الديون

ضريبـة “تـوبـيـن” ليست كـافية الآن *….مقال لسيرج حليمي

ضريبـة “تـوبـيـنليست كـافية الآن *

 

بقلم: سيرج حليمي                                                                                     الترجمة إلى العربية: عبد الكريم اوبجا

Oubejja01@yahoo.com                                                                                                                                      

 

منذ خمسة عشر عاما، كانت صحيفة “لوموند ديبلوماتيك” أول من ذكر ضريبة على المعاملات المالية. في ذلك الوقت، بلغت قيمة هذه الصفقات 15 أضعاف الإنتاج الإجمالي السنوي لجميع أنحاء العالم، و اليوم تقارب 70 ضعفا. و بالكاد كنا نسمع عن القروض العقارية عالية المخاطر ولم يكن أحد يتصور أن تحدث أزمة الديون السيادية في أوروبا. لقد كان معظم الاشتراكيين الأوروبيين مع “الابتكار المالي”، بفعل موجة “توني بلير”. و في الولايات المتحدة، كان “بيل كلينتون” بصدد تشجيع البنوك على المضاربة بأموال موكليهم. وفي فرنسا، كان “نيكولا ساركوزي”، العاشق للنموذج الأميركي، يشيد السياسة (المحتمل أن تكون مدمرة) التي ينتهجها المجلس الاحتياطي الاتحادي، ويحلم بقروض الرهن العقاري على الطريقة الفرنسية.

 

لم يدعم تقريبا أي أحد في السلطة فرض ضريبة “توبين” في عام 1997؛ كل شيء كان يسير على ما يرام. كان وزير المالية الفرنسي في ذلك الحين، “دومينيك شتراوس خان”، يعتقد أنها لن تجدي نفعا. وكان “ساركوزي” أكثر وضوحا: “إنه من العبث إعمال ضريبة “توبين” … سوف نشجع على خلق الثروة في بلدان أخرى إذا كان لنا أن نعاقبها هنا”. و بمجرد أن أصبح رئيسا، قام بتلقين وزيرة ماليته، “كريستين لاغارد” (الآن رئيسة لصندوق النقد الدولي)، إلغاء الضريبة على تعاملات البورصة، و أوضحت أن “هذا الإجراء سيجعل من باريس مركزا ماليا أكثر جاذبية “، وحذرت من أنه إذا لم يتم إلغاؤها “سوف تكون الصفقات متاحة فقط في المراكز الخارجية حيث تم إلغاء الضرائب من هذا النوع منذ فترة طويلة”.

 

ومن الواضح الآن أن واضعي السياسات غير مسؤولين عندما يتوقعون الاستفادة القصوى من “الابتكار المالي” الذي ينمو عن طريق الإغراق الضريبي. إن الدولة تعمل على إنقاذ البنوك و تطلب منها في المقابل أن تحقق لنفسها أرباحا أكثر. و لا يتم اتخاذ أية قرارات بشأن الرقابة المالية، إذ هناك فقط المزيد من التذمر حول “حكم المال للعالم”. ففي الولايات المتحدة، حتى غلاة المرشحين الجمهوريين المحافظين ينتقدون الآن “نسور” وول ستريت الذين “يأتوا و يأخذون كل الأموال خارج شركتك و يتركونك مفلسا، فينطلقوا بالملايين”.

 

لذا فليس من الغريب أن يدعي ساركوزي الآن، قبل أربعة أشهر من نهاية ولايته الرئاسية، أنه “يتعين على المؤسسات المالية المساعدة في إصلاح الأضرار التي ألحقتها”. فلا مجال للمزيد من الحديث عن “سخافة” فرض ضريبة على المعاملات المالية، أو عن خطر وضع الإوزة (المضاربة) لبيضها الذهبي في بلدان أخرى.

 

لا نزال مسرورين بإمكانية “إلقاء بعض الرمل في عجلات أسواقنا المالية المفرطة في الفعالية”، كما أوصى بذلك الخبير الاقتصادي “جيمس توبن” منذ فترة طويلة، و لكن بما أن تلك الأسواق تمثل بشكل واضح ملكية عامة و مهمة حيث للمساهمين فيها القدرة على أخذ الدول كرهائن، فينبغي لنا أن نفعل أكثر من ذلك. من الآن فصاعدا، يجب أن نصر على أن يتوقف جعل البنوك في أيادي أصحاب المصالح الخاصة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* النص مترجم من الفرنسية إلى الإنجليزية من طرف Barbara Wilson، و عن النسخة الإنجليزية لجريدة “لوموند ديبلوماتيك” – عدد فبراير 2012 قمنا بترجمته إلى العربية. 

زر الذهاب إلى الأعلى