الديون

الشباب والبطالة…..أية حلول

تحتل البطالة الصدارة في الإشكالات التي تواجه الشباب باستمرار, نظرا لاحتداد التناقضات داخل المنظومة الاقتصادية المسيطرة كإفراز موضوعي لأزمتها البنيوية خصوصا في طورها المعولم ,حيت أصبحت غالبية الشباب بدون فرصة عمل مما يجعلهم فريسة سهلة أمام خطابات الليبراليين وسلاح فتاك في يد الرأسماليين كجيش عمل احتياطي يستفزون به الطبقة العاملة أتناء أدنى تحرك محتمل                                        .

لكن ارتفاع نسبة البطالة بشكل مهول في وسط الشباب في المراحل الأخيرة وتذمر غالبيتهم على اعتبار أن    الشغل صفة ملازمة للانسان وضروري لاستمراره, مع ما تفرزه من إحباطات نفسية وإشكالات اجتماعية تزيد من حدتها الأزمة العامة للنظام الرأسمالي على كافة المستويات والهجوم الكاسح على قوت الجماهير في حرب اجتماعية واسعة النطاق ومسلسل من الخوصصة غير منقطع النظير مما يجعل الشباب المعطل      خصوصا في وضعية يأس وتدمر بالغين,وهو ما فطنت له الدولة خوفا من ردود فعل تجعل مصالحها في خطر وذلك بسعيها إلى خلق حلول وهمية للبطالة وحصر أسبابها في إشكالات لا تمس جوهر البطالة بشيء كل ذلك محاط بترساتة إعلامية ضخمة تزيف وعي الشباب وتخلق لديهم أوهاما حول الخروج من أزمة البطالة كما تصوره البرجوازية التبعية ببلادنا ,وسنلخص هنا جملة إدعاءات تعتبرها الدولة السبب الرئيسي في البطالة والحلول التي تقترحها للخروج منها حسب” رأيها”:

D      تدخل الدولة في السير العادي لعمل السوق ,الحرة ,وخاصة فيما يخص تدخلها لضمان حد أدنى للأجور، إذ يعتبر هذا الأخير مانعا من زيادة اليد العاملة.

D      تخفيض الأجور بالنسبة للعمال وتخفيض الضرائب بالنسبة للرأسماليين وهو ما تجسد في خفض نسبة الضريبة على الشركات من %45 إلى 35%  وبالمقابل الزيادة في الضريبة التي يدفها الكادحين من عرق جبينهم أي TVA..

D      إرتفاع مصاريف التغطية الصحية وصناديق التقاعد مما يستلزم خفضها ولما لا إلغائها.               

D           وقف الاضرابات العمالية لما تسببه من أضرار لأرباح الرأسماليين حتى يتسنى لهم زيادة فرص       الشغل عن طريق خلق إستثمارات أخرى من أرباحهم واعتماد مقاربة الحوار والسلم الاجتماعي   لحل الخلافات داخل المقاولات                                                                               

D      فتح السوق الداخلية في وجه السوق الخارجية لخلق استثمارات أجنبية تمكن من خلق فرص للعمل

D      خلق يد عاملة مؤهلة تستجيب لمعايير الجودة وذلك عبر إصلاح المنظومة التعليمية وربط المدرسة بمحيطها الاقتصادي مع تحرير التعليم وجعله خاضعا للقوانين المنافسة بين الرأسماليين   .

إن الاسباب والحلول التي يقترحها إيديولوجيو الليبرالية الجديدة هي من أوصلت البلد إلى هذا المستنقع العكر وزجت به في متاهات نهايتها متاهات كانت الترجمة الموضوعية لها هي الارتفاع الصاروخي للاسعار,وزيارة نسبة البطالة خصوصا في صفوف حاملي الشواهد العليا, مع تدمير المدرسة العمومية, إذ أصبحت نسبة الهدر المدرسي والطرد في ارتفاع مهول,وقد كان التقرير الأخير للبنك الدولي حول التعليم أحد أوجهه, ومسلسل من الخصوصة يسعى الى تحويل كافة الخدمات العمومية الى سلعة لا فرصة للكادحين في الاستفادة منها.

إن السبب الحقيقي وراء البطالة يكمن في القوانين التي تحكم نظام السوق إذ بسبب التنافسية والاستثمار الحر وفتح الأسواق الداخلية أمام الرساميل الأجنبية يؤدي إلى تدمير وإفلاس المقاولات الصغرى والمتوسطة ( خصوصا إذا استحضرنا طبيعة النسيج المقاولاتي المغربي),الشيء الذي يدفع بالعديد إلى اعتناق أحضان البطالة رغما عن أنفهم ,هذا بالاضافة إلى حدة التنافسية التي تفترض تحديث وأتمثة الاقتصاد باستمرار,والذي يعني بشكل مباشر طرد العديد من قوة العمل التي أصبحت الالة تحتل مكانتهم في ميدان الانتاجية , لكن بطرقة أسرع حتى يضمنوا بقائهم في سوق التنافسية.

أما مبرر خلق يد عاملة مؤهلة وتستجيب لمعايير الجودة ,فهو مبرر واهي وذلك باستحضار شروط السوق ومعطيات الواقع إذ أصبحت نسبة الطرد والهدر المدرسي في ارتفاع دائم, كما أن مصير أصحاب شواهد النظام التعليمي الجديد(الميثاق الوطني للتربية والتكوين),كان مصيرهم نفس مصير رفاقهم الاخرين من خريجي النظام القديم أي جحيم البطالة                                                                                   .

أية حلول يعتمدها الشباب اتجاه البطالة؟

إن عدم فهم أغلبية الشباب لجوهر البطالة وللأزمة العامة للبلاد يدفعهم إلى البحث عن حلول فردية تقيهم جحيم وأزمات البطالة,فهناك من يتخذ الهجرة إلى الضفة الاخرىوالبحث عن الفردوس المفقود حلا حقيقيا لأزمته بغض النظر عن طرق الهجرة , ومخاطرها وأبعادها المتعددة,وهناك قسم اخر فضّل التعاطي للمخدرات للتنفيس عن أزمته النفسية والاجتماعية والهروب إلى الأمام في حرب مع الذات يدفع ويلاتها جسم ومجتمع نخرته كافة الأمراض, وقسم اخر اختار الارتماء بين أحضان الدعارة والاتجار بجسده للخروج من دوامة الفقر المدقع وبالتالي الوقوع فريسة سهلة بين أيدي شبكات الدعارة المتعددة الجنسية في حين اختارشباب اخرون السير مع شعارات الدولة ووسائل الاعلام البرجوازية في خلق مشاريع صغرى عن طريق عملية القروض فكان مصيرهم بين قضبان السجون بسبب الإفلاس في سوق يتسم بالفوضى وحدة التنافسية.

كيف نتحدى أزمة البطالة؟

يبقى الحل هو ما اختارته مجموعة من المعطلين في توحيد صفوفهم عبر مجموعات وإطارات للنضال ضد البطالة ومن أجل حقهم في الشغل كحق تضمنه حتى المواثيق والقوانين البرجوازية رغم ما تعرفه هذه الحركات من تعثرات مؤخرا وتنامي انخراط الشباب في الحركة المناهضة للعولمة (أطاك المغرب نموذجا),إذن توحيد الصفوف والنضال ضد البطالة لن يستقيم الا عبر النضال ضد مسبباتها الحقيقية أي ضد النظام الرأسمالي على اعتبار أنها تابثة بنيوية في هذا النظام وبالتالي النضال من أجل خلق مجتمع بديل يتشارك فيه المنتجون وتكون وسائل الانتاج في يد المجتمع ككل بعيدا عن بشاعة التنافسية والسعي نحو امتصاص دم الكادحين لمراكمة الأرباح حتى نضمن القضاء النهائي على البطالة.

إن أية حلول في ظل الرأسمالية لن تكون سوى ترقيعات يفرضها التطور الحتمي لهذا النظام, وبالتالي فالنضال ضد البطالة هو نضال ضد أوجه من أوجه الهجوم النيوليبرالي على كافة الشعوب. 
سعيد أكادير

كراس صوت الشباب

 

زر الذهاب إلى الأعلى