الديون

ستة أفكار خاطئة حول الدين العام

ستة أفكار خاطئة حول الدين العام

 يسعى الاتلاف من أجل التدقيق المواطني للمديونية العمومية –بفرنسا- لاستكشاف و تطوير وشرح الرهانات التي كشفت عنها الأزمة الحالية مع التاكيد على أن: هناك حلول تقدمية لأزمة الدين ويجب علينا أن نكافح ضد الخنوع وأن نفرض هذه الحلول في النقاش العام.

يجب علينا في البداية ان نكشف زيف الخطاب المهيمن فيما يخص الديون والذي يحاول أن يدفعنا للاعتقاد بأنه لا يوجد بديل عن المعاناة الحتمية للشعوب في سبيل ضمان أرباح أفضل للبنوك.

“الدين هو نتيجة لارتفاع النفقات العمومية”، “نحن نعيش بإمكانيات لا تصل إلى ما تتطلبه حاجياتنا”، “يجب علينا طمأنة الأسواق المالية”. يجب فرض  التقشف”… هل صحيح كل هذا الكلام؟

تهدف هذه الوثيقة إلى تبيان عكس ما جاءت به هذه الأفكار الخاطئة التي يكررونها طيلة الوقت في الإذاعات والقنوات التلفزية، كما أنها دعوة لنقاش هذه القضايا معا في المدن والأحياء والقرى من أجل ربح معركة الأفكار.

الفكرة الخاطئة 1: “إن الدين هو نتيجة للارتفاع المهول للنفقات العمومية”

“نحن نعيش بإمكانيات هي أقل من حاجياتنا…” تردد علينا وسائل الإعلام المهيمنة بأن السبب الرئيسي وراء العجز وبالتالي وراء الديون هو الارتفاع الكبير في النفقات العمومية في السنوات الأخيرة.

وهذا غير صحيح لأن حصة هذه النفقات إجمالا (ميزانية الدولة و الجماعات المحلية ومؤسسات الضمان الاجتماعي التي تضم المسشتفيات العمومية ومجموع أنظمة الضمان الاجتماعي) هي مستقرة منذ عدة سنوات، بل لقد عرفت تراجعا بالمقارنة مع أعلى نقطة وصلت إليها في 1993، حيث مثلت حصة هذه النفقات 55% من الناتج الداخلي الإجمالي في حين لم تمثل سوى 52.3% من الناتج الداخلي الخام، وفي الآن ذاته تبدلت بنية النفقات العمومية (1 ).

و بالتالي فإن أزمة الديون التي تضرب العديد من الدول الأوربية ومن بينها فرنسا، ليس نتيجة لتغيير في سلوك الحكومات التي أصبحت تنفق بشكل كبير. لم يحدث هناك ارتفاع كبير في النفقات العمومية و لكن يمككنا أن نقدم تفسيرات أخرى لهدا العجز، كالنقص في المداخيل الجبائية أو الأزمة المالية الأخيرة.

الفكرة الخاطئة 2: فرنسا لم تعد قادرة على تمويل نمط حياتها، نحن نعيش بإمكانيات هي أقل من احتياجاتنا”.

سيتدهور وضع فرنسا فهي لم تعد قادرة على تمويل نظامها المتعلق الحماية الاجتماعية، ينبغي علينا أن ننسى تلك السنوات التي كانت فيها الامور بخير، لن يكون هناك بديل عن التقشف والمعاناة.

هذا غير صحيح لم تتوقف الثروات التي ينتجها الاقتصاد الفرنسي عن النمو، فهذا الاخير قادر تماما على تمويل النفقات العمومية، إلا أنه ، و في ظل  الإصلاحات الضريبية المتواصلة منذ عشرات السنين لحكومات اليسار كما اليمين ، تم حرمان ميزانية الدولة من موارد مهمة قدمت كهدايا للأثرياء و للشركات الكبرى.

شكلت مداخيل الدولة،بحسب الأرقام الرسمية(2)، % 15.1 من الناتج الداخلي الإجمالي في 2009 مقابل

 % 22.5  في 1982(3). إن الفكرة التي تقول بأننا لم نعد نملك المداخيل اللازمة للنفقات العمومية هي كذبة لتبرير تنفيذ سياسات ضريبية غير عادلة من الناحية الاجتماعية وغير فعالة من الناحية الاقتصادية.

يجب أن تكون أساليب هذا التمويل في مركز النقاشات الديمقراطية ويجب أن ندين فرض السياسات التقشفية التي أصبح يتم تعميمها بشكل كبير، كما يجب إدانة الهجوم الذي تتعرض له بعض المرافق العمومية والمدارس والمستشفيات والمحاكم…) و إدانة الهجوم الذي تتعرض له الحماية الإجتماعية و رفض السياسات التي يتم فرضها في هدا المجال بدعوى بأنه لا يوجد بديل … يجب أن تقوم ثورة مضادة على السياسات الضريبية التي تنهجها أوربا.

فعلى عكس الأفكار الخاطئة التي ينقلها أولئك الخبراء المزعومين، الذين يتبنون الخطاب المهيمن ، فإن تخفيض المداخيل  هو المسؤول عن العجز وليس الارتفاع الكبير في النفقات، كما أن هناك سبب آخر عميق وهيكلي. انه استحواذ الأسواق المالية على اقتصادياتنا .

الفكرة الخاطئة 3: مسؤوليات أزمة الدين تقع على الدولة في حين أن الأسواق المالية لا يمكنها فعل شيء.

وفقا لتقارير اللجنة الأوربية فإن أزمة الدين هي نتيجة للاختلالات الهيكلية التي كانت موجودة قبل أزمة 2007 ومن مظاهرها: نفقات عمومية مهمة وضعف القدرة التنافسية للخدمات العمومية… تتردد هذه الحجج بشكل كبير في النقاش العام.

أنهم يتغاضون عن السبب الأساسي لأزمة الدين: من الواضح أن الأزمة المالية التي اندلعت في 2007 في الولايات لمتحدة كانت عاملا حاسما في مديونية الدول كما أن تحرير الأسواق المالية من أية قيود كان مرحبا به و لم يكن يسمح للطعن فيه و هو كان من الأسباب الرئيسية في اندلاع الأزمة.

لقد ضربت الأزمة المالية بقوة البنوك الأوربية التي قامت بالمضاربة بالمنتوجات توصف مجازا بِكونها “سامة “.  يتعلق الأمر بالقروض العقارية. ترتب عن هذه الازمة المالية، أزمة ثقة مما استوجب تدخل الحكومات لتجنب حدوث أزمة مصرفية. عبر تقديم قروض بأسعار فائدة منخفضة ومن دون أن تفرض على هذه البنوك مقابلات للكتلة النقدية، لقد حالت عملية الإنقاذ هاته من حدوث أزمة خطيرة كانت ستقضى على النظام ككل.

سددت البنوك حاليا جزءا كبيرا من هذه القروض ولكن كان لهدا التسديد انعاكاسات على الأزمة المالية، لأن الدول اضطرت إلى الاقتراض لتستطيع إقراض البنوك العاجزة. ارتفع الدين العام للدول المتقدمة بشكل كبير منذ الازمة المالية 2008،  هكذا ارتفعت  المديونية العمومية،المعبر عنها بنسبة مئوية من الناتج الداخلي الخام، بشكل ملحوظ في مجموع الاقتصاديات المتقدمة ،منذ أزمة 2008.

لقد تراجعت مداخيل الدولة بسبب الركود الاقتصادي وبسبب الاعفاءات الضريبية التي تقدمها الدولة للشركات، مما أدى إلى ارتفاع العجز بنسبة 78 مليار أورو، أي ما يعادل 4 نقاط من الناتج الداخلي الخام ما بين 2007 و2008، الأمر الذي استلزم تدخل الدولة والقيام باستثمارات عمومية.لقد خلفت الأزمة، في جميع أنحاء اوربا، آثارا متشابهة،ووصل متوسط العجز إلى 6 نقاط من الناتج الداخلي الإجمالي.

لقد أدت الأزمة المالية في أوربا، إلى أزمة الدين، ورغم هذه الأزمة المالية فإنه لم يتم وضع آليات لضبط  الأسواق المالية. و في غياب أي رادع في وجه هده الأسواق، تمت المضاربة على الديون العمومية مما أدى إلى تفاقم الوضع أكثر فأكثر، لقد كانت الأزمة المالية و تحرر الأسواق المالية وراء أزمة الديون. لذلك لا يجب أن نظل مكتوفي الأيدي لقد أصبح من الضروري  وضع حد لهذه الأسواق.

الفكرة الخاطئة 4: ليس هناك من خيار آخر سوى ” طمأنة الأسواق المالية “

يقولون لنا بأنه لا يوجد بديل وبأن الأسواق المالية هي التي تقرر لأنها تتوفر على مفاتيح الاقتصاد وبالتالي يجب أن نكون “واقعيين ” وأن نخضع لضغوطات أصحاب رؤوس الأموال، الذين يريدون أن تكون الدولة كأية مقاولة وأن لا تهتم على الخصوص بإعادة توزيع الثروات.

و ” لطمأنة الأسواق المالية “،  يجب تقليص النفقات العمومية وكذلك تقليص الضرائب على الشركات الكبرى وعلى أصحاب الثراوات  الضخمة لتعزيز التنافسية وتشجيع الاستثمار وهذا ما يتم فرضه وكأنه قانون طبيعي.

هذا غير صحيح، إن ما يريدون تمريره وكأنه قانون طبيعي هو نتيجة لموازين القوى والتي هي الآن إلى جانب الشركات المتعددة الجنسيات والبنوك وصناديق الاستثمار، ولكن مع ذلك فإنه من الممكن قلب هذه الموازين.

في الواقع، إن الحكومات هي التي اختارت أن تقيد نفسها بوقوفها ضد تقييد حركة رؤوس الأموال بين الدول الأعضاء (المادة 63 من معاهدة لشبونة ) ووافقت على أن يكون التمويل فقط من الأسواق المالية )منذ معاهدة ماستريخت )، تحن ذريعة الصرامة الميزانياتية.

في فرنسا مثلت هذه التدابير تراجعا كبيرا مقارنة مع الشروط التي كانت تسمح للبنك المركزي لفرنسا ،وفقا لقوانين    1936و1945  و 1973 ،بأن يعيد شراء سندات الخزينة التي تحتفظ بها البنوك في السوق الثانوية -عملية معروفة باسم السوق المفتوحة ( open market )- بعد موافقة البرلمان. كما فاقمت من القوانين المصرفية لعام 1984و1986 من سيطرة الأسواق المالية من خلال تنفيذ إلغاء آليات الضبط المالية ( نهاية الفصل بين بنوك الودائع و بنوك الاستثمار و انفتاح  السوق المالية أمام  شركات التأمين والمؤسسات المالية الأخرى… )

 ولكن يمكن التراجع عن ما قامت به الحكومات و ذلك في إطار سياسات  مضادة للنيوليبرالية عبر فرض قواعد  صارمة على القطاع المالي و المصرفي وحظر المضاربة وفرض ضريبة  على المعاملات المالية وفصل بنوك الاستثمار عن  البنوك العادية وتفكيك البنوك الكبيرة…

 ومن جهة أخرى يجب توفير وسائل  للتمويل عمومي وديمقراطي للاقتصاد ويسمح بانتعاش الاقتصاد الذي لا يكون موجها بشكل  أعمى لتحقيق التنمية وإنما اقتصاد يعطي الأولية للخدمات العمومية والخيرات المشتركة مع  التأكيد على تحسين جودتها .ومن اجل ذلك يجب السماح للدول بان تقترض  من بنوكها المركزية وليس فقط من الأسواق المالية.كما يجب إجراء إصلاح ضريبي جدري للتحرر من وصاية الأسواق المدمرة.

 يتم التهرب في المناقشات العامة من التطرق لدور الأزمة المالية والأسواق   المالية. في حين يريدون أن يفرضوا علينا سياسات التقشف من أجل ” طمأنة الأسواق “. رغم أن هذه السياسات لا تؤدي إلا إلى تفاقم الوضع فضلا على أنها تشغلنا عن التصدي للمشكل الحقيقي.

 الفكرة الخاطئة5:يجب أن نفرض بأن لا يكون هناك عجز بالمرة كقاعدة ذهبية في المالية العامة.

 اذا لم يكن هناك عجز لن يكون هناك ديون.هذا ما يقتضيه المنطق والتفكير السليم.وبالتالي فانه سيكون بإمكاننا الخروج من أزمة  الدين مع قليل من ” الانضباط ” و “الصرامة “،وذلك بالتقليل من الإنفاق.

 وهدا الكلام خاطئ وخطير في نفس الوقت فأن لا يكون العجز بالمرة (zéro déficit) فهذا يعني انه سيتم تمويل الاستثمارات طويلة الأجل بواسطة  الواردات الجارية وهذا الأمر مستحيل التحقق لكون الاستثمار من اجل ا لمستقبل، سيتطلب استثمارات ضخمة والحال أن هذه الاستثمارات ستستخدم على عدة عقود ومن قبل عدة أجيال  الأمر الذي يبرر اللجوء إلى الاستدانة.

تدعي الحكومات  بان الاستثمارات الخاصة هي التي ستتولى تدبير الأمور وذلك إذا ما رفعنا من وثيرة الخوصصة وإذا ما زدنا من مرونة سوق الشعل وإذا ما اخترنا الزيادة في الضريبة على الاستهلاك بدل  الزيادة في الضريبة على الشركات الكبرى. لكن هذه التدابير  التقشفية تفاقم من الركود الاقتصادي.لأنه في غياب ضبط الأسواق المالية سيتم استعمال هذه المبالغ الناتجة عن تطبيق هذه السياسات التقشفية في المضاربة.

 وعلى العكس من ذلك،يجب على الدولة أن توفر لنفسها كل الوسائل للتدخل في الاقتصاد وان تتقبل في بعض الأحيان  أن يكون لديها العجز. فأزمة 1929 التي يستشهدون بها كثيرا، كانت رهيبة ودائمة لأن الحكومات لم تتدخل لدعم النشاط الاقتصادي.

 ومنذ هذه الأزمة ونحن نعلم انه من الضروري أن تتدخل الدولة عندما تقوم الشركات بالتخفيض من استثماراتها وعندما يتقلص الاستهلاك الأسري، وإلا فإنه سيحل الركود وسيكبر مما سيؤدي إلى ارتفاع حاد في معدلات البطالة والفقر.وإذا  ما أضفنا ،إلى ما سبق أن قلناه ، التخفيضات في الميزانية فانه سيؤدي إلى الحلقة المفرعة للتقشف:التقشف،الركود،عجز،دين،تقشف…هذا الافتراض الذي يقول بان العجز يجب أن يكون منعدم قد يؤدي إلى مزيد من الركود والى عواقب لا يكمن تصورها.

 الفكرة الخاطئة 6:للخروج من الأزمة يجب فرض المزيد من التقشف واتخاذ تدابير” مؤلمة” وتخفيض النفقات.

 تقدم الدولة و ” خبراء ” المالية : “الانضباط المالي ” باعتباره السبيل الوحيد للخروج من أزمة الدين  ولكن ماذا يختبئ وراء مصطلح السياسة التقشفية؟. 

 يتعلق الأمر ببرنامج يشمل إصلاحات اقتصادية تقضي  بالتخفيض من الإنفاق العام (في الوظيفة العمومية و في الخدمات العمومية و التعويضات  العائلية و الرعاية الاجتماعية  وبشكل خاص معاشات التقاعد ). كما تقضي بخوصصة الممتلكات  العمومية والهجوم على المكتسبات  الاجتماعية وخاصة الحق في الشغل. بالإضافة إلى  إصلاحات  ضريبية  تؤثر بشكل سلبي على الطبقات الشعبية و  المتوسطة.

إن الهدف من القول بأن: سياسات التقشف ليست مؤلمة بالنسبة للجميع… هو استغلال الأزمة لتكريس النظام النيوليبرالي وهو نظام غير عادل في الأساس:ففي الوقت الذي كانت فيه الشعوب في اليونان والبرتغال تدفع ثمن الأزمة غاليا نجد أن البنوك الأوربية وشركات CAC40 حققت أرباحا طائلة وغير مسبوقة.

 هذه السياسات ليست فقط غير عادلة وإنما هي من الناحية الاقتصادية منافية للعقل. إن البحث بشكل مهووس عن تحسين القدرة التنافسية يقود أوربا إلى أن تخفض أكثر فأكثر من مستوى دخلها ،وكذا التراجع عن بعض المكتسبات الاجتماعية، الأمر الذي يؤدي إلى الركود وكذلك العجز.كما أن الرفع من قيمة الضرائب المباشرة لتغطية هذا العجز لا يزيد الوضع إلا تفاقما.

سياسة التقشف هي حلقة مفرغة ودوامة مدمرة ولقد قادت اليونان إلى فوضى اقتصادية واجتماعية لم يسبق لها مثيل،كما أنها سياسة غير عادلة لأنها تهدف بالأساس إلى تعزيز مصالح الأثرياء والأسواق المالية.أما فيما يخص الديون،فبواسطتها يتم تبرير تصفية الحقوق الاجتماعية.

 يجب أن تتوقف كل هذه الفوضى التي انتشرت بشكل واسع ويجب  علينا أن نضع حدا لسياسات التقشف وان نفرض إلغاء الديون التي تخص الدائنين الخواص وإرساء الشروط العمومية للإقلاع الاقتصادي.

في الأخير يجب التأكيد على الملاحظات التالية:

  • لا يعود العجز الى ارتفاع غير معقول  في النفقات العمومية، و لكن يرجع الى الإعفاءات الضريبية التي كثيرا ما استفاد منها رجال الأعمال و الشركات الكبيرة.
  • إن سيطرة السوق المالية على الإقتصاد كان هو السبب الرئيسي لأزمة الديون كما أن الأزمة المالية كانت سببا للتفاقم العجز.
  • لقد أدى التقشف و الإنضباط المالي بأوربا الى الهاوية. يجب وضع حد لهذا التقشف وكذا توفير الشروط الملائمة لتمويل عمومي و ديمقراطي للاقتصاد.

يُحاول الخطاب السائد التملص من التطرق الى هدة الجوانب الثلاتة المركزية من أزمة الديون حتى يستمر في ترديد الأكاديب و يفرض السياسات التقشفية كحل وحيد. لنتصدى لهده الأكاديب، و لْنعبِئ جهودنا للتصدي ضد هده السياسات  الغير العادلة و الغير المعقولة.

لا يجب أن ننسى ان أزمة الديون تدفع بنا إلى نقاش أعم، ذو بعد أوروبي: إن أزمة الديون هي أزمة أداء منطقة اليورو.لهذا تناضل الائتلاف ضد الميثاق الميرانياتي، يجب تغيير قواعد منطقة اليورو  ، لتخليص أوربا من سيطرة الأسواق المالية.

في الوقت الذي يقترب فيه  ” الميتاق الميزانياتي ” من فرض تقييدات جديدة على جميع البلدان الأوربية ، أصبح من الضروري ، أكثر من أي من أي وقت مضى،القطع مع المخطط الأوروبي، لأجل الخروج من أزمة الديون.

هوامش:

1-              تراجعت نفقات العامة للدولة (الدفاع، التعليم، البحث العلمي، العدل…) بشكل كبير بحيث انتقلت حصتها من 25.5% من الناتج الداخلي الخام في 1993 إلى أقل من 20% في عام 2008، بينما ارتفعت نفقات إدارات الضمان الاجتماعي نظرا لتزايد الحاجات الاجتماعية( besoins sociaux )، وتطور الذي عرفته التكنولوجيا في القطاع الصحي وأيضا بسبب تزايد المضاربات على المختبرات التي أدت إلى ارتفاع تكاليف العلاج. ارتفعت نفقات السلطات المحلية أيضا لأن الدولة أوكلت لهذه الأخيرة مسؤوليتها في مجالات عديدة (المدارس، الشبكات الطرقية، السكن الاجتماعي…. ) بحيث أن الدولة تنحت جانبا من دون أن توفر لها التمويل اللازم مما أدى إلى انتشار سياسات التقشف على الصعيد المحلي.

2-              لقد ذكر كوتس وشمبسور وهما على التوالي المدير والمدير السابق للمعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية في تقرير عن الحالة المالية للدولة بأنه: ” لو أن القانون لم يتغير  وظل على ما كان عليه في 1999 لكان الدين العام أقل مما عليه الآن بحوالي 20 نقطة من الناتج الداخلي الخام، كما بَين التقرير المتعلق بالتوجهات الميزانياتية للنائب كريز في يوليوز 2010 بأنه لو لم تفرض الإعفاءات الجبائية لعرفت الميزانية العامة ما بين 2006 و 2008 فائضا صغيرا ولكان العجز 3.3% فقط بدل 7.5% في2009 .

3-              تقلصت حصة الضرائب التصاعدية في المداخيل الجبائية، عرفت الضريبة على الدخل تغيرات مهمة مَست توزيع شرائح هذه الضريبة، حيث انتقل عددها من 13 شريحة في 1986 إلى 5 شرائح حاليا أما معدلها الحدي فانتقل من 65% إلى 41%. كما تقلصت في عهد ساركوزي الرسوم المتعلقة بانتقال الملكية، و تراجعت مردودية الضريبة على الثروات بعدما تم إلغاء تحديد سقف معين على الضريبة ( bouclier fiscals  ( suppression duفي 2011. كما أن المداخيل المالية مازالت تستفيد من معدلات منخفضة أما فيما يخض الضريبة على الشركات فقد انخفض معدلها من 45% في 1989 إلى 33% حاليا، لقد استفادت الشركات الكبرى من الإعفاءات الجبائية التي تم تطبيقها منذ ما يقرب ثلاثين سنة في إطار السعي إلى نهج” سياسات جبائية مثلى”. لكن في واقع الأمر، إن الشركات الكبرى هي المُستفيدة من هده السياسات لأن الشركات الصغرى تُؤدي السعر كاملا بينما الشركات الكبرى لا يتجاوز معدلها 8% وأحيانا أقل من  ذلك .  

رشيدة الشريف

 انتهت الترجمة في نونبر 2012

زر الذهاب إلى الأعلى