الديون

ترحيل أنشطة إنتاجية (صناعات – خدمات) و هجرة اليد العاملة: أية علاقة؟

أحمد الدرقاوي:

تعريف ترحيل الصناعات و الخدمات

  1. ترحيل نشاط إنتاجي أو خدماتي قائم في بلد معين إلى بلد آخر – يدمر مناصب شغل délocalisation

–          ترحيل كلي- يشمل مجمل إنتاج / خدمات المقاولة

–          ترحيل جزئي – يشمل جزء من الإنتاج أو جزء من أقسام الإنتاج لمقاولات من الباطن خارج البلد

  1. ترحيل نشاط إنتاجي أو خدماتي من المفترض أن يقام بالبلد الأصل للمقاولة/المستثمر- هذا النوع لا يدمر مناصب شغل قائمة في البلد، بل يخلقها في بلد آخر/ الاستثمار في الخارج اعتبارا للمردودية المرتفعة  la non –localisation

–          استثمار جديد في قطاع جديد على الشركة الأم

–          استثمار له علاقة بمنتج المقاولة بشكل مباشر

  1. الترحيل العكسي أو الترحيل إلى موطن المقاولة الإنتاجية أو الخدماتية أي أن مناصب الشغل لا تمنح لمواطني البلد – délocalisation sur place

–          تمنح المناصب الجديدة أو بعد إعادة الهيكلة لمهاجرين في وضعية قانونية بسبب أجورهم المتدنية مقارنة بنظرائهم من أبناء البلد مقابل نفس العمل.

–          أو تمنح لمهاجرين في وضعية غير قانونية و خاضعين لاستفزازات دائمة و طبعا أجورهم أكبر انخفاضا من نظرائهم من ذوي بطائق الاقامة.

 

بالنظر لما سلف، يمكن ملاحظة:

  1. أن ترحيل الأنشطة الإنتاجية و الخدماتية مرتبط بطبيعة النظام الرأسمالي الجانح دوما لمراكمة الأرباح و لذلك فهو في بحث دائم عن الأسواق لجلب المواد الأولية بأقل الأثمان و في نفس الوقت إيجاد منافذ لمنتجات، يجتهد لتنتج بأقل تكلفة ممكنة.. و بالتالي بأقل أجور و أسوء شروط عمل ممكنة..
  2. في البداية كان الفلاحون في قرى البلدان الصناعية الأولى هم خزان اليد العاملة بأجور منخفضة و بعد ذلك البلدان الأوروبية المحيطة بها….
  3. بعد وصول قوى الإنتاج إلى حدود لم تعود أوروبا/ اليابان / الولايات المتحدة قادرة على الوفاء بمتطلبتها لم تجد بدا من نهب بقية العالم عبر الحروب الاستعمارية: نهب المواد الأولية و استغلال اليد العاملة في المستعمرات، و في مرحلة ثانية الاستفادة من هذه اليد العاملة في بلدان المركز نفسها، نتيجة الدمار الذي لحق بالقارة الأوروبية بعد الحربين العالميتين الأولى و الثانية من اجل سد النقص في اليد العاملة، و الاستفادة من الأجور المتدنية و ظروف عملها القاسية (في المناجم و في الأشغال الكبرى..)
  4. طبيعة الهجرة في رأسمالية سنوات الثلاثين المجيدة.. مختلفة عن هجرة ما بعد “إصلاحات” دينغ سياو بينغ  بالصين و تاتشر بالمملكة المتحدة و ريغين بالولايات المتحدة… (ما بعد أزمة منتصف السبعينات)
  5. الموجة الأولى من ترحيل الصناعات، شملت الصناعات التي كانت تتطلب يد عاملة كثيفة و ضعيفة التأهيل (النسيج و الملابس و الإلكتونيك…) – يشهد على ذلك ظهور المناطق الحرة للتصدير * منذ منتصف الستينات، و بداية نموها منذ منتصف السبعينات، إلى مطلع التسعينات، لكن ارتفاع عددها سيعرف نموا هائلا مع انفلات عقال المارد اللنيوليبرالي، نتيجة تفكك المنظومة السوفياتية و توحيد السوق العالمية تحت راية الرأسمالية الظافرة، و تسارع هجومها على مكاسب الطبقة العاملة و مكتسبات شعوب مستعمراتها السابقة (خفض الأجور المباشرة و غير المباشرة / الخوصصة و المديونية، و خفض أسعار المواد الأولية)
  6. إطلاق العنان لحرية تنقل الرأسمال و السلع رافقه بشكل عكسي تقيد حرية تنقل اليد العاملة من الجنوب إلى الشمال،
  7. الهجرة عرفت عدة تطورات:

–          هناك ثلاث اتجاهات للهجرة ، هجرة شمال – شمال (الهجرة بين أروبية أو بين أوروبا و أمريكا الشمالية) و هجرة جنوب – جنوب (هجرة البنغال نحو الهند أو هجرة الفلبنيين لدول الخليج و البروفيين للأرجنتين) و هجرة جنوب – شمال (المكسيك نحو أمركا الشمالية، المغاربيين نحو فرنسا)

–          تطورت تركيبة المهاجرين خلال الأربعة عقود السابقة، من يد عاملة رجالية (عزاب أو متزوجين تركوا عائلاتهم في موطنهم) في اغلبها تشتغل في الصناعة و الفلاحة و البناء إلى يد عاملة نصفها نسائية، و  أكثر من نصف المهاجرين يتراوح عمرهم ما بين 15 و 29 سنة حسب تقرير للأمم المتحدة لسنة 2005، مع نمو متزايد للمراهقين في هذه التركيبة  ( الأطفال المغاربة بإسبانيا نموذج معبر…)، و حتى مجالات العمل تغيرت (العمل المنزلي، و النظافة و العناية بالمسنين..) بالإضافة للنشاط الإجرامي الذي تستدرج له شريحة من النساء (الدعارة) أو تجارة المخدرات.

  1. تأثير ترحيل الصناعات على البيئة الطبيعية من خلال الاستغلال المكثف للموارد من طرف الرأسمال الأجنبي و كذا نقل الأنشطة الملوثة.
  2. تأثير هجرة اليد العاملة على الكفاءات البشرية لبلدان الهجرة، فبلدان الجنوب تحرم من أطرها التي أنفقت عليها موارد مالية ضخمة (الهجرة المختارة/ حرمان بعض المناطق الفلاحية بالمغرب من يد عاملة مؤهلة، و المستشفيات و الجامعات من العديد من الأطر)

10.  استفادة دول استقبال المهاجرين أكبر من استفادة الدول المصدرة لهم، فوجود المهاجرين يسهم في النمو الاقتصادي و في الحفاظ على توازن أنظمة التقاعد و كذا المساهمة في التنشيط الاقتصادي (الاستهلاك) و دفع الضرائب داخل الدول الصناعية..

11.  استفادة بلدان المصدر من التحويلات المالية التي تبقى رغم أهميتها متواضعة و أقل من استفادة الدول المستقبلة للمهاجرين…

12.  المهاجر عموما هو شخص جاهز للعمل و لا يكلف الدولة المستقبلة و خاصة إذا كان ذا تكوين علمي… (مشكل القاصرين المكلف ماديا)

13.  السياسات المتبعة من طرف الدول المستقبلة و المصدرة لا يمكن ان توقف الهجرة، فدول المركز الصناعي و الدول الغنية في حاجة لقوة عمل رخيصة و الدول المصدرة للمهاجرين في حاجة للتخلص من الشباب العاطل و في تحويلاتهم من العملة الصعبة. الرأسمالية تعمق الفوارق الطبقية و بين الدول، و بالتالي فهي تفاقم الهجرة.

———

 

* الجدول التالي يوضح هذا التطور:

 

 

1975

1986

1995

1997

2002

2006

عدد الدول التي تتوفر على “محت”

29

47

73

92

116

130

عدد المناطق الحرة للتصدير

79

176

500

845

3000

3500

عدد مناصب الشغل (بالمليون)

22.5

43

66

 في الصين

18

30

40

في بقية العالم

0.8

1.9

4.5

13

26

مصدر الجدول

développement économique et condition de travail dans les zones franches d exportation : un examen des tendances — PAR William Milberg et Matthew Amengual — Organisation internationale du travail — Genève 2008

 

 

تجدر الإشارة إلى أن ترحيل بعض الخدمات و الصناعات من دول المركز الامبريالي إلى دول الجنوب ليس له تأثير كبير على مناصب الشغل المفقودة بالدول الصناعية حيث تشكل الهيكلة الداخلية، إفلاس المقاولات، و إغلاق الوحدات الإنتاجية حوالي 90%  من مناصب الشغل المفقودة في حين لا تشكل المناصب المفقودة جراء الترحيل 4.2%  (حسب دراسة لمشيل هيسون معنونة ب le défi des délocalisations en Europe توجد على موقعه الشخصي.<www.hussonet.free.fr >)

 

كل مداخلات اليوم الدراسي على الرابط التالي: http://www.cadtm.org/IMG/pdf/brochure_table_ronde_avec_photos.pdf

 

زر الذهاب إلى الأعلى