الديون

أصل الديون الكريهة في إفريقيا

بقلم يسير بلهيبة : عضو السكرتارية الوطنية لاطاك المغرب

الشيطان هو الذي اخترع ذلك . تجولوا في إفريقيا واسألوا ين توجد الديون ؟ الديون التي يطالبوننا

بها لا احد يعرف أين ذهبت.أسوأ من السيدا (الايدز ).فالسيدا لها على الأقل أفاق أما الديون ..إن الأجيال

القادمة محكومة بأن تدفع لا أصل الدين وفقط ولكن فوائده كذلك ..فبالنسبة  إلي أنا فإنني لا أتحدث غن الديون

لأنني اعلم انه لن يمحى. نراوغ ونعيد الجدولة ونجمع الفتات، انه كمن يعطي حبة أسبرين إلى مريض مصاب بالسرطان.”            عبد اله ويد: في جريدة ليبراسيون عدد24 24  يونيو 2002

 

السياق..؟

أدت سياسات إعادة الإعمار لأوروبا (مشروع مارشال )، إلى وفرة في عملة الدولارات لسنة 1960و توفير قروض بشروط ميسرة لبلدان الجنوب ومن بينها بلدان القارة الإفريقية ، كما ساهمت الصدمة النفطية لسنة 1973 في حصول أرباح مهولة للبلدان المنتجة للنفط ،عملت على إيداعها في البنوك الغربية .بالمقابل اقترحت البنوك الخاصة نسب فائدة منخفضة من اجل تشجيع استدانة دول الجنوب. وتشجيعها من قبل دول الشمال للديون شريطة اقتناء صادراتها التي أصيبت بالركود :  (الجزء ثنائي الأطراف من الدين الخارجي العام ) .أما البنك الدولي فقد اعتمد سياسة منح قروض مشترطا إعادة هيكلة الدول المستدينة لسياساتها الاقتصادية والعمل على إعادة تأهيل وتحديث وسائل التصدير (الجزء المتعدد الأطراف من الدين الخارجي العام ).أدت هده السياسات إلى إرباك الدول الناشئة و الحديثة الاستقلال من بناء تجارب مستقلة ومتحررة من لوبيات الاقتصاد العالمي ، مما أدخلها في دوامة استدانة غير متوقفة بفوائد توالدية انعكست سلبا على أوضاعها الاجتماعية ، وبدل أن تترجم متمنيات المؤسسات المالية في أن تكون مديونية العالم الثالث ستؤدي إلى ازدهار في الصناعة و الزراعة التصديرية وارتفاع عائداتها ، لتتضاعف عدد الديون 12 مرة (1968-1980) أي  من 50 مليار دولار إلى 600 مليار دولار ) لتجد الدول الإفريقية نفسها كباقي  الدول النامية تسدد إزاء كل دولار مستحق في العام 1980 ما يضاعفه ب 7.5دولار مع استمرار مديونيتها ب4 دولارات.

عموما يعود أصل الدين بالجنوب إلى الحرب الباردة بين القوتان العظميان ، حيث جند البنك الدول إمكانياته لحصر تأثير الاتحاد السوفيتي  وهو ما يلخصه موقف ايف تافيرنيه في التقرير العام لسنة 2000 أمام لجنة المالية في الجمعية الوطنية لأنشطة صندوق النقد الدولي : ” إن دوره كان جعل زبائن العالم الثالث أوفياء للعالم الغربي ”

 

الديون الكريهة بافريقية:

 

لم تكن الوسائل المعتمدة من قبل المؤسسات المالية الدائنة بالشرعية بل اعتمدت كل السبل الغير المشروعة  لدعم حلفائها في القارة الإفريقية، مما أفضى إلى تراكم الديون الكريهة و المساهمة في ترسيخ العديد من الديكتاتوريات و مباركة الجرائم الاقتصادية و السياسية التي ارتكبوها ، معززة سلطتها المالية بإفريقيا وغيرها ، من خلال الإبقاء على دعم الأنظمة و الحكومات و الأسر الحاكمة الديكتاتورية ، كما فعلت في علاقتها مع نظام موبوتو سيسيسيكو في الزايير (من 1965-1997) حيث توفي الرجل وثروته تقدر ب8 مليار دولار أي ما يعادل ثلثي ديون بلاده ، وعموما فقد أودع أثرياء البلدان النامية وحدهم 1100 مليار دولار في مصارف بلدان الثالوث .

       صرح كبير اقتصاديي البنك الدولي  من 1997-1999والحائز على جائزة نوبل للاقتصاد في 2001 : ” أثناء الحرب الباردة ، كانت القروض في العديد من الحالات تهدف لإفساد الحكومات ، لم تكن المشكلة حينذاك معرفة إن كانت الأموال توظف لرفاه البلاد ، وإنما لمعرفة هل تقود إلى وضع مستقر ، وذلك بالنظر إلى الوقائع الجيوسياسية العالمية “.

 

 

ديون عريضة كريهة ب(مليار الدولارات ) -1-

الدولة

النظام الديكتاتوري

فترة الحكم الديكتاتوري

الدين الكريه

 ( للديكتاتور )

مخزون الديون في سنة 2006(بمليار الدولارات)

نيجيريا

بهاري /حبشة

1984-1998

30

8

جنوب إفريقيا

الأبارتايد (نظام الميز العنصري)

1948-1991

22

36

المغرب

الحسن الثاني

1961-1999

19

18

تونس

زين العابدين

1987-

18

18

زايير

موبوتو

1965-1997

13

11

السودان

النميري

1969-1985

9

19

إثيوبيا

مونغيستو

1977-1991

8

2,3

الكونغو

ساسو

1979-

6,1

6,1

كينيا

موي

1978-2003

5,8

6,5

جواتيمالا

النظام العسكري

1954-1985

2,7

5,5

مالي

تراوري

1968-1991

2,5

1,4

ميانمار (بورما)

النظام العسكري

1988-

2,3

6,8

صومال

سياد بري

1969-1991

2,3

2,8

مالاوي

باندا

1966-1994

2,2

0,9

توغو

أياديما

1967-

1,8

1,8

أوغندا

عيدي أمين ذادا

1971-1979

0,6

1,3

إفريقيا الوسطى

بوكاسا

1966-1979

0,2

1,0

 

نتائج السياسات الفلاحية النيوليبرالية: كشف حساب

صيغت معظم القرارات المصيرية اتجاه الدول النامية في عقر دار عواصم الرأسمال ( واشنطن في وزارة الخزينة الأمريكي – البنك الدولي – صندوق النقد الدولي ) حيث أفتت المؤسسات المالية حكومات البلدان المستدينة بالبحث عن العملات القوية – الدولارات – من أجل تسديد ما عليها من ديون ،و تبني سياسات تصديرية :نتج عنه الاستغلال المكثف للثروات الطبيعية (المعادن، النفط ، الغاز الطبيعي ) و تطوير الإنتاج الزراعي الريعي (القهوة ، الكاكاو، القطن، الشاي ، الفول السوداني ، السكر الخ..)

التبعية في وجه المواد  التصديرية :

البلدان

المواد الأساسية المصدرة

حصة هده المادة من عائدات التصدير سنة 2000

بنين

القطن

84 %

مالي

القطن

47 %

بوركينا فاسو

القطن

39 %

أوغندا

القهوة

56 %

رواندا

القهوة

43 %

إثيوبيا

القهوة

40 %

نيكاراجوا

القهوة

25 %

هندوراس

القهوة

22 %

ساو تومي وبري نسيبي 

الكاكاو

78 %

مالاوي التبغ

التبغ

61 %

موريتانيا

الصيد

54 %

السنغال

الصيد

25 %

غينيا

البوكسيت

37 %

زامبيا

النحاس

48 %

النيجر 

الاورانيوم

51 %

بوليفيا

الغاز الطبيعي

18 %

الإعانات الزراعية لبلدان الشمال لصادراتهم  الزراعية : 1 مليار دولار في اليوم

بالدولار في منتصف 1985

المعدل السنوي للتحولات  ما بين 1977-2001

–         تغذية

–         المشروبات الاستوائية

–         البدور الزيتية و الزيوت

–         المواد الأولية الزراعية

–         معادن، مستخرجات شبه معدنية

–          بترولية

     -2,6 %

-5,6 %

-3,5 %

-2,0 %

-1,9 %

       -3,4 %

أدى الإفراط الكثيف في استغلال الثروات الطبيعية بافريقيا الى مشاكل بيئية خطيرة (حالة االبترول بالغابون) وهو ما تفيده تقارير منظمة الأمم المتحدة للتغذية و الزراعة ، حيث تشير الى أن 94 مليون هكتار من الغابات قد اختفت في التسعينيات ، بل يؤكد تقرير الأكاديمية للسلام الى أن نصف الأخشاب التي يستوردها الاتحاد الأوروبي قد ثم قطعها بطرق غير شرعية في القارة الإفريقية على يد الشركات المستغلة. 

 

 


نتائج السياسات الاجتماعية  النيوليبرالية :كشف حساب 

تمثل الدول النامية 86% من مجموع سكان العالم ، بدخل يومي هش يقاس بفارق مهيب مع دخل الأثرياء ، اذ يقدر الدخل السنوي ل 1% من الأشخاص الأكثر ثراءنا في العالم التي تعادل 75% من أكثر الأشخاص الأكثر فقرا في العالم .أي أن 5% الأكثر ثراء في العالم يضاعف 114 مرة مداخيل 5% الأكثر فقرا في العالم .وقد أنجز مؤتمر الأمم المتحدة حول التجارة و التنمية دراسة حول بلدان جنوب إفريقيا ، خلصت إلى أن التقديرات حول معدل الفقر الذي اعتمده البنك الدولي و صندوق النقد الدولي المقدر ب 2.8 مليار من البشر يعيشون بأقل من دولارين في اليوم ومن بينهم 1.2 مليار يعيشون بأقل من دولار واحد في اليوم لا يعكس حقيقة الوضع الكارثي  .

عدد الأشخاص  الذين يعيشون بأقل من دولار واحد في اليوم (بالملايين)

1981

1990

2004

في إفريقيا جنوب الصحراء

214

299

391

في أمريكا اللاتينية و الكاريبي

42

43

46

في جنوب أسيا

548

579

596

 

– سكان النيجر يعيشون بأقل من دولار واحد  في اليوم (وقس على دلك الكونغو –بنغلاديش-الهند)

– 34% من السكان الأقل تقدما بإفريقيا تعيش بأقل من دولار واحد في اليوم بل إن 87% منها تعيش بأقل ما بين دولار ودولارين

– نصف سكان جنوب إفريقيا هم أكثر فقرا مما كانوا عليه سنة 1990 نتيجة لسياسات المؤسسات المالية بالمنطقة.حيث ارتفع العدد من 242 الى 300 مليون في العقد الماضي وبوصول 2015سيرتفع الى 345 مليون.

– بين عامي 1998- 2000 كان نحو 840 مليون شخص يعانون الجوع وهو ما يتطلب للقضاء على الجوع 130 عاما : انعكست المجاعات في 6بلدان افريقية جنوبية في صيف 2002 حيث استغلت الولايات المتحدة الحدث لترسل 500.000 طن من الحبوب معدلة جينيا .

كما يشير برنامج الأمم المتحدة أن 133 مليون طفل (من أصل 680 مليون في سن التمدرس )هم محرومون من التمدرس ، واغلبهم ينتمي الى القارة السمراء ، 60% منهم بنات ، كما يشير نفس التقرير الى أن 30.000 طفل يموتون بسبب أمراض سهلة للعلاج، تموت سنويا 500.000 امرأة بسبب مضاعفات الحمل أو الإنجاب. وقد أصيب بمرض فقدان المناعة المكتسبة 22 مليون في العالم سنة 2000 حيث تستثمر البلدان النامية في محاربته 2.8 مليار دولار من أصل 10مليار دولار مفترضة لمحاربته سنويا ، وتبلغ مصاريف العلاج وحدها في الساحل العاج 300 دولار سنويا إي ربع /بل نصف الدخل السنوي لنشاط فلاح صغير . في ظل التشديد على احترام اتفاقية حقوق الملكية الفكرية ،

وعلى امتداد  30 سنة من استتحال مرض المدقيقة.لخطير بإفريقيا ، لا تزال المبالغ المخصصة لمحاربة هدا المرض اقل من 8 ملايين دولار سنويا ، بلغ عدد الوفيات سنة 2000 بإفريقيا 900.000 من ضمنهم 700.000طفل دون سن الخامسة بمعدل طفل كل 45 دقيقة.

في العام 2000 كان عدد الأشخاص الغير القادرين على الحصول على ماء صالح للشرب 1.1 مليار أي خمس سكان العالم .بل إن خمس سكان العالم محرومون من بنى تحتية سليمة وصحية (2.4 مليون.سمة)سجل 4 مليار حالة إسهال سنوية مات فيها 2.2 مليون.

احتسب برنامج الأمم المتحدة للتنمية و منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسيف )سنة 2000 آن 80 مليار دولار سنويا وعلى مدى 10 سنوات كافية لضمان الخدمات الأساسية (الغداء-الماء الصالح للشرب –التعليم الابتدائي الرعاية الاجتماعية ..) لعموم سكان العالم في حين أن عدد مليارديرات الرأسماليين – حسب مجلة فوريس – لا يتجاوز 467 شخصا ثروتهم تصل الى 1544.2مليار دولار.

مقارنة الميزانية المخصصة لصالح الخدمات الاجتماعية الأساسية بالميزانية المخصصة لخدمة الديون في الفترة 1992-1997

البلد

الخدمات الاجتماعية

خدمة الديون

الكاميرون

4.0%

36.0%

ساحل العاج

11.4%

35.0%

كينيا

12.6%

40.0%

زامبيا

6.7%

40.0%

النيجر

20.4%

33.0%

تنزانيا

15.0%

46.0%

نيكاراغوا

9.2%

14.0%

المصدر : تقرير برنامج الأمم المتحدة للتنمية حول الفقر في العالم لعام 2000

انعكست هده الأوضاع الاجتماعية على مستويات الاحتجاج الجماهير ، ففي زامبيا أدى ارتفاع الأسعار الغذائية سنة 1986 إلى انتفاضة الجوع ، وفي الساحل العاج سنة 1999 قتل شاب في انتفاضة ضد ارتفاع تعريفة النقل، وأيضا في زيمبابوي في 2000 عرفت  انتفاضة الجوع جراء الإعلان عن رفع سعر المواد الغذائية الأساسية بنسبة 30%.

 

مطالبنا وبدائلنا:

 

بالمقابل عملت المؤسسات المالية بايعازمن دول الشمال التي تملك سلطة القرار فيها على ضخ ترسانة من الضغوطات من اجل إعادة التجارب التحررية إلى سكة التبعية المباشرة للرأسمال 🙁 جمال عبد الناصر ما بين 1954-1970- كوام نكروما في غانا ما بين 1960-1966- ميكائيل مانلي ما بين 1972-1980) و استعمال الضغوطات الغير المباشرة كفرض الحصار و العقوبات  أو التحضير للانقلابات و الحروب الأهلية و بالإطاحة بالأنظمة الأكثر تقدما : ( اغتيال باتريس لومومبا في الكونغو البلجيكية السابقة عام 1961- سيلفانوس اولمبيو في توغو عام 1963 – تدخل الولايات المتحدة في سان دومينيك عام 1965- التدخل الفرنسي في الغابون عام 1964لاعادة ليون مبا- مسندة حكومة احماد و اهيدجو بالكاميرون ، تشاد وجمهورية افريقية الوسطى عام 1960-1979 لتنصيب دافيد داكو بعد الانقلاب.

إن مطالب إلغاء ديون العالم الثالث ومن ضمنها الديون الكريهة بالقارة السمراء أضحت مطلبا حيويا لاستعادة حق شعوبها في حياة كريمة وغير مثقلة بتسديد فاتورة قروض لم تنفق في التخفيف من معاناتها اليومية ، مما يتطلب النضال المزيد من رفع المطالب الحيوية و المصيرية  :

1-      إعادة ما اختلس من المستعمرات السابقة، و التعويض عن الضرر المترتب عنه.

2-    فرض ضرائب على المعاملات المالية واستخدام عائداتها في توفير الحاجيات الأساسية للمواطن .

3-    رفع المساعدات الحكومية للتنمية إلى 0.7″% من الناتج الداخلي الخام

4-    فرض ضريبة خاصة على اصحاب الثروات الضخمة و سن رقابة شعبية على التهرب الضريبي بالكشف عن الجنات الضريبية

5-    إنهاء مسلسل التقويم الهيكلي المضر بمصالح الشعوب

6-    إيقاف مسلسل الخوصصة و إعادة القطاعات الإستراتيجية المخوصصة إلى حظيرة القطاع العام

7-    تبني نمادج تنموية ممركزة ذاتيا على نحو جزئي : تعزيز الأسواق الداخلية و إنشاء ادخار محلي للتمويلات المحلية

8-    التأثير على التجارة وإيقاف تدهور قيمة المبادلات و نبد اتفاقية تجارة الخدمات AGCSالذي يحضر التحرير الكامل للخدمات الحكومية

9-    اعتماد نظام مالي جديد يقوم على مراقبة صارمة لحركة تنقل رؤوس الأموال وإلغاء الجنات الضريبية رفع السرية المصرفية لمقاومة الاختلاسات و الفساد الحكومي

10-                      ضمان مراقبة ديمقراطية لسياسة المديونية بإخضاع مطلب الديون أو سدادها لنقاش شعبي

 

الهوامش:

1-    حصيلة ديون العالم لسنة 2009من انجاز اريك توسان و داميان ميليه :ترجمة اطاك المغرب

2-    \مصادر المقال اعتمدت على كتاب خدعة الديون : ستون جوابا لستون سؤال لمؤلفيه :  ايريك توسان وداميان ميليه .

3-    جورج ستيغليتز : تصريح في برنامج تلفزيوني “برنامج العولمة الأخرى “بقناة ARTEيوم 7مارس2000

                           

 

زر الذهاب إلى الأعلى