الديون

ترحيل الثروات من الجنوب إلى الشمال

الفصل الثامن

 من كتاب إيريك توسان

«البورصة أو الحياة»

ثمة فكرة راسخة في الرأي العام : فكرة ان الشمال يمد يد المساعدة للجنوب ، ومع ذلك صرح فرانسوا ميتران في نابل خلال اجتماع الدول الصناعية السبع الكبرى في يوليوز 1994 قائلا: «رغم المبالغ الكبيرة المخصصة للمساعدة الثنائية ومتعددة الأطراف ، يظل دفق الرساميل القادمة من افريقيا نحو البلدان الصناعية اكبر من الدفق المتجه من هذه الأخيرة نحو البلدان النامية »

 

ثمة في الواقع ترحيل كثيف للنتاج الاجتماعي الفائض الذي خلقه أجراء الجنوب وصغار منتجيه نحو الطبقات السائدة بالبلدان الصناعية وبلدان العالم الثالث .

 

يقدم هذا الفصل ، بادئ ذي بدء، لمحة عامة عن مختلف أشكال ترحيل الثروة من الجنوب الى الشمال، ثم ما يتكبده الجنوب من خسائر محتملة في عائدات العملة الصعبة بسبب سياسات الشمال الحمائية . واخيرا يتناول بعض اوجه المساعدة العمومية للتنمية .

 

أ : أشكال ترحيل الثروات

تجري أشكال ترحيل الثروة بكيفيات متعددة لكنها متساتلة .

 

1) سداد الدين

 

كان الدين الخارجي لبلدان العالم الثالث ، حسب البنك العالمي،يبلغ سنة 1980 زهاء 530 مليار دولار. وبعد عشرين سنة، بلغ في متم سنة 2000 ما قدره 2050 مليار دولار،أي أربعة أضعاف . اما بلدان الكتلة الشرقية السابقة ، فقد بلغ دينها ثمانية أمثاله ، منتقلا من 57 مليار دولار سنة 1980 الى ما يفوق 480 مليار دولار سنة 2000.

 

وقد سدد العالم الثالث لدائنيه، فيما بين 1980 و2000،ازيد من 3450 مليار دولار(يستدعي حساب المبالغ التي سددتها مجمل بلدان المحيط إضافة اكثر من 640 مليار دولار سددتها بلدان الكتلة الشرقية السابقة، وبذلك يصل مجموع بلدان المحيط الى زهاء 4100 مليار دولار –البنك العالمي GDF 2001 )

 

على هذا النحو سدد العالم الثالث ما يفوق ما بذمته ستة أضعاف ليبلغ ثقل الدين عليه أربعة أمثال ما كان عليه . ومن جانبها سددت بلدان الكتلة الشرقية السابقة إحدى عشر ضعف ما ذمتها سنة 1980لتصبح مثقلة بدين يعادل ثمانية أضعاف ما كان عليه .

 

يمثل ما أرسله سكان البلدان النامية الى دائني الشمال، فيما بين 1980 و2000، ما يعادل عشرات خطط مارشال (راجع الإطار ) ( في حين تقتطع النخب الرأسمالية المحلية عمولتها)

 

 

من 1980 الى 2000 : أرسل سكان العالم الثالث 43 خطة مرشال الى دائني المركز

خطة مارشال (1948-1951): خطة وضعتها إدارة الرئيس الديمقراطي هاري ترومان تحت اسم European Recovry Program وعُرفت لاحقا باسم كاتب الدولة آنذاك جورج مارشال المكلف بإرسائها( كان قائدا لهيئة الأركان العامة من 1939 الى 1945). قدمت الولايات المتحدة الأمريكية ، من أبريل 1984 الى ديسمبر 1951، لستة عشر بلدا أوربيا مساعدة بشكل قروض بمبلغ 12.5 مليار دولار. وكانت خطة مارشال ترمي الى إعادة اعمار أوربا المدمرة خلال الحرب العالمية الثانية .

 

بالنظر الى ان الحصول على معادل وحدة من دولار سنة 1948 يستلزم6.28 دولار سنة 2001 ، تمثل خطة مارشال78.5 مليار دولار سنة 2001 . اذا اعتبرنا مجموع ما سدده العالم الثالث سنة 1999 ، يكون هذا الأخير قد ارسل تلك السنة الى دائنيه بالبلدان الاكثر تصنيعا ما يعادل اكثر من اربع خطط مارشال . وعلى نفس المنوال أرسلت شعوب العالم الثالث الى دائني المركز منذ 1980 ما يعادل 43 خطة مارشال( اكثر من 2450 مليار دولار )

 

 

كيف أمكن للسداد أن يتجاوز المبلغ المستحق سنة 1980؟

 

هنا تكمن كامل الأوالية التي وضعتها بنوك الشمال بمساعدة من نادي باريس والثنائي صندوق النقد الدولي /البنك العالمي. بوجه عام تكون أسعار الفائدة المطبقة على سداد ما اقترضته بلدان المحيط من رساميل مرتفعة على نحو يفرض على هذه الأخيرة زيادة استدانتها بشكل منهجي للتمكن من التسديد. وتستدين من جديد لاجل سداد ديون قديمة . وبوجه عام يحقق الدائنون ، ومنهم صندوق النقد الدولي ،صفقات مربحة( إجمالا تلقت هذه المؤسسة من 1980 الى 2000 عشرون مليار دولار فوق ما دفعت )

 

بتعاوض السنين يجتذب ما يؤديه المحيط (عالم ثالث+ كتلة شرقية سابقة) من خدمة دين من 250 الى 350 مليار دولار، منها 160 الى 215 برسم سداد رأسمال، نحو البنوك الخاصة وباقي zinzins وصندوق النقد الدولي والبنك العالمي والدول الأكثر تصنيعا . ويتراوح المبلغ الإجمالي للمساعدة العمومية للتنمية بين 40 و50 مليار دولار . وقد ارتفعت خدمة دين العالم الثالث سنة 2000 الى زهاء 315 مليار دولار (يجب ان تضاف اليها 61 مليار دولار سددتها الكتلة الشرقية السابقة ) . ان الاختلال جلي : سدد العالم الثالث سنة 2000 ستة أضعاف ما تلقاه من مساعدة عمومية للتنمية ! وبينما تظل المساعدة العمومية للتنمية راكدة بالقيمة المطلقة (بالقيمة الفعلية تشهد المساعدة العمومية للتنمية انخفاضا حادا )، تزداد مبالغ سداد الدين بشكل كبير(خدمة الدين التي يؤديها العالم الثالث : 154 مليار دولار سنة 1993 ؛169 سنة 1994؛203 سنة 1995؛239 سنة 1996؛270 سنة 1997؛263 سنة 1998؛328 سنة 1999؛ 315 سنة 2000 – البنك العالمي GDF 2001)

 

اذا طرحنا مجموع القروض الممنوحة سنة 1999 لبلدان المحيط من مجموع ما سددته خلال نفس السنة ، نصل الى مبلغ مذهل :115 مليار دولار لصالح الدائنين(البنك العالمي GDF2000). هكذا يجري الترحيل فعلا من المحيط الى المركز وليس العكس .

 

يعمل سداد الدين كمضخة حقيقية تمتص قسما من النتاج الاجتماعي الفائض لعمال/عاملات الجنوب( أجراء او صغار منتجين فرادى او أسر او عمال خدمات في القطاع اللاشكلي …) وتوجه دفق الثروات هذا نحو مالكي الرساميل بالشمال، بينما تقتطع الطبقات السائدة بالجنوب عمولتها. وتغتني هذه الأخيرة بينما يشهد الاقتصاد الوطني الذي تشرف عليه ركودا او تراجعا ويزداد إفقار سكان الجنوب .

 

اطار 8-1 : مقارنة هامة : سداد الدين العمومي بالشمال

 

رغم ان الأمر ليس موضوع هذا العمل أود هنا فتح قوس . من المناسب ، بنظري، مقارنة سداد دين العالم الثالث الخارجي وما يمثله بالبلدان المصنعة أداء خدمة الدين العمومي . فسداده يشكل أوالية لامتصاص قسم من دخل الأجراء وأسرهم لصالح مالكي الدين العمومي أي الفاعلين المؤسسيين (بنوك، صناديق معاشات، شركات تأمين mutual funds … ) ، ملكية الرأسماليين .

 

يجري هذا الامتصاص عبر استعمال الدولة لقسم متنام من الضرائب ( المقتطعة أساسا من دخل العمل وعبر الضريبة على القيمة المضافة والضرائب على الاستهلاك –التي تمس تناسبيا اكثر الأسر ذات الدخل الضعيف والمتوسط) لاجل سداد الدين العمومي .

 

ويفصل فرانسوا شيسنيه نفس الأطروحة :«يعود قسم من نمو الدائرة المالية الى دفق الثروات التي تتشكل أولا كأجور ورواتب، او كدخل فلاحين او حرفيين، قبل ان تمتصه الدولة بواسطة الضرائب وتنقله الى الدائرة المالية برسم أداء الفوائد او سداد اصل الدين العمومي » Chesnais 1996 p 15 ) ).

 

2 – تباين أسعار الفائدة بين الجنوب والشمال

 

خلال سنوات1980 جعلت بنوك الشمال بلدان الجنوب المستدينة تدفع علاوات مخاطر prime de risque . كانت تلك العلاوات متعلقة بالقروض الجديدة الممنوحة لبلدان الجنوب لتأمن أداء خدمة دينها. ومن جهة اخرى كانت ديون سنوات 1970 بأسعار فائدة متغيرة مرتبطة بتطور libor (سوق لندن المالية) او علاوة Rate ( سوق نيويورك المالية ). وقد أدى ذلك، حسب برنامج الأمم المتحدة للتنمية، الى توتر حاد بين أسعار الفائدة ببلدان الشمال في سنوات 1980 وتلك المطبقة ببلدان الجنوب المستدينة.

 

انها ظاهرة مدهشة تماما. هاكم ما قاله بصددها برنامج الأمم المتحدة للتنمية في تقرير سنة 1992 حول التنمية البشرية :« خلال سنوات 1980 بينما كانت أسعار الفائدة تبلغ 4% بالبلدان الصناعية كانت البلدان النامية تتحمل أسعارفائدة فعلية تبلغ 17 % . ويمثل ذلك، بناء على دين يفوق ألف مليار دولار، كلفة إضافية بمبلغ 120 مليار دولار علاوة على تحويلات صافية برسم الدين سلبية وبلغت 50 مليار دولار سنة 1989 » (PNUD 1992 p.74)

 

وأدت أزمة جنوب شرق آسيا سنتي 1997-1998 ، بالنسبة للبلدان المعنية ، الى ارتفاع حاد لما عليها ان تدفعه من علاوات مخاطر من اجل التمكن من اقتراض المال الضروري لاداء دينها قصير المدى . ووجب على تايلاند ، التي كانت تقترض بسعر 7% ، أن تكافئ الدائنين بسعر 11% في ديسمبر 1997. وبنقطتين أخريين بالكوكب كان على البرازيل وروسيا ان تتجاوزا ضعف ما تعطيان من مردود للرأسماليين الأجانب لاجل الحصول على سنداتها. وكان على روسيا، في أسوأ لحظات أزمتها (غشت1998 )،ان تدفع علاوة مخاطر بسعر 45% (CNUCED تقرير حول التجارة والتنمية ،2000، ص.46 )

 

وفي 2000-2001 كان على بلدان مثل الأرجنتين والبرازيل وتركيا ونيجيريا ان تعد بأسعار فائدة تفوق ب9 % (حالة البرازيل في ابريل2001) الى 21% ( حالة نيجريا في ابريل2001) تلك التي تؤديها البلدان الأكثر تصنيعا لاجل الحصول على القروض .

 

وتمكن قراءة ما يلي في الجريدة اليومية الإسبانية ElMundo : «عادت السكينة الى سوق الدين: تقلص فرق الفائدة بين سندات الدين الأرجنتيني وسندات خزينة الولايات المتحدة الأمريكية – الذي يقيس مدى مجازفة المستثمرين في هذا البلد الأمريكي اللاتيني –الى 13 % انطلاقا من الحد الأقصى التاريخي البالغ 18% يوم الاثنين 23 ابريل 2001» ( Elmundo.25 avril 2001 )

 

ما الذي يؤثر على مستوى علاوة المخاطر ؟ انه درجة ثقة الدائنين في قدرة البلدان المستدينة على السداد. وجلي ان الأزمة التي تشهدها بلدان جنوب شرق آسيا منذ 1997 قد نالت من ثقة الدائنين تلك. والحال ان أولئك الدائنين هم من حفز الأزمة بسحب رساميلهم من تلك البلدان. ثم طالب أولئك الدائنون ( ومعهم صندوق النقد الدولي والبنك العالمي) بمكافأة اكبر لاعادة قسم من رساميلهم المقرضة بالمنطقة .

 

ويتعين ان نضيف هنا تدقيقا : تمارس شركتا ترقيم أمريكيتان ( moody s وstandard and Poor s ) مختصتان بتحديد «مخاطر البلدان» تأثيرا قويا على تحديد علاوات المخاطر . وقد قررت Mooy s يوم 22 ديسمبر 1997 إرجاع كوريا درجات في قائمة «مخاطر البلدان». كانت كوريا حتى تلك اللحظة مصنفة مع البلدان الصناعية الموثوقة. وبين عشية وضحاها وجدت نفسها ضمن فئة البلدان بالغة الخطر منضمة بذلك الى الفليبين . وبذلك أُخضعت قروض كوريا فجأة لنفس درجة المخاطر المميزة للسندات «العفنة » الشهيرة junk bonds.

 

ان ما حدث خلال أزمة 1982 يتكرر في بداية القرن الواحد وعشرين . يتعين على بلدان العالم الثالث ان تدفع فوائد عن قروضها اكبر مما تدفع بلدان الشمال. وتتعزز الظاهرة ب« الهروب نحو الأمان ». وهكذا يفضل zinzins اقتناء سندات قروض الدول الأكثر تصنيعا بدل تلك الخاصة باقتصاديات المحيط . وقد تعزز ميل أسعار الفائدة بالمركز الى الانخفاض بسعي الخزينة الفيدرالية للولايات المتحدة منذ نهاية سنة 2000 الى إنعاش اقتصاد أمريكا الشمالية بخفض متكرر لاسعارها الموجهة .

 

وقد ترتب عن ذلك انخفاض عام لأسعار الفائدة التي تمنحها دول الشمال لقاء ما تقدم من قروض جديدة . وهكذا تعمقت الهوة من جديد بين ما يتعين على بلدان المحيط دفعه من أسعار فائدة ونظيره لدى بلدان المركز.

 

3 . تدهور أطراف التبادل

 

تتميز السوق العالمية بكون أغلبية بلدان الجنوب مصدرة للمواد الأولية و للمنتجات المصنعة ضعيفة القيمة المضافة . وبالعكس تستورد منتجات صناعية ذات قيمة مضافة عالية وتكنولوجيا . كما أنها مستورد صاف للمنتجات الزراعية الموجهة لتغذية السكان ولتربية المواشي – هذه الموجهة فيما بعد بشكل أساسي الى التصدير نحو الشمال .

 

ويلاحظ تدهور لـ«أطراف تبادل المنتجات الأساسية» على المدى الطويل أي انخفاضا لأسعار المنتجات المصدرة من بلدان المحيط قياسا على أسعار المواد المصنعة والخدمات وبراءات الاختراع المستوردة من البلدان الأكثر تصنيعا . وحسب كتابة الأمم المتحدة انتقلت العلاقة بين أسعار(أطراف التبادل) سلة المنتجات التي يصدرها العالم الثالث وتلك التي يستوردها من الشمال من مؤشر 100 سنة 1980 الى مؤشر 48 سنة 1992 . إذن بافتراض ان 100 وحدة جنوبية كانت سنة 1980 مقابلا لـ100 وحدة شمالية ،فإنها لم تعد سنة 1992 توفر سوى 48 وحدة شمالية. أي بعبارة ا أخرى ، أصبحت بلدان الجنوب مجبرة على مضاعفة صادراتها لتحصل من البلدان الأكثر تصنيعا على حجم الوحدات القديم .

 

وقد شهدت البلدان المصدرة للنفط تدهورا اشد لأطراف التبادل فالسعر الحقيقي للنفط الخام سنة 1992 لا يمثل سوى ثلث سعر1981.

 

ويمثل سقوط أطراف التبادل بالنسبة لأفريقيا جنوب الصحراء بين 1986و1989 (أي في ظرف اربع سنوات فقط) خسارة بقيمة 55.9 مليار دولار وتتكون 90 % من صادرات نصف بلدان أفريقيا من مواد أساسية .

 

وبالنسبة للبلدان الخمسة عشر ذات الدخل المتوسط وذات الاستدانة الكبيرة (ارجنتين، بوليفيا،البرازيل، الشيلي، كولومبيا،كوت ديفوار، اكواتور، مكسيك، المغرب،نجيريا، بيرو، الفيلبين،أوروغواي،فنزويلا، يوغوسلافيا) ارتفعت الخسائر الإجمالية الناجمة عن تدهور أطراف التبادل الى 247.3 في فترة 1981-1989 .

 

في الدورة العاشرة لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية cnuced المنعقدة ببانكوك في فبراير2000 صرح الفريد مايزل Alfred Maizels، المختص في أطراف التبادل، متتبعا تطورها بين 1980 و2000 :« كانت ثمة بعد 1980 قطيعة : فبوجه عام انهارت الأسعار الحقيقية للمواد الأساسية ولم ترتفع مذاك. وفي نهاية سنوات 80 اتضح ان الأزمة اخطر و أطول من حقبة جمود سنوات 30 . ومن 1990 الى 1997 لم تشهد أطراف تبادل المواد الأساسية تحسنا ولا تدهورا ظاهرا لكن حدث تدهور حاد جديد في السنتين اللاحقتين بفعل الأزمة المالية الأسيوية وسقوط سعر عملات بلدان آسيا الرئيسية .»(Maizels 2000.p.6).

 

وحسب صندوق النقد الدولي ، انخفضت أسعار المواد الأساسية( مع اعتبار النفط) بنسبة 30% بين 1996 و2000 (صندوق النقد الدولي ، التقرير السنوي 2000، ص 11) وهذا نفس تشخيص cnuced (تفرير حول التجارة والتنمية 2000 ص 34).

 

وعلاوة الى هذا الميل الى الانخفاض وعلى تأثر هذه الأسواق البالغ بأدنى التقلبات، قامت البلدان الصناعية بمفاقمة الضرر بصنعها منتجات استبدالية: الألياف الاصطناعية والسكر المُحلى ،الخ.

 

ويتيح آخر ما ظهر من مواد استبدالية ، وليس اقلها شأنا، صنع «شوكولا» …دون كاكاو تقريبا.اذ سمحت فعلا اللجنة الأوربية باستبدال زبد الكاكاو (المنتج بالجنوب) في الشوكولا المصنوع بأوربا بمواد ذهنية حتى نسبة 5% من الوزن الإجمالي . واعترفت اللجنة الأوربية ان هذا الإجراء سيسقط صادرات الكاكاو نحو الاتحاد الأوربي . ويعني هذا سقوطا لسعر الكاكاو في السوق العالمية مما يغرق بلدان الجنوب في البؤس. لكن اللوبي الأوربي بالغ القوة . انه مثال جلي عن حمائية الاتحاد الأوربي المضرة بالجنوب .

 

لكن بلدان الجنوب خاسرة بوجه عام في مبادلاتها مع الشمال عندما تصدر مواد مصنعة : من 1980 الى 1990 ارتفعت أسعار المنتجات المصنعة المصدرة من بلدان الجنوب بنسبة 12% وارتفعت أسعار المنتجات المصنعة المصدرة من بلدان الشمال العضو بمجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى بنسبة 35% (pnud .1992.p69) .لقد انخفضت الأسعار الحقيقية للمنتجات المصنعة المصدرة من الجنوب بينما ارتفعت تلك المصدرة من الشمال .

 

كان ارنست ماندل ، الى جانب آخرين ، قد أثار الانتباه سنة 1972 في كتابه «الرأسمالية الشائخة» الى هذا التطور قائلا: « تنخفض حصة البلدان المتخلفة من التجارة العالمية وبسرعة بدل ان تنمو او تظل ثابتة . ولا تبطل كل تحويلات الرساميل الخاصة والعمومية مفعول تحويل القيمة في الاتجاه المعاكس المفضي الى إفقار بلدان ما يسمى بالعالم الثالث قياسا بالبلدان الإمبريالية . طبعا لايؤدي الانخفاض السريع لحصة العالم الثالث من التجارة العالمية، التي نزلت من نحو 32% سنة 1950 الى زهاء 17% سنة 1970 ، الى تراجع مطلق لتبعية البلدان الإمبريالية ازاء بعض المواد الأولية(…) لكن التناقض بين القيمة الاستعمالية والقيمة التبادلية يتجلى في إطار الاقتصاد الرأسمالي العالمي من خلال إمكان ترافق تبعية الإمبريالية إزاء المواد الأولية المصدرة من البلدان الفقيرة مع تقليص نسبي للأسعار المدفوعة لقاء تلك المواد الأولية وبالتالي انخفاض نسبي لقيمتها التبادلية» (ارنست ماندل 1972،الجزء الأول ص 124-125.)

 

يمثل تدهور أطراف التبادل مظهرا لتفاوت التجارة الدولية : البلدان الأكثر تصنيعا محظوظة في مبادلاتها مع الجنوب . وتقدم نتائج تجارة فرنسا الخارجية تأكيدا جديدا لواقع الأمور هذا . اذ تشير دراسة نشرها معهد insee بعنوان تجارة فرنسا الخارجية (INSEE.1997) ان فرنسا استمدت فائضا تجاريا كبيرا من مبادلاتها مع بلدان الأجور المنخفضة . وبالفعل بينما كانت تجارتها الخارجية مع بلدان الشمال متوازنة كان فائض1996 ناتجا بخاصة عن المبادلات مع أفريقيا ، هذه التي قدمت منه 40% والشرق الأوسط 25% وشرق اوربا 15 % . والحال ان القسم الأعظم من تجارة فرنسا الخارجية يتم مع باقي البلدان الصناعية (80%). تكمن المفارقة إذن في كون 20 % من تجارة فرنسا الخارجية مع بلدان العالم الثالث تنتج وحدها الفائض كله .

 

ثمة علاقة وثيقة بين السياسات التي قررتها الطبقات السائدة ببلدان المركز مع بداية عهد تاتشر وريغان في بداية سنوات1980 وتدهور أطراف التبادل وأزمة الدين وسياسات التكييف الهيكلي المفروضة من مؤسسات بروتن وودز . وفي النص التالي يكتب مايزل ذلك بطريقته. ويشير بوضوح الى ان تدهور أطراف التبادل ليس قدرا بل ثمرة جملة سياسات قررتها البلدان الأكثر تصنيعا.«كان تراجع أسعار المنتجات المصدرة من المحيط الى السوق العالمية في بداية سنوات1980 نتيجة مباشرة للصرامة النقدية التي مارستها البلدان الصناعية الرئيسية للحد من التضخم. وأدت هذه السياسة الى تباطؤ محسوس للنمو الاقتصادي وكبحت بقوة الطلب على المواد الأولية. ومذاك ظلت معدلات النمو ضعيفة قياسا على ميولات بعد الحرب، وفي هذا تفسير جزئي لركود أسعار المواد الأساسية. ويتمثل السبب الآخر الكبير لهذا الركود في الارتفاع السريع لحجم صادرات البلدان النامية من المواد الأساسية الذي تجاوز 40% من 1980 الى 1990. ويظهر تناقض بين ارتفاع العرض بينما الأسعار منخفضة لكن تفسير ذلك في تدخل عامل جديد. كانت البلدان مدفوعة الى إنماء صادراتها بتقليص عائداتها من العملة الصعبة – الناتج بالأساس عن الانهيار السابق لاسعار المواد الأساسية– الى جانب أسعار فائدة الدين الخارجي المرتفعة وغياب شبه تام لقروض جديدة بشروط السوق الى مطلع سنوات 90. هذا علاوة على ان قروض صندوق النقد الدولي كانت بوجه عام بشروط صارمة لاسيما خفض سعر العملة الوطنية لتشجيع التصدير . ومنذ زهاء عشرين سنة و الأسعار الحقيقية للمنتجات الأساسية بالغة الانخفاض . وبذلك شهدت البلدان المصدرة تدهور أطراف تبادلها بقوة خلال تلك المرحلة . وارتفعت الخسائر بسرعة من زهاء 5 مليار دولار كل سنة من في 1981-1985 الى قرابة 55 مليار دولار كل سنة في 1989-1991 . وبلغت إجمالا 350 مليار دولار خلال حقبة 1980 الى 1992 وارتفعت كثيرا مذاك. وكانت عاملا هاما في ارتفاع الدين الخارجي للبلدان المصدرة المعنية »(Maizels.p7)

 

4. تحكم شركات الشمال متعددة الجنسية بالتجارة العالمية

 

تتحكم الشركات متعددة الجنسية بالبلدان الصناعية بوسائل النقل الدولي وبالتجارة وبتوزيع البضائع . وتستحوذ هذه الشركات على قسم كبير من عائدات بيع البضائع لان على بلدان العالم الثالث دفع أسعار باهضة أجورا للسفن والتأمين والرزم وتسويق المنتجات المستوردة والمصدرة . كما ان الشركات البحرية بالبلدان الصناعية منظمة جيدا في كارتيلات وتفرض تكاليف بالغة الارتفاع مقابل خدمات النقل . وتتحكم هذه الشركات بأكثر من 85% من أسطول التجارة . وتمارس شركات الشمال متعددة الجنسية سيطرة اقوى في مجال النقل الجوي .

 

قد ابانت دراسات عديدة ان متوسط ما تتوصل به بلدان العالم الثالث من سعر بيع المفرق لمستهلك الشمال لا يتجاوز 10 الى 15%

 

5 . ترحيل أرباح الشركات متعددة الجنسية العاملة بالعالم الثالث

 

مثل الترحيل الصافي لأرباح الشركات متعددة الجنسية ، خلال فترة 1980-1982 ما قيمته 112 مليار دولار .

 

وكان متوسط التدفقات الصافية من الاستثمار الأجنبي المباشر في «البلدان النامية » يفوق تدفقات الخروج الصافية المطابقة لعائدات الاستثمارالاجنبي المباشر (ارباح، اتاوات، أتعاب) التي ترحلها الشركات متعددة الجنسية نحو مراكزها ببلدان الشمال. وباقتران مع أزمة دين العالم الثالث ، وأمريكا اللاتينية بوجه خاص ، قلبت الشركات متعددة الجنسية الوضع بتسريع وزيادة عمليات ترحيل الدخل تلك من 1981 الى 1986.

 

ومع مطلع سنوات 90 عادت تدفقات الدخول لتفوق تدفقات الخروج . لكن تغيرت طبيعة تلك التدفقات بالتدريج : فمن استثمارات خالقة لمنشآت او موسعة لمنشآت قائمة انتقلت الى استثمار مشتر لمنشآت بشكل رئيسي.

 

اصبح تقدير الحجم الحقيقي لكتلة الأرباح المحققة بفضل الاستثمارات بالعالم الثالث مستعصيا بفعل ممارسات التلاعب في الفوترة بالزيادة والنقصان داخل الشركات متعددة الجنسية نفسها . وثمة مناهج هندسة شاملة عديدة لمراكمة أقصى الأرباح في أحد مواقع الإنتاج او التسويق وهذا حسب مختلف الثوابت . وليس معدل الضريبة على الأرباح غير إحدى تلك الثوابت . وتمثل ضرورة ترحيل الأرباح نحو الشركة الام ثابتا آخر . وقد تنتقل نفس الشركة متعددة الجنسية من تقنية الى أخرى في الزمان والمكان حسب افضل فرصة . وعندما يتعلق الأمر بالشركات متعددة الجنسية ( في وضع احتكار او احتكار أقلية ) التي تتكلف بكامل العمليات ، من استخراج المواد الأولية حتى بيعها للصناعة التحويلية ، فإنها لا تكترث بإدراج الربح في فرع الاستخراج او شركة النقل او الملاحة او المصفاة . وهكذا فان قسطا من كتلة القيمة التي تظهر في إحصاءات البلدان الإمبريالية بما هي ربح منتج في السوق الداخلية هو ، في الواقع ، فائض قيمة أنتجه منتجو العالم الثالث لا عمال البلدان الأكثر تصنيعا .

 

وتتمثل إحدى التقنيات المستعملة فيما يلي : تبيع الشركة الام متعددة الجنسية لفرعها بالعالم الثالث بضائع او خدمات بأسعار مغالى في تقديرها وتفوق أسعار السوق العالمية .

 

فعلى سبيل المثال يرى اوغستين بابيك Augustin Papic ان الشركات متعددة الجنسية العاملة في قطاع الدواء تفرض على فروعها بأمريكا اللاتينية أسعار بيع داخلية تفوق أسعار السوق العالمية بما لا يقل عن 33% وحتى 314%.

 

وفي كولومبيا مثلا جرى ذكر حالات فروع شركات متعددة الجنسية في قطاع الدواء دفعت عند استيراد منتجات الشركة الام أسعارا تفوق ب155% الأسعار العادية عند التصدير . وتبلغ مغالاة الأسعار المذكورة 40% في صناعة المطاط و26% 45 في الصناعية الكيميائية و258 الى 1100 % في الصناعة الإلكترونية .

 

وعلى العكس تجري صادرات فروع الشركة الام ببخس حاد للأسعار. وقد كشف بحث في المكسيك البرازيل والأرجنتين ان 75% من الشركات متعددة الجنسية المدروسة تبخس أسعار صادراتها بزهاء 50% قياسا على الشركات المحلية (ماندل 1972 الجزء الثاني ص 305-306)

 

وفي السنوات العشرين الأخيرة قام تطور المناطق الصناعية الحرة في بلدان عديدة بالعالم الثالث – ومنها الصين والكتلة الشرقية السابقة- بتبسيط استراتيجية الشركات متعددة الجنسية لاجل ترحيل أرباحها .

 

6 .خوصصة المنشآت العمومية بالجنوب

 

قامت حكومات الجنوب وما زالت بنهب منشآتها العمومية التي تملكت قسما كبيرا منها الشركات الخاصة او العمومية متعددة الجنسية بالشمال . وبالنظر الى بخس القيمة الحقيقية للمنشآت المخصخصة ، يمكن بلا تردد اعتبار الامر شكلا آخر لترحيل الثروات والرافعات الاستراتيجية من الجنوب الى الشمال . وقد بيعت بعض المنشآت العمومية للرأسمال الأجنبي مقابل لقمة خبز و أفرغت فيما بعد من محتواها. وبيع شركة الطيران العمومية الأرجنتينية Aerolineas Argentinas لشركة Iberia الإسبانية حالة رمزية . اذ اقتنت ايبريا البنيات التحتية والمسالك الجوية والمعدات الخاصة بالشركة الأرجنتينية باقل من قيمتها . وفيما بعد تملكت ايبريا المسالك الجوية وقدمت بالكراء طائرات بأسعار باهضة ( Financial Times 13 Juin 2001 ) . لا بل اكثر من ذلك : في حين تحملت الدولة الأرجنتينية دين شركة الطيران وباعتها دون دين ، قامت ايبريا بتحميل Aerolineas ما اقترضته لشرائها (Clarin.21 Juin 2000)! في نهاية المطاف أصبحت Aerolineas Argentinas ، وقد أُفرغت بالكامل من محتواها، على حافة الإفلاس سنة 2001 مع دين بقيمة 900 مليون دولار وأسطول جوي لا يتعدى طائرتين (مقابل 29 طائرة لحظة الخصخصة سنة 1990) .

 

وحسب البنك العالمي مثل مجموع عمليات الخصخصة ببلدان المحيط بين 1990 و1999 للدول البائعة دخلا يفوق 315 مليار دولار. اي قسط من هذا المبلغ جرى القاؤه على كاهل المنشآت المخصخصة(كما في حالة شركة الطيران الأرجنتينية)؟ ذلك ما لا يقوله البنك العالمي . ما القيمة الحقيقة لما انتقل من المجال العمومي الى المجال الخاص ؟ ما هو بالضبط القسم الذي انتقل الى أيدي الشركات الاجنبية ؟ هذا ما يلتزم البنك العالمي الصمت بصدده كذلك . الأكيد ان الشركات متعددة الجنسية ببلدان المركز أصبحت المالك الرئيسي للمنشآت المخصخصة ببلدان المحيط. حققت الشركات متعددة الجنسية بالمركز سنة 1999 76 % من عمليات الشراء ( World Bank/ GDF 2001 p 189).

 

وتحكمت الشركات متعددة الجنسية بالمركز بقطاعات اقتصادية استراتيجية في مجالات عديدة . وكانت البنوك الإسبانية تتحكم سنة 2000 بـ40% من اصول النظام البنكي بأمريكا اللاتينية مقابل 10% في منتصف سنوات1990. (BRI2001 p 52)

 

وبصدد الخصخصة بين 1990و1999 كان اكبر إقبال متجها نحو قطاع الاتصالات (76 مليار دولار ) ويليه قطاع إنتاج الكهرباء (53 مليار دولار ) والنفط والغاز (45 مليار ) والبنوك (34 مليار ) وصناعة الحديد(9.6 مليار) والكيمياء (6 مليار ) . وتتبوأ امريكا اللاتينية مقدمة برامج الخصخصة (177 مليار دولار ) -« تنازلت المنطقة على قسم كبير من بنياتها التحتية ومؤسساتها المالية لصالح التسيير الخاص»(World Bank GDF 2001.p186) وتليها اوربا الوسطى والشرقية (61 مليار و شرق آسيا والمحيط الهادئ (44 مليار) وجنوب آسيا (11 مليار) ثم أفريقيا الشمالية وأفريقيا جنوب الصحراء (8 مليار لكل منهما).

 

7. براءات الاختراع والإتاوات وحقوق الملكية الفكرية

 

ينتج شكل آخر من ترحيل الموارد الصافي من الجنوب نحو الشمال عن كون الجنوب مجبر على نحو واسع على دفع ثمن حصوله على تكنولوجيا مجتمعات الشمال واستعمالها. ذاك إحدى اوجه ما سماه ماندل في كتاب الرأسمالية الشائخة«الريع التكنولوجي»(ماندل 1972) , يعود ربح هذا الريع الى الشركات متعددة الجنسية التي حازت تفوقا تكنولوجيا . ليس هذا التفوق مضمونا بشكل نهائي. اذ قد تخوض الشركات متعددة الجنسية حربا ضروسا مستعملة البحث-التنمية ومنتجات جديدة (تلك حالة صناعة المعلوماتية).لكن حتى ان كان ثمة بالشمال رابحون وخاسرون فان بلدان الجنوب تكاد تكون خاسرة على الدوام . ولا وزن لها بوجه قدرات البحث-التنمية لدى الشركات متعددة الجنسية ببلدان الشمال (اكثر من 95% من البحث-التنمية ينجز في بلدان OCDE ). وقد أدى تجسيد اتفاقات الغات الأخيرة (المؤسسة للمنظمة العالمية للتجارة) الى تفاقم هذا الوضع بمسألة حقوق الملكية الفكرية على سبيل المثال .

 

حقوق الملكية الفكرية بنظر الجنوب

تعتبر غالبية بلدان العالم الثالث الموارد الجينية ملكا جماعيا . فالفلاحون الذين انتقوا ، منذ آلاف السنين ، بذورا للحصول على منتجات زراعية ملائمة على الوجه الأكمل لحاجاتهم وكذا لمتطلبات احترام الطبيعة ، لم يسعوا أبدا الى فرض حقوق ملكية فكرية على تلك البذور وعلى تلك المنتجات.

 

حقوق الملكية الفكرية بنظر الشمال

أما الشركات متعددة الجنسية العاملة في مجال الصناعة البيولوجية والصناعة الغذائية فقد قامت بذلك . فشركات Aventis و NovartisوMonsantoوCargill ، من باب ذكر بعض من أكبرها ، تجوب العالم لتوطد حقوقها في «الاكتشاف» بتسجيل براءة اختراعها باسمها ، وتسطو ، على هذا النحو ، على ملك صنعته البشرية بأناة .

 

وقد قامت الولايات المتحدة الأمريكية وبلدان رأسمالية متطورة أخرى باقتطاعات من التنوع البيولوجي للعالم الثالث لتحقيق أرباح بقيمة ملايين الدولار دون رد ادنى دولار للبلدان او الجماعات المحلية بالعالم الثالث «المالكة الآلية» للبلاسما الوراثية . فعلى سبيل المثال ربحت معامل التعليب الأمريكية ثمانية مليون دولار كل سنة بفضل تركز افضل للأجسام القابلة للذوبان في صنف طماطم بري مأخوذ من البيرو سنة 1962 .. ولم يجر أي تقاسم للربح مع البيرو المصدر الأصلي للمادة الوراثية . وحسب فاندانا شيفا Vandana Shiva ( Shiva1994 ) جلبت الأصناف البرية المأخوذة من الجنوب 340 مليون دولار كل سنة للقطاع الزراعي الامريكي بين 1976 و1980 . . وبلغ الإسهام الإجمالي للبلاسما الوراثي البري لصالح الاقتصاد الأمريكي 66 مليار دولار .

 

وقد ابتلعت الشركات الزراعية-الكيميائية منذ مطلع سنوات 1970 اكثر من 400 شركة بذور لا سيما بتوطيد حقوق الملكية الفكرية .

 

هكذا فان سعيا الى السيطرة على الأسواق هو دافع الشركات متعددة الجنسية الى إضفاء التجانس والتماثل عبر المعالجة الوراثية . فتسعير صنف أرز مختبري بالبورصة اسهل من تسعير أصناف متعددة مطابقة للملاءمات المحلية ولمختلف الأذواق عبر العالم .لاسيما ان ذلك الصنف الخارج من مختبر قد يصبح ، بعد ان بات ملكية خاصة بحكم «حق الملكية الفكرية» ،موضوع احتكار تموين لا على صعيد المنتوج نفسه بل على صعيد خلفه (لا يمكن لفلاح يشتري بذور قمح خبزي استعمال قسم من محصوله بذورا لموسم جديد) وعلى صعيد جملة منتجات فرعية. ( مثلا مبيد الأعشاب الوحيد الذي يتقبله الصنف المعني منتوج طبعا لنفس الشركة متعددة الجنسية ) .وبلغ السعي الى إبقاء هذه السوق «أسيرة» مستوى خلق أصناف «عقيمة» تستدعي شراء بذورها كل سنة لأنها تفقد خصائصها في الجيل اللاحق .

 

لم يعد الفلاح منتجا ومالكا بل شاريا ومستهلكا واصبح بوجه خاص عبدا لبراءة الاختراع وللشركة متعددة الجنسية التي تملكه . من المفروض ان حقوق الملكية تحسن المنتوج وتحافظ على النوع البيولوجي بينما التكنولوجيا الحيوية ترمي أساسيا ، فور توطيد الملكية ، الى خلق التماثل بانتقاء أصناف المردود الأعلى .

 

يؤدي هذا التماثل الى كوارث في الزراعات ، اذ تصبح النباتات متشابهة كالتوائم وكل ما يضعف نباتا يضعف النبات الآخر. وقد جربت الولايات المتحدة الأمريكية ذلك في 1970-1971 لما دمر مرض الشقران 15 % من زراعاتها من الذرة التي أضعفها التماثل الوراثي وقد تكررت هذه التجربة بآسيا في أصناف أرز ما يسمى بالثورة الخضراء.

 

كما يتعين اعتبار ما يقصد بـ«المردود العالي ». فمثال البرامج الدولية لغرس شجر أوكالبتوس واضحة بهذا الصدد. : لا فائدة من نموه سوى لخشب الورق. اما من زاوية الكتلة الإحيائية ، لاجل التغذية الحيوانية، فلا مردود نهائيا للاوكالبتوس .والى جانب هذا قد يقول خبير حراجة إن الغابات المدارية ، المتنوعة طبيعيا،«غير منتجة»!. القطاع الصناعي غير مهتم بالتنوع ، انه مهتم بمردود المواد الأولية الـُمغلة.

 

في الواقع تقوم مختبرات الشركات متعددة الجنسية بتفسير كل تحويل تكنولوجي للتنوع البيولوجي بمدلول«تحسين» ورفع «القيمة الاقتصادية» . ويعتبر ما صنع في مختبرات المنشآت«إنتاجا» بينما تُعتبر إعادة إنتاج المادة الخام من قبل الطبيعة وكذا من قبل المزارعين وسكان غابات العالم الثالث مجرد «صيانة». ويؤدي اعتبار ان القيمة لا تظهر سوى على صعيد العمل بالمختبر الى بخس قيمة قرون من الابتكار لاجل منح حقوق احتكار لأشكال حياة للذين يتصرفون في الجينات بواسطة تكنولوجيا جديدة. ان التماثل يطابق نموذجا محتوما في سياق مطبوع بالسيطرة والمردودية .

 

حقوق الملكية الفكرية والاتفاق حول اوجه الملكية الفكرية ذات الصلة بالتجارة

 

دخل الاتفاق حول حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة(ADPIC) (راجع القاموس)حيز التطبيق سنة 1995 في إطار المنظمة العالمية للتجارة . ويمثل إحدى الركائز الرئيسية لاتفاقيات دورة أوروغواي ، لكنه أيضا إحدى أكثرها إثارة للجدل.

 

وقد وضعته اثنا عشر شركة أمريكية متعددة الجنسية وتم فرضه بدعم من الحكومات الأمريكية واليابانية والأوربية رغم معارضة بلدان الجنوب .ويرمي ، في الواقع،الى توطيد حماية المنتجات والطرائق الخاضعة لبراءة الاختراع على نحو يمنع استنساخها من قبل منشآت أخرى في العالم(البلدان الأقل تطورا بشكل رئيسي) لانه يعزز حقوق الملكية الفكرية للمبتكر، كما جاء بمعيار عالمي ذي قوة تنفيذية بربط حقوق الملكية الفكرية بالتجارة .وبذلك تصبح حقوق الملكية الفكرية إلزامية لكن دون ضمان مواز للدفاع عن حقوق المجتمع وعن الحق في الصحة وحقوق السكان الأهالي.

 

يفيد اتفاق adpic في المقام الأول البلدان الأكثر تصنيعا الحائزة على تفوق تكنولوجي ، ويؤدي من جراء ذلك الى تأبيد تفاوت النمو. وتزيد حقوق الملكية الفكرية الواجب دفعها من غلاء نقل التكنولوجيا فيزداد والحالة هذه تهميش البلدان النامية .

 

تستحوذ البلدان الصناعية على 97% من براءات الاختراع وتستحوذ الشركات متعددة الجنسية على 90 % من مجموع براءات اختراع التكنولوجيا والابتكار . ولحد الآن ليس ثمة ما يتيح القول إن نظام البراءات قد حفز أنشطة البحث والتنمية بالبلدان الفقيرة او لصالحها ، ولا إن من شأنها ان تفعل ذلك. ففي قطاع الأدوية على سبيل المثال كانت بلدان مثل الصين والهند ومصر تعطي قبل اتفاق adpic براءات اختراع على الطرائق لا على المنتجات النهائية . وقد ساعد هذا المنهج على تطوير الصناعة المحلية للأدوية المشابهة للعلامات الأصلية لكن الأرخص منها generique. ولابراز الفرق نشير الى ان ثمن الأدوية في باكستان، حيث توجد براءات اختراع، تفوق ثلاثة عشر مرة نظيرها بالهند حيث لا توجد براءات.

 

طبقا لاتفاق adpic لم يبق الآن ممكنا من حيث المبدأ إنتاج دواء او شراؤه من الخارج دون ترخيص ( لقاء دفع إتاوات) من مالك الابتكار الذي يحافظ على هذه السلطة طيلة عشرين سنة . وبالطبع وضعت بنود استثنائية : في حالة الاستعجال الصحي او عرقلة المنافسة (_رفض البيع من طرف المبتكر او أسعار باهضة) يحق لكل حكومة أن تلجأ الى «ترخيص الزامي» او الى استيراد مواز. لكن يبدو ان هذا الحق يواجه صعوبات جمة عند التطبيق. وعلى العكس ، اضطرت الهند في اطار المنظمة العالمية للتجارة ،بفعل ما تعرضت له من ضغوط اقتصادية، ،الى التخلي عن التحكم بالأسعار وعن انتاج الادوية المستنسخة generique ( attac Menahem«Enquete au couer des multinationales» ).

 

كما يثير الاتفاق حول حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة مسائل تلاؤم مع التشريع الخاص بحقوق الإنسان والاتفاقات حول البيئة . يعترف كل من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعهد الدولي حول الحقوق المدنية والسياسية ، بالحق في تقاسم التقدم العلمي. ومن جهة أخرى تدعو الاتفاقية حول التنوع البيولوجي الدول الى حماية حقوق السكان الأهالي في استعمال الموارد البيولوجية والمنظومات المعرفية . كما تنص على تقاسم فوائد الاستعمال التجاري لموارد السكان الأهالي البيولوجية ولمعارفهم. (PNUD200.p84 )

 

وقد سبق ان جاء سنة 1999 في التقرير العالمي حول التنمية البشرية ما يلي :«يجب اذن الطعن في السير المحتوم لحقوق الملكية الفكرية ووقفها» و«يجب وضع مبدأ الحيطة قبل الربح»(PNUD1999.p73 et 74)

 

وقد تزايدت طلبات براءة الاختراع بشكل كبير في السنوات العشرين الأخيرة ، صادرة عن عدد قليل من البلدان الصناعية التي كانت ، يا للغرابة ، تعمل بقوانين ضبابية في هذا الميدان لما كانت في طور بناء صناعاتها الوطنية . وغيرت خطابها بمجرد أن أصبحت مصدرة للتكنولوجيا.

 

وعلى صعيد البحث عن المعرفة ، تعيق براءات الاختراع الأبحاث التي من شأنها ان تفضي الى اكتشافات نافعة للجميع . إن «تكدس» البراءات هذا يجزئ مجال البحث و يسيجه: تكف مختلف مجموعات الباحثين عن تداول الأفكار . وعلى العكس يحظى الربح المرتبط بتسويق المنتجات ذات البراءة بالأسبقية وبالحماية بشكل جلي.

 

وفي تحديد برامج البحث يتكلم المال بشكل أقوى من حاجات ملايين البشر : هكذا ُتحضر التكنولوجيا الجديدة لاجل الذين لديهم إمكانات الإفادة منها ، وتركز الأبحاث على الأسواق ذات الدخل العالي. ويوضح جورج ميناحيم ( عضو المجلس العلمي لأطاك ) في دراسة لاطاك بعنوان « بحث في صلب الشركات متعددة الجنسية » ، غير منشورة بعد عند كتابة هذه السطور ، قائلا:«تتيح بوصلة مردودية الرأسمال المالي معرفة ما هي الأمراض التي تستحق العلاج وما هي بالمقابل تلك التي لا داعي لاهتمام صناعة الأدوية بها . وهكذا فإن ثلاثة عشر جزئية فقط من 1223 التي أنزلت الى السوق بين 1995 و1997 كانت موجهة تخصيصا نحو الأمراض المدارية، علما أن خمسة منها ناتجة عن البحث البيطري»(…) والأخطر من ذلك انه عندما توجد أدوية لكنها لا تعني غير بلدان فقيرة ، تقود بوصلة مردودية الرأسمال الى وقف صنعها. يوجد دواء للنوام ،القاتل لـ150 الف شخص كل سنة،صنعته سنة 1985 الشركة الامريكية Merell Dow ، وقامت Marion roussel ،التي اشترت الشركة وورثت عنها الجزئية، بالتخلي عن صنعها. وذلك أيضا شأن دواء التهاب السحايا البكتيري المنتشر بوجه خاص ببلدان الجنوب ، هذا الدواء موجود منذ بضع سنوات لكن Marion Roussel قررت أيضا وقف صنعه .

 

8. ترحيل الرساميل من المحيط الى المركز

 

كان صندوق النقد الدولي نفسه يقدر ، في عام 1988 وحدها ، هروب الرساميل من البلدان الثلاثة عشر الأكثر استدانة ، بمبلغ 180 مليار دولار. ولاحقا أدى التحرير الشامل لحركات الرساميل خلال سنوات 1990 الى انتقال للرساميل بقوة بالغة من المحيط الى البلدان الأكثر تصنيعا. الا يكشف البنك العالمي في تقريره السنوي Global Development Finance 2001 : « رغم ان تزايد دخول الرساميل الى البلدان النامية خلال النصف الأول من سنوات 1990 استرعى الانتباه فقد تزايد ايضا خروج الأموال ، ولعل ذلك عائد جزئيا الى معاملات متصلة بخروج الرساميل او ربما لاسباب ضريبية » وقام Rubebs Ticupero الكاتب العام لـمؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية CNUCED في مقدمة تقرير«تنمية افريقيا : مقاربة مقارنة» برسم لوحة أوضح :« ليس لتحرير العمليات المتعلقة بالرأسمال غير حظوظ ضئيلة لإرجاع الرساميل الهاربة التي يقدرها البعض ب 70% من الثروة الخاصة غير العقارية ببلدان أفريقيا جنوب الصحراء. ويبدو ان تلك الرساميل مكونة أساسيا من الأموال العمومية المختلسة وليس من دخول صناعية وتجارية ساعية الى استقرار اقتصادي او مردودية مرتفعة بالخارج.» ( CNUCED.1998.p17)

 

أودع مالكو الرساميل بالجنوب قسما من أموالهم في الأسواق المالية بالشمال في حسابات مرقمة بالفراديس الضريبية او اشتروا عقارات او منقولات (رزمة اسهم) بالشمال.اذا ُطرح الدين الخارجي لبلدان العالم الثالث من مبلغ الأموال التي يملكها رعايا هذه البلدان بالشمال فسيعطى الفرق صورة مغايرة لتلك الرائجة عادة . ويقدم الجدول صورة واضحة لهذه الظاهرة .

 

تضم البلدان النامية بلدان العالم الثالث وبلدان الكتلة الشرقية السابقة . يعادل دين بنوك البلدان الصناعية إزاء البلدان النامية ودائع رأسماليي البلدان النامية في بنوك بلدان المركز .

 

مبلغ الودائع بالبنوك الغربية تقدمه الإحصاءات الدورية ( كل ثلاثة اشهر ) بنك التسديدات الدولية (BRI) . في العمود الثاني لهذا الجدول أوردنا مجموع ودائع القطاعين البنكي وغير البنكي بكافة البلدان ما عدا المراكز البنكية اوف شور ( الفراديس الضريبية مثل الباهاماس وجزر كايمان او هومغ كونغ ) التى احتفظ بشأنها بودائع القطاع غير البنكي وحده .

 

ماذا يمكن استنتاجه من هذا الجدول ؟ ربما من العادي ان تودع منشآت من بلدان المحيط أموالا بالشمال بغية تحقيق صفقات. لكن هذه الودائع تعادل نصف إجمالي الدين. وتمثل مراكمة هائلا من قبل رأسماليي المحيط لثروات ناتجة عن استغلال مواطنيهم.وفي سنة 2000 وحدها بلغت ودائع رأسماليي المحيط الجديدة ببنوك المركز 145 مليار دولار(BRI 2001.p.125).

 

9. ترحيل «الأدمغة» من الجنوب الى الشمال

 

بينما جرى إغلاق حدود الشمال تدريجيا بوجه سكان الجنوب ، لم يمنع ذلك بعض بلدان الشمال ، لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية، بتشجيع انتقائي لهروب أدمغة الجنوب(والشرق). يلقى مواطنون من الجنوب (والشرق) حاصلين على تكوين على حساب دولهم وخبرة مهنية الترحيب بالشمال.وقد يصل حجم هذه الظاهرات مستويات كبيرة جدا.فقدت السودان مثلا قسما كبيرا من يدها العاملة الصناعية . ففي سنة1987 وحدها غادر 17 % من الأطباء وأطباء الأسنان و20 % من مدرسي الجامعة و30% من المهندسين و45% من المساحين نحو الشمال (PNUD.1992.p63 ) كما ان الأرقام المتعلقة بترحيل علماء بلدان الشرق نحو الولايات المتحدة الأمريكية في سنوات1990 مذهلة . وشهدنا خلال 2000-2001 ارتفاع ترحيل الملاك المؤهل من المحيط نحو بلدان المركز: ويمثل المعلوماتيون من جهة وملاك personnel الصحة (أطباء وممرضون)من جهة أخرى الفئة المطلوبة بوجه خاص .

 

ب . خسائر تتكبدها اقتصاديات الجنوب بسبب حمائية الشمال

 

أ – حمائية الشمال ازاء منتجات الجنوب

تمثل أشكال التقليص المفروضة على بضائع المحيط بفعل العوائق التعريفية (الجمرك) وغير التعريفية ( نظام الحصص وتقنين جودة المنتوج) من طرف سلطات البلدان الرأسمالية بالشمال خسارة سنوية تقدرها cnuced بمئات ملايير دولار (CNUCED Rapport sur le commerce et le developpement 1999 . Horman .2001 P 27 .PNUD .Rapport du PNUD sur la pauvrete 2000.p51).

 

يمثل المعدل الوسطي لحمائية أسواق البلدان الأكثر تصنيعا إزاء البلدان الصناعية ضعف نظيره إزاء البلدان النامية.

 

فيما يخص المنتجات الزراعية تقدم الاتحاد الأوربي (عبر السياسة الزراعية المشتركة) والولايات المتحدة واليابان إعانات مالية لإنتاجها الزراعي مما يحد من جاذبية الواردات الزراعية من الجنوب . وتجدر الاشارة في حالة الاتحاد

 

الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية انهما أصبحا مصدرين صافيين للمنتجات الزراعية نحو باقي العالم. . وتجعل الإعانات المالية المقدمة للمنتجين الزاعيين (لاسيما الصناعة الغذائية ) منتجاتهم ارخص في أسواق الجنوب من بعض المنتجات المحلية (Hintjens .1994.Kroll .2001 p10)

 

ولا يتمثل الحل في إزالة الحدود كليا .يتعين أن توحي مقترحات الحركة العالمية Via Campesina ( Via Campesina.1998. voir aussi Berthelot .2000 et 2001 .Bove et Duffour .2000) باقتراحات بديلة ( راجع الفصل 18 ) لعقيدة التبادل الحر لدى المنظمة العالمية للتجارة والبلدان الأكثر تصنيعا .

 

ب. تقييد حق مواطني الجنوب في البحث عن عمل بالشمال

 

رأينا آنف ان سلطات الشمال تشجع الهجرة الانتقائية لأدمغة الجنوب ( وشرق أوربا) نحو الشمال. لكنها تحد بصرامة من قدوم أشخاص من الجنوب سعيا الى تأجير قوة عملهم .

 

وقد اتهم التقرير العالمي حول التنمية البشرية pnud لسنة 2000 بوضوح ما قررته سلطات البلدان الرأسمالية الصناعية من تقليص لحرية تنقل الأشخاص من الجنوب نحو الشمال .

 

ويمثل الحد من تنقل قوة العمل إحدى اكبر أسباب ما يكبده العالم الثالث من خسائر في الدخل .فحسب تقدير محترس قام به برنامج الامم المتحدة للتنمية pnud بلغت الخسائر المتراكمة من عائدات العملة الصعبة ببلدان الجنوب من جراء وقف الهجرة القانونية المقرر منذ سنوات 1980 ما قيمته 250 مليار دولار سنة 1992 ( PNUD.1992.p74) .

 

وباحتراس أيضا يدعو pnud في تقريره لسنة 1992 الى إلغاء الإجراءات التي اتخذها الشمال للحد من تنقل الأشخاص من الجنوب الى الشمال . ويقدر برنامج الأمم المتحدة للتنمية في حال تنفيذ توصياته النسبة السنوية لليد العاملة التي ستقرر الهجرة بـ 2 % . واذا كان هؤلاء العمال يتلقون الأجر الأدنى المعادل لحد الفقر بالبلدان الصناعية ( زهاء 5000 دولار سنويا ) ستبلغ دخلهم السنوي 220 مليار دولار وسيبعثون منها 40 الى 50 مليار دولار الى بلدانهم ، ويرى pnud ان هذه الأموال المرسلة قد تبلغ ، بعد خمس سنوات استقرار، 200 مليار دولار سنويا باقل تقدير (pnud .1992.p63-64) لو طبقت توصية pnud هذه منذ 1992 لمثلت الأموال الإضافية المرسلة اكثر من 2000 مليار دولار من 1992 الى 2001.

 

وعن حق يثير pnud الانتباه الى طابع هذه الخسائر التراكمي بالنظر الى ان كلفة الفرص المرفوضة في الحاضر تتنامي مع الوقت . ورغم العوائق الصارمة بوجه حرية تنقل الأشخاص و إقامتهم أرسل المهاجرون سنة 200 الى بلدانهم بالمحيط 56 مليار دولار بينما لم تتجاوز المساعدة العمومية للتنمية 40 مليار دولار( World Bank .GDF2001.p89)

 

ج‌- من يستفيد بالفعل من المساعدة العمومية للتنمية ؟

«ان قسط أموال المساعدة ( المساعدة العمومية للتنمية ) التي تبقى بالبلدان النامية ضئيل جدا . وعمليا تعود بسرعة كل الأموال الممنوحة الى البلدان الغنية في شكل مشتريات منها »

 

روبير ماك نامارا رئيس البنك العالمي ، مقتطف من خطاب أمام محافظي البنك العالمي يوم 30 سبتمبر 1968 . ( in MacNamara .1973 p 24 )

 

تسمى «مساعدة عمومية للتنمية» تلك الهبات والقروض بشروط مالية امتيازية التي تمنحها هيئات عمومية تابعة لمجموعة منظمة التعاون والتنمية الاقتصاديين ocde او منظمة البلدان المصدرة للنفط opep . يكفي اذن منح قرض بسعر فائدة اقل عن سعر السوق ليجري اعتبار ذلك مساعدة حتى وأن سدده البلد المعني لاحقا حتى اخر قرش.

 

وعلاوة على المساعدة الغذائية يمكن تمييز ثلاث أنواع كبيرة من استعمال الأموال المستخلصة على هذا النحو: التنمية القروية والبني التحتية والمساعدة خارج المشروع.(تمويل العجز بالموازنة او الميزان التجاري للبلدان المتلقية للمساعدة ) وهذا الباب هو المرتفع اكثر .

 

وهذه المساعدة «مشروطة» بتقليص العجز العمومي والخصخصة وحسن السلوك الايكولوجي والاهتمام بالأشد فقرا والدمقرطة … وكل هذه الشروط تضعها حكومات الشمال الرئيسية وصندوق النقد الدولي والبنك العالمي. وإن تعريفهم للدمقرطة ولمحاربة الفقر قابلة للنقاش.

 

تمر تلك المساعدة بثلاث قنوات : المساعدة متعددة الأطراف (المنظمات الدولية :22%) والمساعدة الثنائية (دول واهبة :64 %) والمنظمات غير الحكومية (14%).

 

غالبا ما تكون المساعدة العمومية للتنمية «مساعدة مقيدة» : تستبع استعمال المال المقرض لشراء منتجات وخدمات مصدرة من البلد المانح . هذا ما يجعل بعض النقاد يرون ان المساعدة العمومية للتنمية من النوع الثنائي ليست في الواقع غير مساعدة من البلدان الصناعية لمصدريها. ويتعزز أساس هذا النقد بكون العقود بين منشآت الشمال وبلدان الجنوب الناتجة عن المساعدة الثنائية غالبا ما تكون مضمونة من مؤسسة عمومية مثلdurcoire ببلجيكا او خاصة لكن عاملة لحساب الدولة مثل coface بفرنسا (مخصخصة سنة 1994) . ويتعلق الأمر في الولايات المتحدة الأمريكية بeximbank وفي المانيا بـHermes وفي بريطانيا بECGD . وفي حال تخلف مستديني الجنوب عن الدفع تمنح هذه المؤسسات تعويضات لمصدري الشمال من المال العام لأنها مؤسسات عمومية . وبوجه عام يجري أيضا تسجيل عملية التعويض ضمن مبلغ المساعدة العمومية للتنمية .

 

شهدت المساعدة العمومية للتنمية انخفاضا بنسبة 30% بين 1992 و2000 بينما التزم كافة رؤساء دول الشمال الحاضرون في قمة ريو (1992) برفعها الى 125 منليار دولار سنويا (Toussaint et Commane.1994 .p4) أي مضاعفتها ثلاث مرات .

 

ان المساعدة العمومية للتنمية التي تمنحها البلدان الصناعية والمؤسسات متعددة الأطراف للعالم الثالث ضئيلة جدا. اذ بلغت 38.6 مليار دولار عام 2000 (World Bank.GDF2001.p.89). انها اذن اقل من مبلغ خدمة الدين التي يسددها العالم الثالث كل سنة والتي تتراوح بين 250 و350 مليار دولار .

 

بقدر الإنفاق في التسلح يحصل بلد ما من الجنوب على المساعدة العمومية للتنمية

 

من اكثر أمثلة المساعدة الثنائية «المقيدة » «صدما» مثال تجارة السلاح .

 

فبقدر ما يشتري بلد من العالم الثالث السلاح ، بقدر ما يحصل على المساعدة من البلدان الصناعية. وتتحكم البلدان الصناعية الى حد بعيد بالقسم الأعظم من تجارة السلاح العالمية . خلال فترة 1995-1999 سيطرت الولايات المتحدة الأمريكية بشكل واسع على تجارة السلاح ، وكانت تمثل 50% من صادرات السلاح وتليها بعيدا فيدرالية روسيا ب 13% وفرنسا ب10% وبريطانيا ب 6.5% (Serfati.2001.p.165 ). وتتوفر هذه القوى الاقتصادية على قطاع عام لانتاج السلاح او شركات متعددة الجنسية بالغة العدوانية في اكتساح الأسواق . وبينما تجري الخصخصة على قدم وساق في قطاعات أخرى ، لا تأنف صناعة السلاح عن الاستظلال بالدولة او بالأقل الإفادة من حمايتها . وفعلا تستند المنشآت الخاصة المنتجة للسلاح على القوة الاقتصادية والعسكرية لدولتها لإيجاد مشتر لبضاعتها القاتلة . وبلغت المنشآت الأمريكية العاملة في مجال السلاح درجة كبرى من التركز ، اذ ان سبعة منها تسيطر على السوق – Lockheed Martin ;Boingو Raytheon ; و General Dynamics وnorthrop و TRWو United Technologies . وقد نالت اكبرها Lockheed Martin 855 مليون دولار من المساعدات العمومية من حكومة الولايات المتحدة الأمريكية من اجل ابتلاع منشأة سلاح أمريكية اخرى Martin Marieta ( يعادل المبلغ دين التشاد الإجمالي – 7 مليون نسمة )

 

ويعلق كلود سرفاتي بهذا الصدد قائلا :«يجب قول إن العلاقات بين قادة المجموعات الصناعية والمسؤولين السياسيين الأمريكيين وثيقة بقدر تمويل أولئك السخي لهؤلاء.وخلال حملة الانتخابات الرئاسية سنة 1996 تم بلوغ أرقام قياسية حيث منحت مجموعات إنتاج الأسلحة 13.9 مليون دولار منها 9.1 مليون للجمهوريين و4.8 مليون للديمقراطيين»( Serfati.2001.p.90) كما يضيف قائلا : «تنال اليوم المجموعات الخمس الأولى 40% من 60 مليار دولار من الطلبيات السنوية لوزارة الدفاع و زهاء ثلث 38 مليار دولار المخصصة للبحث والتنمية العسكرية.» (Serfati.2001.p.849 )

 

تصل حصة البلدان النامية من النفقات العسكرية العالمية الى 15 % . ودون أي تسويغ لهذا الإنفاق نرى ان حجمه يستدعي المقارنة مع نسبة سكان هذه البلدان من سكان العالم (85 %) .

 

خلافا لحكم مسبق ليست بلدان العالم الثالث من ينفق اكثر في التسلح. ففي العام 2001 كانت النفقات العسكرية للولايات المتحدة الأمريكية ( اقل من 5% من سكان العالم ) تمثل 36 % من نفقات التسلح العالمية . وتصل تلك الخاصة ببلدان مجموعة السبعة الكبار G7 الى 63 % والخاصة بفيدرالية روسيا والصين فتبلغ 3% لكل منهما . ( Serfati.2001.p86. Upstream Journal May/June 2001.p.9 pour les annees 1995- et 1996 voir Achcar.1999.p18-20 )

 

وبليغ أن «البلدان التي تخصص مبالغ مرتفعة للقطاع العسكري ( اكثر من 4% من نتاجها القومي الاجمالي) تنال مساعدة للفرد تمثل ضعف نصيب البلدان ذات النفقات الأقل في هذا المجال- من 2 الى 4 % من النتاج القومي الإجمالي »(PNUD.1992.p.46).

 

ويعود PNUD برنامج الامم المتحدة للتنمية في تقريره السنوي عن العام 1994 الى الموضوع قائلا :«غالبا ما تتجه المساعدة الى حلفاء إستراتيجيين لا الى البلدان الفقيرة (…) ومنذ 1986 قدمت البلدان المانحة مساعدة ثنائية للبلدان ذات النفقات العسكرية المرتفعة بمعدل يعادل خمسة أمثال ما نالته البلدان ضئيلة النفقات العسكرية ».

 

« كانت البلدان الأولى سنة 1992 تحصل على ضعفين ونصف ما تحصل عليه البلدان الأخيرة» (PNUD.1994.p.80) فعلى سبيل المثال تحصل إسرائيل ، حليف الولايات المتحدة الاستراتيجي بالشرق الأوسط ، كمساعدة من هذه الأخيرة، على 176 دولار للفرد الفقير كمساعدة أمريكية بينما لا تحصل بانغلاديش سوى على 1.7 دولار .

 

ويشير واضعو تقرير PNUD لعام 1994 الي نفاق حكام البلدان الصناعية :« يستدل بعض المانحين بكون ممارسة الميز ضد البلدان ذات النفقات العسكرية المرتفعة مسا بسيادة المستفيدين الوطنية ، انها حجة مفاجئة لاسيما ان المانحين لا يبدون هذا القدر من الحرص على السيادة الوطنية في عدد كبير من مجالات العمل الحكومي الأخرى . والمثال على ذلك ما يشترط على البلدان المتلقية للمساعدة من وقف دعم أسعار المواد الأساسية وخفض قيمة عملتها وخصخصة منشآتها العمومية. ويواصل التقرير :« كانت هذه المفارقة بارزة على نحو خاص خلال مرحلة التكييف الهيكلي في سنوات 1980 ، حيث عاين مانحون عديدون في صمت الاقتطاعات من الموازنات الاجتماعية بينما كانت النفقات العسكرية تواصل ارتفاعها . وانتقلت النفقات العسكرية بأفريقيا جنوب الصحراء من 0.7 % الى 3% من الناتج الوطني الإجمالي من سنة 1960 الى 1999. هكذا فضلت بعض البلدان النامية ان توازن ميزانيتها بالمخاطرة بحياة البشر بدل خفض نفقات تسلحها. »

 

وتدفع الحكومات وقطاع صناعة الأسلحة بالشمال بلدان المحيط الى زيادتها طلبها على السلاح . وفي نفس الآن تنامت نفقات تسلح البلدان الأكثر تصنيعا على نحو بليغ جدا بعد ما شهدت من انخفاض بين عامي 1986و1997 ( انخفاض بنسبة 21% بالولايات المتحدة الأمريكية بين 1986 و1994 مقابل تقليص بنسبة 69 % ببلدان حلف فارسوفيا سابقا والصين) . وقد شرعت إدارة كلينتون بالولايات المتحدة الأمريكية في رفع النفقات العسكرية بجلاء وجاء خلفه بوش الأب ليوسع الحركة لا سيما بجعل الدرع المضاد للصواريخ ( National Missile Defense –NMD etTheater Missile Defense –TMD ) محور استراتيجية العسكرية لأمريكا الشمالية .

 

 

 

ونلاحظ ان ميزانية دفاع الولايات المتحدة الأمريكية كانت سنة 2002 وحدها تمثل زهاء ضعف إجمالي الدين الخارجي لبلدان أفريقيا جنوب الصحراء (كان هذا الدين يبلغ سنة 2002 زهاء 210 مليار دولار على 600 مليون نسمة ) . ويستند رجال صناعة السلاح على حكوماتهم لمحاولة الفوز بعقود جديدة بالشرق . «أسندت رئاسة اللجنة الأمريكية من أجل توسيع حلف شمال الأطلسي لنائب رئيس Lockheed Martin (التي حصلت من البنتاغون على صفقة بمبلغ 18.5 مليار دولار سنة 1999) ، الأمر الكاشف لمزج جميل للأنواع بين العسكري والصناعي . والحال أن إحدى شروط انضمام تلك البلدان هو رفع نفقاتها العسكرية لاجل تحديث تجهيزاتها العائدة الى عهد حلف وارسو المتجاوزة ولا سيما ملاءمتها مع تجهيزات حلف الأطلسي . أي بعبارة أخرى شراء تجهيز أمريكي .»(Serfati .2001.p130 ) ويشير كلود سرفاتي الى شراء بولونيا والجمهورية التشيكية وهنغاريا لمائة طائرة F-16 (من انتاج Lockheed Martin ). ويكتسي الهجوم الأمريكي شكلا مفاقما : يشتري البانتاغون طائرات Mig29 وsuthoi27 .30et37 من بلدان المعسكر المسمى سابقا اشتراكيا لاستبدالها بسلاح أمريكي . ويقوم المركب العسكري الصناعي الأمريكي بإطلاق جيل جديد من الأسلحة . انه اذن يبذل قصاراه للتخلص من مخزونات جيل الأسلحة القديم (F-16 مثلا ) . ستتلقى بلدان سلاحا سيكون ، من الناحية التكنولوجية ، متجاوزا في بضع سنوات وهي الفترة التي ستشرع فيها بالكاد في سداد ثمنها. وسيعطي جيل الأسلحة الجديد تفوقا استراتيجيا للولايات المتحدة الأمريكية في حالة نزاع لأن هذه الأخيرة ستسيطر بالكامل على تكنولوجيا التسلح لدى الآخرين .

 

وستعطي الولايات المتحدة لزبنائها قطع الغيار والمساعدة الفنية لسلاح متجاوز بينما تصبح هي مجهزة تدريجيا بأسلحة الجيل الجديد.

 

كما سجلت الولايات المتحدة نقطا بالعالم الثالث في منافسة شركائها الشماليين . كانت الولايات المتحدة تمثل 48.9% من مبيعات الأسلحة للعالم الثالث عام 1991 و 56.8 % سنة 1992 وزهاء 75% سنهة 1993. وفيما بين 1996 و1998 اخترق الصحافة الأمريكية بالشمال وبالجنوب نقاش حاد حول تجارة الأسلحة . كان الرئيس كارتر ، في فترة الأنظمة الديكتاتورية بأمريكا اللاتينية ، قرر سنة 1977 حصارا على الأسلحة الموجهة الى نصف القارة الجنوبي .و أعيد النظر في هذا التشريع بالولايات المتحدة لان الصناعة الحربية الأمريكية تسعى الى الإفادة من سوق أمريكا اللاتينية المثيرة أيضا لمطامع صناعات التسلح الأوربية . ويتجلى هجوم الولايات المتحدة الأمريكية السياسي والجيوستراتيجي في أمريكا الجنوبية في خطة كولومبيا ذات المستتبعات الجهوية الهائلة ( كولومبيا، فنزويلا، البرازيل ، الاكواتور ، البيرو كلها معنية مباشرة). ستقوم الولايات المتحدة بإقراض او إعطاء أموال لحكومة كولومبيا لتشتري مزيدا من التجهيز العسكري الأمريكي بذريعة محاربة إنتاج وتجارة المخدرات .

 

كما ان الولايات المتحدة فاعلة أيضا في جهات أخرى بالعالم الثالث . ولها طبعا حضور قوي في حوض البحر الأبيض المتوسط ( لا سيما تركيا ) وبالشرق الأوسط . وتمثل إسرائيل نسبيا الدولة المتلقية لأكبر مساعدة للتنمية من جانبها. وينفق قسم كبير منها في التسلح . كما تعتبر المملكة السعودية من الزبناء الرئيسيين للصناعة الحربية الأمريكية . ومن جهتها توجد آسيا في مركز اهتمام الولايات المتحدة ( جنوب شرق آسيا في المقام الأول ) . وان كانت ثمة حاجة للتأكيد على الوجود الأمريكي العسكري بالخارج وعلى قدرتها على التدخل على نطاق الكوكب فيكفي القول إن لها اكثر من مائة قاعدة عسكرية بالخارج .

 

وعلى صعيد المنشآت العسكرية بأوربا الغربية ، شهدنا خلال سنوات 1980-1990 موجة اندماج أفضت الى ميلاد مجموعتين أوربيتين كبيرتين في قطاع الدفاع و صناعة الطائرات :Bae systems في بريطانيا من جهة و EADS (التي تضم Matra Aerospatiale الفرنسية و Dasa الألمانية و Finmeccanica الإيطالية و CASA الإسبانية ) من جهة ثانية . تندرج هاتان المنشأتان ، التي يتعين ان تضاف اليهما THOMSON-CSF الفرنسية ، الى جانب «زميلاتها» الأمريكية السبعة المذكورة آنفا، في عداد المنشآت «العسكرية» العشر الرئيسية بالعالم (Alternatives economiques1° trimestre 2001.p31 ) . وتدمج القوى الاستعمارية القديمة في سياسة تعاونها الخارجي مع أفريقيا بوجه خاص جانبا عسكريا قائما بذاته. وتمثل فرنسا وبريطانيا اكثر تلك القوى نشاطا على هذا الصعيد. ومن جهة أخرى يظل الوجود العسكري الفرنسي بأفريقيا مرعبا ( راجع كتابات François-Xavier Verschave ). ولا شك ان قرار رؤساء الاتحاد الأوربي في نيس NICE في ديسمبر 2000 بإنشاء قوة تدخل سريع سيؤدي الى تزايد بليغ لنفقات الدول الأعضاء العسكرية . كما أنها قد تصبح بعدا هاما من تعاون الاتحاد الأوربي مع بلدان المحيط .

 

الخلاصة ان هذا الفصل يبرهن على ان المساعدة العمومية للتنمية مرتبطة مباشرة بالمصالح الإستراتيجية لدول المركز ( لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية ) وانها مرتبطة بتجارة السلاح وان صناعة التسلح تطالب بـ « تدخل الدولة » الكفيلة وحدها بالشراء وبالإجبار على الشراء.

 

(*) إيريك توسان مؤرخ وعالم سياسة بلجيكي . مؤسس لجنة إلغاء ديون العالم الثالث CADTM.

 

وهو عضو بالمجلس الدولي للمنتدى الاجتماعي العالمي ، وفي المجلس العلمي لحركة « اطاك » الفرنسية . مؤلف كتاب

 

la bourse ou la vie ، شارك في تأليف :

le bateau ivre de la mondialisation *

Afrique : abolir la dette pour liberer le developpement*

Cuba : le pas suspendu de la revolution*

Sortir de l impasse : dette et ajustement 

50 *questions et 50 reponses sur la dette le fmi et la banque mondiale

http://archive.nadyelfikr.net/index.php?s=09fe3407020aa9c5ef84af36bf1cde6d&showtopic=24338

 

زر الذهاب إلى الأعلى