الديون

صندوق النقد الدولي : إصلاح أم تغيير

بقلم يسير بلهيبة

تقديم :

يستمر صندوق النقد الدولي وباقي المؤسسات المالية في بلورة سياسات معادية للشعوب ، ليس من موقع ارتباطه العضوي بمنظومة الليبرالية الجديدة فقط  ، بل لارتباطه العضوي بألف بائيات الرأسمالية التي لا تستقيم برامجها إلا بتقسيم غير عادل للثروات و الاستغلال المكثف لقوة العمل و احتكارها لوسائل الإنتاج .

ويبرز مع فضيحة ستراوس الأخلاقية ، نقاش سطحي ، يختزل أزمة المؤسسة المالية في إدارتها التي تتبنى توجهات معادية لمصالح الشعوب ، غاضة الطرف عن موازين القوى المتحكمة  في بنية القرار التي تخدم مصالح السوق ، ليس فقط في المؤسسات المالية بل في مختلف الدوائر التقريرية للقرار الدولي بما فيها الأمم المتحدة ومجلس الأمن  الدولي …فهل يكفي إسقاط الدائرة الاقتصادية والسياسية المتحكمة في القرار الإداري لصندوق النقد الدولي ليمكن للشعوب أن تتنفس الصعداء آم أن الأمر يتعلق بقاموس فقهي يستعمله دعاة الليبرالية التي تقوم على ضرورة تدخل الدولة لحماية المواطن ضد نهم الأسواق ، بعد أن أحرقت الليبرالية الجديدة جميع الأوراق الداعية إلى الرجوع إلى مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية …إن كل التطلعات لا تشير إلا إلى  نتيجة عظيمة لهاته الطروحات  بعد دروس طويلة من مقارعة الواقع بالواقع و النظرية بالنظرية : اصلاح اجتماعي ام ثورة ، همجية او اشتراكية ، عالم آخر وضروري بات ممكنتا..

من هو صندوق النقد الدولي

تأسس الصندوق سنة 1944 في بروتن وودز بهدف تحقيق الاستقرار النظام المالي الدولي (بادر 45 بلدا إلى التأسيس / لينتقل العدد إلى 187)يشرف على تدبير هيئة من المسيرين (مجلس الحاكمين ) وينعقد مرة كل سنة يتدارس قبول بلدان جديدة كما يبث في الميزانيات . ويفوض الصندوق مهمة تدبيره إلى مجلس إداري يتشكل من 24 عضوا ، يعطى فيها امتياز تعيين أعضائه لثمانية دول كبار ( الولايات المتحدة – اليابان – ألمانيا- فرنسا- المملكة المتحدة – السعودية – الصين- روسيا ).أما الستة عشر الباقية فتعينهم باقي البلدان.

ينتخب المجلس مديرا عاما مدة خمس سنوات ويشترط ضمنيا أن تكون شخصية أوروبية ، وتظهر المعطيات أن صفة المدير هاته غالبا ما كانت متجاوزة في القضايا الشائكة و الكبرى حيث تلقي الولايات المتحدة بثقلها في ادارة الأزمات عبر أعضاء آخرين : الأزمة الأسيوية في 1997-1998 تجاوز ستانلي فيشر  المدير ميشيل كامديسو عدة مرات وفي الأزمة الأرجنتينية للديون لعامي 2001-2002 لعبت آن كريجر التي عينها جورج بوش دروا أكثر فاعلية من مديرها هورست كولر.كما أن كل مدير تنفيذي (من اصل24 مدير ) يوازي صوته المبالغ التي تساهم بها بلده و منظوراتها الاقتصادية بالضرورة .

يفرض صندوق النقد الدولي للحصول على العضوية مبلغا ماليا على البلدان وتحتسب المبالغ وفق أهمية البلد الاقتصادية و الجغرافية ، و يسهل له بالمقابل الحصول على مديونية قد تصل 100% من قيمة المساهمة وقد تصل إلى  300% وادا كانت الأمم المتحدة تبني قراراتها على صوت واحد لكل بلد فان الصندوق يرفض صوت واحد لكل دولار واحد(يعطي الولايات المتحدة 17% من حق التصويت )و تحتكر تسعة دول مصنعة 50% من الأصوات .بالمقابل لا تملك الغابون التي تمثل مجموعة 23 دولة إلا على 1.16% فقط و45 بلدا إفريقيا في 2003 لا تساوي أصواتها إلا 5.41%.وتتيح هاته الوضعية المريحة للولايات المتحدة و التي راكمتها عبر سنوات مند التأسيس ، موقعا أساسيا في فرض القرارات و التحكم في البرامج الإستراتيجية للصندوق والتي يتضمنها القانون الأساسي :

  • توفير آليات التعاون فيما يخص حل المشاكل النقدية
  • تنمية الموارد الإنتاجية وضمان التوازن في التجارة العالمية
  • دعم استقرار العملات إقامة نظام متعدد الأطراف لتنظيم المبادلات ورفع القيود عليها
  • التنصيص على وضع الموارد العامة للصندوق مؤقتا تحت تصرفها بواسطة ضمانات دون التأثير في تنميتها واستقرارها الاقتصادي

إصلاح آم تغيير جدري

تقوم أداة الصندوق الأساسية في تأبيد استغلال الشعوب اعتمادا على آليتين أساسيتين :المشاريع و فرض  التقويم الهيكلي وهما آليتين يضمن فيها المؤسسة الدائنة استرداد الديون وأيضا مقامرة او استثمتارضمني في الفوائد التي ترتفع  نتيجة التطبيق الصارم للبلدان المستدينة لإجراءات المراقبة المتمثلة في التنصيص على أجرأة سياسات تقشفية في الميزانيات العامة  وتشجيع الدولة  للاستثمار الأجنبي و التي من خلاله تدفع النيوليبرالية بالمزيد من تشبيك الاقتصاديات المحلية في إخطبوط الرأسمال العالمي المعولم .

لايختلف تقديرنا لأهمية البدائل المتبناة عما أقرته توافقات المنتديات الاجتماعية الداعية إلى تعميق شرعية البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية ومنتدى دافوس ومجموعة الثمانية و الشركات العابرة وضرورة النضال والتضامن بين شعوب العالم وترويج الميزانيات التشاركية وإلغاء ديون العالم الثالث .

كتب اريك توسان في كتابه المال ضد الشعوب : البورصة و الحياة ص416 في مقال عنوانه الفرعي : ما هو مستقبل صندوق النقد الدولي و البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية قائلا :

” هل يمكن إصلاح البنك العالمي وصندوق النقد ؟ إن الشك في ذلك لهو أمر مشروع . ينبغي من وجهة نظري ، إلغاء هاتين المؤسستين و استبدالهما بمؤسسات عالمية أخرى …

انه موقف رجل متخصص في نقد هاته المؤسسات حيث يعتبر أن قراراتهما لاتحكمه البنية البشرية للمؤسسة و مجالسها الإدارية بل الحكومات الداعمة له والتي تمارس الفيتو على آي قرار وبالتالي فالحل أمام الشعوب لتنعتق هو إقامة مؤسسات بديلة تستند على اساسس صوت متضامن لكل بلد ، تعلم على إعادة ما ثم سرقته من الشعوب و تعيد جدولة الديون من خلال التعويض عن أضرار الاستعمار وتقد م المساعدات المالية للدول المتعسرة انطلاقا من الاقتصاد المتضامن ..ولإقرار هدا المستوى لا يتطلب الأمر حزمة إجابات براقة جاهزة بل نضال أممي طبقي ، تتحرر فيه الشعوب تباعا لدك مركز الرأسمالية ، وقد لا ينفع حتى ذكر هاته الإجابات على باب استجداء الرأسماليين و الشركات المتعددة الجنسية ، بغرض دعم الحكومات النيوليبرالية لهاته الطروحات بل تقليب الشعوب لتصير سيدة ومالكة مصيرها…فتحررها السياسي مدخل لتحررها الاقتصادي و الاجتماعي.

 

زر الذهاب إلى الأعلى