الديون

أطاك المغرب و النضال ضد البطالة

في إطار ترجمة هذا المنظور في مبادرات و ممارسات عملية بادرت الجمعية إلى دعم مختلف النضالات الاجتماعية التي شهدتها بلادنا في العشر سنوات الأخيرة، و في مقدمتها نضالات الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب و نسج أواصر التعاون معها.

بلورت جمعية أطاك المغرب العديد من الدراسات و التحاليل التي ترمي  لشرح مختلف أوجه الهجوم الليبرالي على “حقوق و مكاسب” المواطنات و المواطنين من أجل تحسين مستوى فهمهم و مقاومتهم.

لا غرابة أن تضع أطاك مسألة النضال ضد البطالة بمختلف أنواعها  و النضال ضد أسبابها في صلب أجندتها و استراتيجياتها من أجل بناء ميزان قوى اجتماعي جديد……

لقد راكمت أطاك المغرب لحد الآن تجربة مهمة على صعيد العمل المشترك مع الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب (ج.و.ح.ش.م.م) من خلال:

مشاركة أطاك في مختلف الأنشطة التي تنظمها الجمعية الوطنية، سواء على المستوى المركزي أو على المستوى الفروع من ندوات و وقفات احتجاجية و ملتقيات و حملات التضامن. تجدر الإشارة إلى أن العلاقة بين أطاك و الجمعية الوطنية قد بدأت قبل التأسيس الرسمي لجمعية أطاك المغرب، و بالتحديد منذ سنة 1999، أثناء تنظيم ج.و.ح.ش.م.م للقاء دولي “ورشة حوار و نضال” شارك فيه كريستوف أغيتون مسؤول جمعية AC ! ضد البطالة من فرنسا و مسؤول العلاقات الدولية بأطاك فرنسا. تم حلال هذا اللقاء طرح فكرة تأسيس أطاك كمنظمة تجمع في إطار وحدوي (على غرار أطاك فرنسا) منظمات من مشارب مختلفة (جمعية المعطلين و النقابيين و المثقفين و منظمات النساء…). كما طرح هذا اللقاء ضرورة اعتماد ج.و.ح.ش.م.م لاستراتيجية تعاون نضالي مع مكونات نضالية أخرى محلية و عالمية من أجل ضمان النجاح في معاركها.

كما راكمت أطاك خلال 10 سنوات من وجودها تحليلا متقدما حول أسباب البطالة من خلال ضرورة اشتغالها على “تشريح سياسات المؤسسات المالية الدولية، المسؤولة المباشرة عن تفاقم البطالة الجماهيرية”. يصب نضال الجمعية ضد سياسات التقويم الهيكلي و نتائجه الكاريثية على أوضاع الجماهير الشعبية من خلال فضح وتعرية مضمون هذا البرنامج المعادي للحقوق الانسانية و مصالح الشعوب.

 

أسباب البطالة من منظور أطاك

 

هناك عدة اسباب ساهمت و تساهم في تزايد معدلات البطالة و اتساع رقعتها في المجتمعات المعاصرة.

–          أسباب عامة مرتبطة بمنطق اشتغال النظام الاقتصادي الرأسمالي القائم على استغلال الرأسمال للعمل المأجور من اجل مراكمة الأرباح، و الحاجة الدائمة للرأسمال لجيش احتياطي من العمال من أجل ضمان الحفاظ على أجور دنيا و خلق شروط أفضل لصالح الرأسمال عند شراء قوة العمل.

–          ساهمت الزمات الدورية للنظام الرأسمالي في تزايد أعداد العاطلين عن العمل حيث تتسبب هذه الزمات في إغلاق المصانع و المقاولات و بالتالي في التسريحات الجماعية للعمال و تقليص مناصب الشغل و خفض الأجور….

–          أسباب مباشرة: 

–          أدى تطبيق المغرب لبرنامج التقويم الهيكلي خلال سنوات الثمانينات إلى نتائج كارثية على أوضاع الجماهير بعد انفجار أزمة مديونية بلدان العالم الثالث. و قد طرحت المؤسسات المالية هذا البرنامج ل “إعادة قدرة البلدان المدينة على إرجاع الديون و الاستمرار في تسديد الفوائد”. هذا البرنامج يقوم على عدة ركائز، سنوضح أهمها لعلاقتها بموضوع الندوة:

  • تقليص الميزانيات العمومية و النفقات الاجتماعية و نفقات التجهيز في قطاعات الصحة و التعليم و السكن و البنية التحتية) بدعوة أنها قطاعات غير منتجة في نضر هذه المؤسسات أي تخفيض النفقات الحكومية بهدف تحقيق توازن الميزانية.
  • إلغاء الدعم المالي المخصص للسلع و الخدمات الأساسية (الخبز، الزبدة، الزيت…)
  • خوصصة المؤسسات العمومية و شبه العمومية
  • تجميد الأجور و إدخال المرونة و الهشاشة لسوق العمل..

كان من النتائج المباشرة لتطبيق هذا البرنامج:

1-     1- تفاقم معدلات البطالة و تعمقها و اتساع دائراتها لتشمل شريحة اجتماعية جديدة، شريحة خريجي الجامعات و المعاهد العليا و مراكز التكوين المهني. فسياسة الخوصصة و تجميد الأجور و إصلاح الوظيفة العمومية أدت غلى تقليص جذري في مناصب الشغل المناسبة لحاملي الشواهد العليا.

–          تقليص في عدد العاملين

–          تحويل جزئي للعديد من الأنشطة لشركات المناولة من الباطن و تعميم العمل المؤقت و الجزئي

–          الحد من التشغيل بالوظيفة العمومية     {تراجع عدد المناصب المحدثة من حوالي 40 ألف مطلع الثمانينات إلى حوالي 10 الآف منصب كمعدل خلال السنوات الأخيرة

–          تقليص العاملين سواء عن طريق :

  • عدم تعويض المناصب الناتجة عن التقاعد و الترقية و الوفاة
  • عن طريق مخططات تدميرية، التقاعد النسبي و المغادرة الطوعية
  • الاصلاحات الجامعية التي حرمت العديد من الطلبة من متابعة دراستهم الجامعية من خلال الحرمان من المنح و تفعيل بنود الطرد.

2-     تدهور القدرة الشرائية للجماهير بسبب تجميد الاجور و التخلي عن دعم المواد الأساسية {خاصة المواد الغذائية} و الزيادة في الأسعار.

أدى تطبق هذا البرنامج إلى تخلي الدولة عن دورها الاقتصادي و الاجتماعي بصفتها المشغل و المستثمر الرئيسي بسبب سياسة خوصصة المؤسسات العمومية و الشبه العمومية التي كانت توفر للمالية العمومية موارد هامة، و هو ما أثار مقاومات اجتماعية مهمة و متنوعة للضحايا و المتضررين من عمال و طلبة و تلاميذ و معطلين… و كان ابرز تجليات هذه المقاومات: انتفاضة يناير1984 بالعديد من المدن و كذا مقاطعة الامتحانات لسنة 1989 بجل المدن الجامعية و انتفاضة دجنبر 1990 و بروز جمعية المعطلين في بداية التسعينات، التي شكل نموها و اتساع قاعدتها و تزايد كفاحيتها خلال سنوات التسعينات نموذجا يحتدى لهذه المقاومات.

منذ نهاية التسعينات من القرن العشرين، برزت مقاومات في مناطق جديدة: يتعلق الأمر بنضالات كاديحي القرو من أجل توفير الخدمات الاجتماعية {ماء الشرب و الكهرباء و المدارس….} و في السنوات الأخيرة برزت تنسيقيات مناهضة الغلاء و تدهور الخدمات العمومية.

 

النضال ضد البطالة في المغرب 

 

في البداية لا بد من التمييز، لاعتبارات منهجية و برنامجية و عملية، بين مستويين للنضال ضد البطالة بالمغرب. فرغم وحدة الاطار الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي الذي يندمج فيه هذا النضال، فإن تنوع القوى الاجتماعية المنخرطة في هذا النضال تفرض ضرورة هذا التمييز لوجود تفاوت و اختلاف بينها من ناحية المطالب و الكفاحية…

النضال ضد البطالة هو ملاوم لطبيعة النظام القائم بالمغرب منذ الاستقلال الشكلي إلى اليوم، فدفاع العمال عن مناصب الشغل و نضالهم ضد الاغلاقات و التسريحات الجماعية، و من اجل الزيادة في الأجور {تحسين شروط بيع قوة العمل} هو نضال ضد البطالة و اسبابها. و هو نضال في نهاية المطاف منطق النظام الراسمالي القائم غلى التراكم من أجل الربح.

أما نضال حركة المعطلين و في مقدمتها الجمعية الوطنية لحملة الشواهد، فهو نضال ذو خصوصية و لا يتجه مباشرة ضد منطق التراكم الرأسمالي. فهو نضال له بعد آني مباشر يهم السياسة المنتهجة من طرف الدولة في ميدان التشغيل:

  • الاعتمادات المخصصة لمناصب الشغل في الميزانية السنوية للدولة
  • الضغط على الدولة من أجل الزيادة في مناصب الشغل
  • الاستفادة من مناصب الشغل المتوفرة:

–          تخصيص حصة لأعضاء الجمعية على المستوى المركزي و على مستوى الفروع

–          الاعتراض على طرق تفويت مناصب الشغل المتوفرة {الزابونية و المحسوبية}

  • الويادة في الميزانيات الاجتماعية {الصحة و التعليم و السكن..} و المطالبة بسن سياسة استثمارات عمومية منتجة لفرص العمل
  • الاعتراض على البرامج المقترحة من طرف الدولة لحل معضلة التشغيل {التشغيل الذاتي و التكوين الاندماجي و الرخص الخاصة بالنقل….}

 

استراتيجية النضال المشترك:

 

العمل المشترك او النضال المشترك بين منضمات النضال الاجتماعي و الشعبي خلال العقود الأخيرة ليس مسألة جديدة، بل كان دائما مطروحا على جدول أعمالها. لقد بلورت هذه المنظمات تجارب مختلفة للتعاون و التنسيق و العمل المشترك في مختلف الساحات النضالية حول العديد من القضايا و الملفات: حقوق الانسان و النساء و النقابة….، لكن ميزة هذه التجارب أن اغلبها كان يتخذ طابعا فوقيا نخبويا وليس تحتيا قاعديا.

الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بدورها خاضت تجارب للتنسيق في إطار لجان دعم المعطلين. لكن جديد الجمعية في هذا المضمار هو انها كانت مبادرة إلى طرح منظور جديد و دينامي للعمل المشترك، متجه مباشرة إلى الضحايا و يسعى إلى توحيدهم في مواجخة سياسة الدولة في ميدان التشغيل، من خلال طرح شعار: “من اجل بناء جبهة اجتماعية للنضال ضد البطالة” في مؤتمرها الوطني الرابع لسنة 1997. و هذه الجبهة من منظور الجمعية هي إطار و بوثقة لتلاقي و تضافر نضال كافة ضحايا النظام الراسمالي (العمال و الطلبة و المعطلين و العاءلات..) الذين بدونهم لا يمكن انتزاع مكاسب فعلية على صعيد المعركة من اجل إقرار الحق في الشغل كحق للجميع، و بالتالي فالنضال من اجل هذا الحق هو نضال طبقي بمضمون شعبي.

بعد مؤتمرها الرابع خاضت الجمة العديد من المعارك على المستوى المركزي بالرباط و بالفروع، كترجمة لهذا المنظور على ارض الواقع من خلال ربط نضالات الجمعية بالنضالات الاجتماعية الجارية خاصة نضالات الطلبة و العمال (تجاريب فروع جرادة و تطوان و اسفي و اغادير..ز.). و كانت دعوة الجمعية الوطنية لتنظيم مسيرة شعبية ضد البطالة يوم 26 أكتوبر 1998 بالرباط، فرصة حقيقية لوضع اللبنات الأولى للنضال الشعبي ضد البطالة حيث شارك في هذه المسيرة مئات المعطلين و الطلبة و العمال و الفلاحين… و قد جوبهت هذه المسيرة بقمع وحشي دموي. لاحتواء تداعيات هذه المسيرة بادرت الدولة فورا إلى الدعوة لتنظيم مناظرة وطنية حول التشغيل دعت لها المكتب التنفيذي للجمعية هادفة من ذلك قطع التجدر وسط قاعدة الجمعية و لعزلها عن حلفائها الحقيقيين.

أيضا حاولت الجمعية في السنوات الأخيرة ربط نضالها بالنضالات العالمية ضد البطالة بالانفتاح على تجارب مشابهة في بلدان أخرى، وقد ساهمت أطاك المغرب في دعم هذا التوجه الجديد للجمعية.

–          الانخراط في المسيرة الدولية ضد البطالة و التهميش ليونيو 2002

–          تنظيم الملتقى الدولي حول البطالة سنة 2006

–          المساهمة في المنتديات الاجتماعية

–          الشبكة الاروبية ضد البطالة و جمعية AC !

كما اضطلعت بأدوار مميزة في العديد من النضالات الشعبية دفاعا عن الخدمات العمومية (طاطا و بوعرفة و إفني و ورززات…) و في تنسيقيات مناهضة الغلاء.

 

إن أطاك المغرب تعتبر الجمعية الوطنية حليفا استراتيجيا لها، فهي تقاسمها نفس المنظورات للنضال ضد البطالة على المستوى الاستراتيجي.

 

مقترحات اطاك لتطوير النضال المشترك

 

أطاك المغرب ليست حزبا سياسيا و لا تسعى لتعويض الأدوات النضالية الجماهيرية من نقابات و جمعيات نسائية و حقوقية و جمعيات النضال ضد البطالة… لكنها تسعى إلى التنسيق مع هذا النسيج المجتمعي النضالي و تندمج معه للعمل سويا على إقناع المواطنين إمكانية بديل اخر لهذا الخيار الليبرالي…

لقد سعت أطاك خلال مسيرتها النضالية إلى عقد صلات مع مختلف ضحايا سياسات الليبرالية المطبقة بالبلد (معطلين و طلبة و عمال و موضفين و مقصيين….) و دعم نضالاتهم و التعريف بهاو التشهير بالقمع المسلط عليهاو تقدمت بمبادرات و أرضيات و برامج للتعبئة و النضال المشترك حول مختلف القضايا: الخوصصة و البطالة و الحرب و التبادل الحر و المديونية و الهجرة و غلاء الاسعار…

لقد وضعت نصب أعينها بناء حركة مناهضة العولمة الليبرالية على غرار الحركات العالمية، تستلهم تجاربها و تستفيد من نقاشاتها و تنخرط في اجندتها التي كانت وراء تحريك الشارع في عدد من دول بأروبا و امريكا اللاتينية و مناطق أخرى من العالم.

صحيح ان إمكانية بناء هذه الحركة لازالت بعيدة، نظرا لواقع الحركات الاجتماعية بالمغرب، لكن لازالت أمامنا فرص حقيقية لوضع اللبنات الأولى لهذه الحركة.

 

يمكن تنظيم نضالات مشتركة بين أطاك و الجمعية الوطنية و مكونات مجتمعية مناضلة أخرى لتشكل قاعدة ارتكاز مهمة لاعادة بناء الحركة الاجتماعية و لتأسيس حركة مناهضة للعولمة الليبرالية فاعلة و قوية.

ولتقديم النقاش و تعبئة المعنيين ببناء هذه الحركة نقترح التركيز على:

–          خوض معارك – تعبئات مشتركة ضد القوانين المالية (باعتبارها الالية الرئيسية لتصريف السياسات الليبرالية المملاة من طرف المؤسسات المالية الدولية) و تحويل مواعيد عرضها للنقاش في البرلمان إلى محطات نضالية شعبيةلمحاكمة هذه السياسات و تلك المؤسسات، مع التشديد على المطالبة بالوقف الفوري لتسديد الدين العمومي الخارجي و إلغاءها (ديون غير شرعية و تم تسديدها) و تحويل الاعتمادات المخصصة لخدمة الديون لدعم المزانيات الاجتماعية (الصحة و التعليم و السكن و الماء و الكهرباء…) و إدراج هذه الحملة ضمن الحملة العالمية للجنة إلغاء ديون العالم الثالث.و التقليص الجذري لرواتب الموظفين الكبار (الوزراء و العمال و الولات و مدراء المؤسسات العمومية ) و البرلمانيين.

–          محاكمة المتورطين في نهب الموال العامة و إعادتها إلى ملكية المجتمع.

–          خوض حملات الدفاع عن الخدمات العمومية (إلغاء التدبير المفوض لهذه الخدمات) غعادة تاميم القطاعات المخصخصة و النضال من أجل قطاع عمومي يسير ديموقراطيا تحت رقابة شعبية و خدمات عمومية جيدة.

و في صلب هذا النضال، النضال من اجل بديل اجتماعي و اقتصادي و سياسي للنيوليبرالية و الرأسمالية.

 

زر الذهاب إلى الأعلى