الديون

صدور العدد الخامس من مجلة “ممكن”

مقدمــــــة العدد
يأتي قانون المالية لهذه السنة في سياق وضع دولي يتسم باحتداد أزمة الاقتصاد الرأسمالي العالمي واندلاع الثورات الشعبية بالمنطقة المغاربية والعربية.
إن الانكماش الاقتصادي العالمي الحالي شبيه بالذي حصل إبان 1929، من حيث تراجع الناتج الداخلي الخام ومعدل النمو بشكل مهول في كبريات القوى الرأسمالية، هذا ما يدفع الحكومات الرأسمالية الى تحميل تكاليف الأزمة مباشرة للفئات الشعبية، من خلال خفض الأجور ومعاشات التقاعد، والتسريحات الجماعية وتعميم مرونة الشغل والهشاشة، وتدمير أنظمة الصحة والتعليم والخدمات العمومية، إلخ. إن ما يتعرض له اليونان من تفكيك وتقشف هو مثال لما ينتظر شعوب بلدان اخرى متقدمة كإسبانيا والبرتغال وايطاليا وغيرها من فقر وبطالة وحرمان، ناهيك عن بلدان الرأسمالية التابعة والمتخلفة. ارتهان المغرب البنيوي بالأقطاب الامبريالية سياسيا وعسكريا وتقنيا وماليا وتجاريا سيجعله في “قلب العاصفة” وهو الذي حرص على تطبيق جميع وصفات المؤسسات الاقتصادية الدولية بفتح الحدود لدخول السلع وخروج الرساميل، وتفويض الخدمات العمومية للرأسمال الخاص ومنحه محفظات المؤسسات العمومية المربحة، إلخ.
إنها الفرضيات الحقيقية لقانون المالية الذي يرتكز بنيانه على توفير شروط التراكم الرأسمالي عبر مواصلة عمليات بيع مقاولات عمومية وتخصيص عائداتها لتوفير البنيات التحتية الضرورية من طرق موانئ وتهيئة صناعية ومناطق حرة، وتحفيزات أو اعفاءات ضريبية، وتجميد الأجور، وتسهيل استحواذ الرأسمال الخاص على مجالات الصحة والتعليم والسكن، وعلى الخدمات العمومية من ماء وكهرباء ونقل، وعلى المناجم والمعادن، والبحر، والأراضي الفلاحية، أي على مجمل ثروات البلد. وبديهي أن يؤدي ذلك الى تقليص موارد الدولة وتضخم عجزها المالي، وبالتالي، لجوئها الى مزيد من الاقتراض مع ما يفرضه من شروط مجحفة. هذا ما تعنيه بالضبط سمفونية “تشجيع الاستثمار”، والتي تفرض علينا أن “نتجند” جميعا كمغاربة لتحمل تبعاتها المباشرة المتمثلة في الفقر المدقع والبطالة الجماهيرية، والأمية والجهل، والأمراض وسوء التغذية، والسكن غير اللائق وغياب المرافق الأساسية، إلخ، وهي ظواهر بنيوية تستدعي حلا جذريا مرتبطا بإعادة النظر في الخيارات الاستراتيجية. أما ترقيعات الدولة التي تسمى التنمية البشرية، وبرامج محاربة الفقر، والمشاريع الصغرى المدرة للربح، والقروض الصغرى، إلخ، فليست سوى خدعة تعكس دورها الحقيقي المتمثل في ضمان أرباح الرأسمال في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، والسهر على تدبير المآسي الاجتماعية والانسانية التي يكبدها، وتوفير “سلم اجتماعي” قوامه سحق جميع أشكال المقاومة الشعبية (تازة، الريف، إلخ).
لقد فتحت ثورات الشعوب في وجه الأنظمة الديكتاتورية بمنطقتنا عهدا جديدا برزت من خلاله معالم “عالم آخر ممكن”تسود فيه الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وهي نفس الشعارات التي رفعتها الجماهير الشعبية المغربية في شوارع المدن والقرى منذ بروز حركة 20 فبراير، والتي فرضت تنازلات نسبية على النظام. أكيد أن المبادرة مازالت بيد النظام الذي استطاع أن”يجدد” آليات حكمه من خلال دستور ممنوح يحتفظ فيه بنفس السلطات، وبرلمان بغرفتين للأعيان يضفي “الشرعية” على الخيارات الليبرالية، والتي يتجسد الجزء الكبير منها في قانون المالية، و إخضاع البلاد لمراكز القرار الإمبريالية، وإرساء حكومة واجهة تتقيد بالتعليمات، وخلق عديد من الهيئات الاستشارية الفارغة، وهذا في الوقت الذي دعم فيه فريق المستشارين المساعدين الذي يعتبر سند القرار الفعلي. لكن المقاومة العمالية والشعبية أيضا ما زالت مستمرة، ومازالت تعبئات حركة 20 فبراير تقض مضاجع الفاسدين رغم القمع الشرس واستهداف المناضلين النشطين بشكل خاص.
إن أطاك المغرب كجمعية تثقيف شعبي تريد أن تساهم بكل تواضع في تصليب عود هذه المقاومة من خلال تقديم أدوات تساعد على استيعاب المدلول الحقيقي لإجراءات الدولة الليبرالية وكشف التغليط الاعلامي المعمم الذي تقوم أجهزة الاعلام المسخرة، وهذا ما تهدف اليه المجهودات التي يتضمنها هذه العدد، من مجلة ممكن، بصدد بعض جوانب قانون المالية برسم سنة 2012.
محتويات العدد
المقالات
الكاتب
مقدمة
مجلة ممكن
موارد الدولة في قانون المالية برسم سنة 2012
الخيارات الليبرالية تقلص الموارد وتعمق التخلف البنيوي
أزيكي عمر
قانون المالية 2012
ميزانية لتقوية نظام الإستبداد الاقتصادي والسياسي
أوباها ابراهيم
الميزانية العامة للدولة وثقل المديونية
الرحماني ميمون
القروض الصغرى: محاربة الفقر أم محاربة الفقراء
فاطمة الزهراء البلغيتي
سياسات التشغيل بالمغرب: إفلاس متواصل رغم مساحيق الاحصاءات الرسمية
الدرقاوي أحمد
قراءة نقدية لقانون المالية 2012 في شق ”التقرير حول قطاع المؤسسات و المنشآت العامة”
عبد الكريم اوبجا
سعيد اموش
احمد اوعدي
دورات الأزمات الاقتصادية و تأثيرها على حركية الاحتجاج بالمغرب(1830-2010 )
يسير بلهيبة
نقاش في بعض أهداف وفرضيات قانون المالية برسم سنة 2012
رشيدة الشريف
آن الأوان أن نعيد لمعاداة للرأسمالية بريقها
دانييل تانورو
 
أي برنامج استعجالي لمواجهة الأزمة الأوروبية؟
إيريك توسان

تطلب المجلة من مناضلي اطاك المغرب .الثمن 10 دراهم

زر الذهاب إلى الأعلى