدولي ترجمها قانون المالية 2015 الذي لم يعبر عن رغبة في تغيير المسار أو مخالفة شروط المؤسسة المالية الدولية. هاته الأخيرة ستنزل بكل ضغطها من أجل أن يستمر المغرب ك”تلميذ نجيب” للدائنين خاصة وأن السنة الحالية تتسم بارتفاع مهول لخدمة الدين.   

 بعد أن ارتفعت خدمة دين الخزينة في 2014 ب31 في المائة، ستستمر نسبة تسديد الديون في 2015 ب 18,7 في المائة مقارنة بالسنة المالية السابقة. حيث تتوقع ميزانية 2015 استحواذ خدمة الديون في 2015 على 68 مليار درهم من مجموع الميزانية العامة – وهي توقعات تجافي دائما الحقيقة ، فمعدل ما يسدده المغرب سنويا يتعدى ذلك بكثير، فمثلا في 2012 سدد المغرب 115.8 مليار درهم و في 2013 بلغ مجموع خدمات الدين 163.2 مليار درهم –  ذات الميزانية افترضت ان  تسديد أصل الدين الداخلي سيمثل 37 مليار، بارتفاع ب27 في المائة. أما الفوائد فهي أيضا سترتفع ب10 في المائة. تسديد الديون الخارجية أيضا في ارتفاع ب6 في المائة.  إذن ليس غريبا أن نرى صندوق النقد الدولي “يفتي” الحكومة المغربية فيما يجب أن تفعله من عدمه.

بين تلبية الاحتياجات الأساسية (الغذاء، السكن، الرعاية الاجتماعية والصحة والتعليم) للمغاربة أو تسمين كبار الدائنين، خيار الحكومة واضح. جمعية أطاك المغرب اختارت منذ تأسيسها في 2001 النضال ضد تجليات العولمة الليبرالية بالمغرب ومنها “منظومة الديون”. هذه الديون، تثقل ميزانية الدولة،  وتعوق الاستثمار، وتؤدي الى تقليص الميزانيات الاجتماعية بشكل حاد، وتعمق برامج التقويم الهيكلي، وتفرض إجراءات تقشفية توسع البطالة والفقر، وترهن سيادتنا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وغذائيا وبيئيا. فلا تنمية اقتصادية أو اجتماعية أو بشرية دون الخروج من هذه الحلقة المفرغة للمديونية. وهذا ما يتطلب اجراء تدقيق شامل لمجموع الديون العمومية المغربية (الداخلية و الخارجية)، و الغاء ما يثبت انها ديون كريهة أو غير شرعية، يشكل ذلك شرطا ضروريا لتحقيق تنمية لصالح من هم تحت، و لأجل استعادة السيادة الوطنية و الشعبية المهدورتان، حيث أن الخيارات الاستراتيجية ببلادنا تمليها المؤسسات المالية العالمية، ويصادق عليها برلمان لا يعكس الإرادة الشعبية حقيقة، وتنفذها حكومات شكلية.

زر الذهاب إلى الأعلى